‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الكهرباء في اليمن مصادر الطاقة في اليمن بين توقف وضعف القدرة الإنتاجية

مصادر الطاقة في اليمن بين توقف وضعف القدرة الإنتاجية

صوت الأمل – أحمد عُمر

لم تتوقف براءة الاختراعات والأبحاث في العالم أجمع عن التطوير في تحديث مصادر الطاقة التي تعد أحد المقومات الرئيسة لنهوض المجتمعات، والتي تحتاج إليها القطاعات التنموية المختلفة في شتى المجالات، كالمعدات الصناعية والزراعية والمشاريع الأخرى الكبيرة التي تحتاج إلى طاقة لتشغيلها.

تتعدد مصادر إنتاج وتوليد الطاقة بالقطاعات التنموية في العالم، فهناك أنواع كثيرة من المصادر للتوليد والإنتاج مثل: “المازوت والديزل والغاز والفحم والشمس والرياح والطاقة النووية والكهروحرارية”.  

ورغم تعدد تلك المصادر لتوليد الطاقة، فإنَّ هناك الكثير من الدول وعلى وجه الخصوص الدول “النامية” أو التي تعاني من ويلات الصراعات لا زالت تعاني من استخدامها للآلات والمعدات التي تعمل على الوقود الأحفوري بكافة أنواعه؛ لتشغيل الطاقة في قطاعاتها ومشاريعها التنموية.

اليمن ومصادر الطاقة

اليمن واحدة من تلك الدول التي لا زالت إلى -اليوم- تعاني كثيراً؛ جراء اعتمادها على مصدر أو ثلاثة لتوليد الطاقة في قطاعات الكهرباء بالدولة والمشاريع الخاصة.

خلال رحلة بحث “صوت الأمل” وجمعها للمعلومات من الأبحاث، والدراسات، واللقاءات بالمتخصصين، استنتجت أهم مصادر توليد الطاقة التي تعتمد عليها القطاعات التنموية الحكومية، والمشاريع الخاصة، والمواطنين في البلاد.

مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات نشر بحثًا بعنوان: “مراكز الطاقة في اليمن وجغرافيا الصراع دراسة في الأبعاد والتحديات” في الثامن من يونيو 2022م، الذي بيّن أنَّ التنافس والصراع في العالم قديمًا كان يتمركز حول الماء والغذاء فقط، ثم تطور فيما بعد إلى الثورة الصناعية؛ ليركز على الموارد الناضبة كالطاقة.

مردفًا “ويخوض العالم –اليوم- صراعًا كبيرًا على مصادر إنتاج الطاقة، وتحاول الدول الكبرى الهيمنة على تلك المصادر، وتوفير احتياطات استراتيجية ضخمة؛ لأنَّها العامل الأساسي -حاليًا- في الإنتاج الصناعي والزراعي”.

 “وبهذا تحول النفط بشكل عام إلى سلعة استراتيجية تتحكم -اليوم- في مصير العالم كله، خاصة أنَّ الوقود الأحفوري لا يزال يمثل ما يقارب 80% من الطاقة المستهلكة على الرغم من الحديث عن “نهاية عصر النفط” والتوجه الدولي إلى الطاقة البديلة”، بحسب البحث.

ونوه “مركز الفكر الاستراتيجي” في دراسته أيضًا إلى أنَّ تحقيق الاستغناء عن النفط تبقى مهمة صعبة حاليًا؛ نظراً للتحديات المتعددة والكثيرة التي تواجه هذا النوع بالتحديد من الطاقة، على رأسها التكلفة الإنشائية المرتفعة المتعلقة بالتقنيات، والطرق الخاصة بالنقل، وكيفية التخزين، والكفاءة العالية التي تسمح لها بمواجهة أنواع الظروف المناخية المتقلبة، بخلاف الوقود الأحفوري الذي يعد مصدرًا موثوقاً في جميع الظروف المناخية المتعددة رغم التكلفة التشغيلية الباهظة.

الغاز، المازوت، الديزل في اليمن

تعتمد قطاعات الدولة عند تشغيل الطاقة الكهربائية في كثير من محافظات الجمهورية اعتمادًا كليًا على “الوقود الأحفوري” خصوصًا “الغاز والديزل والمازوت” وفي 13 أبريل 2015م تسبّبت الصراعات في اليمن بانقطاع التيّار الكهربائيّ عن كثير من محافظات الجمهورية منها: محافظة عدن، وصنعاء، وخروج محطّة محافظة مأرب التي تعمل محطتها (بالغاز).

ويؤكد البنك الدولي في تقاريره المنشورة أخيرًا على أنَّ الصراع المستمر في اليمن، منذ أوائل 2015م، له تأثير مدمر على البنية التحتية، فصنعاء أكبر مدن الجمهورية اليمنية، ويبلغ عدد سكانها نحو مليوني نسمة تعيش بالكامل بدون شبكة كهرباء، حيث مُسِحت ست مدن من كل عشر مدن في منتصف عام 2017م من قبل البنك الدولي.

وفي إطار المرحلة الثانية من تقرير “تقييم الأضرار والاحتياجات في الجمهورية اليمنية”، أكد البنك الدولي أنَّه “لا يمكن الحصول على الكهرباء العامة في صنعاء”.

مشيرًا إلى أنَّ نقص الوقود وارتفاع الأسعار تسببا في انخفاض توليد الكهرباء باستخدام الوقود بنسبة 77% بين عامي 2014م و2015م، وتأثرت بشدة مرافق البنية التحتية الحيوية في البلاد، بما في ذلك مولدات الطاقة بقطاعات الكهرباء والمستشفيات، وآبار المياه، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، والأنظمة المصرفية وشبكات الهاتف، وفقد الناس موارد رزقهم، بما في ذلك المشاريع الزراعية والري التي تشكل نحو 80% من الاقتصاد اليمني.

وفيما يتعلق بقطاع الطاقة، فقد نشر البنك الدولي، في 15 ديسمبر2020م، تقييمًا للاحتياجات في اليمن بأنَّها في المرحلة الثالثة، إذ بيَّن أنَّ قطاع الطاقة في اليمن هو القطاع الأكثر تضررًا؛ حيث إنَّه لم يعد هناك سوى 14% فقط من المرافق تعمل بشكل جزئي على الأقل، على الرغم من المستوى المحدود للأضرار المادية التي لحقت بها.

وجاء في التقييم أنَّ هناك أكثر من 85% من منشآت الطاقة لا تعمل إطلاقًا، وهذا يُعود بشكل كبير إلى عدم توفر الوقود، أما المدينة الأكثر تضرراً من حيث الأداء الوظيفي فهي محافظة صعدة حيث إنه لم يعد هناك في المتوسط سوى 31% فقط من منشآتها تعمل في جميع القطاعات التي قيِّمت، تليها بشكل وثيق مدينة تعز بمستويات أداء متقاربة بلغت 39% فقط، بحسب تقييم البنك الدولي.

المهندس مصطفى العيدروس (مدير شراء الطاقة بإدارة كهرباء ساحل حضرموت) في تصريح صحفي لـ “صوت الأمل” أوضح أنَّ هناك عدة مشاكل لقطاع الطاقة في اليمن عمومًا، منها عدم وجود محطات توليد للطاقة بما يتناسب مع الطلب لها، مشيرًا إلى أنَّ هناك عجزاً كبيراً في الطاقة.

ويضيف العيدروس أنَّ معظم قطاع الاستثمار في اليمن لم يُمنح له القدر الكافي من الطاقة الحكومية، وهو أحد اسباب عزوف المستثمرين عن البلاد.

الفحم

الفحم هو أحد أنواع الوقود الأحفوري، والذي استُخدم عبر التاريخ مصدراً لإنتاج الطاقة الحرارية، فاستُخدم الفحم الأحفوري للتدفئة، ووقوداً للقطارات، واستُخدم مصدراً لتوليد الطاقة الكهربائية في بعض البلدان في العالم منها: بريطانيا، وأمريكا التي تخلت عنه؛ بسبب التلوث، وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون؛ لتجنب “الاحترار العالمي الكارثي”.

ويعد الفحم مصدرًا مهمًا لتوليد الطاقة، إلا أنَّ اعتماد “اليمن” على الفحم في توليد الطاقة غير وارد كثيرًا، إذ يقتصر استخدامه في الجمهورية على الأغراض المنزلية فقط، مثل: طهي الطعام بأنواعه، واستخدامات منزلية أخرى بشكل يومي، وتزايد استخدامه في ظل انعدام وتقطُّع بعض المشتاقات النفطية.

وتتعرض المحطات الكهربائية في العالم التي تعمل على الفحم في توليد الطاقة الكهربائية إلى انتقادات كثيرة؛ بسبب ضررها المتزايد وما تنتجه من تفاقم لمشكلة الاحتباس الحراري.

الرياح

أعلن البنك الدولي، في الـسابع من مارس 2014م، عن منحة بقيمة 20 مليون دولار أمريكي منه؛ لتمويل مشروع توليد طاقة الرياح في اليمن، ويهدف إلى تمويل مشروع لتوليد الطاقة من الرياح في مدينة المخا بمحافظة الحديدة شمال البلاد المطلة على ساحل البحر الأحمر.

ويشمل المشروع بناء وتطوير حقل لتوليد 60 ميغاوات من طاقة الرياح، وهو الأول من نوعه في الجمهورية اليمنية، مما سيرفع من إنتاج الكهرباء بشكل فعّال من ناحية التكلفة؛ وذلك عبر استغلال مصدر طاقة متجددة.

وكما سيسهم “مشروع المخا” لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح باليمن في تلبية الحاجة المتزايدة لتوفير الطاقة الكهربائية، وذلك من خلال مصدر طاقة متجددة، وصديقة للبيئة أي(غير ضارة)؛ مما سيؤدي إلى تخفيض اعتماد اليمن على الوقود الأحفوري مقارنة بتوليد الطاقة من خلال النفط الذي يهيمن –اليوم- على نظام الطاقة في البلد.   

وبحسب بيان البنك الدولي، فإنَّ توفير الكهرباء من خلال طاقة الرياح، وبكلفة منخفضة سيساهم في تحسين مالية هذا القطاع والحد من الحاجة إلى دعم الطاقة، حيث يعد هذا المشروع هو الأول من نوعه في اليمن.

الطاقة الشمسية

تعد ألواح الطاقة الشمسية الأكثر شيوعًا –حاليًا- من بين أدوات ومصادر إنتاج وتوليد الطاقة التي تسهم في التنمية الصناعية، والزراعية في العالم، وتُستخدم الألواح الشمسية؛ لتوليد طاقة تشغيلية يُستفاد منها في شتى القطاعات، بحيث إنَّ الألواح تعتمد على ضوء الشمس في توليد طاقتها التشغيلية ويطلق عليها اسم الطاقة “النظيفة”.

واليمن من تلك الدول التي أصبحت تعتمد على استخدام الطاقة الشمسية في المشاريع الصغيرة والخاصة (غير الحكومية)، حيث اتجهت كثير من رؤوس الأموال والأسر اليمنية بعد الانتكاسات السياسية والصراعات في البلاد؛ بسبب اضطراب البنية التحتية (اتلاف وتدمير المولدات الكهربائية الحكومية)؛ جراء الصراع إلى شراء ألواح شمسية مع مستلزماتها لتوليد طاقة تستفيد منها.

حيث إنَّها تُستخدم في تشغيل الإنارة والمرواح بالبيوت والمحلات التجارية والمصانع الصغيرة، وفي آبار المياه وعمليات تسخين المياه، والتدفئة في البيوت وطهي الطعام أحيانًا، وكذلك ساهمت فعالية الطاقة الشمسية بشكل كبير في زيادة امتلاك عدد كبير لها من رؤوس الأموال (المواطنين) في توليد الطاقة واعتمادهم عليها في بيتوهم، وفي مشاريعهم.

بينما  يظل انقطاع الطاقة الحكومية  (الكهرباء) مشكلة كبيرة يعاني منها اليمنيون في البلاد، ولعل أهم أسباب التكلفة الباهظة لمخصصات الوقود تعود إلى اتلاف كثير من محطات توليد الطاقة، ضعف وعجز بعض محطات التوليد باليمن، وعدم تنفيذ بعض المشاريع الحكومية المتخصصة في الطاقة الشمسية بدلًا عن الوقود الأحفوري.

وجاء في بيان صحفي صدر عن منظمة الأمم المتحدة، في 11 يوليو 2018م، أنَّه بدأت الطاقة الناتجة عن (940) لوحًا شمسيًا مركبًا في ثلاث مناطق بأمانة العاصمة بصنعاء في ضخ المياه إلى السكان، وتوفيره لعشرات الآلاف من اليمنيين.

ويهدف مشروع المياه بالطاقة الشمسية -بحسب البيان ذاته- إلى تزويد المجتمعات المحلية المتأثرة بالنزاعات بطرق بديلة؛ للوصول إلى المياه النظيفة، إذ يفتقر 90% من السكان إلى المياه الكافية، ويضطر الكثير من الناس إلى استخدام مصادر المياه غير الآمنة؛ مما أسهم بوضوح في انتشار كثير من الأمراض أخيرًا في اليمن.

ومع ذلك تبقى الألواح الشمسية هي الأكثر استخدامًا في كثير من دول العالم، ومع هذا الاستخدام الكبير فأنَّها تعد طاقة مستمرة ومتجددة، ولا تسبب التلوث إطلاقًا خلافاً للوقود الأحفوري، وإن سُخرت هذه الطاقة واستُخدمت  بشكل صحيح  فإنَّ هذا المصدر سيكون عالي الانتشار ولديه القدرة على تلبية جميع الاحتياجات.

وأثناء لقاء “صوت الأمل” مع المهندس مصطفى العيدروس (مدير شراء الطاقة بإدارة كهرباء ساحل حضرموت جنوب اليمن) وسؤاله عن مصادر الطاقة المستخدمة في اليمن أجاب: “أغلب مصادر توليد الطاقة في اليمن هي عبارة عن محطات تعمل بالوقود الثقيل (المازوت)، والوقود الخفيف (الديزل).

مشيرًا إلى أنَّ هناك محطات توليد للطاقة “الغاز” مثل: محطة مأرب الغازية، ومحطة الغازية التي تغذي مديريات وادي حضرموت، ومحطة الرئيس التي أنشأتها شركة بترومسيلة في عدن.

ونشر موقع “حلم أخضر”، وهو موقع يهتم بالقضايا البيئية في 25 من أكتوبر  2019م، “طبقاً لبيانات البنك الدولي فإنَّ نسبة استهلاك طاقة الوقود الأحفوري في اليمن وصلت إلى 98.5%من عام 1971 إلى 2013م”.

استنتاجات

كما يعود مدير شراء الطاقة بإدارة كهرباء ساحل حضرموت جنوب البلاد المهندس مصطفى العيدروس؛ ليؤكد أنَّ أغلب المصادر الطاقية استخدامًا في الجمهورية اليمنية هو الوقود الأحفوري، خاصة الديزل والمازوت.

ويوصي المهندس مصطفى بأنَّه من الضروري أن يكون هناك توجّه من الحكومة نفسها؛  لاستخدام مصادر أخرى لإنتاج الطاقة في عموم البلاد، مثل: الطاقة الشمسية أوعن طريق الرياح، وكذا عن طريق التيارات المائية، أو عمل سدود وغيرها.

وفي ذات السياق نفى مصدر مسؤول لـ “صوت الأمل” -فضل عدم ذكر اسمه- أن تكون هناك مشاريع نفذتها الدولة تعمل بالطاقة الشمسية أو الرياح، وإنما توجد مشاريع خاصة.

ومن خلال تقصي “صوت الأمل” وجمعها للمعلومات اتضح أنَّ أغلب محطات الجمهورية اليمنية، والمشاريع التنموية فيها، والزراعية، والصناعية، تعتمد اعتمادًا أساسيًا وكليًا على مصادر تشغيل الطاقة فيها بالوقود الأحفوري من غاز وبترول ومازوت، ويأتي الديزل في الدرجة الأولى ويعد الأكثر استخدامًا، وبالدرجة الثانية يكون المازوت.

وفي الوقت نفسه رغم ارتفاع أسعارهما، فإنَّ مزايا وأهمية الطاقة النظيفة “الشمسية” تكمن في كونها أرخص مصدر لتوليد الكهرباء في العالم، حيث ستوفر لملاك المشاريع التنموية والصناعية والزراعية الكثير من المال المدفوع على فواتير الكهرباء، مقارنة بالفواتير المدفوعة أثناء استخدام الآلات الزراعية، والمعدات الصناعية، والتقنيات التقليدية التي تتطلب مصادر غير متجددة ومكلفة مثل الوقود الأحفوري.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…