‫الرئيسية‬ الاقتصادية لجوء المعلمين للمدارس الأهلية، هل يكفي لتحمل أعباء المعيشة!

لجوء المعلمين للمدارس الأهلية، هل يكفي لتحمل أعباء المعيشة!

صوت الأمل –  أفراح بورجي

     واقع مرير جعل كثيرًا من المعلمين مرغمين على اللجوء إلى سوق العمل في الجانب الخاص، فمع استمرار النزاع، وانقطاع الرواتب، وتدنّي الوضع الاقتصادي، وتسريح الكثير من موظفي القطاع الحكومي، فقد كثير من الأشخاص مصدر رزقهم، وحين انقطعت الرواتب ما كان بوسع المعلم غير البحث عن عمل في الجانب الخاص (المدارس الأهلية) ليستطيع مواجهة أعباء المعيشة ومتطلبات واحتياجات أسرته.

   الأستاذ محمد عبدالله (خريج كلية التربية قسم الكيمياء)، لديه درجة وظيفية عمل بها في إحدى المدارس الحكومية سابقا، ظل في العمل كمعلم لمدة وجيزة، تلقى بعدها ترقية ليصبح مدير مدرسة في إحدى المحافظات اليمنية؛ عمل كثيرا في المدارس الحكومية، وفي بداية النزاع السياسي انقطعت الرواتب على كثير من القطاعات الحكومية، ومنها قطاع التربية والتعليم.

     يقول محمد “عندما انقطعت الرواتب استمرينا في العمل وحاولنا النضال لكي تستمر العملية التعليمية في المدرسة، ولكن ساء الوضع عند كثير من المعلمين ومنهم من ترك التدريس ليذهب ليبحث عن عمل يسد رمق أطفاله، لهذا أنا كمدير لم أضغط على أحد ليكمل في التدريس”.

    وأضاف: “دار الصراع بين طرفي النزاع؛ وازداد العبء على كاهلنا. وقبل أن يأتي النزوح تركت عملي كمدير في إحدى المدارس الحكومية، لأتقاعد كوني لا أملك راتبًا أو أي وسيلة أخرى، نزحت أنا وعائلتي عندما اشتد النزاع وهنا بدأت رحلتي في تحمل الأعباء المالية وغيرها”.

    نزح كثير من الناس خوفا على أرواحهم من العبث، فعبث بنا الصراع وأصبح لا ملجأ لنا غير البحث عن عمل لمواجهة أعباء الحياة، لجأ محمد إلى العمل في إحدى المدارس الأهلية ليتقاضى راتبًا لا يكفي ولكن يسد جزءًا من الاحتياجات.

انقطاع الرواتب وضعف وجود الدرجات الوظيفية، أحد أسباب لجوء المعلمين للمدارس الأهلية

    أضاف الأستاذ محمد: “من أهم أسباب لجوء المعلمين للبحث عن عمل في المدارس الأهلية هو انقطاع الرواتب، وهذا ما جعل المعلم يلجأ للتدريس في الجانب الخاص، حتى يستطيع مواجهة أعباء المعيشة ومتطلبات واحتياجات أسرته”.

   الدرجات الوظيفية جعلت كثيرًا من الشباب حديثي التخرج يلجأون للعمل في مجال التعليم في المدارس الأهلية، حيث إن كثيرًا منهم ليسوا من خريجي كلية التربية، لهذا أصبح أمامهم وجهة واحدة وهي المدارس الأهلية مع قلة فرص العمل في مجالاتهم.

    وبهذا الخصوص أسهب الأستاذ فايز قائلًا: “كثير من المعلمين الذين لا يمتلكون درجة وظيفية وأيضا خريجي الجامعات حاصلين على البكالوريوس، يلجأون للعمل في المدارس الأهلية كونها توفر الرواتب المغرية، ما أدى إلى ضعف التعليم في المدارس الحكومية”.

   ويرى الأستاذ بشير الراشدي أن كثيرًا من المعلمين وغيرهم من حملة الشهادات الجامعية يلجأون إلى العمل في المدارس الخاصة بسبب عدم توفر فرص عمل أخرى، لهذا أسهم العمل في المدارس الأهلية بشكل مباشر، خصوصًا عندما تأزمت الأوضاع وازدادت نسبة البطالة، لاسيما لدى مخرجات التعليم التي أصبحت في وقتنا الحاضر الفئة الغائبة عنها الوظيفة العامة، حينها ليس هناك من حل للأشخاص المؤهلين سوى البحث عن وظيفة قد يجدونها في قطاع التعليم الأهلي والخاص.

أثر انقطاع الرواتب في ترك المعلمين للتدريس في المدارس الحكومية

    بهذا الخصوص أضاف الأستاذ عبدالله زين: “في ظل هذه الأزمة التي أدت إلى انقطاع الرواتب، وتسرب كثير من المعلمين من المدارس الحكومية فاضطر المدرس للبحث عن وسيلة رزق أخرى لهذا تأثرت المدراس الحكومية بدرجة عالية، مما أثر بشكل قوي جدا على مستوى التحصيل العلمي والتسرب الملحوظ في المدارس الحكومية بالنسبة للطلاب”.

    وأشار الأستاذ جمال المصباحي: “المتأثر الأول في ترك المعلمين للمدارس الحكومية هو الطالب، حيث إنه لا يتلقى التعليم في المدارس الحكومية ولو بأبسط صورة، وازداد ضعف المخرجات التعليمية للمدارس الحكومية؛ ما أدى إلى ترك الكثير من الطلاب للمدارس الحكومية واللجوء للمدارس الأهلية، رغم ارتفاع أسعار الرسوم وهذا جعل أولياء الأمور يتحملون العبء الكبير عند ما قرر أن يعلم أطفاله في المدارس الأهلية”.

    وأكمل قائلا: “تفشي الأمية التعليمية في كثير من الطلاب؛ لأن كثيرًا من أولياء الأمور لا يستطيعون تحمل الرسوم في المدارس الأهلية في ظل ضعف التعليم في المدراس الحكومية، ما أدى إلى عزوف الطلاب عن المدارس بصورة عامة، تأثر انقطاع الرواتب وعزوف المعلمين من التدريس في المدارس الحكومية إلى خروج الطلاب إلى العمالة (عمالة الأطفال) لتوفير قوت المعيشة، ومساعدة آبائهم في تحمل أعباء الحياة”.

    ومن جهة أخرى أكدت الأستاذة منى المقبلي: “تأثير انقطاع الرواتب على ترك المعلمين والمعلمات للتدريس في المدارس الحكومية بدايتها على المعلم، إن المعلم في عمله الحكومي يتقاضى الراتب المجزي وبنفس الوقت له مكانته في المدرسة وعند الطلاب، لهذا عند انقطاع الراتب اضطر إلى أنه يترك المدرسة بسبب انقطاع الرواتب ويذهب للمدرسة الأهلية بأقل راتب وأقل مكانة في المدرسة، والتأثير الآخر هو على الطلاب حيث يتدهور مستواهم التعليمي بسبب عدم توفر المعلمين.

فروق التعامل بين المدارس الحكومية والخاص مع المعلم

    أفاد الأستاذ يحيى ناصر: “قد عملت في أحد الجانبين الحكومي سابقًا والخاص حاليًا، لهذا أستطيع القول إن في الجانب الخاص يكون هناك (امتهان لكرامة المدرس) كما أنه يعامل وكأنه عامل بالأجر اليومي، وفي المدارس الأهلية يسود الجانب المادي أكثر من الجانب التربوي، حيث إن في بعض الإدارات في المدارس الأهلية تقوم بتفضيل الطالب على المعلم مما يعمل على عدم التحصيل العلمي الكافي للطالب، وعدم الشعور بالرضا مع عدم ازدحام الفصول وقلة عدد الطلاب”.

روح الزمالة بين الكادر التعليمي في الجانب الحكومي

   وواصل الأستاذ يحيى: “على عكس ما نرى في المدارس الخاصة، تعتبر المدارس الحكومية والتعامل فيها أضمن وأحسن بكثير من الجانب الخاص؛ وكما ذكرنا سابقا أن كثيرًا من المعلمين لديهم خبرة في العمل في الجانب الحكومي والخاص، حيث إن في المدارس الحكومية يشعر المعلم بكرامته لأن المدرس هو محور العملية التعليمية والمتصرف في الفصل الدراسي”.

    وأردف قائلًا: “في المدارس الحكومية لا تتدخل الإدارة بين المعلم والطالب إن حصلت مشكله بينهم، فالمدرس هو من يملك الحق في التصرف لأخذ القرار من الجانب التربوي والتعليمي، وإن حصل ووصلت المشكلة للإدارة، فالإدارة تقف بجانب المدرس والطالب في محور الحياد من حيث التعامل، ولا يحدث ذلك في المدارس الأهلية”.

  وأكد المصباحي: “توجد فروق كبيرة بين تعامل المدارس أو بالأصح الإدارات في كل مدرسة، أكانت حكومية أو خاصة، ولكن في المجمل، إن معاملة مدير المدرسة في الحكومي تكون على أساس الزمالة لأنهم وبشكل عام جميعا ينتمون إلى مؤسسة واحدة، لذلك روح الزمالة غالبا ما تسود في هذه المواقف، والمعلم بشخصيته هو من يصنع مكانة بين زملائه، فتصرفاته وأسلوبه في المعاملة هي الأساس.  

    وأردف المصباحي قائلًا: “ولكن في المدارس الأهلية الأغلب يتعامل مع المعلم على أساس أنه عامل لديه، يدير مشروعه أو مؤسسته نحو الربح لا أكثر، فيطلب من المعلم أن يمتثل للأوامر حتى وإن لم يقتنع بها، وهنا إما أنك تساير الوضع وتستمر في عمل لا ترى فيه نفسك أو تضطر إلى ترك العمل والبحث عن عمل آخر، لهذا يعتبر المعلم في المدارس الأهلية (آلة) يتم الاستفادة منها ولمجرد عطل بسيط (مرض أو ظروف قاهرة) يتم استبداله بمعلم آخر.

   ظروف قاهرة جعلت كثيرًا من المعلمين يلجؤون إلى المدارس الأهلية حتى يتمكنوا من الحصول على راتب يسد رمق احتياجات أسرهم؛ لهذا إلى متى سيظل المعلم بلا راتب؟!

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…