‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الاتصالات في اليمن مستقبل الاتصالات في اليمن؛ رحلة نحو التطور في خضم التحديات

مستقبل الاتصالات في اليمن؛ رحلة نحو التطور في خضم التحديات

صوت الأمل – هبة محمد

في خضم التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم على صعيد التكنولوجيا الرقمية، يبرز قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كركيزة أساسية لتحقيق التقدم والتنمية في مختلف المجالات في أيّ بلد بالعالم. وبالنسبة لليمن، الذي يواجه تحديات جمّة على مختلف الأصعدة، يظل الأمل معقودًا على هذا القطاع؛ ليكون بمثابة بوابة عبور نحو مستقبل أفضل، ويسهم في تعزيز الاقتصاد، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.

تمرُّ اليمن بتحديات هائلة في الوقت الراهن، سواء على صعيد الأمن الداخلي أو الاستقرار الاقتصادي، ومع ذلك، يظل هناك التزام قوي بتحسين البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتطويرها؛ من أجل مواكبة التطورات العالمية، وتحقيق التواصل الشامل، ومواكبة التطور الشامل في عملية التحول الرقمي في العالم.

تقرير “صوت الأمل” يُسلّط الضوء على آفاق مستقبل قطاع الاتصالات في اليمن، ويُقدّم تحليلًا شاملًا للواقع الحالي، مع التركيز على الفرص والتحديات التي تواجه مسيرة التطور، والجهود المبذولة حتى الآن لمواكبة التطورات التكنولوجية التي تلبي احتياجات المجتمع.

 التحديات والفرص المستقبلية

يواجه قطاع الاتصالات في اليمن تحديات هائلة في مختلف المجالات، ويُعدُّ ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فمع الظروف الاقتصادية والسياسية والأمنية المُضطربة، تعاني البنية التحتية للاتصالات من نقص الاستثمارات، وانهيار الشبكات، وتكرار الانقطاعات.

ورغم هذه التحديات، يُبشر مستقبل قطاع الاتصالات في اليمن بفرص واعدة، فالحكومة تُدرك أهمية هذا القطاع في تحقيق التنمية، وتعمل على بذل الجهود لتعزيزه وتطويره، والاستفادة من هذه الفرص لتعزيز البنية التحتية للاتصالات، وتحقيق تقدم ملموس.

يشير تقرير مركز الأبحاث العالمي (IGC) في تقرير نشر له في فبراير 2023م، أنّ إسهام القطاع في الناتج الاقتصادي يشهد نموًّا مطردًا بمتوسط بلغ 7٪ بين عامي 2015 و2018م، إلى جانب ارتباط عدد كبير من الوظائف بشكل مباشر أو غير مباشر بالقطاع كذلك، فإنّ أثره على المالية العامة كبير، أيضًا، أشار المصدر أنّ عائدات قطاع الاتصالات من المرجح أن تتجاوز 150 مليون دولار أمريكي سنويًّا.

وأضاف التقرير أنّ تكاليف خدمات الاتصالات، وخاصة الأنترنت، باهظة تمثل تكلفة حزمة النطاق العريض لبيانات الهاتف المحمول 10٪ من نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي الشهري؛ أي أعلى بكثير من هدف الأمم المتحدة المحدد عند 2٪ للتكلفة الميسورة مقابل خدمات النطاق العريض الأساسية الذي ينبغي بلوغه بحلول عام2025 م.

وأشار التقرير “أنّ ثمة مزيجًا يجمع بين المشاكل القائمة منذ زمن طويل، والتحديات الجديدة المرتبطة بالنزاع، يجعل سوق الاتصالات في اليمن أحد أصعب الأسواق، وأكثرها خطورة في العالم بالنسبة للشركات الخاصة، وأنّ العقبات متعددة الأوجه تتعلق بأبعاد مؤسسية وتنظيمية واقتصادية وسياسية”.

وأفاد التقرير أنّ هناك فرصًا مستقبلية ممكنة لإطلاق القطاع وتحسينه خلال السنوات القادمة، مع الاعتراف بالتحديات الهيكلية الهائلة التي تعوق تنمية الاتصالات في اليمن، على الرغم من التحديات الهيكلية الهائلة التي تُعوق تنمية قطاع الاتصالات في اليمن، وأنّ اليمن يمتلك سوقًا كبيرًا لخدمة الاتصالات، وخاصةً الاتصال بالأنترنت عالي السرعة، ولكن هذا الطلب الكبير لا يحظى بخدماتٍ كافية؛ ممّا يُشكل إمكاناتٍ هائلةً لجذب استثماراتٍ ضخمةٍ من جانب القطاع الخاص.

ويُؤكد التقرير أيضًا على أنّ معالجة مخاطر السوق وتحدياته الرئيسية ستفتح المجال لمشاركةٍ أكبر من القطاع الخاص في تطوير هذا القطاع. وتتجلّى هذه المشاركة بشكلٍ خاصٍ في الربط بين شبكات الأنترنت الساتلية والشبكات المجتمعية، وتطوير تقنياتٍ ماليةٍ جديدةٍ، مثل تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول. وإلى جانب ذلك، تُعدّ الشراكات بين القطاعين العام والخاص عنصرًا أساسيًّا لإيصال البنية التحتية للاتصالات إلى جميع أنحاء البلاد.

 واقع الاتصالات في اليمن

وقبل استشراف مستقبل الاتصالات في اليمن لا بدّ من استعراض واقعها الحالي، وفهم التحديات التي تواجهها، خاصة في ظل هذه الظروف التي تمرُّ بها البلاد، وبناء رؤية شاملة تُبنى عليها خططٌ إستراتيجيةٌ لتطوير هذا القطاع الحيوي، وتجاوز الصعوبات والاختلالات.

ويُؤكد المستشار القانوني عبد الرحمن الزبيبي، على أهمية قطاع الاتصالات في اليمن، سواءً من الناحية الخدمية أو الاقتصادية؛ فالاتصالات تُشكل أساسًا للبنية التحتية، وتُوفر التواصل للشعب اليمني داخل البلاد وخارجها، كما تُقدّم خدماتٍ متعددة للمواطنين والشركات والمؤسسات العامة والخاصة والاستثمارية، التي تكون الاتصالات أساس استمرارها وبقائها؛ إذ إنّ دخول القطاع الخاص في استثمار قطاع الاتصالات في اليمن مهم للغاية في تعزيز موارد الدولة بإيرادات عامة ضخمة، تتمثل في: رسوم تراخيص الضرائب، ورسوم وموارد عامة، وغيرها.

ويكمل: “تعدّ خدمات الاتصالات من أهم الإيرادات العامة للدولة في اليمن، التي لو تعززت الشفافية الشاملة في إيراداتها ونفقاتها، لغطّت كثيرًا من الاحتياجات العامة؛ إذ تُورّد مبالغ كبيرة من خدمات الاتصالات بأنواعها، المقدمة من المؤسسات الحكومية بشكل يومي ومستمر دون انقطاع”.

وأشار بالقول: “هناك خطوات لدخول القطاع الخاص في الاستثمار في قطاع الاتصالات الثابت؛ إذ حاولت إحدى شركات الاتصالات السلكية الاستثمار فيها ثمَّ توقفت وانهارت، كما كان من المفترض دخول شركات خاصة للاستثمار في قطاع الاتصالات (الأنترنت)، ولكن توقّف المشروع وتأجّل، وانحصر القطاع الخاص في الاستثمار في قطاع الاتصالات اللاسلكية (الجوال)”.

تعزيز اللامركزية في قطاع الاتصالات

ولتحليل النقاط الرئيسية التي يجب أخذها بعين الأهمية عند استشراف مستقبل الاتصالات في اليمن، يجب التركيز على معالجة التحديات التي تواجه قطاع الاتصالات، مثل نقص الاستثمارات، وانهيار الشبكات، وتكرار الانقطاعات، وأهمية تعزيز الشفافية في إيرادات خدمات الاتصالات ونفقاتها، والحاجة إلى خططٍ استراتيجيةٍ لتطوير قطاع الاتصالات، وتحسين الخدمات المقدمة، وأهمية مشاركة القطاع الخاص في تطوير قطاع الاتصالات، بالإضافة إلى ضرورة الاستفادة من التطورات العالمية في مجال الاتصالات وتقنيات المعلومات.

هنا يُمكن لليمن أن تُحقق نقلة نوعية في قطاع الاتصالات، وأن تُصبح نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، ويتطلب ذلك تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وعن المنظومة القانونية المنظمة للاتصالات في اليمن يقول الزبيبي: “ينظم الاتصالات في اليمن القانون رقم (38) لسنة 1991م، المعدل بعض مواده بالقانون رقم (33) لسنة 1996م بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية، بالإضافة إلى اللوائح المنظمة. وبالاطلاع على نصوص القانون المذكور، نلاحظ أنّ نصوصه حصرت معظم صلاحيات القطاع لوزير الاتصالات، وعزز من مركزية قطاع الاتصالات في العاصمة، التي تعدُّ أهم نقطة ضعف؛ إذ كان يفترض أن تعزّز اللامركزية في هذا القطاع المهم، وتوزّع صلاحيات وزير الاتصالات لمؤسسات الاتصالات الحكومية وفروعها في باقي المحافظات”.

 رؤية استثمارية لمستقبل واعد

يقول الصحفي ماجد الداعري (باحث ومهتم بالشأن الاقتصادي): “على الرغم من غياب البنية التحتية الأساسية وتحديات الصراع، يُظهر قطاع الاتصالات في اليمن إمكانات هائلة لتحقيق أرباحٍ ضخمة، تُنافس عوائد قطاع النفط في المستقبل، إذا ما نجحت التسوية السياسية، ووُجدت الخطط الحكومية الجادة لتشجيع الاستثمار في هذا المجال المهمّ.

وأكد، أنّه لا يمكن لأيّ دولة أن تحقّق تقدّمًا حقيقيًّا دون التركيز على تطوير قطاع الاتصالات وأنظمة خدمات الأنترنت، لتمكين بقية القطاعات الأخرى من الاستفادة من كل مزايا التطورات التقنية والتكنولوجية الحديثة في العالم، إذ يُعدّ الاستثمار في قطاع الاتصالات ضروريًا لتحسين الاقتصاد اليمني بشكل عام، إذ يُمثل عصبًا للاقتصاد وعمودًا فقريًا لبقية الاستثمارات.

معالجات للتحديات

 وبحسب تحليلات اقتصادية، فإنّه من خلال الاستثمار في هذا القطاع، يمكن أن يؤدّي توسع قطاع الاتصالات إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب اليمني؛ ممّا يُسهم في الحدِّ من البطالة، وزيادة إيرادات الدولة من خلال الضرائب والرسوم التي تُفرض على شركات الاتصالات، ويساعد في تحسين الخدمات الأساسية، مثل التعليم والصحة، من خلال استخدام تقنيات الاتصالات الحديثة، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

 أشار الداعري بالقول: “وبالتالي ما يزال الاستثمار متأخرًا في قطاع الاتصالات، واليمن ما تزال بحاجة كبيرة لمشاريع تنافسية في هذا القطاع، سواء من خلال شركات اتصالات وتقنية المعلومات، أو وسطاء محليين؛ لتقديم الخدمات للمواطنين بشكل مباشر، بفعل تزايد الحاجة اليومية المتسارعة للاتصالات من المواطنين ومختلف المؤسسات”.

وبيّن أنّ الاستثمار في قطاع الاتصالات في اليمن مليءٌ بالفرص، ويتطلب تكثيف المشاريع أيضًا في هذا القطاع، وإذا تحقّق ذلك، فإنّ اليمن يستطيع أن يستفيد من الاتصالات، ويوفر فرصًا ذكية وتنموية مهمة وسهلة للقطاعات الأخرى على حدٍّ سواء.

ويقدّم الداعري بعض الخطوات اللازمة لتحقيق الفرص المستقبلية وترجمتها على أرض الواقع بقوله: “يجب على الجهات المختصة إنشاء بيئة استثمارية عامة، وتشجيع الشركات الخاصة في قطاع الاتصالات، ويتطلب ذلك تبسيط الإجراءات الإدارية، وتوجيه الحكومة الكبيرة، بما في ذلك حماية الحقوق الملكية والعقود، وزيادة التسهيلات للشركات الناشئة والمستثمرين”.

ويواصل: “ينبغي أن تعمل الحكومة على تحسين سرية المعلومات للاتصالات في اليمن، بما في ذلك تطوير شبكات الاتصالات المتنوعة، ونوعية خدمات البريد الإلكتروني، وسرعة الأنترنت، وأن تكون هناك استثمارات كبيرة في تحديث المعلومات التكنولوجية والمعلوماتية، بما في ذلك توفير شبكات اتصال عالية السرعة بتكنولوجيا الجيل الخامس (G5)”. 

من جانبه، يشارك المستشار القانوني عبد الرحمن الزبيبي بالرأي، ويشير إلى أنّ الرؤية المستقبلية لقطاع الاتصالات في اليمن لن تتحقق مع استمرار الاختلالات القائمة على واقع القطاع؛ إذ لا بُدّ من العمل الفوري في التخلص من المركزية القائمة في قطاع الاتصالات، وتفعيل صلاحيات فروع مؤسسات الاتصالات في المحافظات، وتعزيز تلك الصلاحيات بتعديلات قانونية كمرحلة أولى، ومنح مؤسسات الاتصالات الحكومية صلاحيات واسعة في إدارة الاتصالات في المحافظات.

  ويُقدّم المستشار محمد الزبيبي رؤيةً ثوريةً لمستقبل قطاع الاتصالات في اليمن، تُركز على تعزيز التنافسية والشفافية الشاملة في إيرادات خدمات الاتصالات سواء الحكومية أو القطاع الخاص، وتحسين الخدمات، وخفض الأسعار، وضرورة تفعيل التنافس الإيجابي لإدارة الاتصالات في المحافظات، أيضًا تفعيل دور أجهزة الرقابة الرسمية في الرقابة على قطاع الاتصالات وموارده ونفقاته في جميع المحافظات، وإحالة أي وقائع فساد إلى هيئة مكافحة الفساد للتحقيق في وقائع الفساد، ومحاكمة الفاسدين، وإحالتهم لمحاكمة عاجلة، واسترداد الأموال العامة التي ابتلعها الفساد.

كما أشار، إلى ضرورة مراجعة الإيرادات العامة والنفقات العامة لقطاع الاتصالات ونشرها بشفافية، وضمان أن تكون النفقات العامة في إطار معقول، ووفقًا لأولويات تخدم القطاع وتعزز دوره، وإدخال خدمات الاتصالات الحديثة دون تباطؤ أو تأخير.

ويُؤمن الزبيبي بأنّ مستقبل الاتصالات في اليمن سيشهد مرحلة تحوّل جديدة؛ إذا ما أُعيد ربط شبكات الاتصالات المحلية، ووُصِّلت بوابات الاتصالات مع العالم، عبر ترميم كابلات الاتصالات الدولية والأنترنت، وربط اليمن بكابلات اتصالات متعددة؛ ممّا يرفع جودة خدمات الاتصالات، ويخفض سعرها بشكل إيجابي.

 وحسب تقارير التقييم المستمر للاحتياجات في اليمن، الصادرة عن البنك الدولي 2020م أنّه “لا بُدّ للتدخلات ذات الأولوية ألّا تكتفي بدمج الاستثمار في البنية التحتية فحسب، ولكن -أيضًا- تعزيز الإطار القانوني والتنظيمي، وهذا بدوره سيعمل على خلق بيئة مواتية لسوق اتصالات تنافسي وقابل للتكييف”.

 وأوضح التقييم أنّ ازدهار سوق الاتصالات السلكية واللاسلكية يعتمد بطبيعته على زيادة الترابط بين الناس، وليس على انقسامهم، وبالتالي، تعتمد قوة أيّ شبكة اتصالات وطنية ومرونتها على الوصول المفتوح عبر المناطق الجغرافية والتنظيمية، وبمجرد تحقيق ذلك، فإنّ الخدمات ذات القيمة المضافة، مثل تحويل الأموال والخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول، سوف تدعم مستقبلًا أفضل للاتصالات في اليمن.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

74.2% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن ضعف البنية التحتية من أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الاتصالات في اليمن

صوت الأمل – يُمنى الزبيري يعد قطاع الاتصالات واحدًا من أهم القطاعات الحيوية التي تسه…