‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة تأثير الصراع على الأطفال في اليمن دعم المنظمات للأطفال للحد من الآثار السلبية للصراع

دعم المنظمات للأطفال للحد من الآثار السلبية للصراع

صوت الأمل – حنان حسين

منذ ثماني سنوات واليمن تعاني صراعًا كان أكثر الفئات تضررًا منه هي فئة الأطفال، وهو ما أثر بشكل كبير على حياتهم في الحاضر والمستقبل من جميع النواحي النفسية والبدنية. ومن هنا نرى أنّ هناك عددًا من المنظمات الدولية والمحلية لعبت دورًا محوريًّا في دعم الأطفال خلال هذه المرحلة، من خلال تقديم الدعم في العديد من الجوانب، منها النفسي والاجتماعي والمساعدات الإنسانية وغيرها.

إحصائيات

في أغسطس من العام 2021م، نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عبر منصة إكس (تويتر سابقًا) عبر تغريدة لها أنّ هناك8,1  مليون طفل يمني بحاجة إلى مساعدة تعليمية طارئة، وأضافت المنظمة: “هذه زيادة هائلة في عدد المحتاجين مقارنة بـ 1,1 مليون طفل يمني قبل الصراع”، مشددة على ضرورة أن تتوقف الصراعات حتى يستطيع الأطفال أن يعيشوا حياتهم بأمان”.

هذا وأوضحت اليونيسف في بيان نشرته على موقعها في مارس من العام 2023م، بما ورد نصه “ثماني سنوات قاسية من الصراع في اليمن دمرت حياة ملايين الأطفال، وأدّت إلى احتياج 11 مليون طفل إلى المساعدات الإنسانية؛ إذ يعاني 2,2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، من بينهم أكثر من 540 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهي حالة مهدِّدة للحياة إذا لم يتم علاجها بشكل عاجل. ويموت طفل واحد كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها”.

كما أشارت اليونيسف عبر موقعها إلى أنّ مخيمات النازحين تكتظ بأكثر من 2,3 مليون طفل، لا يحصلون على ما يكفي لسد احتياجاتهم من الخدمات الأساسية في مجال الصحة، والتغذية، والتعليم، والحماية، والمياه، والإصحاح البيئي. كما حذّرت اليونيسف من أن غياب العمل العاجل سيُعرض ملايين الأطفال إلى مخاطر الإصابة بسوء التغذية.

كما يجدر بالذكر أنه في اليوم العالمي للطفل في العام 2023م، نشرت منظمة (هيومن رايتس ووتش) بيانًا مشتركًا لها برفقة 43 منظمة حقوقية، في العشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2023م، تحدثت فيه عن الخروقات المستمرة ضد الأطفال، ودعت أطراف النزاع إلى اتخاذ موقف حازم للدفاع عن حقوق الأطفال اليمنيين، وتعزيزها، والاحتفاء بها.

كما قامت بمناشدة أطراف الصراعات في اليمن، وكذلك الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وحثهم بمنح الأطفال الأولوية وحمايتهم، وإعطائهم مساحة في محادثات السلام الحالية لضمان العدالة والمساءلة.

وفي بيان نشرته عدد من هذه المنظمات في اليمن، منهما (رصد لحقوق الإنسان) و(منظمة التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان) تحدثت أنّ هناك 250 حالة انتهاك حقوقي جسيم ضد الأطفال، من قِبل أطراف النزاع، وتمَّ توثيقها بين شهر يناير وشهر سبتمبر من العام 2023م.

هذا وتضمنت هذه الحالات تجنيد الأطفال، والقتل، والتشويه، والهجمات على المستشفيات والمدارس، والاختطاف، والعنف الجنسي، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.

اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان

تحدثت القاضية الدكتورة ضياء خالد محيرز، عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، عن الإحصائيات التي رصدتها اللجنة الوطنية قائلة: “بلغت الانتهاكات التي وثقتها اللجنة ما يقارب ستة آلاف انتهاك متنوع”.

وأضافت: “نعتقد أنّ هذا الرقم لا يشكل سوى جزء يسير من الانتهاكات التي يُعتقد أنّها حدثت بالفعل، نظرًا لعدة عوامل شكلت عائقًا أمام عمليات الإبلاغ عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال وتوثيقها والتحقّق منها في أوضاع النزاعات المسلحة، بما في ذلك القيود التي تحول من إمكانية الوصول، والقيود الأمنية وغيرها”.

وأردفت: “أنّ معاناة الأطفال الناجين وأسرهم وما يشعرون به من ألم وخوف وعار، يدفعهم هذا إلى الإحجام عن الإبلاغ عن هذه الانتهاكات، خاصة الانتهاكات المتعلقة بالعنف الجنسي”.

وفي حديثها عن أبرز الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال خلال مُدّة الصراع، تحدثت قائلة: “منذ أن باشرت اللجنة الوطنية للتحقيق أعمالَها، فقد رصدت العديد من الانتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال مثل: الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، والقتل خارج نطاق القانون، وتجنيد الأطفال، والإكراه على الزواج، والاغتصاب، والإكراه على الدعارة، والتعذيب”.

وأضافت: ” كذلك الاعتداء على المدارس والمعاهد التعليمية والعاملين فيها، والحرمان والتمييز في حق التعليم، وتزويج القاصرات قبل البلوغ، وعدم الفصل بين الأحداث والبالغين في السجون، وزراعة العبوات الناسفة وتفجيرها، وزراعة الألغام الفردية وألغام المركبات، والتهجير القسري”.

وعن دور اللجنة في دعمها للأطفال وحمايتهم أوضحت محيرز، بقولها: “حققت اللجنة في هذه الانتهاكات طبقًا لمعايير لجان التحقيق الدولية المماثلة من حيث الشفافية، والاستقلالية، والحيادية، والموضوعية، والمهنية، والسرية”.

وأردفت قائلة: “كما تمت التحقيقات في إطار التشريعات الوطنية والعهود والمواثيق المصادق عليها من قبل الجمهورية اليمنية”.

وأضافت: “اللجنة عمدت إلى رصد هذه الانتهاكات وتوثيقها بالاعتماد على الطريقة المباشرة من قبل راصدي اللجنة الموجودين في عموم محافظات الجمهورية؛ والذين تمَّ تدريبهم على آلية الرصد والتوثيق”.

“كما تُلقيت البلاغات بالانتهاكات من خلال منظمات المجتمع المدني العاملة بهذا المجال، ومن خلال الشكاوى المباشرة التي تصل إلى مقر اللجنة في عدن أو فرعيها في محافظتي تعز ومأرب، أو من خلال موقعها الإلكتروني على شبكة الأنترنت” حسب تصريح محيرز.

منظمات المجتمع المدني

تقوم منظمات المجتمع المدني بدور مهم في تقديم الدعم والمساعدات للأطفال في المناطق المتضررة، وتقديم الحماية والرعاية للأطفال؛ سواء أكانوا نازحين أم أيتامًا أو من ضحايا الصراع.

عبده علي الحذيفي -من منظمة ميون- تحدث عن مساعدتهم للأطفال، بقوله: “منظمة ميون منذ تأسيسها أخذت على عاتقها حماية حقوق الإنسان بشكل عام، لا سيما الفئات الأشد ضعفًا، ومنهم الأطفال في ظل النزاع الدائر في اليمن منذ قرابة تسع سنوات، لذلك فإنّ جهود الدفاع عن حقوق الأطفال ومناصرة الضحايا منهم تشغل حيزًا مهمًّا في نشاط المنظمة الحقوقي”.

وعن أبرز القضايا التي تهتم بها المنظمة أضاف الحذيفي قائلًا: “تجنيد الأطفال، هي الانتهاك الأبرز الذي تقف منظمة ميون بكل ثقلها في سبيل الحد منه، والعمل على تقديم المتورطين في ارتكاب هذا الانتهاك للعدالة سواء كانوا جهاتٍ أو أفرادًا”.

وأردف: “أصدرت المنظمة عدة تقارير ترصد الآلاف من حالات تجنيد الأطفال وفق أعلى معايير التوثيق المعمول بها عالميًّا، كان آخرها تقرير (الأطفال المحاربون)، وفي هذا الصدد تبنت تقارير دولية مهمة البيانات والمعلومات الواردة في تقاريرنا، ولعلَّ أهم تلك التقارير هي تقارير فريق الخبراء المعني باليمن، المقدمة لمجلس الأمن الدولي، وتقارير الخارجية الأمريكية، وعدد من المنظمات الأخرى دولية ومحلية”.

وأضاف الحذيفي: “المنظمة لها أنشطة مناصرة حقوقية أخرى، مثل إقامة عدة معارض، كصور فوتوغرافية لإبراز الانتهاكات بحق الأطفال في اليمن، معظمها أقيمت في مدن أوروبية، وبثها عشرات المواد التوعوية المرئية عبر منصة ميون ميديا، وترجمتها إلى اللغة الإنجليزية، وإصدار بيانات لإدانة الانتهاكات، والتضامن مع الضحايا، وإطلاق عدة حملات إلكترونية لمناصرة الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع والمقروء”.

وشدد الحذيفي على الحرص على إطْلاع المنظمات الدولية المعنية بالطفولة على الانتهاكات وتوجيه دعوات لقادة المنظمات لزيارة اليمن والاطّلاع عن كثب على حقيقة ما يجري على الأرض.

بثينة القرشي، رئيسة مؤسسة سام للطفولة والتنمية، تحدثت عن دور مؤسستها في دعمها للأطفال بقولها: “مؤسسة سام للطفولة والتنمية لعبت دورًا كبيرًا أثناء مُدّة الصراع، من حيث تقديم برامج الحماية المتمثلة في المساحات الصديقة للأطفال”.

وأضافت: “قدمنا كثيرًا من المشاريع الهادفة، وبرامج الحماية من المخاطر التي يتعرض لها الطفل من المجتمع والمدرسة والأقران ونفسه، المتمثلة في فكرة “بيضة الحماية”، كما قدمت المؤسسة الدعم النفسي والاجتماعي للطفل والأسرة”.

وعن الحديث عن الدور البارز الذي تقوم به المنظمات، أوضح أحمد سعيد، مشرف البرامج والمشاريع في منظمة LMMPO، بقوله: “دور المنظمات في دعم الأطفال لتخطي الصراع وما بعدها، يشمل العديد من الاتجاهات منها، إنشاء المساحات الصديقة للأطفال المتأثرين من الصراع”.

وأردف: “بالإضافة إلى تقديم مساعدات إدارة الحالة للأطفال غير المصحوبين والمنفصلين، بالإضافة إلى توفير خدمات التعليم والصحة للأطفال المتأثرين، ودعم الأطفال المتأثرين نفسيًّا وقانونيًّا”.

الإنجازات

نشرت منظمة اليونيسف العديد من الإنجازات التي قامت بها عام 2022م، رغم كل المعوقات، منها:

  • دعم معالجة سوء التغذية الحاد الوخيم لنحو 377 ألف طفل في 4,584 مرفقًا للرعاية الصحية الأولية، و34 مركزًا للتغذية العلاجية.
  • تقديم حوالات نقدية طارئة لما يقارب من 1,5 مليون أسرة كل ثلاثة أشهر، يستفيد منها ما يقارب 9 ملايين شخص.
  • تمكين 6,2 مليون شخص من الحصول على مياه مأمونة بصورة مستدامة.
  • توفير التطعيم ضد الحصبة وشلل الأطفال لما لا يقل عن 2,1 مليون طفل.
  • دعم خدمات صحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال في 24 مستشفى، من خلال المساعدة في الجانب التشغيلي، إلى جانب تقديم المعدات والإمدادات.
  • تقديم مواد التعلّم الفردي لما يقارب 539 ألف طفل، وتمكين أكثر من 857 ألف طفل من الحصول على التعليم النظامي وغير النظامي، بما في ذلك التعلّم المبكر.

التحديات

كما أنّ هناك كثيرًا من الأعمال الناجحة، ووسائل الدعم للأطفال؛ لمساعدتهم لتخطي مرحلة الصراع بأقل الأضرار؛ كونهم الفئة الأكثر تضرُّرًا، هناك عقبات وتحديات تواجه هذه المنظمات وتقف حجر عثرة في طريقهم.

أحمد سعيد -مشرف البرامج والمشاريع في منظمة LMMPO- يرى أنّ هنا العديد من التحديات التي قد تواجه المنظمات، منها ما تحدث عنها بقوله: “أكبر الصعوبات التي تواجه المنظمات العاملة في مجال الأطفال هي عدم تقبل الجهات الرسمية لأفكارِ مشاريع تتعلق بحماية الطفل، ورفضها في بعض الأحيان”.

اليونيسف في موقعها نشرت أنّ هناك العديد من الصعوبات التي وقفت أمامها، وأبرزها ما ذكرته في البيان، فجوة التمويل التي واجهتها اليونيسف خلال عام 2022م، ومنذ بداية العام الحالي حتى الآن، وهذا أدّى إلى تعريض الاستجابة الإنسانية المطلوبة للأطفال في اليمن للخطر، بما في ذلك توفير خدمات الصحة والتغذية والتعليم والمياه والإصحاح البيئي، ممّا قد تضطر المنظمة إلى تقليص المساعدات الحيوية التي تقدمها للأطفال الأكثر ضعفًا.

بثينة القرشي، رئيسة مؤسسة سام للطفولة والتنمية، تحدثت بدورها عن أبرز الصعوبات والتحديات بقولها: “التحديات التي قد توجه العديد من منظمات المجتمع المدني كثيرة، ومنها عدم السماح لكثير من المنظمات بالعمل إلّا تحت شروط مشددة يصعب على كثير من منظمات المجتمع المدني القيام بها، وهذا ما سبب إغلاق العديد من المشاريع الخاصة بالدعم النفسي والحماية، وتجميد الدعم عنهم، وهذا شكّل عائقًا كبيرًا أمامنا”.

وأضافت: “رغم ذلك حاولنا الاستمرار بالمتاح، والمواصلة في أحلامنا”.

عبده علي الحذيفي، تحدث عن أبرز التحديات بقوله: “في ظل النزاع المعقد في اليمن تتعدد المعوقات والصعوبات أمامنا، ولعل أبرزها العدائية بحق فرق رصد الانتهاكات وتوثيقها، وتعد بيئة غير آمنة للناشطين الحقوقيين”.

“إضافة إلى تحديات لوجستية، مثل شحة الإمكانيات، والبيروقراطية التي تصعّب من مهامنا في بعض المناطق؛ والحقيقة أنّ فريق المنظمة الحقوقي يعدُّ كل ما ذكر آنفًا تحديات يسعى إلى تخطيها والانتصار عليها”، حسب تصريح الحذيفي.

المعالجات

وعن أبرز المقترحات التي تضع حدًّا للتحديات، أوضح أحمد سعيد في حديثه عن أهمية التعاون والمشاركة في الأعمال الخاصة بالأطفال، قائلًا: “أرى أن يتم التنسيق على مستوى عالٍ بين المنظمات العاملة في مشاريع حماية الطفل، والكتل الخاصة بالحماية والجهات ذات العلاقة”.

وأضاف عن جزئية بناء الأفكار بقوله: “كما أقترح أن يتم بناء أفكار لمشاريع تقدم خدمات للأطفال بشكل خاص”.

بثينة القرشي، رئيسة مؤسسة سام للطفولة والتنمية، تتحدث عن أبرز المقترحات والمعالجات بقولها: “أن تقوم الجهات المسؤولة بدورها، مثل التدريب والتأهيل وتوزيع المشاريع بين الجهات بشكل عادل، مع مراعاة التخصص المتاح لكل من هذه المؤسسات؛ كونها المظلة التي تشرف على المنظمات والمؤسسات والجمعيات المحلية”.

دور المنظمات في دعم الأطفال في مُدّة الصراع في اليمن يعدُّ مجهودًا مهمًا للحفاظ على حقوقهم، وضمان حياة كريمة وآمنة لهم، ويجب أن تستمر هذه الجهود للحد من تداعيات الصراع على حياة الأطفال والإسهام في بناء مستقبل أفضل لهم في اليمن.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.2% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الصراع تسبب في حرمان أطفال اليمن من حقوقهم الأساسية

صوت الأمل – يُمنى أحمد خلق الصراع المستمر في اليمن أزمة إنسانية كبرى قد تعد واحدة من أسوأ …