‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن بين السلبيات والإيجابيات.. وسائل التواصل الاجتماعي وبداية دخولها اليمن

بين السلبيات والإيجابيات.. وسائل التواصل الاجتماعي وبداية دخولها اليمن

صوت الأمل – أحمد باجعيم

شهدت اليمن في أواخر القرن العشرين دخول مُزوِّد خدمة الإنترنت المحلي عبر شركة تيليمن للاتصالات. ومع بداية القرن الواحد والعشرين أخذ عدد مستخدمي الخدمة في ارتفاع مستمر؛ ويرجع ذلك إلى مرور التكنولوجيا بمراحل تطور متسارعة؛ إذ أحدث انتشار وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك الوقت تحولًا هائلًا في نمط الحياة وطرق التفاعل والتواصل بين الناس.

 انتقلت مواقع التواصل الاجتماعي من مجرد منصات افتراضية إلى عصب الحياة الاجتماعية في العديد من الدول حول العالم، ومنها اليمن. وترجع بدايات وسائل التواصل الاجتماعية إلى عام 1844م وفقًا لموقع “موضوع” عندما اخترع المخترع الأمريكي صامويل مورس جهاز التلغراف، أقدم وسائل التواصل الاجتماعي عبر التاريخ.

وحسب ما أشار موقع “عريق” فإن جهاز التلغراف دخل اليمن في عام 1893م، أي بعد 49 عامًا من اختراعه، وكان لا يعمل إلا عبر الضوء ولمسافات القصيرة. وهذا ما يخلق تساؤلات عدة حول وسائل التواصل الاجتماعي ومدى تأثيرها على الناس، والأثر الذي تركه هذا التطور في الحياة الاجتماعية والتفاعلية للناس، وأهم محتويات النشر في ذلك الوقت وأبرز استخداماتها.

وسائل التواصل في اليمن

قال عضو الهيئة التدريسية بجامعتي عدن وحضرموت الدكتور أديب الشاطري: “وسائل التواصل الاجتماعية في بداياتها كانت بدائية، وتواجه مشقة كبيرة في طريقة استخدامها، وفي غالب الأحيان تحتاج الرسائل عبرها إلى أيام حتى تصل أو يُستلَم الرد، كما أن مستخدميها قليلون جدًا، ومن الطبقة المثقفة”.

ويضيف: “اليوم أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة وسهلة الاستخدام وفي متناول الجميع وسريعة الوصول إلى الهدف المراد معرفته. استخدام الوسائل في السابق، مثل الفاكس أو البريد، نوعًا ما ساعد على التواصل بين الناس، إنما كان فيها نوع من الصعوبة كعدم الوضوح وقد تتعرض للتلف”.

ويتابع الشاطري: “عملت البرامج الحديثة، منذ بدء استخدامها، على تقديم العديد من التسهيلات وحل العديد من الصعوبات والعراقيل التي كانت تواجه المستخدمين، كالصحفيين، في سرعة الوصول إلى المعلومة ونشرها، وكذا سرعة التفاعل وخلق رأي عام؛ لذا، ومع اتساع مواقع التواصل، أهمها (فيسبوك – إكس – واتساب – إنستجرام- تليغرام- يوتيوب- محرك البحث جوجل) وغيرها، فإنها تسهم بشكل كبير في التأثير على المجتمع، وخلقِ رأي عام حول الكثير من القضايا. إضافة إلى ذلك، استطاع العديد من رواد هذه الوسائل أن يجدوا فرصة عمل ويحققون دخلًا ماليًا”.    

ومن جانبه، أشار مدير عام الإدارة العامة للإعلام بجامعة حضرموت أحمد زين باحميد إلى أن التطور التقني الذي يشهده العالم في وسائل التواصل شمل كل مناحي الحياة، فبدأت هذه الوسائل تتطور بشكل تدريجي ومتسارع، وعرف مطلع القرن الواحد والعشرين زخمًا وتنوعًا فيها بصورة كبيرة، وكل موقع إلكتروني أصبح يفرض نفسه على الساحة بمميزات مختلفة عن الآخر ويقدم خدمات متنوعة، وهكذا أسهمت في نشر الوعي بين أوساط المجتمع وحققت الغاية المطلوبة للمستخدمين.

وتطرق باحميد إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي عبر العقود الفائتة، منذ نشأتها وحتى اليوم، قد أحدثت نقلة نوعية في كل مفاصل الحياة والعلوم ككل؛ لذلك أعطت صورة جديدة للعالم، وتخطت البحار والمحيطات، وأصبحت الكرة الأرضية قرية صغيرة.

ويشير إلى أن الإصدارات الجديدة للتطبيقات ما هي إلا امتداد للوسائل القديمة التقليدية كالبريد التقليدي والتلغراف والفاكس، وقد تم تطويرها وتقديمها بصورة أفضل وأسرع، وسهل كيفية استخدامها مع الانتشار الواسع للأجهزة الذكية.

وفي ذات السياق، وضح رئيس تحرير صحيفة “30 نوفمبر” صالح عسكول أن وسائل التواصل أحدثت نقلة كبيرة على المستوى المجتمعي والرسمي بسرعتها وبحجم التفاعل بين الجمهور.

 ويضيف: “منذ بداية دخول مزود الإنترنت ازداد مستخدمو وسائل التواصل في اليمن، واهتم المجتمع بها؛ كونها تختصر الكثير من الوقت والجهد والمال في الحصول على الغرض المراد من المستخدم. كل هذا ساعد على التطوير والتنمية في شتى المجالات، على عكس ما كان قبل اختراعها؛ حين كانت حياة الناس فيها المشقة والتعب والجهل والبدائية في أغلب القطاعات”.

وأردف عسكول قائلاً: “بحكم أننا نعمل في الصحافة، فإن وسائل التواصل الاجتماعي أحدثت نقلة نوعية في عالم الصحافة، وتطور هذا المجال بشكل كبير. ويعود ذلك إلى زيادة مستوى المتابعات والترويج بالصورة المطلوبة. علاوة على ذلك، مكّنت وسائل التواصل المتنوعة الصحافي من الحصول على المعلومة والمصادر ونقلها للجمهور على شكل عاجل، وكذا البحث عن التفاصيل المطلوبة وغيرها من الأشياء التي يتطلب من الصحافي الحصول عليها”.       

محتويات النشر سابقًا

استرسل الدكتور الشاطري في حديثه عن محتويات النشر في بداية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً: “مع بداية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، كانت محتويات النشر تتراوح بين المواضيع الرسمية والأكثر أهمية، بالإضافة إلى الأخبار والتقارير الصحفية. وفي الغالب من يمسك زمام محتويات النشر هم طبقة معينة من الناس، ونقصد بهم المثقفين والأكاديميين وأصحاب الفكر والرأي”.

مضيفا: “من الجانب الاجتماعي، يمكن أن يتم نشر المحتوى المتعلق بالأحداث الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تحدث في اليمن، ويمكن أن يتضمن ذلك توزيع الأخبار والوقوف على آخر المستجدات والتعليق عليها ومناقشتها”.

ويتابع الشاطري: “سابقًا كانت المحتويات تشمل النشر في مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن في تلك الفترة أفكارًا وآراءً عامة حول مواضيع مختلفة، كما كان هناك إمكانية للأفراد أن ينشروا مقالات ورسائل وتعليقات حول القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية، لكنَّها ليست بالشكل الذي نشاهده اليوم من وفرة المحتوى المتاح والتفاعلات من قبل المستخدمين؛ إذ تكونت مجتمعات رقمية نشطة تمتلك التفاعل القوي والتأثير في الحياة اليومية للأفراد والمجتمع على حد سواء”.

وعبر أحمد زين باحميد عن رأيه قائلاً: “لا شك أن لكل مدة زمنية في حياة الأمم صورتها الخاصة؛ فحُرِّية الصحافة والنشر مثلاً كانت تُتابع الحياة السياسية في البلد، ومن ثمَّ تتغير أساليب النشر والتعامل الإعلامي من حيث الأخبار والتحليل وحرية الكتابة وعدد المشتغلين في الحقل الصحفي؛ لذلك يتأثر النشر بالظروف المحيطة”.

ويضيف: “يمكن القول إن محتويات النشر سابقًا كانت شبه مقيدة وتخضع للرقابة، أو بالأصح لا يملكها غير فئة معينة ولها سياسية موحدة وموجهة للجمهور. على غرار اليوم، فإن الرقابة على محتويات النشر وحرية التعبير شبه منعدمة، وهذا له إيجابيات وسلبيات”.

وأردف باحميد: “من إيجابيات النشر في الآونة الأخيرة عدم الخضوع لرقابة أو لجهة معينة؛ بل أصبح متاحًا أمام الجميع، ويمكن لكل شخص أن ينشر أي محتوى شريطة ألا يكون مخالفًا للأخلاق وتعاليم الدين الإسلامي”.

ويتابع: “تتضمن الإيجابيات أيضًا إتاحة الترويج للشركات والجهات التجارية عبر الإعلانات، وكذلك أتاحت الوسائل الاجتماعية فرص عمل أكبر للناس. أما بالنسبة للسلبيات فقد كثر اللغط ونشر المحتويات قليلة المصداقية؛ نتيجة هذه الحرية النشر؛ فمعظم المحتويات والمنشورات التي تنشر اليوم عبر الوسائل غير صحيحة ولا موثوق بها، وهذا يقلل من مصداقية الرأي العام وثقته في استقاء المعلومات”.

تأثيراتها 

يرى الشاطري أن تأثير وسائل الإعلام يعد تأثيرًا بسيطًا من ناحية المصداقية والتدقيق المعلوماتي؛ بسبب ضعف الرقابة الإلكترونية وعدم التقييد (أي أن عملية النشر متاحة لكل من لديه حساب على هذه المنصات دون مراعاة التحقق من المعلومات ومصداقيتها)؛ وهذا يعد أداة ذات حدين، يمكن استخدامها للتنوير ورفع مستوى الوعي، ويمكن أن تكون لعكس ذلك.

 كما يلفت الانتباه إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بصورة عامة، وإمكانيتها في صنع الرأي العام والزخم الجماهيري العالي حول أي قضية أو موضوع.

ويتابع الشاطري قائلا: “يمكن أن تؤثر وسائل التواصل المتعددة والمتكاثرة في السنوات الأخيرة على أنظمة الدول بفضل الضجة الإعلامية التي تحدثها على مستوى الرأي العام. وكذلك تسهم في التأثير الاجتماعي والأسري، إمَّا بالشكل الإيجابي أو السلبي حسب المنهجية التي سلكها المستخدم”.

ويستطرد بالقول:” مع هذا يمكن أن نقول إن أغلب التأثيرات التي تسببها الوسائل المختلفة هي غير إيجابية نتيجة لعدة عوامل، منها أن أكثر مستخدميها من الفئة المتدنية في الجانب التعليمي وضعف التحقق من المحتويات ونشر المعلومات الزائفة. ومع هذا، هناك تأثير إيجابي تخلقه هذه الوسائل ويجب أن يركز عليه المتلقي وأن يستثمره بالشكل الصحيح”.

وأفاد تقرير (Data reportal)، المختص بالبيانات الرقمية، أن عدد مستخدمي خدمة الإنترنت في اليمن9.10  مليون مستخدم، وبلغ معدل انتشار الإنترنت 26.7% من إجمالي السكان في العام 2023؛ إذ إن عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا للتقرير السنوي للربع الثاني من عام 2023م الذي أعده الموقع، وصل إلى3.05  مليون مستخدم من إجمالي عدد سكان اليمن الذي وصل عددهم34.07  مليون نسمة في يناير من العام الماضي. كما بلغ عدد مستخدمي الهواتف المحمولة، ومنها الذكية، 19 مليونًا.

 ومن خلال هذه الأعداد يتضح لنا أن عدد مستخدمي خدمة الإنترنت كبير مقارنة بعدد سكان البلاد، ومنه فإن تأثير هذه الوسائل كبير جدًا على الحياة العامة.

من جهته يؤكد صالح عسكول أن وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف مسمياتها أثرت على المجتمع اليمني كغيره من المجتمعات حول العالم، وبشكل قوي جدًا، وتطور الأمر وأصبحت هذه الوسائل هي من تقود الرأي العام وتحدد وجهته، لهذا أصبح استخدام وسائل التواصل من الفئات الأقل تعليمًا سيئًا للأسف، منذ بداية ظهور منصات التواصل حتى اليوم.

ويتابع: “من ضمن التأثيرات كثرة المنصات التي عملت على نقل الإشاعات، خصوصًا بعد نشوب الصراع في اليمن. ويُتعمد نشر مثل هذه الأخبار من مختلف الأطراف؛ حتى يبقى الشعب متصادمًا وبعيدًا عن الحقيقة، وهذا النوع من التأثير يعد سلبيًا ومحبطًا، ويهدد الاستقرار لسنوات ربما تكون طويلة”.

ولفت عسكول في تصريحه إلى أن التأثير وسائل التواصل الاجتماعي المباشر أو غير المباشر تسببت بخلافات اجتماعية، بنشر محتويات هابطة أو غير موثوقة، ورسم تصورات مغلوطة سواء في المعلومات أو عن الواقع العام للمجتمع.

 ويضيف: “في المقابل هناك تأثيرات إيجابية أسهمت في تعزيز الوعي المجتمعي وسهولة الحصول على المعلومات الموثوقة، التعليمية والثقافية، بالإضافة إلى إيصال الرسائل الهادفة وتعريف المجتمعات بالثقافات وتبادل الخبرات وبناء العلاقات وغيرها من الإيجابيات التي لولا وسائل التواصل لبقيت محصورة وغير معرفة”.


إن بداية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن كان حدثًا مهمًا تغيرت من خلاله الطريقةُ التي يتفاعل بها الأفراد والجماعات في المجتمع، كما كان لها دور كبير في نشر الوعي حول القضايا الاجتماعية وحقوق الإنسان، وهذا الأمر شارك في تعزيز المجتمع المدني والديمقراطية في جميع أنحاء العالم ومنها اليمن وكذلك التأثيرات السلبية أيضًا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

98.1% من المشاركين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في تمكين الشباب اليمني

صوت الأمل – يُمنى الزبيري تشغل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم جزءًا كبيرًا من حياتنا اليومي…