‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة السياحة والمعالم الأثرية وسائل الإعلام تتجاهل تجريد اليمن من تاريخه

وسائل الإعلام تتجاهل تجريد اليمن من تاريخه

صوت الأمل – عبد الجليل السلمي

يُلقي خبراء الآثار ومختصوها ومسؤولوها باللائمة على وسائل الإعلام اليمنية في عدم اهتمامها بقضايا آثار اليمن وموروثها الثقافي، ويؤكدون أنَّها تابعت التغطية الإعلامية للصراع، وتجاهلت حماية التراث اليمني الفريد الذي لا يمكن الاستغناء عنه.

ويُوصي علماء الآثار المحليون والدوليون بضرورة حماية التراث المادي وغير المادي لليمن، لكنَّ الأمر المثير للصدمة هو عجز المؤسسات المتعددة الأطراف ووسائل الإعلام المحلية والدولية عن فضح ومعارضة التدمير السافر والنهب للتراث اليمني.

يقول عبد الله محمد ثابت (نائب رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف) لـ «صوت الأمل»: «لدينا تواصل مستمر مع وسائل الإعلام بشكل عام، لكنها لا تغطي ما نصبو إليه فيما يتعلق بقضايا الآثار والموروث اليمني». وأضاف: «لا أستطيع القول إنَّ هناك تقصيراً، ولكن بالتعامل معنا في هيئة الآثار يبدو أنَّ اهتمامها موسمي، ووسائل الإعلام على كل الأصعدة لا تعد قضايا الآثار والموروث اليمني من أولوياتها».

ويتابع عبد الله ثابت: «نحن نؤكد أنَّنا مستعدون لتقديم كل البيانات ولدينا قضايا كثيرة جداً، ونتمنى أن تكون محل اهتمام في المستقبل». مشيراً إلى أن لدى الهيئة كشوفات وبيانات رسمية حول المواقع الأثرية التي اُستهدفت في اليمن بشكل عام خلال الصراع.

وأوضح نائب رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف عبد الله ثابت أنَّ هناك 86 موقعاً أثرياً اُستهدف في اليمن منذ اندلاع الصراع في جنوب وشمال البلاد، ولدى الهيئة رصد وتوثيق ومعلومات كاملة من هذه البيانات.

منوهًا إلى أنَّه في وقت مبكر طالبت الهيئة المجتمع الدولي –لا سيما المنظمات المتخصصة في مجال الثقافة والموروث العالمي، ومنها اليونسكو- بتحييد المواقع الأثرية والموروث الثقافي عن الصراع والسياسية.

واستطرد بالقول: «إنَّ وسائل الإعلام لا تتناول قضايا الآثار بشكل كبير، إذ إنَّ هناك قضية مهمة نتابعها منذُ عشرات السنيين، وهي سرقة الآثار وعرضها في بعض الدول بأنَّها ليست آثاراً يمنية».

ويكشف ثابت عن أنَّ الهيئة العامة للآثار والمتاحف تُعِدُّ الآن ملفاً كاملاً بكل الآثار التي تُعرض في دول الغرب وبعضها في دول الشرق وبعضها في دول الإقليم، على أنها ليست آثاراً يمنية، ولكنَّنا نستطيع أن نُثبت بالدليل القاطع، أنَّها يمنية لأنَّ فيها خط المسند.

ويضرب مثلاً وهو تمثال الوعل الذي أصبح في حوزة إحدى الدول -تتحفظ صوت الأمل عن ذكر اسمها-؛ فقد تم عرضه في اليابان وفرنسا، مؤكداً أنَّه تم الإبلاغ عنه وإعداد ملف كامل وتم تسليمه لكل المنظمات الدولية ومنها الإنتربول الدولي، لأنَّ هذا (الوعل) اليمني الذي هو من البرونز نعرف أين تم التنقيب عنه داخل البلاد والنقش السبئي ذو الخط المسند لا يوجد إلا فوق التماثيل اليمنية».

ويشير نائب الهيئة العامة للآثار والمتاحف عبد الله ثابت إلى أنَّ وسائل الإعلام تصدح دائماً بقولها تاريخنا وتراثنا وهويتنا وحضارتنا وهذا غير كافٍ، فنحن نطالب بأن يكون هناك حيز يومي أو أسبوعي أو شهري لقضايا الآثار في اليمن، كون تاريخها من أقدم الحضارات ولا يعد ملْك اليمن بل ملك البشرية جمعاء.

 (الكاتب والروائي اليمني منير طلال) يتحدث لـ «صوت الأمل» حول التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام قائلًا: «تابعت عن كثب الصراع حول بعض المواقع الأثرية والمجموعات التاريخية والمتاحف، فقد تجاهلت ذلك وسائل الإعلام. للأسف إن هذا التاريخ يتم تجريده من أجل بيعه للمشترين الأجانب».

مضيفًا أنَّ الحديث عن دور وسائل الإعلام في تناول الآثار اليمنية وما يحدث لها من تدمير وتخريب ونهب سيقود اليمن إلى حالة كبرى من القصور في أداء جميع المنابر الإعلامية التابعة لمختلف الأطراف التي تتصارع منذ سنوات، وأنَّ هذه المنابر الإعلامية أصبحت موجَّهة تدافع عن الطرف الذي يمولها وتتجاهل أي انتهاكات يقوم بها، بل قد يصل بها الأمر إلى تحميل الطرف المضاد أو المعادي المسؤولية.

يؤكد منير أنَّ العبث والتدمير والتخريب والمتاجرة بالآثار وكنوز تاريخ اليمنيين يتشارك به كل أطراف الصراع، لافتًا إلى أنَّ هناك نهباً لمختلف المواقع الأثرية للبحث عن الكنوز والدفائن وهناك تغاضياً من الجهات الأمنية والجانب الرسمي، وفي غياب أي دور للإعلام اليمني لفضح هذه الجرائم؛ فالإعلام بكل منابره متواطئ هو الآخر ـــ مع بالغ الأسف ـــ في تضييع آثار اليمن مما يؤدي إلى ضياع تاريخه على حد قوله.

 موضحًا أنَّ التقصير الإعلامي واضح في رصد وتوثيق وإيضاح التخريب والتدمير للآثار، حيث إنَّ الإعلام الموجه لا ينقل الحقيقة كاملة إلا وفق ما يريد الممولون، مؤكداً أنَّ أكبر ضحية في هذا الصراع هي الآثار لأنَّ كل طرف لا يريد أن يتحمل وزرها.

في المقابل يرى (الإعلامي) باسل عبد الرحمن أنعم أنَّه في ظل الصراع القائم منذ سبع سنوات يفترض على وسائل الإعلام اليمنية أن تلعب دوراً محورياً وتُولي لهذا الجانب اهتماماً خاصاً ضمن برامجها وأخبارها وخطتها التحريرية؛ لحماية الآثار كونها ثروة قومية والحفاظ عليها من التهريب والتخريب والتجريف.

يقول باسل لـ «صوت الأمل»: يجب أن يُنفِّذ الإعلام وبشكل مستمر ومكثف حملات إعلامية، حول حماية الآثار والحفاظ عليها من التهريب والتخريب، وتكثيف التوعية للرأي العام.

مؤكدًا أنَّ دور الإعلام وتحديداً الصحافة الاستقصائية ضرورة ملحة في تتبع وكشف وفضح تجار ومهربي ولصوص الآثار والعصابات المنظمة وبيعها للآثار في الخارج، بالتعاون والتنسيق مع السلطات والجهات الرسمية.

بحسب تقرير اليونسكو (استعادة سبل العيش من خلال الثقافة في اليمن) في 27 مايو 2021م، فإنه تم إنتاج حملة تثقيفية واتصالية مكونة من سلسلة من خمس حلقات فيديو بعنوان «تراثنا» الاجتماعي، ووصلت المنشورات الإعلامية إلى أكثر من أربعة ملايين مشاهدة، وأذيعت الحلقات الخمس على التلفزيون الرسمي اليمني.

ويوضح تقرير اليونسكو، أنه خلال المشروع تم إنتاج سلسلة من المحتويات عبر الإنترنت لرفع الوعي بقيادة الشباب، تقدير التراث والثقافة بين الشباب المنتجة، بالشراكة مع RNW Media مع وصول شامل لثمانية ملايين مشاهدة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع لـ YIC: 75  % من الآثار اليمنية لا تتمتع بالحماية الكافية

صوت الأمل كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن انفورميشن سنتر بداية شهر مايو 2022م حول (ا…