معايير اختيار المعلمين

صوت الأمل – حنان حسين

     تطور المجتمع باستمرار يتطلب الكثير من الجهد لإعداد طالب قادر على التفاعل مع هذه المتغيرات بشكل يواكب العصر، فكيف إذا كان الأمر يختص بتعليم الطالب وتنشئته التنشئة الصحيحة عن طريق معلم في المدرسة يهتم بأن يعطيه المعلومة المناسبة في الوقت المناسب يعينه على وضع عينيه إلى ما يواجه المجتمع من تحديات وما يهدف إليه من طموحات وهذه هي الغاية، لذا يتفق المجتمع أن المعلم هو العنصر الأساسي لتحقيق الأهداف التربوية والنقطة الأساسية في العملية التعليمية التي لا تستبدل ولا تعوضها أي أداة أخرى.

      هناك العديد من المعايير التي يشترط على أساسها اختيار المعلمين في العملية التعليمية، المعيار بشكل عام هو حكم أو قاعدة أو مستوى معين يسعى المعلم للوصول إليه على أنه غاية يجب تحقيقها بهدف قياس الواقع على ضوئه للتعرف على مدى اقتراب هذا الواقع من المستوى المطلوب.

       وتوجد خبرات لابد من توفرها في الشخص المتقدم لمهنة التدريس، ومن أهمها وجود مؤهل تعليمي وتربوي، قادر على منح المعلومة بدقة واحتراف، منح الطالب حقه في الوقت والجهد وكذلك الالتزام بالمنهج وعدد الحصص المطلوبة منه.

معايير الاختيار

       بحسب قانون رقم (37) لسنة 1998م (بشأن المعلم والمهن التعليمية)، فإن المادة رقم (3) تضمنت عدة بنود منها ما يتعلق بمعايير اختيار الكادر التعليمي في المدراس وقال نص المادة: ” إيجاد كادر تربوي مؤهل ومتدرب على قدر كبير من الكفاءة والخلق والاقتدار ويتمتع بثقة عالية في أداء رسالته النبيلة ويجسد قدوة عملية صالحة بين الطلبة، وتنمية شخصياتهم وقدراتهم وتزويدهم بالمعارف والمهارات والقيم الإسلامية والأخلاق الفاضلة _ حشد الكفاءات الوطنية القادرة والمؤهلة للعمل في المجال التعليمي.

       كذلك القانون اليمني ضمن حقوق المعلمين، أصدر بندًا من بنود القانون يتحدث عن (تحقيق مكانة اجتماعية لائقة للعاملين في مهنة التعليم، ماديًا ومعنويًا) بما يجسد الاحترام للتعليم والمعلم وتقدير الرسالة التربوية السامية – تحقيق الاستقرار النفسي والمهني والمعيشي للعاملين في التدريس في المراحل الدراسية المختلفة والوظائف الفنية والإدارية والتربوية والإشرافية”.

        وفي حديثنا عن معايير اختيار المعلمين في العملية التعليمية تحدث إلى “صوت الأمل ” الدكتور عبد الجبار الوائلي (نائب رئيس المكتب الفني بمركز البحوث والتطوير التربوي بصنعاء) قائلا: ” حقيقة لم تكن هناك أي معايير قديمة لاختيار المعلم باستثناء وجود شهادة أو مؤهل تعليمي يثبت دراسة المعلم لتخصصه المطلوب تدريسه، فيتم اختيار المعلم وفقا لمؤهله وتخصصه المناسب في المدارس التي تحتاج إلى هذا التخصص فمتخصص الكيمياء يتم وضعه في المدرسة التي تحتاج إلى مدرسي كيمياء، وهكذا يتم الاختيار”.

     وأضاف: ” في عام 2006 كان يتم العمل على مشروع مشترك مع مجلس التعاون الخليجي في وضع معايير لاختيار المعلمين بمعنى ألا تكون الشهادة والمؤهل فقط هي المعيار الوحيد لاختيار وتوظيف المعلم، وإنما يخضع لمقابلة شخصية يختبر من خلالها امتلاكه مهارات أو معارف تثبت قدراته على أن يكون معلمًا، ويتم منحه شهادة إلى جانب المؤهلات ومجالات دراسته”.

      ونوه الوائلي إلى أن معايير اختبار المعلم ليست المؤهلات فقط بل يفضل وجود خبرة وكاريزما خاصة بالمعلم، وكذلك قدرته على الإلمام بالمادة التي يدرسها، ومن ناحية التأهيل والتمكين للمعلم أجاب: ” كان هناك مشاريع تدريبية وتأهيلية للمعلمين الذين يتقدمون للعمل التعليمي سواء أكانوا مبتدئين أم ذوي خبرة أم معلمين بدون مؤهلات، ولكنه للأسف توقف بسبب الصراع السياسي”.

       ونوه أن المدارس الأهلية تفوقت على الحكومية من ناحية اختيار معلميها وفقا لمعايير مناسبة لاحتياجاتهم قائلا: “حاليا بدأت الكثير من المدارس الأهلية باختيار معلميها وفقا لمعايير، فتقوم هذه المدارس بعمل إعلانات تستهدف معلم بمؤهل معين ويتم اختياره وفقا لمقابلات شخصية يختبرون من خلالها مدى تمكنه ومعرفته بالمواد المطلوبة منه، ويقومون بوضع عدة معايير ويرون مدى ملائمته لها وعلى أساسها يتم الاختيار، ولكن للأسف لازالت المدارس الحكومية متأخرة في هذا الجانب، ولازالت تعمل وفقا للنظام السابق، وهو اختيار المعلم وفقا لمؤهله فقط بدون اختبار مهاراته وقدراته.

       وعن البرامج التدريبية أضاف: “هناك برامج نوعية للمعلمين أقيمت خصيصا لتأهيل المعلم منها طرائق التدريس، الدعم النفسي وكذلك إدارة الصف وغيرها من البرامج التدريبية والتأهيلية للمعلمين في الميدان.

     وفي السياق ذاته أضافت نجوى علي (مديرة مدرسة): ” المعايير حاليا في المدارس الأهلية على وجه الخصوص تمكن المعلم من أداء دوره داخل الفصل وقدرته على إيصال المعلومة بشكل سريع وسهل، كذلك من المعايير أن يكون ملمًا بمواضيع الدراسة وأن يتمكن من احتواء الطلاب في الصف بشكل كامل وعدم تمييزه بين الطلاب وكل هذه الأشياء تخضع لتقييم بشكل مستمر.

     وأضافت سلمى المجيدي (مشرفة صفوف دراسية): ” يجب أن يكون المعلم ذا كفاءة وخبرة ومؤهل علمي، وكذلك أن يكون قادرًا على تعلم كل جديد ويكون لديه حب استطلاع واكتساب خبرات متعددة في مهنة التعليم وأن يكون قادرًا على استخدام أساليب التعليم الحديثة المواكبة للعصر”.

      فيما أكدت سميحة المحفدي (مدرسة لغة عربية): “أنه يجب أن تتوفر في المعلم عدة صفات منها: الكفاءة العملية في المادة التي يدرسها المعلم وفي استخدام الأسئلة المتنوعة التي تتطلب أنواعًا مختلفة من الإجابة، وأن يكون متمكنًا من تنويع الموقف التعليمي بطريقة تضمن مشاركة التلاميذ في الدرس، وكذلك مقدرته على استخدام وسائل التعليم الحديث بطريقة فعالة وفي إصدار الحكم على المواد التعليمية على اختلاف أنواعها.

التحديات

     هناك الكثير من التحديات التي تواجه المعلم اليمني وتقف أمامه عثرة وعائق وتمنعه من الوصول لمرحلة مواكبة العصر، فمنهم من يقف ويعترف بعجزه، ومنهم من يستمر ويكافح ويبتكر حلولًا بشكل دائم لمواكبة المتغيرات.

      تتحدث حنان محمد (موجهة تربوية): ” أبرز التحديات التي نراها لدى المعلمين هي انقطاع الرواتب في الدرجة الأولى، ويأتي بعدها زحمة الصفوف خاصة في المدراس الحكومية فتجد المدرس يقف بعجز أمام 60 طالبًا أو أكثر”.

       وتضيف: “كذلك من التحديات انعدام الدعم والتأهيل والتدريب حتى عند المعلمين ذوي الخبرة فهم بحاجة إلى تنشيط معلوماتهم باستمرار”.

       كذلك انعدام التأهيل والتحفيز والتشجيع يعد عاملًا من عوامل التحدي لدى المعلمين، بالإضافة إلى أن عدم إقامة ورش العمل المتخصصة في تدريب المعلم تشكل أبرز التحديات التي تواجهه اليوم، تضيف نجاة صالح (مدرسة): “المعلم بحاجة مستمرة إلى دافع نفسي إيجابي كي يكون معلمًا ناجحًا”.

      وتضيف إلهام أحمد (مشرفة مدرسية): ” التحديات التي تواجه المعلم اليوم كثيرة ومتعددة منها وجود عدد كبير من الطلاب في الصف الواحد بشكل يعجز المعلم عن استيعابه، ومنها ما يتعلق بالجانب المادي الذي يعد لدى الجهات الحكومية معدومًا إلا من بعض الفتات بشكل متباعد فهذا يشكل عبئًا كبيرًا على عاتق المعلم لعدم قدرته على توفير احتياجاته واحتياجات أسرته وضمان حياة كريمة في المجتمع، وإذا تكلمنا عن المدارس الأهلية فرواتبها ضئيلة نسبة إلى الصرفيات”.

      وعن التحديات التي تواجه المعلم قال نائب رئيس المكتب الفني بمركز البحوث والتطوير التربوي بصنعاء: “هناك تحدٍ تربوي نفسي كبير وهو وجود زحمة في بعض الصفوف الدراسية، فعندما يدخل المدرس للصف ويجد ازدحامًا وعددًا كبيرًا يصاب بضغط نفسي، لأنه لا يستطيع القيام بما يجب، ويرى أًن هناك عائقًا كبيرًا يواجهه، كذلك هناك عائق تربوي وهو عدم إلحاقه بدورات وورش عمل تأهيلية وتنشيطية باستمرار، وهناك الكثير من التحديات التي ترتبط بجودة ارتباط المعلم بالمدرسة وبالمعلمين من حوله، وكذلك تواصله مع وزارة التربية والتعليم .

التطوير

     بدأ الاهتمام بإعداد المعلم اليمني وتطويره وتأهيله في اليمن عام 1970م من خلال افتتاح كلية التربية بجامعة صنعاء، وكانت تسمى آنذاك كلية التربية والآداب والعلوم، وفي عام 1973م أصبحت كلية مستقلة باسم كلية التربية، وفي العام ذاته 1970م تأسست كلية التربية بمحافظة عدن باسم كلية “التربية العليا” ثم توالى إنشاء كليات التربية في بعض المحافظات اليمنية من أجل مواجهة احتياجات وزارة التربية والتعليم من المعلمين.

       وكانت الأهداف من وراء هذه الكليات تأهيل المعلمين تأهيلًا أكاديميًا تخصصيًا ومهنيًا وتربويًا وثقافيًا وتزويد الطلاب بالمعارف والمهارات والخبرات التي تُعزز فيهم، بالإضافة إلى إكساب الطلاب المعارف النظرية والتطبيقية حسب تخصصاتهم وتعريفهم بطرق وأساليب التفكير العلمي والعملي وبمهارات التعليم المبدع.

ولكن من وجهة نظر ذوي الاختصاص كان التطوير يشمل أشياء أكثر وأدوات تربوية معاصرة نحو تطوير يشمل العملية التعليمية.

       تحدثت فتحية أحمد (مشرفة صفوف دراسية): ” التطوير يستلزم أشياء كثيرة ومتعددة منها تأهيل المعلم وإدخاله في دورات باستمرار وتحفيزه، منها كذلك الالتزام بعدد طلاب معين في الصفوف الدراسية حتى لا تحدث ضجة، وتطوير مبنى المدرسة والصيانة المستمرة لكل المرفقات وتطوير وسائل التعليم وإدخال التكنولوجيا في التعليم الحديث، إذا ما تحدثنا عن المنهج الدراسي ينبغي وضعه على مبدأ الولاء الوطني والمعلومات التي تفيد الطالب بعيدا عن أي تطرف طائفي أو سياسي وتوزيعه على الطلاب بشكل مجاني.

        وأضافت: ” البعد عن تهميش المعلم وتشجيعه حتى بتكريم من الوزارة والنزول باستمرار لتقييم العملية التعليمية وحل الإشكاليات في أوقاتها بدون مماطلة “.

       وفي سياق الحديث تحدثت كريمة عبدالله (مدرسة كيمياء): ” لا يزال المعلم يستخدم الأساليب التعليمية القديمة بشكل روتيني دون الاهتمام بالتعليم الحديث، إما لعدم توفر الأدوات والوسائل في المدرسة أو لعدم قدرته على استخدامها، أو لعدم رغبته، علما بأن وسائل التعليم الحديث من أبرز عناصر المنهج الذي يرتكز على الأنشطة بشكل أساسي، فهي تعطي تحفيزًا للطالب وتشجعه وتطرد الملل من التلاميذ وتبث فيهم الرغبة في التعلم.

       ونوهت كريمة بأنه: “يجب تدريب المعلم على طرق جديدة في التعليم والبعد عن الإلقاء بشكل جاف من أول حصة حتى آخر حصة دراسية وألا يهمل شرح بعض الدروس الصعبة واتخاذ حيلة تكليف الطلاب بدلا من ذلك.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

98% يعتقدون أن الظروف السيئة التي يعيشها المعلمون الآن ستؤثر بشكل سلبي على السلوكيات العامة للمجتمع

صوت الأمل – يُمنى أحمد التعليم هو الطريق الأمثل لقيام مجتمع سوي يتمتع أفراده بالحرية والمس…