‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الصناعة والاستثمار في اليمن تنمية الصناعات الغذائية اليمنية تتطلب زيادة في الإنتاج الزراعي والحيواني

تنمية الصناعات الغذائية اليمنية تتطلب زيادة في الإنتاج الزراعي والحيواني

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

 هناك العديد من الشركات الصناعية في البلاد التي تنتج الكثير من الصناعات الغذائية المتنوعة، ذكرها المركز الوطني للمعلومات في تقريره “الاستثمار في الصناعات الغذائية” ولها منتجات حاضرة بقوة في السوق اليمنية والدولية.

 ومن هذه الشركات: الشركة اليمنية لصناعة الألبان والأشربة، وشركة  إخوان ثابت للألبان، وشركة المراعي اليمنية، وشركة الألبان والأغذية الوطنية، والشركة الحديثة للمنتجات الغذائية، وجميعها غطت منتجاتها الأسواق المحلية ووصلت إلى دول أخرى، بحسب ما جاء في التقرير.

الوضع العام للصناعات الغذائية في اليمن

“الصناعات الغذائية في اليمن، نشأت في منتصف القرن الماضي، وازدهرت رويداً رويداً لتمتلك اليوم العديد من البيوت التجارية، والمجمعات الصناعية الضخمة التي تلبي حاجة المستهلك اليمني من السلع والمنتجات” هذا ما قاله جلال العسكري(رئيس قسم هندسة الصناعات الغذائية- كلية الهندسة جامعة الحديدة).

ويرى العسكري أنَّه على الرغم من ازدهار الصناعة الغذائية في اليمن، فإنَّها عبارة عن صناعة تحويلية؛ إذ تعتمد على موادها الخام الأولية من الخارج؛ لتقوم بعد ذلك بتحويلها إلى سلع قابلة للاستهلاك، وهو ما يعد عائقاً أمام تطور هذه الشركات؛ إذ تعتمد في طاقتها التشغيلية على المواد الخام والمواد المساعدة المستوردة من الخارج.

موضحًا أنَّه عند حدوث توقف لعمليات الاستيراد تتوقف تبعاً له هذه الصناعات، كما حصل خلال السنوات الماضية أثناء اشتداد الصراع الدائر في اليمن، فقد أغلقت العديد من المنشآت الصناعية أبوابها، وسرحت الآلاف من العمال وبعضها ما زال مغلقاً حتى اليوم.

 سليم العضيلي (مدير إدارة الخدمات الصناعية مكتب الصناعة والتجارة في مأرب) يصرح لـ “صوت الأمل” أنَّ وضع الصناعات الغذائية في اليمن ينمو بشكل بطيء جدًا ولا يواكب التطور والتزايد السكاني للمجتمع اليمني، كما أنَّه يقتصر على الاستهلاك المحلي -فقط- لأي  المنتجات الصناعية، ويقتصر التصدير بنسبة قليلة جداً على المواد الخام الزراعية.

 ويؤكد العضلي أنَّ الصناعات الغذائية من أهم الصناعات؛ كونها تلعب دورًا في تأمين غذاء الإنسان، وأنَّ تطويرها له علاقة متينة بتطوير القطاع الزراعي والحيواني؛ إذ يعتمد عليه في الحصول على المواد الأولية.

من جانبه يذكر نبيل الشرعبي(الصحفي والباحث الاقتصادي) أنَّ وضع الصناعات في اليمن، بما فيها الغذائية، في الغالب ليس بالمستوى المطلوب الذي يؤهلها لخوض المنافسة مع منتجات صناعات الدول المجاورة التي تمتاز بجودة ومواصفات وتغليف وتسويق مثالي، وعلى النقيض هناك صناعات غذائية يمنية شقت طريقها وبقوة نحو أسواق خارجية؛ لأنَّها صُنعت بمواصفات ومقاييس وتغليف يناسب القوة الشرائية للمستهلك الأجنبي.

أنواع الصناعات الغذائية

ويضيف الشرعبي أنَّ هناك منتجات صناعية يمنية، اجتازت الحدود وغدت علامة تجارية تنافس بقوة في أسواق خارجية، ومن هذه المنتجات: أنواع من الحليب المستخدم للحلويات والمشروبات الساخنة، والبسكويت والعصائر والزبدة والسمن والزيوت والبقوليات والأسماك المعلبة، وهذه كلها تمتاز بجودة ومواصفات وتغليف يناسب السوق الخارجية.

مؤكدًا “وأهم الأسواق الخارجية لهذه المنتجات اليمنية جمهورية مصر العربية والأردن وإندونيسيا ودول خليجية، وليس هذا فحسب، بل وصلت تلك المنتجات إلى السوق الأوروبية والأمريكية، ناهيك عن السوق الأفريقية ودول شرق آسيا”.

من جهته يقول سليم العضيلي (مدير إدارة الخدمات الصناعية مكتب الصناعة والتجارة في مأرب) أنَّ من أهم الصناعات الغذائية في اليمن منتجات الألبان، الزيوت النباتية، طحن الحبوب وإنتاج الدقيق والنخالة، الحلويات والبسكويت، العصائر والمشروبات والمياه المعدنية، وما تزال اليمن بحاجة إلى المزيد من المصانع التي تعمل في تصنيع الأغذية؛ لتغطية السوق المحلية.

مسوق مواد غذائية -طلب عدم ذكر اسمه-، يقول لـ”صوت الأمل”: “الصناعات الغذائية في اليمن في تنامٍ مستمر وتطور دائم، ولا ينقصها سوى التوجيه والرقابة الدائمة من قبل الدولة في التزامها بمعايير الجودة والموصفات العالمية وعدم الغش”.

طرق التطوير

ويرى المصدر أنَّ سبل تطوير الصناعات الغذائية تكمن في إتاحة المجال للمستثمرين ورؤوس الأموال للاستثمار في هذا القطاع، وإتاحة المجال لرؤوس الأموال الخارجية للاستثمار في مجال الصناعات الغذائية، ونقل التجارب الخارجية إلى اليمن، والمشاركة في المؤتمرات العالمية لصناعة المواد الغذائية؛ للاحتكاك بكبار الشركات العالمية في نفس المجال، وتفعيل دور الرقابة والموصفات والمقاييس من قبل الدولة، إضافة إلى مواكبة التطور الحاصل عالميًا في الخطوط الإنتاجية.

أما سليم العضيلي فيرى أنَّ تطور الصناعات الغذائية يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالإنتاج الزراعي والحيواني؛ حيث يمثلان المصدر الأساسي لتطوير الصناعات الغذائية، فعملية التنمية الصناعية للأغذية يجب أن يرافقها زيادة في الإنتاج الزراعي والحيواني.

مضيفًا أنَّ اعتماد الكثير من الصناعات الغذائية الحالية على استيراد المواد الخام الداخلة في صناعة المواد الغذائية من الخارج لا يمثل مخزوناً استراتيجياً للأمن الغذائي للمجتمع اليمني.

احتياجات الصناعات الغذائية

فيما يرى الصحفي نبيل الشرعبي أنَّ ما تحتاجه الصناعات الغذائية اليمنية: تحديث كثير من المكائن ومعامل الإنتاج، والتركيز على الجودة والمواصفات والمقاييس التي تتناسب مع التوجه العالمي للمستهلك والمُصنع والدول والهيئات الدولية المشددة على صحة المستهلك والحمية الغذائية المركزة على الجودة في المقام الأول، ومواكبة الاستهلاك الغذائي العالمي السريع ثانيًا، وثالثاً الشكل الخارجي والتغليف المميز والجذاب، ومراعاة عوامل البيئة في مواد التغليف، ورابعاً التسويق الناجح والإعلانات المناسبة التي تستهوي المستهلك الأجنبي والعربي.

يحدد الشرعبي أبرز العوامل التي جعلت الصناعات الغذائية في اليمن متردية، منها: ضعف القوة الشرائية لدى المستهلك، والتدفق الكبير لمنتجات رديئة من الخارج وبأسعار زهيدة، وفي المقابل غياب الرقابة من الجهات الرسمية، وجمود دور الكيانات المعنية بحماية السوق المحلية، والذي غدت تغلب عليه العشوائية، وتستمر عمليات إغراقه بالسلع والمنتجات الغذائية الخارجية وبمواصفات ومقاييس رديئة.

مردفًا على العوامل غياب الرؤية لدى غالبية المُصنعيين اليمنيين حيال الانتقال نحو السوق الخارجية، والحرص فقط على استمرار نشاطهم في السوق المحلية، وغياب مراكز البحوث والدراسات الغذائية المتخصصة في تطوير الصناعات ومواكبة متغيرات الاستهلاك والتنافس العالمي، وضعف القاعدة الصناعية اليمنية، وتواضع رؤوس المال لدى النسبة الكبيرة والتي لا تتعدى إمكاناتها امتلاك معامل بدائية تقتصر وظيفتها على التغليف والتعبئة، وغياب دور الجهات المعنية في مجال مساعدة المُصنِّع اليمني لتطوير وتسويق منتجاته.

صعوبات وحلول

فيما يقول سليم العضيلي أنَّ من التحديات التي تواجه تطوير وتنمية قطاع الصناعات الغذائية والصناعات بشكل عام هو الصراع والأحداث التي تمر بها اليمن، إضافة إلى عدم وجود الرؤية التكاملية في النهوض بكلِّ من الصناعات الغذائية والزراعة والإنتاج الحيواني لارتباطهم ببعض فلا يمكن النهوض بأحدهم مستقلاً عن الآخر.

ويزيد في حديثه عن الصعوبات: “عدم وجود التسهيلات للمستثمرين في جميع ربوع اليمن، وتعدد الأطراف المسيطرة على الأرض يعيق عمل المستثمر في الصناعات الغذائية في مشقة الحصول على التراخيص اللازمة، وصعوبة الحصول على المواد المساعدة في الصناعات الغذائية مثل: صناعة العبوات الورقية والبلاستيكية والزجاجية ورقائق الألمونيوم ومواد التغليف على أنواعها، وكذلك قطاعات النقل والمواصلات وغيرها”.

 لا يختلف رأي جلال العسكري كثيرًا عن سابقيه حيث يقول: “إنَّ أبرز التحديات التي تواجهها الصناعات الغذائية في اليمن، -في الوقت الراهن-  تتمثل في اتجاهين، الأول في صعوبة الاستيراد من الخارج؛ بسبب إغلاق ميناء الحديدة، إذ تتجه الشركات إلى استيراد كل مستلزماتها عبر ميناء عدن، وبسبب تعقيدات الإجراءات الذي تؤدي إلى تأخير وصول المواد والمعدات”.

ويتابع: “تتحمل الشركات مبالغ باهظة من رسوم وإتاوات مضاعفة، بالإضافة إلى رسوم النقل عبر الطرق البديلة للطرق الرئيسة، والحوادث المتكررة على هذه الطرق والتي تؤدي إلى فقدان العديد من المواد أو تلفها، كل هذه العوامل أثرت بشكل كبير على نشاط الشركات وأعاقت عملية نهوضها؛ مما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج وهو ما ينعكس سلباً على الأسعار، وبالتالي تأثر المواطن بشكل مباشر”.

ويواصل حديثه: “ويتمثل الاتجاه الثاني في تذبذب وارتفاع أسعار الصرف بين مناطق اليمن المختلفة؛ وهو ما زاد في أسعار السلع والمواد وهو جزء مما تعانيه الشركات الصناعية في اليمن، أما الاتجاه الثالث فيتمثل في الحالة الأمنية؛ حيث إنَّ الاستثمار بشكل عام والاستثمار الصناعي بشكل خاص يحتاج إلى بيئة آمنة، كما أنَّ  العديد من منشآت التصنيع الغذائي تعرضت للدمار جراء الصراع؛ مما أدى إلى خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات”.

وعن الحلول الممكنة يقول جلال العسكري (رئيس قسم هندسة الصناعات الغذائية- كلية الهندسة جامعة الحديدة) في حديثه: “القطاع الصناعي يجب أن يكون بعيداً عن التدخلات المباشرة وغير المباشرة لأطراف الصراع، والتي من شأنها التسبب في توقف عجلة الاستثمار في هذا القطاع، ولأجل النهوض بقطاع الصناعات الغذائية؛ لا بد من الاتجاه إلى القطاع الزراعي الرافد الأول لمصانع الأغذية بالمواد الأولية، كما أنَّ تقديم الامتيازات والإعفاءات الضريبية والجمركية من شأنه أن يساعد في دفع رؤوس الأموال إلى الاستثمار في الصناعات الغذائية بدلاً من هجرتها إلى الخارج”.

موضحا أنَّه من أجل ازدهار الصناعات الغذائية؛ يجب فتح ميناء الحديدة؛ لتسهيل دخول السلع والمواد الخاصة بالعمليات التصنيعية، كذلك دعم القطاع الزراعي؛ لتقليل الاعتماد على المواد الخام المستوردة، ومنح الامتيازات والإعفاءات بجانب توفير البيئة الآمنة للاستثمار.

يعقب الصحفي الشرعبي أنَّ من الحلول تشكيل تكتل اقتصادي صناعي عملاق برأسمال كبير، ومراكز بحوث ودراسات تطوير، وقبل ذلك أن تكون دراسة الجدوى مركزة على السوق الخارجية، والاستفادة من اتفاقيات السوق الحرة.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

51% من الآراء تؤكد على وجود تأثير كبير للصناعات الصغيرة والمتوسطة تجاه الاقتصاد المحلي

صوت الأمل – يُمنى أحمد       كشفت نتائج استطلاع إلكتروني نفذته وح…