‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة تأثير الصراع على الأطفال في اليمن الأضرار غير المباشرة للصراع على أطفال الأرياف في اليمن

الأضرار غير المباشرة للصراع على أطفال الأرياف في اليمن

صوت الأمل – أحمد باجعيم

تعاني اليمن من أزمة إنسانية واقتصادية خانقة، بسبب الصراع الدائر فيها منذ تسع سنوات متتالية؛ إذ يتعرض الأطفال لأضرار غير مباشرة، خصوصًا في المناطق الريفية، التي يبلغ عدد سكانها وفق آخر إحصائية عملتها الأمم المتحدة عام 2020م نحو (61,6%) من سكان الجمهورية.

 تشكل هذه الأضرار تهديدات كبيرة لحياتهم وصحتهم النفسية والجسدية والسلوكية، ممّا تخلف عواقب وخيمة في المستقبل على الأطفال أو المجتمع اليمني بشكل كامل، ومن هذه الأضرار مشاهدة الأطفال عن قرب للموت والتدمير لمن حولهم، بالإضافة إلى أنهم يتعرضون لظروف الحياة القاسية، ونقص الغذاء والمياه النظيفة.

هجرة العائل

قالت حكمت الشعيبي، مديرة إدارة المرأة والطفل بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت: “إنّ الأطفال هم الفئة الأكثر تضررًا من الأزمة الحالية التي تمرُّ بها البلاد، خصوصًا أطفال الريف؛ لعدة عوامل، منها: النفسية والتعليمية والاجتماعية والصحية وغيرها”.

وتضيف: “بالنسبة للأطفال الفاقدين عائلهم خلال مدّة الصراع، تقع على عاتقهم مسؤوليات كثيرة ليس بمقدورهم تحملها، لهذا يفقد الطفل في الريف الرعاية النفسية والدعم النفسي ليتخطى هذه المرحلة، التي تعدّ فارقة في عمره؛ إذ إنّ فرص العمل في الريف قليلة جدًّا؛ لهذا يضطر الكثير من الآباء إلى الهجرة إلى المدينة أو إلى خارج البلاد بحثًا عن عمل”.

وتتابع الشعيبي: “نتيجة هجرة العائل أو فقدانه ترتفع النشوة لدى الطفل بأنّه هو المسؤول على الأسرة، خصوصًا الأطفال الذين ليس لديهم أشقاء يكبرونهم سنًّا، ممّا يخلق أعذارًا تساعده على العزوف عن المدارس والخروج للعمل، وهذه مشكلة خطيرة في حياة الطفل”.

  ويكمل: “تعدُّ عمالة الأطفال من المراحل الأشد عنفًا على حياتهم، يتعرضون فيها للعنف الجسدي واللفظي والتحرش واختلاطهم بأشخاص سيئين، سواء في الريف أو عند الذهاب للعمل في المدينة، كما أنّه يعدّ فريسة سهلة للأطراف المتصارعة؛ للزج بهم في المعارك كمجندين، والخروج عن كنف الأسرة وجو الطفولة”.

من جانبها أوضحت مديرة البرامج بمؤسسة بسمة لتنمية المرأة والطفل، ريم أحمد، أنّ الآثار غير المباشرة التي سبّبها النزاع المسلح جعلت من الطفل هشًّا؛ فأي شيء أصبح يؤثر على شخصيته، خاصة الأطفال الذين فقدوا ذويهم، أمّا بالهجرة أو ضحايا للصراع القائم.

 كما تؤكد أنّ الآثار على الأطفال في الأرياف أشدّ قوة من أطفال المدينة؛ نتيجة الظروف الريفية القاسية، وغلاء المعيشة، وغياب الخدمات؛ كل ذلك يجعل من الطفل حلًّا بديلًا للقيام بأدوار كبيرة، ومنها ترك التعليم والذهاب للعمل، وما يترتب على هذه الخطوة من مخاطر تعليمية وانحراف سلوكي في ظل غياب الأمن وتأثيرات صحية ومجتمعية أخرى.

وتتابع: “أنّ تأثير الصراع غير المباشر لا يقل حدّة عن الآثار المباشرة على الأطفال في الريف، نظرًا للحياة البريئة الذي يعيشها الطفل، ممّا تؤثر بصورة عكسية على حياته العقلية والجسمية، كما أن تدني مستوى التعليم والثقافة المنغلقة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب تجعل من الأطفال عرضة لتأثيرات غير مباشرة للنزاعات المسلحة، وتولّد فيهم حب التجربة، ممّا يخل بسلوكياتهم وتعاملهم مع من حولهم، وتقود كثيرًا منهم إلى الانحراف”.

 وتضيف: “أنّ هذه التأثيرات لا يمكن أن تتعالج على الأمد القريب؛ لأنّها أصبحت جزءًا من حياتهم، وأيضًا عدم توفر خدمات صحية ونفسية لمعالجة هذه الأفكار السيئة التي ستؤثر بطبيعة الحال على مستقبلهم التعليمي والأخلاقي والأمني”.

ألعاب العنف

ذكرت صحيفة (الشرق الأوسط) السعودية دراسة أعدّها عالم أمريكي في علم النفس بمساعدة باحثين إيطاليين وهولنديين عن الألعاب العنيفة وتأثيراتها على الطفل.

 أكدت الدراسة أنّ الأطفال الممارسين لهذا الألعاب باستمرار يزداد السلوك العدواني لديهم، وغالبًا ما تنجم لدى الطفل زيادة الميل للعنف، وتدني الحس الأخلاقي، وأوضحت الدراسة التي ذكرتها الصحيفة السعودية في العام2013م تحت عنوان: (ألعاب الفيديو العنيفة؛ مخاطر كبيرة على الأطفال) أنّ ألعاب العنف الإلكترونية تعدّ أكثر الوسائل تشجيعًا من أفلام السينما.

 لهذا توضح الدراسة خطورة الألعاب على الأطفال بشكل عام، في حين أنّ أطفال اليمن تعدُّ هذه الألعاب أخطر عليهم؛ نتيجة وجود العنف على أرض الواقع.

وأكدت حكمت الشعيبي، أنّ ألعاب العنف تولد أفكارًا أكثر عنفًا من الذي يجري اليوم في اليمن؛ لاحتواها على مراحل تبنى من خلالها عقلية الطفل على ابتكارات جديدة من العنف، خصوصًا في الأرياف، نتيجة قلة المتنزهات والملاهي.

 وتضيف: “يجد الطفل هذه الألعاب متنزهه الوحيد، سواء الألعاب الإلكترونية أو عبر لعبة المسدسات والبنادق المحاكية للواقع؛ ممّا تساعدهم على كيفية استخدامها، وتصويب الطلقات منها، بالإضافة إلى أنّ العديد من ذوي الأطفال في الريف منخرطون بعمليات القتال، ولهذا تكتمل البيئة المحيطة بالطفل بتوفر العنف، كما أنّ المشاكل الأسرية المختلفة تساعد الطفل على بناء ثقافة العنف يصعب علاجها في مرحلة قصيرة”.

وترى ريم أحمد: “أنّ ألعاب العنف وأيضًا أفلام الكرتون التي هي بالأصل مخصصة للأطفال غزتها المشاهد التي تولد العنف للأطفال؛ لذلك فإنّ تأثيرها على الطفل سواء في المدينة أو الريف وصلت إلى درجات عالية مع ما يمر به اليمن من اقتتال، كل هذه الأمور للأسف ترتب عليها أفكار وسلوك عدوانية لدى الأطفال، خصوصًا الفتيان”.

 وتتابع: “يمكن القول إنّ تأثير الصراع غير المباشر يحتاج عملًا متكاملًا؛ حتى نحسّن نظرة هذه الأجيال للحياة، ونحارب ثقافة الألعاب التي تولد عنفًا، واستبدالها بالألعاب التي تساعدهم على تنمية قدراتهم، وتنشيط أفكارهم بصورة سليمة”.

الاحتكاك والتأثير  

المختصة النفسية، حمدة باحميد، تطرقت إلى أنّ أطفال الريف يتأثرون بسلوكيات الأطفال النازحين أو القادمين من مناطق تشهد نزاعات مسلحة كبيرة، ولها أثر بالغ على حياتهم النفسية والسلوكية، ممّا يرشح الطفل الريفي لاكتساب سلوكيات تميل إلى العنف والعدوانية في غالب الأحيان؛ نظرًا لاختلاطه بأطفال عاشوا حياة قاسية ومريرة، ومشاهد عدوانية؛ بسبب وجودهم في مناطق تحتدم فيها الصراعات بين الأطراف المتناحرة.

وتتابع: “أثرت هذه الأحداث على طفولتهم وعلى طبيعة الحياة التي يجب أن يعيشوها بسلام بعيدًا عن هذه الضوضاء، كما أنّ هذه الآثار غير المباشرة تبقى عالقة في أذهان الأطفال لأزمنة طويلة، وتخلق عندهم رؤية غير جيدة على طبيعة الحياة والنظرة لها”.

وأردفت باحميد: “يتطلب تكثيف الجهود المحلية والدولية لتخفيف حدة هذه الآثار غير المباشرة على الأطفال في الريف اليمني، وذلك لعدم توفر إمكانيات تسهم في تخفيف أضرار الصراع، مثل الدعم النفسي والاجتماعي، وتقديم الرعاية الصحية، وتحسين السلك التعليمي؛ من خلال تشييد المدارس، وكذا التوعية المجتمعية في الأرياف التي تهدف إلى بناء سلوكيات جيدة للأطفال، وتطوير قدراتهم التعليمية والعقلية”. وفي ختام التقرير يتطلب التركيز على أهمية التعامل مع هذه الأضرار واتخاذ إجراءات فعالة للحد من الأضرار الغير مباشرة التي يتعرض لها الأطفال وحماية حقوقهم خصوصا في الأرياف مع تقديم المساعدة الإنسانية والدعم اللازم لتلبية احتياجات الأطفال المتضررين وإعادة بناء البنية التحتية المدمرة في الريف اليمني من مدارس ومراكز صحية وكذا تعزيز الأمن والاستقرار بما يسهم في توفير حياة ونشئه كريمة تحسن من أجيال اليمن في المستقبل.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

96.2% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الصراع تسبب في حرمان أطفال اليمن من حقوقهم الأساسية

صوت الأمل – يُمنى أحمد خلق الصراع المستمر في اليمن أزمة إنسانية كبرى قد تعد واحدة من أسوأ …