‫الرئيسية‬ الاقتصادية التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد المحلي

التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد المحلي

صوت الأمل – حنين الوحش

لم يعانِ الاقتصاد اليمني إثر الصراع وتبعاته فقط، بل كان للتغير المناخي إسهامٌ واضحٌ في تردي الوضع الاقتصادي في اليمن من مناحي عدة، منها الأمن الغذائي والمائي والسياحة والصحة وغيرها من القطاعات التي تأثرت بشكل مباشر وغير مباشر وانعكست بدورها على الوضع المعيشي والتنموي والإنساني بشكل عام.

وقد تصدرت اليمن قائمة الدول الأكثر عرضة لخطر الكوارث والتغيرات المناخية في الشرق الأوسط وفق البيانات التي جمعتها وكالة “سبوتنيك” الروسية اعتمادا على مؤشر قياس مخاطر الكوارث العالمي.

أزمات مناخية واقتصادية

في إطار الآثار السلبية الناتجة عن تغير المناخ يقول بسام القاضي صحفي متخصص في الصحافة العلمية: “إن التغيرات المناخية ستخلق تهديدًا على الاقتصاد الوطني في مختلف الجوانب، وأولها الصحية”، موضحًا “أن مدينة عدن مهددة بسبب ارتفاعها على مستوى سطح البحر؛ وهذا سيسبب مشاكل اقتصادية في السنوات القادمة في الجانب السياحي والزراعي، وسيحد من قدرة الصيادين على الوصول إلى مسافات عميقة داخل البحر، وبالتالي سيكون الدخل محدودًا وسيفاقم المعاناة على الصيادين”.

ويوضح “أن في السنوات القادمة ستشهد اليمن سيولًا وفيضانات، مما قد يؤدي إلى انهيار المعالم الأثرية وانهيار السياحة، إضافة إلى الضرر الذي سيحل بالطرقات العامة والموانئ والمنافذ مما سيؤدي إلى ارتفاع كلفة النقل وزيادة أسعار الغذاء وانعدام الأمن الغذائي والإنساني والجفاف وعدم القدرة على الوصول إلى المياه الصالحة للشرب”.

وحول المعالجات التي ستخفف من إثر تهديد التغير المناخي على الاقتصاد اليمني يقول القاضي: “لا بد أن تتولى الحكومة أو أطراف الصراع إعطاء قضية التغير المناخي أهمية؛ كونها قضية تزيد من معاناة المواطنين. ويجب اتخاذ خطط وسياسات مدروسة لكيفية مواجهة الكوارث والفيضانات وتزايد رقعة التصحر في اليمن”.

مشيرا إلى أهمية إنشاء محطات للإنذار المبكر ومحطة مراقبة ومراكز متخصصة لإجراء أبحاث ودراسات بتقييم الأضرار الذي قد تلحق باليمن بشكل عام خلال السنوات القادمة، وأن تقوم الجهات المختصة بدورها في التوعية بالمخاطر والآثار المترتبة، وتطوير وبناء قدرات الكوادر العاملة في محطات الرصد، وتفعيل دور وحدة الكوارث والأزمات وتزويدها بالأدوات الحديثة.

اقتصاد وغذاء

 تعتبر التغيرات المناخية من العوامل الأساسية التي فاقمت من تدهور الإنتاج المحلي للغذاء وحالة الأمن الغذائي في البلاد ومن ذلك الأضرار التي خلفتها الزوابع والأعاصير والفيضانات التي ضربت المناطق اليمنية خلال الفترة 2010-2018.

 وأكدت مذكرة الأنشطة القُطرية الخاصة على أن اليمن تتعرض لآثار تغير المناخ بشكل كبير، ومما زاد من معاناتها وخمولها هو افتقارها إلى القدرة على التكيف وعدم وجود دمج لعمليات إدارة مخاطر الكوارث في تصميمها.

وبحسب المستجدات الاقتصادية في اليمن التي قامت بها وزارة التخطيط والتعاون الدولي في العام 2022، هناك انخفاض وانكماش في الاقتصاد اليمني، ومن المتوقع أن يصل إلى نسبة 24% بحلول العام 2050 بسبب تغير المناخ ومقارنة بانخفاض الناتج المحلي الإجمالي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فتمثل 3% بحلول العام 2050.

أما نسبة الإنفاق على دعم الوقود الأحفوري من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمتوسط 6.23% في جميع البلدان لعام 2020، ومن المتوقع أن يرتفع إلى نحو 2.6% هذا في عام 2025 في اليمن.

وبالنسبة لارتفاع الأسعار التي تعكس عوامل التغيرات المناخية، فتمثل نسبة ارتفاع أسعار المستهلك الغذائية في اليمن من 60 نقطة في عام 2009 إلى 161.4 نقطة في عام 2022، وهو يمثل ثلاثة أضعاف الارتفاع في مؤشر الفاو، مما يعكس عوامل التغيرات المناخية العالمية في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وحول مساحة الأراضي الزراعية فـإن 169.1% هي مساحة الأراضي الزراعية من إجمالي مساحة اليمن المقدرة ب 45,55 مليون هكتار، منها حوالي 1,5 مليون هكتار 51% أراضٍ مطرية، و31% أراضٍ مروية من مياه الآبار، و10% أراضٍ مروية من الفيضانات، و6% أراضٍ مروية من السدود، و2% أراضٍ مروية من الينابيع.

وتعليقًا على الاقتصاد والأمن الغذائي الذي قلَّ إنتاجه نتيجة التغيرات المناخية، أكد الخبير الاقتصادي يونس السوسوة على أن التغير المناخي قد تسبب في تدهور الاقتصاد بشكل عام. ومن وجهة نظره يرى أن الحل الأنسب لإنقاذ الاقتصاد الزراعي هو زيادة الزراعة ومضاعفة الإنتاجية في كل المحاصيل؛ لضمان انخفاض فاتورة الاستيراد بنسبة كبيرة، ومضاعفة القيمة المضافة للمستفيدين من عمال ومسوقين وتقليص نسبة البطالة، وتحسين مصادر الدخل.

ومن جانبه أشار الخبير الاقتصادي فارس النجار إلى أن التصحر هو أكبر مشكلة تواجه اليمن نتيجة التغيرات المناخية. وبحسب دراسة أعدتها رويترز في العام 2022، أوضحت أن التغيرات المناخية تؤكد على ارتفاع نسبة التصحر في اليمن إلى 86% بسبب الانهيارات الطينية، وتدهور الموارد الطبيعية، و”تملُّح النباتات”، والكثبان الرملية والتوسع العمراني الذي زاد على حساب المساحات الزراعية.

مضيفًا أن المساحات المتصحرة في اليمن تمثل حوالي 405,000 كم من إجمالي 555 كم، وأن هناك تأثيرات كبيرة على مستوى الاقتصاد -خصوصا في الجانب الزراعي-؛ فكلما قلت مساحة الأراضي الزراعية انخفض الإنتاج الغذائي.

وحول التوصيات اللازمة لتجنب تفاقم المشكلة بشكل أكبر، أوصى النجار بضرورة زيادة المساحات الزراعية وعمل خطة متكاملة لزيادة المساحات الخضراء وتوسعها إلى دعم موجهٍ وتقني نحو دعم القطاع الزراعي في اليمن، وإدخال التقنيات الحديثة الناتجة عن التغيرات المناخية، ودعم سبل العيش واتخاذ التقنيات الحديثة في الزراعة لمحاربة حفر الآبار والرعي الجائر، ولزرع الأشجار -خاصة في المدن الرئيسة-؛ لمعارضة تقدم التصحر من خلال ترشيد استخدام المياه الجوفية، وعدم السماح بحفر الآبار الجوفية بشكل عشوائي، والتقليل من زراعة القات، وزرع المحاصيل الزراعية ودعم القطاع الزراعي بوسائل الري الحديثة.

ويؤكد النجار على أن إعادة الاستقرار السياسي للبلد يلعب دورا كبيرا وأساسيًا؛ فكل الأمور مرتبطة ببعضها، لا سيما أن هناك جوانب أساسية متمثلة في عدم توفر الوقود وعدم بسط الدولة سلطتها، بما في ذلك قدرة الحكومة على تنفيذ مشاريع مثل ذلك. وبشكل كامل، أثرت هذه الأمور على حل المشكلة الاقتصادية التي تتسبب بها الكوارث المناخية. مضيفًا أن هناك -فيما مضى- خطوات كبيرة، وقد شُكِّلت لجنة وزارية بين الأمم المتحدة والبنك الدولي إلا أن كل ذلك توقف فترة الصراع وهو ما يتمنى عودته حاليا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…