‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة صناعة الأفلام في اليمن الإنتاج اليمني يعكس واقع الناس ويحاكي معاناتهم

الإنتاج اليمني يعكس واقع الناس ويحاكي معاناتهم

صوت الأمل – حنين الوحش

تتشكل الأفلام عادة من المواقف والأحداث المجتمعية اليومية مع فرقِ طرح العبرة والحلول فيها. ورغم شحة إنتاج الأفلام في اليمن فإنها تحظى باحتفاء كبير وتبقى مؤثرة في المشاهدين لفترة زمنية معينة، سلبًا أو إيجابًا.

التأثيرات السلوكية

تؤكد أسماء الحداد (أخصائية علم الاجتماع – عدن) على أن الأفلام تؤثر بشكل أو بآخر، سواء كان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا، على المشاهدين، خاصة لفئة المراهقين والشباب الذين ينقادون بلا وعي؛ لأن الجزء الأكبر من التأثيرات السلوكية يقع خارج نطاق الوعي، كالجهل أو استخدام كلمات أو ردود فعل مقتبسة من الفيلم نفسه، وقد تكون ردات الفعل هذه عدوانية، أو كلمات التنمر على الآخرين.

مضيفة أنه عندما يتأثر المشاهد بما يراه فإن سلوكه يتهيأ بطريقة غير مباشرة، وقد ينعكس على المحيط الخاص به بشكل لا إرادي. وتعطي مثلاً بقضايا العار والتعنيف على ضوء ما شاهدوه فإنهم يرون ردود الفعل المتخذة طبيعيةً، وقد يتصرفون في الحقيقة بنفس العدوانية حتى وإن كانوا غير واعِين بمصدر التأثير الذي يتصرفون بموجبه. وقياسًا على ذلك المواقف المضحكة، وحتى التوعوية.

وفي سياق متصل، يشير أخصائي علم الاجتماع داؤود الجبري إلى “أن الأفلام تؤثر بشكل إيجابي إذا كان هناك حلول للقضايا المجتمعية فيها، والغرض منها توعوي. أما إذا كانت لمجرد النشر والمشاهدات دون التدقيق في المحتوى ودون أفكار هادفة فسيكون تأثيرها سلبيًا على تصرفات الأفراد. وقد سبق أن رأينا هذا من قبل، خصوصًا أن بعض فئات المجتمع تتأثر بالمشاهير بشكل كبير، وبحركاتهم وأفعالهم وطريقة كلامهم، وحتى بمظهرهم الخارجي”.

ويستطرد الجبري: “من جوانب التأثير الإيجابي أيضًا، وإحدى الطرق التي تؤثر بها الأفلام على حياتنا ومن الممكن أن تصنع المعرفة في عقول المستهدفين عامة، وتشكل فرقًا معرفيًا كبير ونافذًا على مجتمعاتنا، هي توسيع معرفتنا بالتاريخ والثقافة؛ فبعض الأفلام تكون بمثابة دروس تاريخ للمشاهد، لأنها ترينا أحداث الحياة الماضية”.

غير مدركين!

عند سؤال الشارع اليمني عن مدى تأثرهم بالأفلام اليمنية والإعلام، فإن معظم المشاهدين لا يدركون وجود أي تأثير على سلوكهم.

تقول سارة يحيى (طالبة في جامعة عدن – تخصص إعلام): “الأفلام أصلاً منسوجة من الواقع، ومن كلام وحركات عامة الناس، أي نحن؛ وبالتالي كيف سنتأثر وهذه هي حياتنا اليومية التي نعيشها؟!”.

مضيفة: “هناك سلوكيات من الممكن أن تثبت في عقولنا، وعادة السلوكيات المضحكة، وبالتالي هي لا تؤثر على السلوك إنما على الجانب النفسي للأشخاص”.

ومن جانبه يقول أحمد ناصر (شاب عدني): “الأفلام اليمنية الشحيحة التي طُرحت هي في الأصل تحاكي الواقع وتشرح المعاناة التي نعيشها؛ لذلك فإن أي مشاعر سنعيشها، حزنًا أو فرحًا، ستكون في إطار الزمن الذي نشاهد الفيلم فيه. وكوننا محكومين بنظم وعادات وتقاليد معينة فإن ردات الفعل الناتجة عن أي مواضيع مجتمعية حساسة هي ردات فعل نعيشها حقيقةً كواقع تربينا عليه، وليست ادعاءً لمجرد تأثرنا أثناء المشاهدة”.

جوانب نفسية

توضح أخصائية علم النفس أفنان علي “أن فئات الشباب والمراهقين هي الأكثر عرضة للتأثر بشخصيات الفيلم، خصوصًا البطل الذي تُسلط الأضواء عليه. فيبدأ المشاهد بتقمص شخصية غير شخصيته، ولو كانت الشخصية التي يتم تقليدها في الحقيقة شخصية شريرة. نلاحظ أن هناك تقمصًا في حركات اليد والعين، وحتى الابتسامة، وصولاً إلى اتخاذ طريقة التفكير وعدِّها دهاءً، فيضرُّ من حوله دون وعي أو شعور منه لمجرد أن البطل كان كذلك”.

وتتابع: “من جوانب التأثير أيضًا الحزن الشديد أو الحماس الشديد. فإذا كانت نهاية الفيلم أو الأحداث غير مرغوبة، يبدأ المُشاهد بالتفكير في أن تكون الخاتمة مختلفة، ويحزن على الموضوع نفسه أو على الشخصية المظلومة أو الحزينة في الفيلم، ويتوقف عن المشاهدة لأنه غضب من النهاية. ومن جانب آخر، نجد الحماس الشديد في التصرف، وتقديم إملاءات فيما يجب على الممثل فعله في المسلسل، واتخاذ ردود أفعال غريبة. كل ذلك تأثيرات نفسية ناتجة عن هذه المشاهدات، قد تستمر طول فترة المشاهدة، وحتى بعدها، ويصاحبها مشاعر أخرى قد تؤثر على سلوكياته”.

وفي نفس الإطار، يقول الأخصائي النفسي إبراهيم قائد: “من الممكن أن يكون الجانب النفسي قد ترك تأثيرًا واضحًا على صانع الفيلم ذاته، كفيلم (كأننا نَحُوكُ فقط)،  الذي اختصر الأذى النفسي والعاطفي للمجتمع أثناء الصراع كما يراه صانع الفيلم. جاءته الفكرة حينما نظر إلى معاناة الناس ونمط حياتهم والصراع المستمر دون جدوى؛ فاختار أن يرمز إلى هذا التنويم والركود بالحياكة دون الوصول إلى الهدف (وللحياكة بعد نفسي في هذا الموضوع وقد استخدمت إستراتيجيةً لليابانيين عندما بدأت بوادر الهزيمة تظهر في الحرب العالمية الثانية)”. من خلال الحديث مع الأخصائيين والشباب تبين أن للأفلام دورًا كبيرًا في تعديل السلوك أو انحرافه لدى الأفراد، وأن من جوانب التأثير ممارسة هذه السلوكيات بما يسمى اللاشعور، وهو ما يجعل التحكم بهم وبأفعالهم أسهل. وكتوصيات منهم، أكدوا على أهمية التركيز على أن يكون في المحتوى المقدَّم قضيةً ومعالجةً لها؛ لتنتشر التوعية والسيطرة الإيجابية على عقول الشباب.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

72.2% من المستطلَعين يرون أنَّ السينما اليمنية ستكون وسيلة فعالة للتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد عالمياً، ما تزال السينما -منذ بدايتها في نهاية تسعينيات القرن التاس…