‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الاتصالات في اليمن خدمات الاتصالات في الريف اليمني.. تحديات وفرص ضائعة

خدمات الاتصالات في الريف اليمني.. تحديات وفرص ضائعة

ياسمين عبدالحفيظ – صوت الأمل

تعمل هنادي أحمد في مجال التسويق الإلكتروني الذي يتطلب وجود خدمة إنترنت قوية تساعدها في إنجاز مهامها بسهولة وفي مدة زمنية قصيرة. هنادي تعيش في مديرية الحالي وسط مدينة الحديدة، وبقاء والدتها خارج المحافظة يقف عقبة كبيرة أمام عملها.

تقطن والدة هنادي في أحد أرياف محافظة تعز الواقعة في الجنوب الغربي من اليمن؛ إذ انتقلت إلى هناك بعد أن نصحها الأطباء بالبقاء في منطقة ذات جو معتدل، لا سيما أنها تعاني من أمراض مزمنة وفاقم من معاناتها الحر الشديد.

وتوضح هنادي قائلة: “لا يمكن أن يمر أكثر من عام دون أن أزور والدتي للاطمئنان على صحتها؛ لذا يكون عليَّ إنجاز عملي حتى في مدة سفري، لكن ضعف شبكة الإنترنت هناك تجبرني على العودة. كثير من المواطنين في تلك المنطقة يعانون من ضعف خدمة الاتصالات والإنترنت على حد سواء، وعلى وجه الخصوص الذين يسكنون في الأماكن المنخفضة مثل الأودية والقيعان، الأمر الذي يجعلهم بمعزل عن العالم، فلا يستطيعون إجراء اتصال أو تصفح الإنترنت إلا بعد صعود المرتفعات القريبة من قراهم. إنها معاناة حقيقية يتكبدها سكان المناطق الريفية”.

إن خدمة الإنترنت في أرياف اليمن ضعيفة، وقد تكون معدومة في بعض المناطق، ويتم الحصول عليها عبر خدمة (3G) المقدمة من شركات الاتصال، أو عبر خدمة (WIFI) المقدمة من “يمن نت”، ولكن للأسف تعد الخدمة ضعيفة جداً، ومتقطعة، وتختلف من منطقة لأخرى.

والطريقة الوحيدة التي توفرها خدمة الإنترنت في اليمن هي (يمن نت) عن طريق الشبكة الثابتة في المدن الرئيسية؛ إذ يتم توصيلها عبر كابلات وألياف ضوئية، ومعظم سكان الأرياف يعيشون في الجبال، وعملية إيصال الخدمة إليهم تحتاج إلى شقٍ وحفرٍ وتكلفةٍ مرتفعة.

وحول خدمات الاتصالات في المناطق الريفية، ذكَر المركز الوطني للمعلومات في تقرير له أن المناطق الريفية ظلت لمدة طويلة تعاني من ضعف خدمة الاتصالات الهاتفية. وأرجع الأسباب إلى عدم وصول التيار الكهربائي إلى العديد من المجتمعات الريفية، وطبيعة المناطق الجبلية الصعبة التي تتطلب تكلفة عالية في إيصال الخدمة.

وأكد التقرير أن المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية عملت على استخدام أجهزة خاصة للمناطق الريفية تعمل بالطاقة الشمسية من أجل حل مشكلة إيصال خدمة الاتصالات في الأرياف التي لم يصل إليها التيار الكهربائي، إلى جانب أجهزة الهاتف الثابت.

كما أوضح التقرير أن المؤسسة العامة للاتصالات عملت على تحسين خدمة الاتصالات الريفية، من خلال توفير أنظمة اتصالات لاسلكية جديدة ومتطورة، تسهم في تزويد العديد من الأرياف بالخدمة بأقل تكلفة وبسرعة أفضل وبخدمة متنوعة.

ورغم الجهود المبذولة لتحسين عمل قطاع الاتصالات في اليمن، فإن مشكلة المواطنين في الحصول على خدمة الاتصالات والإنترنت في المناطق الريفية ما تزال قائمة، وقد تضاعفت خلال سنوات الصراع التي شهدت البنية التحتية لهذا القطاع أضرارًا كبيرة أدت إلى تردي خدمات الاتصالات بشكل عام، خصوصًا في الأرياف.

رداءة الاتصالات الهاتفية

يعاني كثير من سكان المناطق الريفية ضعفَ شبكة الهاتف النقال؛ الأمر الذي يفقدهم العديد من فرص العمل، ويُصعَّب الوصول إلى الأهل والأقارب.

محمد حسن أحد أبناء ريف محافظة تعز مثال واحد لهذا الوضع، فقد أصبح يعمل في مجال البناء بعد أن كان يعمل في محلٍ لصيانة السيارات مع والده في إحدى المدن، ونزح مع عائلته في العام 2018 إلى إحدى المناطق الريفية ليُعزل هناك عن العالم.

يقول محمد: “يتكون منزلي من طابقين، الدور السفلي لا توجد به تغطية من أي شركة من شركات الاتصالات. فإذا كنت أنتظر اتصالًا من أصدقائي أو أهلي، أضطر إلى الخروج لمسافة بعيدة عن المنزل بحثًا عن الشبكة أو الصعود للسطح، والبحث عن مكان أستطيع منه إجراء اتصال أو استقبال مكالمة. وفي الدور العلوي من المنزل بعض الغرف لا يوجد بها تغطية على الإطلاق، وأخرى تتوفر فيها التغطية في أوقات محددة، مثل الفجر أو بعد الظهيرة، وفي أحيان كثيرة لا أستطيع الحصول على تغطية إلا بعيدًا عن المنزل في مسافة لا بأس بها”.

وبصوت مليء بالغَمِّ، يؤكد محمد أنه فقد كثيرًا من فرص العمل بسبب ضعف شبكة الاتصال، والسبب أنهم لا يستطيعون الوصول إليه هاتفيًا، وأنه اضطر لإخبار أصدقائه في العمل، أنه في حال وجود أي فرصة عمل عليهم إخباره عن طريق إرسال شخص إليه لتبليغه.

جاء في تقرير سابق نشرته المؤسسة العامة للاتصالات حمل عنوان “مراحل تطوير البنية التحتية لقطاع الاتصالات في اليمن” أنه بسبب الطبيعة الجغرافية الصعبة التي تتميز بها المناطق الريفية في اليمن، إلى جانب وجود مناطق سكانية متناثرة وبعيدة عن بعضها، فإن المؤسسة تجد صعوبة في تحسين خدمات قطاع الاتصالات لهذه المجتمعات، مثلما هو الحال في المناطق الحضرية. وذكر التقرير أن توفير خدمات الاتصالات بالوسائل القديمة قد يتطلب تكاليف عالية نتيجة للطبيعة الجغرافية الصعبة للريف اليمني.

تحديات وحلول

في إطار التحديات والمعالجات من وجه نظر المواطنين يقول عبد الحكيم السباعي -رئيس دائرة التطوير المالي والإداري، جامعة تعز-: “رداءة الاتصالات والإنترنت في الأرياف وعدم توفر شبكة اتصالات تأتي جراء تعرض البنية التحتية للأضرار بفعل الصراع، إضافة إلى تعرضها للسرقة. ومن الأسباب أيضًا انقطاع الطرق وعدم صيانة البنية التحتية للاتصالات في بعض المناطق الريفية، مما يسهم في عدم توفر الصيانة للأبراج ومعدات الاتصالات الأخرى، وعدم عمل توسيع تغطية لهذه المناطق”.

ويرى أن من الحلول الممكنة تقديمها في هذا الجانب صيانةُ الأبراج المتضررة وتزويدها بالبنية التحتية والكوادر المتخصصة، وفتح جميع الطرق المؤدية إليها، مؤكدًا أن إيقاف الصراع سيساعد بشكل كبير في تطوير قطاع الاتصالات وغيره من القطاعات المهمة في البلاد، وأنه لم يتم سنُّ قوانين تنظم عمل قطاع الاتصالات لتواكب التطورات السريعة والمتتالية في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات، ولم تتغير اللوائح والهياكل التنظيمية لقطاع الاتصالات في اليمن منذ 1996م، مما أضعف جودة خدماته.

ويشير في حديثه إلى أن السكان اليمنيين يعيشون في تجمعات متناثرة منذ زمن طويل بسبب انعدام الأمان وعدم الثقة في المستقبل؛ ولذلك عاشوا في قمم الجبال للحصول على الحماية من هذه الطبيعة وتصعيب الوصول إليهم.

من جهته يقول حسين محمد -مهندس اتصالات-: “رداءة الخدمة في المناطق الريفية وعدم توفُّر تغطية من شبكات شركات الاتصالات، إلى جانب عدم توفر مراكزها الخدمية وأجهزة حديثة في الأبراج الموجودة التي من شأنها تطوير الخدمة (فيما يخص الإنترنت)، كل ذلك شكل تحديات للمواطنين هناك”.

ويضيف: “السبب وراء تردي خدمات الاتصالات في المناطق الريفية، وفي المدن هو تدهور الوضع الاقتصادي للبلاد، وكذلك الطبيعة الجغرافية لهذه المناطق. والكثافة السكانية القليلة في المناطق الريفية تُشكِّل عائقًا أيضًا، فتكاليف تزويد المنطقة ببرج لتزويدها بخدمات الاتصالات لن يتم تعويضه؛ نظرًا لقلة المشتركين لهذا من الأفضل استهداف المناطق الحضرية حيث الكثافة السكانية مرتفعة والحصول على عدد كبير من المشتركين”.

تتعدد الاستخدامات لخدمات الاتصالات لدى السكان في المناطق الريفية مثلها مثل غيرها من المدن الحضرية، لا سيما مع التقدم الذي يشهده العالم من أحداث وتطورات في مجالات مختلفة. إضافة إلى الهجرة المتزايدة لأرباب الأسر تجاه المدن والدول الأخرى؛ للبحث عن لقمة العيش لأسرهم مما يجعل التواصل بهم ضرورة يومية.

هذه الاستخدامات وغيرها تشير إلى تزايد الطلب على هذه الخدمات؛ الأمر الذي يتطلب من الجهات المختصة وشركات الاتصالات بذل المزيد من الجهود؛ لتطوير أداء خدمات الاتصالات المختلفة، وتوسيع نطاقها إلى أكبر قدر من المناطق في مختلف البلاد.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن

صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…