مبادرات شبابية لتحسين حياة الأطفال

صوت الأمل – هبة محمد

في ظل الصراع الطويل الذي تشهده اليمن، تبرز قصص رائعة للشباب اليمنيين الذين لم يتوانوا عن تحمل المسؤولية والعمل المستمر؛ لتحسين حياة الأطفال المتأثرين بالصراع. سنسلط الضوء في هذا التقرير على عدد من هذه المبادرات الشبابية الرائدة، سواء كانت في مجال التعليم، الصحة، الحماية، أو توفير بيئة آمنة ومستقرة للأطفال، التي من الممكن أنها أحدثت تأثيرًا إيجابيًا على حياتهم.

دور المبادرات الشبابية في تحسين حياة الأطفال أثناء الصراع

 تعمل المبادرات الشبابية في اليمن على مجموعة واسعة من المجالات التي تؤثر بشكل مباشر على حياة الأطفال، فمن خلال المبادرات التعليمية، يعمل الشباب على توفير فرص التعليم للأطفال الذين تأثر تعليمهم جراء الصراع، كما يركزون على توفير الرعاية الصحية والدعم النفسي للأطفال الذين يعانون من آثار نفسية وجسدية.

بالإضافة إلى ذلك، يعمل الشباب على توفير مأمن للأطفال وحمايتهم من التجنيد القسري والاستغلال والعنف. هذه المبادرات ليست مجرد جهودًا فردية، بل تعكس أيضًا التعاون والشراكات بين الشباب والمجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات الدولية؛ إذ تعزز هذه الشراكات الجهود المبذولة وتؤمن الموارد والدعم اللازم لتنفيذ المشاريع بشكل فعال.

 تقول ماجدة الشويطر -رئيسة جمعية أصدقاء الطفولة، محافظة إب-: “بدأت جمعية أصدقاء الطفولة خلال فترة النزاع بتنفيذ مبادرات مهمة تهدف إلى تحسين حياة الأطفال المتأثرين. ونحن في الجمعية نفتخر بالجهود التي نبذلها بالتنسيق مع فئة الشباب لتحسين حياة الأطفال المتأثرين بالصراعات، وندرك تمامًا أن الأطفال يعانون من تأثيرات هذه الظروف القاسية؛ ولذا نعمل بكل تفانٍ لتوفير الدعم اللازم وتلبية احتياجاتهم الأساسية. في إطار هذا السعي، قمنا بتنظيم دورات تدريبية في الإسعافات الأولية بهدف تأهيل الشباب وتمكينهم من تقديم الإسعافات الأولية الضرورية، كما قمنا بتوفير حقائب إسعافية لهؤلاء الشباب؛ ليكونوا على استعداد للتصرف السريع وتقديم الرعاية الأولية للأطفال في حالات الطوارئ”.

وتضيف: “وقمنا بتدريب أخصائيات اجتماعيات متخصصات في تقديم الدعم النفسي للأطفال، ونسعى من خلال هذه التدريبات إلى توفير الرعاية النفسية والاجتماعية اللازمة للأطفال الذين يعانون من آثار الصراع. لم نتوقف عند هذا الحد، بل قمنا أيضًا بتوزيع الألعاب على الجمعيات المختصة برعاية الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة، كما أننا ننظم أنشطة رياضية متنوعة، مثل كرة القدم والتنس والسلة والجري؛ بهدف تعزيز صحة الأطفال ورفاهيتهم”.

وتواصل: “نسعى أيضًا إلى إنشاء مساحات آمنة داخل المدارس، ليتمكن الأطفال من اللعب والاسترخاء والتعلم بعيدًا عن ضغوطات الظروف المعيشية الصعبة التي خلفها الصراع. وفي هذا الإطار، سنقوم بتوفير مكتبات متخصصة للأطفال، وتخصيص أدوات الرسم، حتى يتمكنوا من التعبير الإبداعي وتخفيف القلق والخوف الذي يعانون منه”.

وتنهي حديثها: “وأخيرًا، نحن نفخر بتنظيم مسرحيات خاصة للأطفال؛ ليتمكنوا من تجربة تقمص الشخصيات والتعبير عن أنفسهم بحرية. ونحن نشهد بأننا وجدنا مواهب مبدعة بين الأطفال، ونعمل جاهدين على تعزيز مهاراتهم الفنية وتقديم فرص للتعبير الفني”.

المهندس فؤاد نجم الدين مؤسس للعديد من المبادرات الخاصة بدعم ضحايا الصراع من الأطفال، التي نفذت خلال سنوات الصراع بالتنسيق والتعاون مع بعض القطاعات الخاصة، يتحدث قائلاً: “على مدى سنوات ونحن نقوم بتنفيذ مبادرات إنسانية تسعى إلى التخفيف من الأوجاع التي أصابت الأطفال نفسيًا وماديًا واجتماعيًا، بعضها كانت بمجهود ذاتي، وبعضها بتعاون جهات أخرى، منها مبادرة الأمل التي كان هدفها توفير الدعم النفسي والتعليمي للأطفال اليمنيين المتضررين من النزاع. وقدمت المبادرة ورش عمل وأنشطة ترفيهية وتعليمية للأطفال في المخيمات والمجتمعات المتضررة، وركزت المبادرة أيضًا على تعزيز المهارات الحياتية والتمكين الاجتماعي للأطفال”.

ويكمل: “وأيضًا، كان لنا مبادرة “التعليم للجميع” التي تهدف إلى تحسين فرص التعليم للأطفال اليمنيين المتضررين من الصراع. وقد عملت المبادرة على توفير الموارد والبرامج التعليمية في بعض المخيمات والمناطق المتضررة، وتسعى إلى توفير التدريب والدعم للمعلمين والمتطوعين. وبسبب انقطاع الدعم لم نستطع تنفيذها لأكبر عدد من مخيمات النازحين”.

فيما يقول همدان الذرحاني -مدير مؤسسة التنمية الأسرية، محافظة إب-: “تبذل المبادرات الشبابية العديد من الجهود للتركيز على برامج الأطفال خلال فترة الصراع، بعض هذه المبادرات تشمل إقامة دورات تأهيلية للأطفال في مجالات مثل تعليم برامج الحاسوب، الخط العربي، وهندسة الجوالات”.

التحديات

 تقول الشويطر: “نواجه تحديات كبيرة في توفير الدعم للأطفال خلال فترة الصراع، وندرك تمامًا أن الاحتياجات كبيرة والتحديات متعددة، ونحن نعمل بكل جهد للتصدي لهذه الظروف الصعبة”.

وتواصل: “تعتبر قضية تدريب وتأهيل الأطفال أحد أولوياتنا الرئيسة ومع ذلك، ندرك أن عدد الأطفال الذين يمكننا تدريبهم وتأهيلهم محدود للغاية نظرًا للموارد المحدودة. ونحن نبذل قصارى جهدنا لاستهداف الفئات الأكثر ضعفًا، وتقديم التدريبات والمهارات اللازمة لهم، لكننا ندرك أن هناك حاجة ملحة للتدريب والتأهيل لجميع الأطفال المتأثرين بالنزاعات”.

فيما تقول غناء الحميري -رئيسة جمعية الطموح لرعاية المعاقين وتأهيلهم-: “توجد عدة مبادرات في اليمن تتعامل مع قضايا بناء السلام والمساعدات الإنسانية والخيرية للأطفال ومع ذلك، تواجه هذه المبادرات تحديات عديدة، مثل نقص السيولة المالية وشح الموارد المالية، وتعتمد معظم المبادرات على الجهود الذاتية والتنسيق مع بعض المؤسسات. وأيضا يؤثر عدم الاستقرار الأمني على سير العمل؛ لذا يجب توفير الحماية والدعم المالي للجمعيات وتأسيس مقرات حكومية للجمعيات العاملة في الجانب الإنساني والاجتماعي”.

وترى الحميري أنه لا يتم تقديم دعم كافٍ وواسع للأطفال في اليمن، فالاحتياجات كبيرة والدعم محدود، ويقتصر على الجانب النفسي والمواد الغذائية والحقائب.

وأضاف الذرحاني: “تواجه هذه المبادرات تحديات عدة أثناء تنفيذها منذ نشأتها وحتى اليوم. أحد أهم التحديات هو قلة التبرعات التي تتلقاها هذه المبادرات، وهذا يعود إلى كونها جهودًا ذاتية أو تابعة لجمعيات خيرية غير ربحية، وتعتمد على تبرعات غير منتظمة ومتفاوتة”.  

الحلول

“إنني أؤمن أن هناك العديد من التحديات التي قد تواجه أعمالنا، ولكن هناك حلول يمكن أن تساعدنا على التغلب عليها تضمن استمرارية عمل جمعيتنا، من خلال اختيار الأشخاص المناسبين، وتوزيع المهام بشكل عادل، والصبر والتشجيع، وإيجاد حلول مبتكرة، وعدم الخوف من التعاون، وتنفيذ الأهداف والأنشطة المحددة. مع الشركاء الفاعليين يمكننا أن نستمر في تقديم الرعاية للأطفال المحتاجين”، وفقًا للأستاذة ماجدة الشويطر.

وتضيف: “نحن نعمل جاهدين على تقديم الدعم والرعاية، ونبحث باستمرار عن شركاء جادين للتعاون في هذا المجال، ونعد العمل الذي نقوم به مهمة إنسانية؛ ولذلك لا يجب أن يكون هناك خوف أو تردد، ونؤكد على أهمية تكريم الشخصيات الفاعلة والمتطوعين، وسنستمر في توفير الرعاية والدعم للأطفال وفقًا لأهدافنا المحددة. نحن ملتزمون بالابتكار والعمل الجماعي لتلبية احتياجات الأطفال وتحقيق تأثير إيجابي في حياتهم”.

ويرى الذرحاني أيضًا أن من الحلول المناسبة وجود متبرعين دائمين يدعمون هذه المبادرات بشكل منتظم، بالإضافة إلى وجود مؤسسات مساندة تقدم الدعم في مختلف المجالات، مثل توفير أماكن التدريب أو الدعم المالي، ويتمنى أيضًا من الجهات المختصة الاهتمام بالشباب ودعمهم في المجالات الاقتصادية، وتوفير فرص لهم لتنفيذ مشاريع صغيرة لكي يكونوا فعَّالين في المجتمع.

وتؤكد الحميري على ضرورة توفير الحماية للمبادرات الشبابية الخاصة بالأطفال، وتقديم المادي لهم، وأيضًا ضرورة وجود مقرات حكومية للجمعيات العاملة في الجانب الإنساني والاجتماعي، وتوفير مراكز تأهيل وتدريب للأطفال المعاقين والمتضررين من النزاعات.

المشاريع المستقبلية

تقول الشويطر: “نحن نعتزم تنفيذ مجموعة من المشاريع المستقبلية المهمة لجمعية أصدقاء الطفولة، هذه المشاريع تركز على تعليم الأطفال، وخاصة الإناث؛ نظرًا لارتفاع معدل تسرب الفتيات من التعليم. وسنعمل على بناء دار للأحداث خاصة بالبنات؛ إذ يمكنهن الاستفادة من البرامج والأنشطة التعليمية والترفيهية ببيئة آمنة ومحمية”.

وأضافت الشويطر: “سنعمل أيضًا على إنشاء مكتبة خاصة للأطفال، ليتاح لهم الوصول إلى مجموعة متنوعة من الكتب والمواد التعليمية المناسبة لأعمارهم. وسنقوم بتخصيص نوادٍ تمكنُّهم من المشاركة في أنشطة ترفيهية وتعليمية، مثل الفنون والرياضة والحرف اليدوية”.

وتواصل: “سنعمل على توفير الكراسي المتحركة للأطفال ذوي الإعاقة، سواء كانوا ضحايا الصراع أو لديهم إعاقات خلقية؛ لضمان قدرتهم على التنقل والمشاركة في الحياة بشكل كامل، وسنقوم بتوفير مكافآت مالية تشجيعية للمتطوعين؛ لتقدير وتشجيع جهودهم وإسهاماتهم القيمة في العمل التطوعي”.

وأشارت الشويطر إلى أن الجمعية ستعمل أيضًا على توعية الآباء والأمهات بأهمية التعليم، وذلك من خلال حملات توعوية وورش عمل تثقيفية؛ لنشر الوعي بأهمية دورهم في تعليم أطفالهم، وتوفير الدعم اللازم لهم كتوفير المأوى والغذاء والدواء والكساء لأطفال الشوارع الذين يعانون من الظروف الصعبة، وتقدم لهم الرعاية الأساسية والضرورية لحياة كريمة وصحية.

وختمت حديثها قائلة: “نحن ملتزمون بتحسين حياة الأطفال، وتقديم الرعاية والدعم الذي يحتاجونه. وسنعمل بكل الطاقة والموارد المتاحة على تحقيق هذه المشاريع المستقبلية، وستكون هناك حاجة إلى تعاون المجتمع والشركاء المحليين والمانحين ودعمهم. وسنعمل جاهدين على جذب الاهتمام والدعم المالي والموارد اللازمة؛ لتنفيذ هذه المشاريع وضمان استمراريتها على المدى الطويل”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.2% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الصراع تسبب في حرمان أطفال اليمن من حقوقهم الأساسية

صوت الأمل – يُمنى أحمد خلق الصراع المستمر في اليمن أزمة إنسانية كبرى قد تعد واحدة من أسوأ …