‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المعلمون في اليمن دور الجهات المانحة في دعم العملية التعليمية

دور الجهات المانحة في دعم العملية التعليمية

صوت الأمل – أحمد باجعيم

خلفت الصراعات المستمرة في اليمن على مدى ثماني سنوات ماضية أضرارًا جسيمة في مختلف القطاعات، وأثقلت كاهل أغلبية السكان في اليمن، ويعد التعليم أحد القطاعات التي تضررت بفعل هذا الوضع الذي تسبب بعزوف الكثير من المعلمين عن التدريس نتيجة انقطاع الرواتب في بعض المحافظات وضعف الرواتب التي يتقاضاها المعلم في محافظات أخرى بعد تدهور العملة المحلية. إلى جانب عدم توفر الأمن في بعض المناطق وبالتالي الاضطرار إلى النزوح.

   عمدت الجهات المانحة من منظمات دولية أو محلية إلى تعزيز قطاع التعليم من خلال إعادة تأهيل أو بناء المدارس ودعم المعلمين وصرف حوافز لهم، وكذا إعادة المئات من الطلاب إلى التعليم نتيجة النزوح من مناطقهم وإنشاء مراكز تعليمية في مناطق المخيمات والإيواء.  

   ذكرت منظمة اليونيسيف في تقرير لها أن النزاع في اليمن دمر نحو (2916) مدرسة، وأن واحدة من أربع مدارس على الأقل تضررت بشكل كامل أو جزئي أو استخدمت لأغراض غير تعليمية، كما لم يحصل ما يقارب من (172,0000) معلم ومعلمة على مرتباتهم بشكل منتظم منذ عام 2016م، كما لجأ الكثير منهم إلى توقيف التدريس والبحث عن أعمال أخرى للحصول على الدخل لتوفير احتياجات أسرهم وسط الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن.

جهود المنظمات لدعم التعليم

   قدمت منظمة اليونيسيف (وفقا لتقرير نشره موقعها الرسمي) العديد من الأنشطة والتأهيل للقطاع التعليمي حيث وصل الدعم المقدم خلال عام 2021م من المنظمة (55,4 ) مليون دولار من الرقم الإجمالي الذي تحتاجه العملية التعليمية في اليمن بصورة عاجلة والمقدر بـ 3 ملايين دولار حسب تقديرات أممية، وركزت الأنشطة التي ترعاها اليونيسيف على دعم الأطفال لمواصلة التعليم وكما هدفت تلك الأنشطة والبرامج إلى تعزيز التقارب بين التنمية والمساعدة الإنسانية.    

   وفي إطار الجهود الأممية لإنقاذ العملية التعليمية في اليمن من الانهيار جراء استمرار النزاع المسلح عقدت العديد من المنظمات الدولية مؤتمرًا في أكتوبر عام 2022م لإنهاء الأزمة التي لحقت بالقطاع التعليمي (وفقا لتقرير حديث صادر عن “مركز رع لدراسات الاستراتيجية”) بتاريخ 29 يناير 2023م بعنوان (إلى أين وصل وضع التعليم في اليمن؟) وركز المؤتمر الذي شاركت فيه نحو تسع منظمات دولية على وضع مقترحات وحلول وإعداد خطة لتطوير قطاع التعليم في اليمن خلال الفترة من 2024 إلى 2030م.

    وشملت الخطة التطويرية تنفيذ مسح تربوي شامل للفترة ما بين عامي 2024 و2025م كما تعهدت منظمة “اليونسكو” بالمضي في إطلاق الخطة المتفق عليها في المؤتمر، وكذا دعم وزارة التربية والتعليم اليمنية في عملية إعداد ميثاق الشرف لدعم القطاع، في وقت يعد عزوف المعلمين عن المدارس والعمل في مهن بديلة السبيل الوحيد لتأمين احتياجات أسرهم.    

دعم المعلم (حضرموت أنموذجا):

    تتبنى مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية دعم المعلمين سواء في المدارس أو الجامعات حيث تصرف حوافز مالية لمعلمي (أربع مدارس) نموذجية في محافظة حضرموت مدرسة بنين ومدرسة بنات في مديرية مدينة المكلا ومثلها في مديرية سيئون بوادي حضرموت تصل إلى ما يقارب (45) ألف ريال يمني إضافة للرواتب التي يتقاضونها من الدولة، كما يعد معلمو تلك المدارس النخبة من المعلمين في المحافظة.

   ووفقا لتصريح من المركز الإعلامي للمؤسسة، فإن المؤسسة وقعت اتفاقيات مع جامعتي حضرموت وسيئون بتوفير أساتذة للتخصصات والأقسام الحيوية كالهندسة والطب وغيرها على نفقة المؤسسة، والذي لا يسمح الوضع المادي للجامعات دفع رواتبهم أو التكاليف المترتبة على ذلك، وتساهم مؤسسة حضرموت للتنمية البشرية في ابتعاث العديد من الأساتذة الجامعيين إلى الخارج وتحمل جميع تكاليفهم شريطة العودة إلى اليمن بعد إتمام الدراسة والمساهمة في تطوير التعليم الجامعي أو العام.

   وذكر الموقع الرسمي للمؤسسة في إحصائية أن عدد المبتعثين للخارج من معلمي الدراسات العليا والجامعيين خلال الربع الثالث من عام 2022م على نفقة مؤسسة حضرموت لتنمية البشرية قد بلغ (5695) مبتعثًا، موزعون على العديد من الدول حول العالم، في دول آسيا (284) مبتعثًا وفي مختلف الدول العربية بلغ عدد المبتعثين إلى (4937) وفي قارة أوروبا (187) وفي أمريكا الشمالية (287) مبتعثًا.

   وعلى صعيد متصل اهتمت (مؤسسة صلة) بتنمية قطاع التربية والتعليم لا سيما المعلم من خلال تنفيذ العديد من البرامج التي تهدف إلى تطوير المعلم ويعد برنامج “المعلم المحترف” أحد برامج مؤسسة صلة في حضرموت، حيث يحتوي على حزمة تدريبية لرفع قدرات الكادر التربوي، استهدف البرنامج ما يزيد على (161) معلمًا ومعلمة، وكرمت المؤسسة المعلمين البارزين والمتفوقين في أداء مهامهم التعليمية احتفاء بهم في يوم المعلم، وبلغ عدد المكرمين خلال السنوات الماضية (1,135) معلمًا ومعلمة.

    ووفرت “صلة” وفقا لتصريح المدير التنفيذي للمؤسسة علي باشامح حوافز مالية للمعلمين والمعلمات في محافظة حضرموت أثناء أزمة 2015 – 2016م طيلة العام، مشيرا الى أن العديد من المعلمين يتقاضون حوافزهم من المؤسسة لحد اليوم وبلغ عدد المستفيدين من الحوافز (1,125) معلمًا ومعلمة، وفي محاولة للتخلص من ظاهرة تسرب الفتيات من التعليم في المناطق الريفية، قال باشماخ أن المؤسسة أطلقت برنامج (الدبلومات التخصصية) بعدة نسخ في ست مديريات بحضرموت، بهدف تدريب وتأهيل (513) معلمة لتحقيق الاكتفاء في بعض التخصصات من المعلمات.

   وأكد باشماخ لـ “صوت الأمل” التزام مؤسسته بمواصلة دعم المعلم وتطوير إمكانياته بشكل دائم ومواصلة جهودها لبناء قدراته حتى يتعرف على الطرق التدريسية الحديثة وكيفية إعداد الخطط ومتابعتها، وكذا الرفع من مستواه المعيشي.

التحديات

     تفاقم الوضع التعليمي خلال السنوات الماضية نتيجة المواجهات المسلحة التي شهدتها البلاد؛ مما أثرت بشكل مباشر على قطاع التعليم من تدمير للمدارس وتسرب الألف الطالب وكذا المعلمين ونقص في الكتب المدرسية، وفي تقرير ذكره “مركز رع لدراسات الاستراتيجية” نقلا عن المنظمات الدولية أن التعليم في اليمن أخذ الاتجاه التنازلي منذ عام 2014م،  حيث بلغت نسبة الأمية في المناطق الريفية نحو (70%) وفي المناطق الحضرية بلغت (40%) ووصل عدد الطلاب المتسربين عن المقاعد الدراسية في مختلف المراحل التعليمية ما يقارب مليوني طالب بينما بلغ عدد الطلاب المتضررين من دواعي النزاع نحو (أربعة مليون) فيما يصبح إجمالي عدد الطلاب ما بين متضررين ومتسربين عن التعليم في اليمن ( ستة مليون) طالب.

    وذكر التقرير أن أبرز التحديات التي تواجه العملية التعليمية هي نقص المعلمين بعد توقيف التوظيف الرسمي للمعلمين منذ عام 2011م ومع استمرار قانون التقاعد ونقص أعداد الموظفين يوجد تحدٍ آخر يهدد استمرارية التعليم في اليمن، إذ إن انقطاع الرواتب للعديد من الأشهر وتوقيف العلاوات وتدهور العملة المحلية أدت إلى تسرب الكثير من المعلمين عن التعليم والبحث عن مصادر دخل أخرى.   

الحلول

     خرج المؤتمر الذي دعت إليه العديد من المنظمات (تأتي على رأس تلك المنظمات “اليونسكو”) المنعقد في العاصمة المصرية القاهرة بجملة من التوصيات أهمها: صرف منح للمعلمين للحفاظ على استمراريتهم في السلك التعليمي حسب الإجراءات الاستثنائية نظرًا للظروف الصعبة التي تمر بها اليمن، والمطالبة بتجميد قانون التقاعد للمعلمين لتغطية النقص في الكادر التعليمي والعمل على تشجيع خريجي الجامعات على التطوع في التدريس.     يعد المعلمون من أهم الركائز التي تساعد البلدان على النهوض من براثين التخلف والجهل التي تخلفها الصراعات والحروب؛ لذا يقتضي على الدول التي أنهكتها النزاعات ومنها اليمن الاهتمام بالمعلم ودعمه للمساهمة في حرف مسار الأجيال من مستقبل مظلم إلى مستقبل أكثر تطورا واستقرارا وتنمية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة

صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …