‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن الشباب وعالم الاتصال الإلكتروني.. فرصة نحو الإبداع وتبادل الخبرات

الشباب وعالم الاتصال الإلكتروني.. فرصة نحو الإبداع وتبادل الخبرات

صوت الأمل – أحمد باجعيم

تعدُّ منصات التواصل الاجتماعي المتعددة في الوقت الحالي من الوسائل الرئيسية في التواصل والتفاعل بين الأفراد على مستوى العالم، وقد أصبحت هذه المواقع أداة حيوية في تأثيرها على أفكار الأفراد وتطويرها، ولعل أهمية هذه المنصات تتجلّى في تأثيرها الكبير على فكر الشباب اليمني وتطلعاتهم، ففي ظل الأوضاع المتردية التي تمر بها اليمن في الآونة الأخيرة، أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منبر إسهام للشباب؛ لتبادل الأفكار والمعرفة وبناء شبكات اجتماعية قوية، إذ إنها تتيح مساحة للشباب في التواصل والتعرف على واقع العالم من حولهم. كما أنها تساعدهم في إثراء أفكارهم وتطوير قدراتهم بشتى المجالات، لهذا أصبح بإمكان جميع الفئات، ومنها فئة الشباب، أن يتواصلوا مع أقرانهم والخبراء من مختلف التخصصات، مما يتيح لهم فرصة لاكتساب معلومات جديدة، وفهم وجهات نظر متنوعة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم مواقع التواصل الاجتماعي في تعزيز التنوع الثقافي والتربوي للشباب اليمني، وتمكنهم هذه المنصات من التعرف على ثقافاتٍ وشعوب جديدة، ومشاركة تجارب الآخرين في مجالات مختلفة، وبذلك يمكنهم أن يثروا وجهات نظرهم، ويوسعوا آفاقهم، وينموا فكرهم.

دور مواقع التواصل

أوضح المدير التنفيذي لمؤسسة “صناع أمل حضرموت” المهندس طالب باشهاب، أنّ مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا حاسمًا في عرض أفكار الشباب، وتمكينهم من التعبير عن آرائهم، والإسهام في الحوارات العامة، فهي تعمل على التعبير عن أفكارهم وآرائهم بحرية، كما تمكن الشباب من نشر المقالات والمدونات والصور ومقاطع الفيديو، التي تعبر عن اهتماماتهم ورؤيتهم للعالم، وتعمل على تشكيل الرأي العام والعمل الجماعي، والتعاون في المشاريع الابتكارية والمبادرات الاجتماعية، كذلك تمكن مواقع التواصل الاجتماعي الشباب من المشاركة في السياسة، والمطالبة بالتمكين، وتنظيم حملات سياسية هادفة، والتوقيع على عرائض، ونشر المعلومات المهمة للتوعية السياسية.

وأضاف المهندس باشهاب أنّ مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مهمًّا في التنمية على عدة أصعدة؛ فالمنصات توفر منصة للتواصل والتفاعل مع الآخرين بسهولة وفعالية؛ إذ يمكن للأفراد والمجتمعات التواصل مع بعضهم بعضًا بغض النظر عن المسافات الجغرافية، وهذا يعزز التفاهم والتعاون والتبادل الثقافي بين الأشخاص، كما يعمل على نشر المعلومات والوعي حول قضايا اجتماعية وبيئية وصحية وسياسية واقتصادية، وأبرزها القضايا الشبابية، وبالتالي تعزز التغيير الاجتماعي والتنمية المستدامة.

وأردف باشهاب أنّ المنصات الافتراضية تتيح للأفراد تبادل المعرفة والخبرات في مجالات مختلفة، وتمكّن الأشخاص من المشاركة في المناقشات في المجموعات المتخصصة، وتعلُّم بعضهم من بعض، وهو ما يؤدي إلى تعزيز التنمية الشخصية والمهنية للأفراد. أيضًا أسهمت المواقع الإلكترونية في تغذية أفكار الشباب، وتحفيزهم على التأثير داخل مجتمعاتهم، وهناك روابط متينة بين الشباب المؤثرين على مستوى الوطن العربي أو الإقليمي، وعبر هذه المنصات أقيمت كثير من المهرجانات والمؤتمرات للشباب المبتكرين والمبدعين وتكريمهم، سواء أكانتْ محليًّا أو دوليًّا، واليمن تزخر بالعديد من الشباب المبدعين والمؤثرين.

من جانبها أشارت المحامية مروى الديني إلى أنّ أهمية مواقع التواصل الاجتماعي في التنمية تكمن في سهولة البحث وتلقي المعلومات التي يحتاجها الشباب لتطوير مداركهم، وتيسر منصات التواصل الاجتماعي كل الصعاب؛ من حيث تقريب التواصل مع الأشخاص ذوي الخبرات في المجال التي يهتم به الشباب، كما أنها تساعد الشباب في مواكبة التطورات الخارجية، ورؤية ما وصل إليه العالم من تطور وتقدم يخلق حماسًا للشباب اليوم بطرح أفكار جديدة ومتقدمة تلائم التطور الذي يعيشه العالم، كذلك المشاركة في الدورات والندوات التي تُقدّم على “أون لاين” عبر وسائل التواصل، والاستفادة من الخبرات الأجنبية. وتابعت المحامية الديني أنّ المنصات الافتراضية تتيح للشاب عرض أفكاره دون قيود، وبالعكس، تخلق له داعمين لهذه الأفكار، أو مصححين فيما إذا كانت مغلوطة، وتسهل وصول الجهات المهتمة بهذه الأفكار والأعمال للشباب؛ إذ تصل إليهم بشكل أسرع ومباشر من غير تأثيرات على محتوى الأفكار، ومن هنا يمكن أن نقول: إنّ مواقع التواصل خلقت بيئة تعليمية لتعزيز الأفكار الإبداعية للشباب في دول العالم، ومنها اليمن، وتحفيزهم على مواصلة هذه المعارف وتغذيتها، من خلال التفاعلات والردود الإيجابية التي يتلقونها من الجمهور عبر صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي هذا الصدد أكد الإعلامي عمر بامجبور أنّ المواقع الافتراضية أصبحت اليوم ركيزة أساسية في حياة الناس، بل ومن ضرورات الحياة؛ لأنّها ذات تأثير كبير جدا على جميع مستويات الفرد، ومنها الجانب التنموي، وعن طريق مواقع التواصل الاجتماعي يستطيع أن يحرز تقدمًا ملحوظًا في التطور والنمو؛ لأنها مليئة بكمٍّ هائل من المخطوطات والصوتيات والفيديوهات، التي من شأنها أن تحدث تغييرًا مهمًّا جدًّا في حياة الفرد والمجتمع ككل.

مضيفًا أنّ هذه الوسائل تعدُّ فرصة ذهبية لأصحاب الأفكار من طبقات الشباب وغيرهم؛ لما تمنحه هذه المواقع من انتشار واسع وملحوظ؛ إذ يستطيع الشباب الوصول لعدد كبير جدًّا من المهتمين بهذه الأفكار والمقترحات، وكذلك الوصول إلى أصحاب القرار والنفوذ من خلال هذه المنصات الاجتماعية، كما أنّ هذه المواقع تتميز بسهولة عرض الأفكار وتبويبها ونشرها بشكل ثري ومنظم، وإيصالها للمتلقي بصورة مباشرة، إذ يعد الشباب اليوم نواة المستقبل؛ فتنميتهم وتعزيز أفكارهم ومعارفهم من خلال المواقع الإلكترونية يسهم بشكل واضح في تحسين الوضع مستقبلًا، ويجعل اليمن أكثر انتعاشًا واستقرارًا.

أفكار شبابية؛ زكريا بابعير نموذجًا

اليوتيوبر زكريا بابعير خريج قسم الصحافة والإعلام من جامعة حضرموت عام 2017م، إذ كانت بداياته في منصة اليوتيوب منذ مطلع عام 2013م. تبنى مع انطلاقته في عالم اليوتيوب أفكارًا شبابية بطابع توعوي هادف لتغيير بعض السلبيات لدى الشباب والمجتمع ككل، وأيضًا أفكارًا تحفيزية تساعد على تقارب وجهات النظر الشبابية حول القضايا المختلفة والخدمات، وكذلك يستهدف عبر (فلوقّاته) -أي المقاطع الفيديو الذي يبثها على قناته في اليوتيوب- أهم المشاريع التنموية المتعثرة، مخاطبًا الجهات المسؤولة عنها، ومحاولة لفت نظر الرأي العام والطاقات الشبابية؛ للضغط على الجهات المعنية لاستكمال تلك المشاريع.

وأوضح اليوتيوبر بابعير بقوله: “إنني أحاول قدر الإمكان مواكبة الأزمات التي يعاني منها المواطن، وأتناولها عبر فيديوهات ساخرة كأزمة (الغاز – المشتقات النفطية – ارتفاع أسعار صرف العملة – انقطاعات الكهرباء والمياه)، كما أتناول التصرفات غير المناسبة التي تطلع من بعض الفئات بقالب ساخر، إذ إنّ الإطار العام منها التوعية والحد من تلك التصرفات، مثل: (النظافة، ورمي المخلفات في الأماكن غير المخصصة، أيضًا عدم التقيد بالإشارات المرورية، أو التصرفات غير الحميدة على مواقع التواصل الاجتماعي)”.

وأردف قائلًا: “إنّ دور الشباب المؤثرين على السوشيال ميديا يكمن في عرض نماذج إيجابية تخلق تقارب وجهات النظر بين جميع الفئات حول قضية ما؛ بهدف البناء وليس الهدم”. وفي هذا الصدد شارك اليوتيوبر بابعير بدورة تدريبية بدولة مصر العربية مع كوكبة مع المؤثرين اليمنيين على منصات التواصل، في هذه الدورة تبادلَ الشباب الأفكار والخبرات والمعارف، واستفاد بعضهم من بعض، ونمت أفكارهم، وترابطت ترابطًا متينًا في هذا المجال.

 مؤكدًا: “أنّ مثل هذه اللقاءات تسهم بوضع رؤية معينة بين الشباب، وزيادة معارفهم، وأيضًا تساعد بتقديم رسائل أكثر فعالية وتأثيرًا في المجتمع؛ من خلال تلاقح الأفكار الشبابية الطموحة”.

بعد مضي نحو عشر سنوات تقريبا على انطلاقة اليوتيوبر بابعير في عالم التأثير على منصات التواصل الاجتماعي استطاع تقديم نحو (283) فيديو منها التوعوي والتنموي، كما وصل عدد المشتركين في قناته (29,3) ألف مشترك، وعلى حسابه بمنصة “الإنستجرام” بلغ عدد المتابعين (96,1) ألف، و(1235) منشورا، وتزخر اليمن بكثير من الشباب أمثال زكريا، المؤثرين على منصات السوشل ميديا، شرفوا بلادنا خارجيًّا بأفكارهم وإبداعاتهم بمختلف المجالات، على الرغم من الوضع الإنساني المتفاقم خلال السنوات الأخيرة.     

صعوبات

عدَّد المدير التنفيذي لمؤسسة صناع أمل حضرموت المهندس، طالب باشهاب، بعض الصعوبات التي تواجه الشباب، وتقف عائقًا في طريقهم، أبرزها: انعدام الخصوصية؛ إذ يواجه المستخدمون تحدياتٍ فيما يتعلق بحفظ خصوصيتهم ومعلوماتهم الشخصية عند استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك انتشار المعلومات الزائفة في مواقع التواصل الاجتماعي والإشاعات بسرعة؛ ممّا يؤثر على الثقة والمصداقية، كما يعمل الاعتماد الشديد على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تقليل التواصل الواقعي والتفاعل المباشر بين الأشخاص، وسرقة المحتوى؛ لضعف الرقابة، وهذه تسمى السرقة الفكرية لحقوق الآخرين، وهي تمثل جريمة إلكترونية.

وواصل باشهاب سرد الصعوبات التي تعد من المشاكل الشائكة التي يعاني منها كثير من الشباب على منصات التواصل الاجتماعي، وتؤثر بعض الأحيان على ناشئ المحتوى، وتكمن في المساحة الحرة التي أعطيت لكل من لديه حساب على التطبيقات، وهنا تقع المشكلة في تداخل الأمور بين تقديم رسالة هادفة بأي قالب سواء أكان كوميديًّا أو دراميًّا أو قصصيًّا أو غيره، وبين من يستخدم السذاجة والسخرية أو التنمر في تقديم رسالته للجمهور. وبدلًا من أن تتبني أفكارًا تحفيزية للشباب، أصبحت للأسف الشديد تقدم لغطًا وتجريحًا وعداوة بينهم، وهذه تُعَدُّ أفكار هدامة للشباب على غير المأمول.

وفي ذات السياق تطرقت المحامية مروى الديني إلى عدة نقاط تُعد من الصعوبات التي تواجه الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن، أهمها: ضعف خدمة الإنترنت في البلاد ورداءتها؛ ممّا تضيع فرص كثير على الشباب؛ كالحضور والمشاركة في مؤتمرات شبابية ومنتديات وفعاليات عبر (أون لاين)، وعدم اهتمام بعض الشاب بمواقع التواصل الاجتماعي للاستفادة من المعلومات التي شاركها ذوو الخبرات، بالإضافة إلى ضعف قدرة بعضهم في كيفية التعامل مع المنصات الإلكترونية للتعلم والإنماء، فيتخذونها للتسلية ومضيعة للوقت وتعبئة وقت الفراغ، وهذا للأسف موجود في واقعنا المعايش، قليل من يتخذ هذه الوسائل للتعلم وتنمية أفكاره الإبداعية.

معالجات

المهندس باشهاب يضع مجموعة من المعالجات التي يمكن أن نتخذها لمواجهة الصعوبات التي تواجه الشباب في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي التثقيف والتوعية، وحفظ الخصوصية والأمان، والتفاعل الإيجابي، والتحفيز، والتنوع والشمولية، والتحكم في الوقت، والاستخدام في تعزيز الوعي الذاتي. علاوة على ذلك، تقديم محتويات ذات قيمة، والاهتمام بمثل هؤلاء الأشخاص، والاستفادة من طروحاتهم وأفكارهم ومعارفهم، واستضافتهم عبر وسائل الإعلام المتنوعة، وتعريف الرأي العام بهم، وتحفيز الجمهور على متابعتهم على منصات التواصل الاجتماعي.

وفي ذات السياق قال الإعلامي بامجبور: “إنّ توفير شبكة إنترنت ذات جودة عالية في اليمن تحقق الهدف هو أبرز المعالجات للرفع من توسعة الأفكار لدى الشباب، والاستفادة من وسائل التوصل الاجتماعي في هذا الجانب، وسيعزز من قدراتهم ومعارفهم الإبداعية. وبحل جودة الإنترنت سنختصر كثيرًا من الصعوبات ونزحزحها من أمام الشباب الطموح، بالإضافة إلى عمل تدريب للشباب في طريقة الاستخدام الأمثل لهذه المواقع. وكذا نشر مطبوعات وفيديوهات توعي الشباب بأهمية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وأثرها على حياتهم المستقبلية، وتطبيق طموحاتهم على أرض الواقع”.

المحامية مروى الديني تضيف: “أنّ من أبرز العوامل التي ستساعد الشباب على استثمار مواقع التواصل الاجتماعي بصورة سليمة وهادفة – تخصيص وقت بسيط في البحث والاستطلاع عن إنجازات بعض ذوي الخبرات، التي تُطرح على منصات التواصل الاجتماعي، وكذا تبادل الأفكار الإيجابية والبناءة بين الشباب محليًّا وخارجيًّا، وأيضًا ابتعاد الشباب قدر المستطاع من المحتويات غير المفيدة، أو حجبها من قبل الجهات المعنية”.

وفي النهاية، تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورًا حيويًّا في التنمية وتطوير أفكار الشباب اليمنيين، وتوفر لهم فرصة تبادل المعلومات والآراء، ومن المهم على الجهات المعنية أن تعمل على دعم هذه المنصات؛ من خلال إقامة فعاليات تكريمية للشباب المؤثرين والمبدعين والمبتكرين، وتهيئة الظروف المناسبة لاستخدامها بشكل إيجابي وفاعل.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

98.1% من المشاركين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في تمكين الشباب اليمني

صوت الأمل – يُمنى الزبيري تشغل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم جزءًا كبيرًا من حياتنا اليومي…