‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة صناعة الأفلام في اليمن ما بين التحديات وصعوبة الحلول؛ صناع الأفلام اليمنيون لم يفقدوا الأمل بعد

ما بين التحديات وصعوبة الحلول؛ صناع الأفلام اليمنيون لم يفقدوا الأمل بعد

صوت الأمل – أحمد باجعيم

على الرغم من وجود بعض المبادرات المحلية وأخرى دولية تدعم إنتاج الأفلام اليمنية، فإنّها تعد من أكثر الصناعات التي تواجه صعوبات وتحديات معقدة، أبرزها صعوبة الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ الأفلام، والبنية التحتية الهشة والمحدودة، وأيضًا الضعف الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد في الوقت الحاضر، يصعب على المنتجين العثور على الموارد اللازمة لإنتاج أفلام ذات جودة عالية، إلى ذلك تواجه صانعي الأفلام والمحتويات مضايقاتٌ ورغبات اجتماعية في تناول بعض القضايا التي يصفها الشارع خارجة عن العادات والتقاليد المحلية.

وفي ظل الأوضاع الأمنية غير المستقرة باليمن، تقف مشكلة أخرى عائقًا أمام المخرجين والفنانين تكمن في اختيار الأماكن المناسبة لتصوير المواقع وتأمينها، فضلًا عن تسبب النزاع المسلح بتدمير العديد من المناطق والمواقع التي تتفرد بطبيعتها الخلابة والجذابة التي تضفي للأفلام جمالية أخرى، أو صعوبة الوصول إليها لذات السبب الأمني. ومن خلال هذا التقرير سنسرد الصعوبات والتحديات التي تواجه صانعي الأفلام في البلاد.

التأهيل

تحدث الرئيس التنفيذي لشركة (ماز لينك) لخدمات الإنتاج الإعلامي؛ زاهر ابن الشيخ أبو بكر، أنّ قلة التأهيل المهني لصانعي الأفلام والمحتويات في اليمن ولدت ضعفًا كبيرًا بالصناعة مقارنة ببعض الدول العربية، وكذلك انعدام الأكاديميات التأهيلية في معظم المحافظات اليمنية أو جلها، وفجوة عدم المعرفة والخبرة تعدّ من الصعوبات التي تواجهها صناعة الأفلام بعدم تطورها وانحصارها في مواضيع معينة وشبه متكررة، لذا فإنّ وجود دورات تأهيلية لصانعي الأفلام وكاتبي المحتويات سيعطي نقلة نوعية في عالم الإنتاج الإعلامي اليمني بشكل كبير.

وأردف قائلًا: “إنّ ضعف مخرجات التعليم الجامعي وقلة المتخصصين بهذا الجانب أثّر بشكل واضح على صناعة المحتويات للأفلام؛ إذ إنّ التعليم الأكاديمي يسهم بالشيء الكبير في تذليل الصعوبات التي تواجه صناع الأفلام بخصوص التأهيل والتدريب، متى ما وجدت التخصصات الجامعية ستكون مخرجاتها إيجابية وواضحة على المنخرطين في مجال صناعة الأفلام وأداء مهامهم بكل احترافية وبطرق مبتكرة ومتجددة، وستعطي اليمن نقلة نوعية بهذا المجال”.

ومن جانبها قالت الكاتبة والروائية نور الهدى باشراحيل: “إنّ التدريب والتأهيل المهني لا سيما لصناع الأفلام لم يوجد بعدُ في البلاد، مرجحة أنّ أغلب شركات الإنتاج الناجحة اليوم في الوطن نجد أن شبابها دارسون أو متأهلون في الخارج، مشددة على أنّ تردي الأفلام اليمنية بشكل عام وتردي جودتها من إخراج وصوت وصورة وحتى تمثيل، يعود سببه كله لنقطة واحدة هي عدم الاحتواء، حتى أن أغلب صناع الأفلام اتجهوا لاحتراف مهن أخرى تعود لهم بالفائدة المعنوية والمادية، ولهذا أصبحت الإنتاجية لدينا بهذه السطحية”.

وأضاف مدير عام شركة (وان دي برودكشن) للإنتاج الإعلامي المخرج علي باحميد: “أنّ عدم وجود مراكز تأهيل أضعف من مستوى الاحترافية في إنتاج الأفلام، وصعوبة تطوير مهاراتهم في استخدام تقنيات حديثة أكثر تطورًا لصناعة الأفلام، وقلة الفرص لتبادل الخبرات مع صانعي الأفلام السينمائية سواء على المستوى المحلي أو الدولي، كل ذلك أدى إلى ضعف الإنتاج في الجانب الفني والتقني، وكذا أدّى إلى قلة الخبرة”.

وأكد المخرج باحميد أنّ التدريب والتأهيل أثّر سلبًا على صناعة الأفلام اليمنية بصورة بالغة، ولم يستغل المخرجون والمنتجون التقنيات الحديثة والاستفادة منها في رفع جودة الإنتاج؛ وذلك نتيجة ضعف التدريب. وبقيت معظم الأفلام في البلاد في دائرة مغلقة لم ترتقِ للتقييمات الدولية، ولم تُعرض في المهرجانات العربية أو العالمية. ومع ذلك، فهناك بعض الأفلام خرجت من هذه الدائرة ووصلت للعالمية، ونافست على مستوى التقييمات، مثل فيلم (المُرْهَقُون) الذي حصد جوائز عالمية، وتم عرضه في مهرجان برلين السينمائي، وهذا دليل على أنه خرج من الإطار المحلي التقليدي.

قلة الدعم والإمكانيات

ذكرت نور الهدى باشراحيل أنّ من أهم الصعوبات التي تواجه صناعة الأفلام في اليمن هي ضعف الدعم المادي لشركات الإنتاج، ومن المعلوم أنّ صناعة الأفلام ليست بالشيء السهل، ولا تكاليفها باليسيرة، في ظل تردي الوضع الاقتصادي الصعب وقلة الإقبال على طلب الأفلام وشرائها، كما أنّ الاهتمام المحلي ضئيل، والجمهور غالبًا لا يميل للأفلام والمحتويات المحلية، وربما هذا يعود لضعف الإنتاج فيها وضعف الإمكانيات المتاحة؛ نتيجة ضعف إقبال الشركات الراعية والممولة لإنتاج الأفلام.

وأشارت باشراحيل إلى أنّ أبرز التحديات هي صعوبة تنفيذ العمل، وتتمثل في عدة نقاط أساسية، التي تعدُّ أساسًا للعمل الناجح، ومنها عدم وجود أماكن متاحة للتصوير باحترافية؛ كالإضاءة المناسبة والهدوء السكاني والإمكانات اللازمة، كما لا يوجد لدينا مساحات تختص بهذا الشأن، وضعف جودة المعدات المتاحة، أيضًا قلة وجود الممثلين المؤهّلين بما يكفي لأداء الأدوار باحترافية، وتقمص الأدوار بالشكل المطلوب، وهذا تحدٍّ آخر يواجهُ إدارات الإنتاج والمخرجين في إنتاج العمل.

من جانبه أوضح باحميد (مخرج لدى تلفزيون حضرموت) أنّ محدودية الدعم والمضايقات المالية تعد من التحديات التي تواجه شركات الإنتاج والمخرجين في صناعة الأفلام وعدم تطورها بالشكل الملائم للوضع الحالي، وعلاوة على ذلك يواجهون صعوبة بالغة في استخراج التصاريح لمواقع التصوير وإجراءات أكثر تعقيدًا، خصوصًا في السنوات ما بعد نشوب الصراع، مبينًا: “نحتاج لمشهد صغير في بعض الأماكن، كالموانئ أو بعض المواقع الحساسة، لمعاملات تصاريح تأخذ وقتًا طويلًا للسماح لنا بالتصوير، وهذه من الصعوبات الكبير التي تقف أمام صناعة الأفلام محليًّا، على العكس تمامًا في الخارج”.

وتابع باحميد، كما أن تأمين مواقع التصوير يعدُّ مشكلة جديدة بفعل النزاع المسلح؛ إذ يصعب في كثير من المناسبات تأمين طاقم العمل من العصابات وقطاعي الطرق؛ وذلك نتيجة الفراغ الأمني التي تشهده اليمن منذ مطلع عام 2015م، وهذا يصعب على المنتجين والمخرجين اقتناء معدات وأدوات تصوير باهظة الثمن لبعض المواقع غير الآمنة؛ وذلك خوفًا من التعرض للنشل والسرقة، كل تلك التحديات والصعوبات أثرت بطبيعة الحال على جودة صناعة الأفلام وضعف محتواها.        

حلول ومقترحات

ترى الكاتبة والروائية نور الهدى باشراحيل أن من أهم الحلول لتخطي الصعوبات تقديم الدعم الكافي للشباب الطامحين، وليس ذلك الدعم الذي إن نظرنا لحقيقته وجدناه خيط دعم، وليس بالدعم الذي يشمل تقديم الدورات التأهيلية لرفع الكفاءات الشبابية، وكذلك إتاحة الفرصة لعرض الأعمال المحلية في محافل داخلية وخارجية؛ لإبراز الطاقات من خلالها، وتحفيز الآخرين على بذل المزيد من الجهود، وتطوير إنتاجاتهم، وأيضًا إنشاء مراكز تهتم بصُناع الأفلام بشكل تام، وتكون لهم الحاضنة والمرجع الدائم.

ومن طرفه وضع المخرج علي باحميد عددًا من الحلول لما من شأنه تذليل الصعوبات أمام صناعة الأفلام في اليمن، ومنها إنهاء الصراع بصورة دائمة، وهذا سينعكس إيجابًا، ليس على صناعة الأفلام فحسب، وإنما على كل مفاصل الحياة، وكما يتطلب جهدًا مشتركًا من الجانب الرسمي والخاص؛ من تدريب وتأهيل وحماية وتسهيل الإجراءات، إضافة إلى تقديم منح تعليمية وجوائز للأعمال السينمائية، واحتضان المواهب والطاقات الشبابية، ومساعدتهم على الابتكار والتطوير، وتشجيعهم على التعليم الجامعي والدراسات العليا في الإنتاج السينمائي.

وختم باحميد تصريحه بقوله: “يتطلب من الجهات الحكومية بناء شراكات تعاون عمل مع الدول المتطورة في صناعة الأفلام؛ لكي يسهم في تبادل الخبرات مع الكوادر المحلية والمشاركات في المهرجانات العالمية بالأفلام المحلية، وتعرف الخارج بالأعمال اليمنية، وكذا إنشاء مراكز وأستديوهات ومسارح سينمائية بأحدث التقنيات لعرض الأفلام وتقييمها، والترويج والتسويق لهذا الجانب على المستوى اليمني والدولي.

على الرغم من الصعوبات والتحديات التي تم ذكرها في هذا التقرير، التي تقف عائقًا أمام تطور صناعة الأفلام في اليمن وتقدمها، وأغلبها ناتج عن الصراع الدائر في البلاد منذ ثمانية أعوام، على الرغم من ذلك كله فإنّ هناك طاقات ومواهب مبدعة تحاول أن تتجاوز تلك التحديات، وتسهم في بروز الصناعة ونقلها إلى المحافل الدولية، وإثراء السينما المحلية، وهي تعكس براعة صناع الأفلام اليمنيين وحذقهم.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…