‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة تأثير الصراع على الأطفال في اليمن الجهات الرسمية وتوفير بيئة ملائمة للأطفال خلال الصراع

الجهات الرسمية وتوفير بيئة ملائمة للأطفال خلال الصراع

صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ

يعدُّ الأطفال من أكثر فئات المجتمع تضررًا من الصراع الدائر في البلاد منذ سنوات، وهو ما يستدعي بذل المزيد من الجهود المتمثلة في توفير حياة آمنة لهم، وتنشيط دور الجهات ومنظمات المجتمع المدني، والمبادرات التي تعمل في قضايا الطفل، بالإضافة إلى تسهيل عمل المنظمات الدولية، وتفعيل القوانين والتشريعات التي تضمن حقوقهم وحمايتهم.

يواجه كثير من أطفال اليمن العديد من المعاناة، التي زادت حدتها خلال مدة الصراع، منها نقص الغذاء والمأوى والمياه، وصعوبة الحصول على التعليم والصحة، فضلًا عن المخاطر التي يواجهونها، مثل تعرضهم للاتجار والاستعباد والاستغلال والإهمال والعنف الجسدي والنفسي.

إحصائيات

يؤكد تقرير أممي بعنوان (مليون طفل غارقون في بحر الجراح وأصواتهم مكتومة) نشر في عام 2018م أن ما يقارب مليون طفل أجبروا على النزوح بفعل الصراع، وأنّ 7 ملايين طفل ينامون وهم جياع، وأثبت التقرير أنّ 400,000 طفل يواجهون خطر سوء التغذية يوميًّا.

تقرير أممي حديث حمل عنوان: (أكثر من11 مليون طفل يمني بحاجة للمساعدة، ووفاة طفل كل 10 دقائق لأسباب يمكن تلافيها)، ونشر على موقع أخبار الأمم المتحدة بتاريخ 23 مارس 2023م، ذكر أنّ ما يقارب 11 مليون طفل بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، جاء فيه أن طفلًا واحدًا يموت كل عشر دقائق.

وأكد التقرير أنّ نحو مليوني طفل يعانون من سوء التغذية، منهم 540 ألف طفل مصاب بسوء التغذية الحاد الوخيم، وأشار التقرير أن مليوني طفل في مخيمات النازحين يعانون من الحصول على الخدمات الكافية في مجال الصحة والتعليم والحماية والمياه والغذاء.

وجاء في تقرير أممي آخر نشر في العام 2021م بعنوان (اليونيسف، مليونا طفل في سنّ الدراسة أصبحوا خارج المدارس في اليمن) أن 532,000 طفل نازح وجدوا صعوبة في الحصول على التعليم جراء تضرر العديد من المدارس بفعل الصراع.

ويشير التقرير إلى أنّ عدد الأطفال النازحين في اليمن نحو مليون طفل، وأنّ ما يقارب 8 ملايين طفل بحاجة لدعم؛ من أجل حصولهم على التعليم، وأن 72٪ من الفتيات يتزوجنَ دون بلوغهنّ 18 سنة، وأنّ 10 ملايين طفل بحاجة إلى الخدمات الصحية الضرورية.

دور الجهات الرسمية

  يقول موظف في إحدى الجهات الرسمية (فضل عدم ذكر اسمه): “إنّ الصراع الذي تشهده البلاد قد أثّر على دور الجهات المعنية بحماية الأطفال ورعايتهم، لا سيّما مع انشغال الدولة في ميادين الصراع”، مؤكدًا “أنّ العديد من مراكز دور الرعاية تفتقر للخدمات الأساسية التي يمكن من خلالها توفير الحماية لهم”.

  ويضيف: “يجب تفعيل دور الجهات الرسمية من أجل خلق بيئة مناسبة للأطفال وحمايتهم، خاصة المتضررين في المناطق التي شهدت نزاعًا، وذلك من خلال تنفيذ المشاريع الهادفة، وإقامة البرامج والأنشطة التي يتم من خلالها تلبية احتياجات الأطفال كافة، والحد من المخاطر التي تواجههم، وبالذات خلال مدة الطوارئ”.

ويتابع: “يجب تكثيف التوعية بين أوساط المجتمع حول التنشئة الاجتماعية السليمة للأبناء، عبر القنوات الرسمية ووسائل الإعلام الأخرى، بالإضافة إلى تفعيل تطبيق القوانين الخاصة بحماية الأطفال”.

 ويرى أنّ تنشيط دور الرعاية الاجتماعية وتفعيل مراكزها بشكل أكبر وتأهيل العاملين فيها حول سياسية حماية الأطفال، خاصة المتأثرين بالنزاع، سيسهم في مساعدتهم وخلق بيئة مختلفة لهم، عمّا شاهدوه وشعروا به في أماكن الصراع.

ويقول في حديثه: “يقع على عاتق الجهات الرسمية مهمة التصدي للممارسات والمعتقدات الخاطئة الموجهة ضد الأطفال التي تسبب لهم مخاطر، والحد من انتشار الظواهر السلبية التي تمس شريحة الأطفال، إضافة إلى توفير الخدمات الجوهرية، وتبني مشاريع تنموية خاصة، تضمن لهم حصولهم على حقوقهم كافة”.

ويؤكد على تلقي مكاتب الشؤون الاجتماعية في عموم الجمهورية تمويلات من منظمة اليونيسف، بالإضافة إلى القيام بتأسيس نظام وطني للتعامل مع الأطفال الذي يعانون من مخاطر الحماية، وهو نظام إدارة الحالة، وتمّ فيه تأهيل مختصين اجتماعيين.

أمّا بخصوص توفير بيئة ملائمة للأطفال في مخيمات النازحين، يقول محمد ردمان (منسق عام النازحين- تعز): “حاولنا بكل جهد قبل مُدّة توفير برنامج للدعم النفسي وبيئة ملائمة نوعًا ما، من خلال الألعاب والأنشطة الرياضية والمسابقات، أيضًا حاولنا ندفع بهم نحو التعليم من خلال توفير خيامٍ وحقائب مدرسية”.

ويتابع: “عملنا أيضًا على التعاقد مع مدرسين. وبجهود مضنية وجبارة استطعنا أن ندفع بالأطفال إلى الأمام ونشد على أيديهم، وللأسف الشديد كانت مدّة قصيرة، ومن ثُم انتهى المشروع. وحاولنا مرة أخرى البحث عن داعمين وشركاء إنسانيين آخرين، وناشدنا أكثر من جهة وداعم، وإلى الآن لم يتم التجاوب”.

يقول صالح مسيعد (مدير العلاقات بمؤسسة بسمة لتنمية الطفل والمرأة): “إنّ الجهات الرسمية تعمل على بذل جهود كبيرة في توفير البيئة الآمنة للأطفال، من خلال تسهيل التعاملات الإدارية، وتسهيل تنفيذ المشاريع الخاصة بهم من قبل المنظمات”.

ويضيف: “يتطلب من الجهات الرسمية إنشاء وحدة لإدرة البرامج للأطفال، وإنشاء مساحات متعددة الأغراض، منها دعم نفسي، وتقديم المساعدات المالية”.

في أي بلد يشهد صراعات مستمرة يحتاج الأطفال إلى بذل المزيد من الجهود والدعم الذي يوفر لهم بيئة آمنة خالية من المآسي والمخاوف، التي تؤثر على حياتهم ومستقبلهم، وهذا ما يحتاجه أطفال اليمن، الذين هم في أمس الحاجة إلى حمايتهم من ويلات النزاع الذي تشهده العديد من المناطق في البلاد.

التحديات

تعد الجهات الرسمية في أي بلد المكون الرئيسي المعني بتقديم الخدمات للمواطنين، وحل جميع المشاكل التي تواجههم وحمايتهم، بما فيهم الأطفال الذين هم مستقبل أوطانهم، إلا أنّ فوضى الصراع في البلاد حالت دون القيام بدورها كما يجب.

وحول التحديات التي تواجه الجهات الرسمية في تعزيز وجود بيئة آمنة للأطفال يرى عصام الأحمدي (رئيس رابطة المختصين الاجتماعيين)، أنّ مراكز رعاية الأطفال في اليمن يواجه العديد من التحديات، منها نقص التمويل، والبنية التحتية، بالإضافة إلى النزاعات المسلحة والانقسامات والتجاذبات السياسية، التي تؤثر على قدرة الحكومة على تقديم الدعم الكافي، بالإضافة إلى النقص في الكوادر المدربة والمتخصصة في تقديم الرعاية الاجتماعية والدعم النفسي للأطفال”.

وبالنسبة للحلول في مواجهة هذه التحديات يقول الأحمدي: “من المهم أن يتم وضع إستراتيجية وطنية لحماية الطفل، بالاشتراك مع منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني؛ لضمان حماية الأطفال وتوفير الدعم اللازم”.

ويضيف الأحمدي في حديثه: “أنّ الأطفال في اليمن يواجهون تحديات كبيرة نتيجة الصراع والظروف الإنسانية الصعبة، ويمكن للجهات الرسمية أن تلعب دورًا حيويًّا في توفير الحماية للأطفال عبر عدة وسائل، منها: وضع السياسات المناسبة، وتطبيق القوانين والتشريعات النافذة لحماية حقوق الطفل، ومكافحة الاستغلال والعنف ضدهم، والامتناع عن تجنيدهم والزج بهم في جبهات القتال”.

ويتابع: “يمكن للجهات الرسمية تقديم برامج تثقيفية وتوعوية عبر وسائل الإعلام ووزارة الأوقاف والإرشاد للمجتمع؛ للحد من العنف ضد الأطفال، وتعزيز الوعي بحقوقهم”.

وشدد على توفير الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية، والتعليم للأطفال؛ لضمان نموهم وتطورهم السليم، وكذلك تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين نفسيًا بسبب النزاعات أو الأوضاع الصعبة.

من جهته يقول رضوان التميمي (مختص اجتماعي): “إنّ من التحديات التي تواجه الجهات الرسمية العاملة في هذا المجال تعطل أغلب وظائف الدولة، التي تؤدي إلى عدم قدرتها على ممارسة مهامها على أكمل وجهه، إلى جانب الظروف الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، بالإضافة إلى عدم وجود تمويل لتنفيذ أنشطة وبرامج تخص الطفولة”.

يواصل حديثه: “إلى جانب الجهل ونقص الوعي حول أهمية حماية الأطفال لدى أغلب أولياء الأمور، وعدم تفعيل سياسة حماية الأطفال في المؤسسات والجهات الرسمية وغير الرسمية، والقوانين الخاصة بالطفولة”.

مؤكدًا أنّ العديد من المؤسسات التي تعمل في مجال حماية الأطفال تعرضت للتدمير بشكل كلي أو جزئي في بعض المناطق التي شهدت معارك، ولم تعُد للخدمة، وأخرى تحولت لأغراض عسكرية.

ويتابع: “مراكز الرعاية والحماية التي تم فتحها تفتقر لأبسط المقومات، وقد تمَّ استئجار مقرات بشقق غير مؤهلة، وغير مناسبة، وتتطلب توفير بعض الاحتياجات الضرورية حتى تقوم بدورها على أكمل وجه؛ لأن النفقات التشغيلية لها غير كافية، ومحدودة؛ بسبب الوضع الراهن”.

وحول المعالجات والحلول الممكنة يقول التميمي: “تشجيع عمل المنظمات والمؤسسات وتسهيلها؛ لتنفيذ برامج وأنشطة خاصة بالأطفال، وتوفير الدعم اللازم، وتنشيط البرامج التي تكاد تكون متوقفة في مراكز الرعاية الاجتماعية ودُورها، والتنسيق مع الجهات والمنظمات المهتمة بحماية الأطفال”.

إنهاء الصراع الذي تشهده البلاد منذ سنوات هو الحل الأمثل لعودة المؤسسات الرسمية للقيام بعملها، وتقديم الخدمات للمواطنين، ومِن ثَم العمل على حشد الدعم اللازم لها، ودفع رواتب موظفيها، وتدريبهم وتأهيلهم لتقوم بواجبها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.2% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الصراع تسبب في حرمان أطفال اليمن من حقوقهم الأساسية

صوت الأمل – يُمنى أحمد خلق الصراع المستمر في اليمن أزمة إنسانية كبرى قد تعد واحدة من أسوأ …