‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد في اليمن اليمن تحتل المرتبة 17 من بين البلدان الأقل قدرة على مواجهة آثار تغير المناخ

اليمن تحتل المرتبة 17 من بين البلدان الأقل قدرة على مواجهة آثار تغير المناخ

صوت الأمل – أحمد باجعيم

يشهد العالم تغيَّرا مناخيا هائلا يؤثر بشكل متزايد على البيئة والحياة البرية في مختلف أنحاء العالم، ويعد اليمن واحدًا من البلدان التي تتعرض بشدة لتأثيرات هذا التغير المناخي. ومن بين التأثيرات الرئيسية للتغير المناخي على البيئة في البلاد زيادة درجات الحرارة ونقص كمية الأمطار؛ فاليمن يعتمد بشكل كبير على الزراعة والثروة الحيوانية كمصدر رئيسي لأغلبية السكان. ومع تراجع مستويات الأمطار، تنخفض إمكانية توفر المياه المهمة للزراعة والشرب.

ولا يقتصر تأثير التغير المناخي على البيئة الطبيعية فحسب، بل يؤثر أيضا على الحياة المجتمعية في البلاد؛ فتقلبات المناخ ونقص الأمطار يؤديان إلى نقص الموارد الغذائية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، مما يؤثر سلبًا على الأمن الغذائي ويزيد من حدة الفقر والجوع، كما تنعكس هذه التحديات المناخية على القطاعات الاقتصادية الأخرى، مثل الصناعة والسياحة، فتتعرض للتأثر السلبي جراء انخفاض إنتاجية المصانع وتدهور البنية التحتية وتقلص السياحة.

آثار التغير المناخي على البيئة

تعد اليمن أكثر الدول العربية تأثرا بالتغير المناخي على البيئة حسبما ذكر موقع مدونات البنك الدولي التابع للأمم المتحدة في تقريرها عام 2012م بعنوان “مواجهة تحدي تغير المناخ في اليمن”. ومن أبرز التقلبات المناخية التي تواجهها البلاد تكرر حدوث الفيضانات، وكذا الجفاف الذي يتسبب بشحة خانقة في المياه خصوصا في المناطق الحضرية.

واختار البنك الدولي اليمن في مشروع البرنامج التجريبي المعني بالمرونة إزاء المناخ ضمن تسع دول حول العالم. ويهدف المشروع في ذلك العام إلى مساعدة الدول في إدارة المخاطر والفرص الناشئة عن تقلب المناخ وتغيره، ويولي البرنامج اهتماما بالغا بالدول التي تشهد كثرة التقلبات المناخية، وهي الأشد عرضة للمخاطر الناجمة عن التغير المناخي كاليمن.

وذكرت دراسة لمركز الإمارات للسياسات في ديسمبر 2022م أن اليمن تحتل المرتبة 172 من أصل 182 دولة حول العالم في مؤشر التكيّف المناخي الذي يصنف الدول وفق استعداداتها لمواجهة التغير المناخي. وأشارت إلى أن خطورة التغير المناخي في اليمن مرتفعة ونتائجها أكثر فداحة بسبب النزاع الذي تشهده البلاد منذ ثماني سنوات وساهم في تراجع الدولة على كافة الأصعدة محليا ودوليا.

ونوه المركز في دراسته التي نشرها تحت عنوان “اليمن في مواجهة مخاطر التغير المناخي” أن البيئة اليمنية تدفع ثمنا باهظا نتيجة التقلبات المناخية كجرف التربة السطحية الذي تسببه الفيضانات التي شهدتها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، وكذا تقلص المساحات الخضراء وارتفاع درجات الحرارة.


تحليل آثار المناخ على البيئة

 إلى جانب ذلك، قال تقرير نشرته “المجلة العلمية الجزائرية” بعنوان “التغيرات المناخية وآثارها المستقبلية على اليمن” في سبتمبر 2022م أن التغيرات المناخية في السنوات الأخيرة أصبح يشكل تهديدًا أكبر على حياة الإنسان؛ لعدة عوامل، منها الارتفاع التدريجي لدرجات الحرارة بمعدل (0,85) درجة مئوية في العام الواحد، مبينا أن درجة الحرارة في عام 2020م بالمنطقة العربية وصل إلى (0,87) درجة مئوية وهو ما يعطي تحليلًا سلبيًا لآثار المناخ على البيئة في المنطقة.

وحدد التقرير عدة نقاط في تحليله الذي اعتبر أن هذه العوامل تؤثر بشكل سلبي على البيئة، أبرزها تدهور الموارد الطبيعية في اليمن والعالم العربي، وكذا اعتماد الكثير من الدول العربية على الموارد الأشد عرضة للتأثر بتغير المناخ كالثروة السمكية والزراعة وارتفاع حدة الجفاف والتصحر وشحة الموارد المائية وملوحتها، كل هذه النقاط يترتب عليها انعكاسات سلبية على التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقا للتقرير.

ويرى عميد كلية العلوم البيئية والأحياء البحرية بجامعة حضرموت الدكتور سالم بازار أن التغير المناخي هو نتيجة طبيعية لمصادر التصنيع الكبيرة التي تلعب دورا واضحا في التأثير على البيئة، واليمن جزءٌ منها، لكن الضعف الاقتصادي والهشاشة التي تمر بها البلاد جعلتها غير قادرة على مواجهة التغير المناخي بعكس دول الإقليم والعالم ككل.

وخلال تصريح صحفي لـ”صوت الأمل” أوضح الدكتور بازار أن للتأثيرات المناخية على البيئة دورًا سلبيًا على مختلف جوانب الحياة نتيجة هذه العوامل: ارتفاع في درجات الحرارة، الجفاف، تقلص المساحات الزراعية، الفيضانات وما تخلفه من أضرار بشرية ومادية. مشددًا في ذات الوقت أن وسائل النقل تعتبر من الأسباب الرئيسة للتغير المناخي في اليمن، وما تصدره من انبعاثات أكاسيد الكربون التي تؤثر على الغلاف الجوي ويحدث بفعلها احتباسٌ حراري.  

انعكاسات التغير المناخي على الاقتصاد

 في 5 من مارس 2023م عقد مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نموا، حيث بينت وكالة “الأناضول”، في تقرير لها عن المؤتمر الأممي حمل عنوانا “اليمن يشكو تأثير تغير المناخ على جهود تحسين الأمن الغذائي” الذي شارك فيه وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، تأثير التغيرات المناخية على الأمن الغذائي.

وقالت الوكالة على لسان وزير التخطيط والتعاون الدولي إن اليمن إحدى الدول التي تتلقى متغيرات مناخية عالية وهذه بدورها أعاقت جهود تحسين الأمن الغذائي مما تسببت بالمزيد من تدهور الاقتصاد في البلاد إلى جانب النزاع المسلح.

وأشار الوزير اليمني، على هامش انعقاد المؤتمر، إلى أن اليمن تحتل المرتبة 17 من بين البلدان الأقل قدرة على مواجهة آثار تغير المناخ، وأضاف أن التغيرات المناخية أحدثت فيضانات وسيولا جارفة دمرت العديد من الأراضي الزراعية، فضلا عن التصحر الذي غطى مناطق شاسعة من المساحات الزراعية.

 وفي ذات السياق قال الدكتور سالم بازار إن التغير المناخي وإثارة على البيئة تسبب بانعكاسات سلبية على الاقتصاد في اليمن، حيث إن ارتفاع درجات الحرارة أحدثت جفافا وتصحرا مما قلل الإنتاج الزراعي. وكذا تأثر البيئة الساحلية والشعاب المرجانية داخل البحار مما أدى إلى تراجع الثروة السمكية، ونفقت بعض أنواع الأسماك بكميات كبيرة إلى الشواطئ نتيجة التقلبات المناخية، وكل ذلك سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد إضافة إلى التأثير البالغ الذي سببه الصراع على القطاع.

مقترحات وتوصيات

 عدَّدّ رئيس مركز الدراسات البيئية والموارد المائية بجامعة حضرموت الدكتور خالد باواحدي جملة من التوصيات للحد من التغيرات المناخية وآثارها على البيئة في اليمن منها وضع خطة طوارئ في المدن والمحافظات التي ستتأثر سلبا بالتغيرات المناخية والتخطيط الدقيق للنقل واستخدامات الأراضي، والعمل وفقًا لمعايير كفاءة استخدام الطاقة، وتنمية موارد إضافية للمياه، مثل استمطار السحب وإعادة استخدام المياه.

وأضاف في تصريحه أنه يجب الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة من الشمس والرياح، وزيادة حملات التشجير في الأحياء والمدن لتستهلك الكربون الناجم عن عوادم السيارات، وفلترة مداخن المصانع، ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصرف الصناعي والصرف الصحي، والعمل على تعديل النمط الزراعي بعمل دورات زراعية مناسبة للأنماط المناخية، إضافة إلى إعادة تدوير المخلفات بشكل صحيح. يؤثر التغير المناخي بشكل كبير على البيئة في اليمن، حيث تزداد معدلات الجفاف وتنخفض معدلات الأمطار، مما ينعكس سلبًا على موارد المياه والزراعة، وأيضا على الحياة البرية والمحيطية، ويتطلب من الجهات المعنية تبني التدابير لمواجهة هذا التحدي الذي يخلف أعباء اقتصادية بالغة، علاوة على الظروف الحالية التي يمر بها اليمنيون.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

84.2% يعتقدون أن التغيرات المناخية ستؤثر سلبًا على الحياة في اليمن

صوت الأمل – يمنى أحمد التغير المناخي هو التغير طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس في…