‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة صناعة الأفلام في اليمن تقدِّم الأفلام الوثائقية قالبًا حيًّا للحفاظ على الثقافة الوطنية

تقدِّم الأفلام الوثائقية قالبًا حيًّا للحفاظ على الثقافة الوطنية

صوت الأمل – هبة محمد

تلعب الأفلام الوثائقية اليمنية دورًا حاسمًا في الحفاظ على الثقافة، وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية، وتوثيق التراث الشعبي. إنها تصور الممارسات والطقوس والأشكال الفنية التقليدية التي قد تكون معرضة لخطر التلاشي. ومن خلال توثيق هذه الجوانب، تسهم هذه الأفلام في الحفاظ على التراث الثقافي.

الأفلام الوثائقية وإبراز ثقافة اليمن

تزخر اليمن بالعديد من الثقافات المختلفة التي تحتاج إلى توثيق وإبراز في شتى المجالات وبعدة وسائل، ومنها صناعة الأفلام الوثائقية. يقول صانع الأفلام الوثائقية الوليد توفيق: “تعرض الأفلام الوثائقية التقاليدَ والثقافاتِ القديمةَ والعادات التي تميز البلاد. وبفضلها يتم الحفاظ على هذا التراث وتوثيقه للأجيال القادمة”.

ويتابع: “وأيضا تسهم الأفلام الوثائقية في زيادة الوعي والفهم لثقافة البلاد؛ فهي توفر معلومات مفصلة عن العادات والتقاليد والتاريخ والأحداث المهمة، وتساعد في نشر وتعزيز الهوية الوطنية عن طريق إبراز العناصر الثقافية الرئيسية لأي بلد، وتميزها عن غيرها من الثقافات”.

 ويشير أيضًا إلى أن الأفلام الوثائقية تعد سبيلًا فعالًا لتعريف العالم بثقافة البلد وتراثه، ويمكن للمشاهدين من خلالها الاطلاع على آفاق جديدة وثقافات مختلفة. وكذا تتناول الأفلام الوثائقية قضايا اجتماعية مهمة وتلقي الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع، ويمكنها أن تسهم في تحسين الوعي الاجتماعي وتشجيع التغيير الإيجابي في المجتمع.

ويقول عمر راشد (ممثل وصانع محتوى): “تتناول الأفلام الوثائقية في كثير من الأحيان القضايا والتحديات الاجتماعية التي تواجهها البلدان، وموضوعات مثل الفقر والتعليم والرعاية الصحية وعدم المساواة بين الجنسين وزواج الأطفال وحقوق الإنسان؛ فمن خلال رفع مستوى الوعي وتعزيز المناقشات حول هذه القضايا، تسهم هذه الأفلام في التغيير الاجتماعي وجهود المناصرة”.

ويقول مخرج فيلم (المحارب) محمد وهبان: “للأفلام الوثائقية دورٌ كبيرٌ في توثيق ثقافة البلد وتعريف الآخرين بما يملكه من ذخيرة ثقافية. ولا يقتصر دورها على نقل الثقافة فقط؛ بل يتعدى ذلك إلى معالجة بعض القضايا التي تهم المجتمع، كما فعلنا نحن في فيلم (المحارب) الذي عرض اضطراب التأتأة وأسبابها والمعاناة التي يتعرض لها المتأتون، من تنمر وسخرية، وكيفية علاج التأتأة ويقدم اقتراحات من قبل متخصصين في مجال العلاج النفسي والنطق والتخاطب، وتوعية الوالدين والأسرة والمجتمع بكيفية التعامل مع المُتأتين. واستخدمنا القالب الوثائقي؛ لأنه الأنسب والأقرب ويعرض حقائق لا خيال فيها، كما في الأفلام القصيرة والتسجيلية (الدرامية). ويعد فيلم (المحارب) أول فيلم وثائقي يتكلم عن اضطراب التأتأة على الساحة العربية”.

أفلام يمنية أبرزت معالم المجتمع اليمني

برزت في اليمن أفلام وثائقية تناولت القضايا الاجتماعية، وأظهرت أبرز العادات والتقاليد اليمنية. يقول صانع الأفلام هارون محمد أحمد: “هناك فيلمان وثائقيان تناولا عددًا من الثقافات اليمنية. الفيلم الأول كان من نصيب المخرجة اليمنية سارة إسحاق بعنوان (ليس للكرامة جدران) الذي يتحدث عن أحداث الصراعات في اليمن، وقد رُشِّح لجائزة الأوسكار للأفلام الوثائقية”.

ويواصل: “الفيلم الثاني كان من نصيب المخرج اليمني يوسف غازي بعنوان (كعكة وسكر) الذي يتحدث عن ثقافات شبام والطراز المعماري الفريد، وأنها أول ناطحات سحاب في العالم، وما زال الفيلم يحصد العديد من الجوائز، منها جائزة الجزيرة الوثائقية، وهذا إنجاز كبير في وصول ثقافتنا إلى العديد من الدول”.

ويشير إلى أن الأفلام الوثائقية اليمنية حازت على الاعتراف والتقدير على الساحة الدولية، وقد تم عرضها في مهرجانات سينمائية مرموقة وحصلت على جوائز، مما لفت الانتباه إلى الثقافة اليمنية والنضالات التي يعيشها اليمنيون، وهذا يساعد في بناء الجسور بين اليمن والمجتمع العالمي، ويعزز التفاهم بين الثقافات.

وعن جمهور هذه الأفلام يقول عمر راشد: “غالبًا ما يتم عرض الأفلام الوثائقية اليمنية المحلية في المراكز المجتمعية والفعاليات الثقافية والمهرجانات السينمائية، مما يسمح للمواطنين اليمنيين بالتفاعل مع ثقافتهم وقضاياهم الاجتماعية على المستوى الدولي؛ فتجتذب هذه الأفلام الجماهير المهتمة بالعادات والتقاليد المتنوعة والعدالة الاجتماعية في أي بلد، بل إنها توفر منظوراً بديلاً لليمن يتجاوز تصوَّر وسائل الإعلام السائدة”.

ويرى راشد أن صناعة الأفلام الوثائقية في اليمن تعمل على تمكين صانعي الأفلام ورواة القصص الطموحين؛ فهي تسمح لهم بالتعبير عن إبداعاتهم وآرائهم والمساهمة في المشهد الثقافي، وأن إمكانية الوصول إلى معدات صناعة الأفلام والمنصات عبر الإنترنت مكَّنت المزيد من صانعي الأفلام اليمنيين من مشاركة قصصهم ووجهات نظرهم مع العالم.

الأفلام الوثائقية.. حقائق واقعية

يقول مخرج الدراما اليمنية عبد الرحمن دلَّاق: “تقوم الأفلام الوثائقية بعرض الوقائع والحقائق والأحداث بطريقة واقعية، ومن دون تدخلات أو تأثيرات درامية، ومن ثمَّ فإنها تهدف إلى تقديم المعلومات والحقائق الصحيحة والدقيقة، والجوانب الحياتية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي يتناولها الفيلم؛ لإعطاء فكرة أكثر وضوحًا ودقَّة”.

ويتابع: “تعتمد الأفلام الوثائقية على المناظر الطبيعية والأحداث المهمة والشخصيات الواقعية التي حدثت في الماضي، وقد تشمل الأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية، ويتم استخدام مصادر التاريخ المتاحة، مثل الأرشيف والصور الفوتوغرافية والرسوم التوضيحية والمذكرات والسجلات التاريخية المكتوبة؛ لإظهار صورة أدق وأوضح للجمهور حول الحدث أو الشخصية التي يتم عرضها في الفيلم”.

ويشير دلَّاق إلى أن الأفلام الوثائقية تؤدي دورًا مهمًا في توثيق التراث الثقافي غير المادي للبلدان؛ إذ تساعد في تسجيل الممارسات والتقاليد والمعارف الثقافية التي تتناقل عبر الأجيال دون الحاجة إلى أدوات مادية، وتساعد في الحفاظ عليه من خلال تسجيله ونشره وتوثيقه ليظل تاريخاً مستمراً.

التحديات والعوائق

يقول محمد وهبان: “يعد الجانب المادي أهم ما يواجهنا عند صناعة الأفلام؛ إذ لا وجود لجهاتٍ تدعم الأفلام الوثائقية، ربما لعدم وعيها بأهمية هذا النوع من الأفلام. ويلي ذلك العديد الصعوبات مثل: استخراج التصاريح، وعدم التعاون من الجهات ذات العلاقة. لدينا العديد من الأفكار لأفلام وثائقية تبرز ثقافة المجتمع اليمني وعادات، لكن ما زالت حبيسة الأوراق ولم نستطع تنفيذها على أرض الواقع بسبب انعدام الإمكانيات”. 

ويرى المخرج الدرامي عبد الرحمن دلَّاق أن الصعوبات التي تواجه إنتاج الفيلم الوثائقي في اليمن هو عدم وجود التخصص العلمي في كتابة الفيلم الوثائقي وصياغته بشكل مدروس، ومعرفة أنواع الأفلام الوثائقية، من تسجيلية إلى رصْدِية إلى شخصية… إلخ، وهذا لا يعطي صورة واضحة لدى المتلقي.

وأضاف: “تعاني بعض الأفلام الوثائقية اليمنية من التحيز السياسي أو التوجه الشخصي للمخرج، ويمكن أن تستخدم في الدعاية لفكرة أو رأي معين، وقد تتضمن الأفلام الوثائقية أخطاء أو تضخيمًا للحقائق، وقد يكون من الصعب على المشاهدين تحديد الحقائق الصحيحة”.

فيما يشير صانع الأفلام رمزي القادري إلى أن الصناعة السينمائية في اليمن تزخر بالمواهب الرائعة والإبداعات الفنية الفريدة، وهم يواجهون صعوبات جِسام تعوِّق تقدمهم وتطور صناعة السينما في البلاد.

وذكر القادري أن أحد التحديات الرئيسة التي يواجهها صناع الأفلام في اليمن نقصُ الموارد المالية والتمويل، فالعديد من الأفلام اليمنية المميزة تفتقر إلى الدعم المالي اللازم لإنتاجها وتوزيعها بشكل كافٍ؛ وهذا يؤثر سلبًا على إمكانية إيصال رسائلهم الفنية القوية وإظهار مواهبهم الفريدة إلى العالم.

وأضاف: “أيضًا تواجه صناعة الأفلام في اليمن تحديات تقنية وبنية تحتية؛ فنقص الأجهزة والمعدات اللازمة للتصوير والإنتاج يؤثر على جودة الأفلام، وعلى إمكانية تطوير التقنيات السينمائية في البلاد. كما أن قلة المرافق السينمائية والمسارح تحد من فرص عرض الأفلام والتواصل مع الجمهور”.

وختم حديثة قائلا: “يجب على المجتمع والجهات المعنية أن يدركوا أهمية صناعة الأفلام في اليمن، وأن يقدموا الدعم اللازم للمبدعين والمواهب السينمائية؛ فتذوق جمال الفن السينمائي وتوثيق الثقافة اليمنية مسؤولية مشتركة يجب أن نتحملها جميعًا”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…