‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد في اليمن تغيرات المناخ.. تأثيرات غير مباشرة تطال العملية التعليمية في اليمن

تغيرات المناخ.. تأثيرات غير مباشرة تطال العملية التعليمية في اليمن

صوت الأمل – أفراح بورجي

تمثل التغيرات المناخية ومظاهرها أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية في المستقبل بشكل غير مباشر وتؤثر سلبًا على مساراتها، لا سيما إذا كانت في بلد يعاني من ويلات الصراع منذ سنوات، ويعد من الدول الأشد فقرا في العالم، ويفتقر إلى أبسط الإمكانيات والخدمات، ويعاني موظفو التعليم فيه من انقطاع مرتباتهم منذ أكثر من ستة أعوام، وهو خارجٌ عن دائرة التصنيف في مؤشر “دافوس” لجودة التعليم العالمي لعام 2021، لتأتي مظاهر التغير المناخي فتزيد الوضع سوءًا فوق سوء.

وبحسب تقرير صادر عن منظمة اليونيسف في يوليو 2021، الذي حمل عنوان “عندما يتعرقل التعليم”، فإن 8.1 مليون طفل بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ، وهناك ما يزيد عن مليوني طفل خارج المدارس في اليمن. وكشف التقرير عن أن الصراع دفع أكثر من 400,000 للخروج من المدارس بشكل مباشر، وتسببت بتضرر مدرسة، استخدمها النازحون كمأوى أو سيطرت عليها جماعات مسلحة، مشيراً إلى أن 171,600 معلم ومعلمة لم يستلموا رواتبهم بشكل منتظم، وهو ما يقدر بنحو ثلثي العاملين في مجال التدريس.

هذه الأرقام والإحصائيات تكشف عن واقع التعليم في بلادنا، والذي قد يتفاقم إلى الأسوأ في ظل استمرار الصراع والتقلبات المناخية التي تشهدها اليمن في السنوات الأخيرة.

المناهج والتوعية

“إن دور العملية التعليمية في التوعية والاستعداد للتغيرات المناخية المحتملة والسابقة، للأسف الشديد غير مدرجة ضمن المناهج الدراسية، رغم الأهمية ومالها من أضرار، حيث إن الطالب أو المتعلم لا يأخذ حولها أي فكرة سوى ما يراه عبر وسائل الإعلام”، هذا ما قاله الأستاذ أحمد عقلان، الموجه التربوي، معبرًا عن رأيه في المناهج ودورها الضعيف تجاه التوعية في مجال التغيرات المناخية وتأثيرها على التعليم. 

تأثير تغير المناخ على العملية التعليمية

يقول الأستاذ أحمد عقلان – الموجه التربوي: “هناك الكثير من التأثيرات السلبية غير المباشرة التي يمكن أن تسببها التغيرات المناخية على العملية التعليمية، التي من أهمها: ضعف في معدلات القيد والتسجيل، وانخفاض حضور الطلاب في المدارس، بالإضافة إلى ضعف التحصيل العلمي، وارتفاع معدلات التسرب، وغيرها الكثير من الآثار السلبية الأخرى”.

وأضاف الأستاذ أحمد عقلان: “وتؤثر التغيرات المناخية مثل السيول والفيضانات والأعاصير وارتفاع درجات الحرارة والجفاف وغيرها، بشكل غير مباشر، وذلك بما يترتب عليها من انتشار للأمراض والأوبئة والمجاعة، ونزوح الكثير من الأسر وتشردها، وتوسع ظاهرة اللجوء البيئي، الأمر الذي يرافقه انعدام السكن والمأوى بشكل دائم، وخصوصا مع واقع البلاد السيء وما تعانيه من جراء الصراع ، فإن أكثر الأسر تقوم على إعادة بناء حياتها من جديد، وبالتالي تتعرقل فرص التحاق أطفالهم بالمدارس”.

من جانبه قال الأستاذ محمد خماش- مستشار قطاع التعليم بوزارة التربية – إن: “من المظاهر المحتملة للتغيرات المناخية حدوث الكوارث الطبيعية، التي يصاحبها عادة تدمير البنى التحتية والمنشآت التعليمية، مما يؤثر سلبًا في سير العملية التعليمية في المناطق المتضررة من تغيرات المناخ، بالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع درجة الحرارة والعواصف الرملية والسيول، جميعها قد يحول دون ذهاب الأطفال إلى مدارسهم”.

وواصل الأستاذ محمد خماش: “كما أن على المدى الطويل يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية في الكثير من المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، الأمر الذي يزيد من ارتفاع معدلات الفقر وتردي الأوضاع المعيشية وزيادة معدلات النزوح والهجرة، مما قد يؤثر بشكل أو بآخر في إمكانية حصول الطلاب على تعليم جيد ومتكافئ”.

وأكمل الأستاذ خماش: “ومن أبرز التأثيرات غير المباشرة لتغير المناخ ظهور ناقلات الأمراض مثل البعوض في مناطق لم تكن تظهر فيها من قبل، وذلك جراء ارتفاع متوسط درجة الحرارة فيها وتغير النطاق الجغرافي لناقلات الأمراض، الأمر الذي زاد من معدل تعرض السكان لأمراض الملاريا وحمى الضنك، لا سيما صغار السن والأطفال الذين هم ضمن مراحل التعليم الأساسي، مما يؤدي إلى عدم انتظام الأطفال المصابين وتغيبهم عن الدراسة”.

وأفاد موضحًا: “إن من الانعكاسات السلبية لتذبذب المناخ أنه قد يضاعف حجم الكارثة الإنسانية في بلادنا، حيث إن الوضع المعيشي والحالة الاقتصادية السيئة جعلت الكثير من الأطفال يعانون من سوء التغذية، وهو الأمر الذي سيتفاقم ويتوسع انتشاره في حال حدوث كارثة بيئة ناتجة عن التغيرات المناخية في أي من مناطق الجمهورية، وسيزيد من معدلات سوء التغذية، وهذا سيؤثر بشكل غير مباشر في سير العملية التعليمية من خلال عدم التحاق هؤلاء الأطفال بالمدارس جراء ما يعانونه من أمراض التي يسببها سوء التغذية”.

يعاني الكثير من أطفال اليمن من سوء التغذية، فبحسب تقرير منشور صادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية وشركائهم، فإن ما يقارب من 2,3 مليون طفل دون الخامسة في اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد إلى عام 2021، ومن المتوقع أن يعاني 400,000 طفل منهم من سوء التغذية الحاد الوخيم مع إمكانية تعرضهم للوفاة في حال عدم حصولهم على العلاج بصورة عاجلة. وأشار التقرير إلى وجود ارتفاع في معدلات سوء التغذية الحاد والحاد الوخيم بمقدار 16٪ وَ 22٪ على التوالي بين الأطفال تحت سن الخامسة عن العام 2020.

وأضاف الأستاذ أحمد عقلان: “على الرغم من عدم وجود إحصائيات عن نسبة الأطفال غير الملتحقين بالتعليم أو المتسربين عنه جراء تغير المناخ، فإن ثمة مؤشرات واضحة على ذلك؛ فالكثير من الأطفال محرومون من التعليم نتيجة لعوامل عدة، من بينها ارتفاع درجة الحرارة في الكثير من المحافظات اليمنية التي جاءت متزامنة مع انقطاع التيار الكهربائي في الكثير من المدارس والجامعات، لا سيما الحكومية منها، ودفع بالكثير منهم لعدم التعليم، الأمر الذي يعد انعكاسا غير مباشر لتغير المناخ وآثاره على التعليم في بلادنا”.

مقترحات وتوصيات

يظل حل الأزمة الإنسانية في اليمن في مقدمة كل الحلول المقترحة لمعالجة مشكلات تدهور العملية التعليمية؛ فالوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد جراء استمرار الصراع هو المؤثر الأبرز في تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية والعلمية، فضلاً عن ضرورة إعادة تأهيل المنشآت التعليمية وتذليل السبل الكفيلة بالارتقاء بها وتطويرها والنهوض بمستواها.

فيما يتعلق بالمقترحات المتعلقة بتأثيرات تغير المناخ على التعليم، يقول الأستاذ فهد المطيري -استشاري تدريب وتوعية-: “إن مواجهة التأثيرات السلبية الناتجة عن تغير المناخ لا يمكن أن تتأتى إلا في حال تحسين أنظمة التعليم وجعلها ملائمة للتقلبات المناخية، وذلك لن يكون إلا إذا توفر الفهم الصحيح لهذه التغيرات، والوعي بآثارها السيئة على الأصعدة كافة”.

وأردف المطيري قائلاً: “إن هذا الوعي والفهم الصحيح سيساعد في تحسين استعداد المنشآت التعليمية لمواجهة الكوارث الناجمة عن تغير المناخ، وتحسين نظم التعليم لتكون ملائمة لهذه التغيرات يحتم ضرورة تحسين البنى التعليمية بما يجعلها مؤهلة للقيام بدورها التعليمي الفعال، بالإضافة إلى تقييم المخاطر البيئية عند إنشاء المدارس والجامعات بشكل يضمن سلامتها في مواجهة التغيرات المناخية المختلفة، ووضع خطة لإدارة مخاطر الكوارث في المدارس من خلال تضمين المناهج الدراسية -في مادة العلوم والقراءة- موضوع تغير المناخ وأسبابه وآثاره وكيفية مجابهة التغيرات المناخية بانتهاج سلوكيات إيجابية مثل زراعة الأشجار وتدوير المخلفات”.

 وأضاف أيضاً: “يكون التخفيف من الآثار الناجمة عن التغيرات المناخية في التعليم من خلال توفير بيئة تعليمية آمنة تساعد الطلاب على التعلم والتحصيل بصورة أفضل، ورفع مستوى الوعي لديهم بمظاهر التغير المناخي وإدراج ذلك ضمن المقررات الدراسية لهم، وتطوير مناهج التعليم التي تؤهل الطلاب وتزودهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع التغيرات المناخية ومواجهتها”.

وأشار الأستاذ المطيري إلى “أن ذلك الوعي والتأهيل لن يأتي بسهولة؛ إذ ينبغي ضرورة مشاركة وسائل الإعلام والمراكز البحثية في نشر ثقافة الوعي بمظاهر التغير المناخي وآثاره، وذلك بهدف زيادة وعي أفراد المجتمع بذلك، وتشجيعه على تغيير عاداتهم وسلوكياتهم المتعلقة باستخدام الطاقة، بالإضافة إلى توفير التدريب اللازم لمختلف شرائح المجتمع وتنمية مهاراتهم بماهية الأساليب والاستجابات الفاعلة لمواجهة مخاطر المناخ”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

84.2% يعتقدون أن التغيرات المناخية ستؤثر سلبًا على الحياة في اليمن

صوت الأمل – يمنى أحمد التغير المناخي هو التغير طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس في…