‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الطاقة النظيفة في اليمن في عدن.. إنشاء أكبر محطة تعمل بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء

في عدن.. إنشاء أكبر محطة تعمل بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء

صوت الأمل – حنان حسين

شكل الصراع في اليمن تأثيرًا سيئًا على الأصعدة كافة؛ ففي بداية العام 2015م دُمِّرت البنية التحتية لقطاع الطاقة الكهربائية وغرقت اليمن في ظلام دامس، وتسببت هذه الأضرار الواسعة بانقطاع التيار الكهربائي لفترات ليست بالقصيرة، ثم الانقطاع النهائي له، ثم مع توسع الأزمة والفجوة بين الأطراف المتنازعة خرجت “محطة مأرب الكهربائية” عن الخدمة، وهي التي تعد المزود الرئيسي للكثير من المحافظات والمدن اليمنية، مما جعل الجميع يبحث عن حل بديل وسريع.

ظهرت الطاقة الشمسية، وشقت طريقها إلى عموم أنحاء اليمن، وحققت الانتشار والنجاح في الأوساط المختلفة، بشكل ساعد الجميع على توليد الكهرباء بسرعة هائلة. وعلى الرغم من انتشار الصناعات المواكبة اللازمة، كصناعة المولدات الكهربائية وغيرها، فإنها لم تستمر في عملها بسبب ارتفاع المواد التشغيلية، مثل غلاء أسعار الوقود وانعدامه في أوقات كثيرة. وهكذا احتلت الطاقة الشمسية أهمية واسعة في كل بيت يمني، وصارت حلاً مستدامًا في البلاد.

وبحسب تقييم السوق الذي قام به المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وبتكليف من قطاع الممارسات العالمية للطاقة والصناعات الاستخراجية في البنك الدولي، فقد بلغت أنظمة الطاقة الكهروضوئية (الشمسية) للمنازل في المناطق الريفية إلى 50%، و75% في المدن حتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2016م.

كما أظهر مسحٌ نفذه برنامج الأغذية العالمي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017م أن الطاقة الشمسية هي المصدر الرئيسي للطاقة المنزلية في 14 من أصل 22 محافظة. وأظهر المسح أيضًا أن الطاقة الشمسية توفر الطاقة بشكل أكثر انتظامًا للمنازل مقارنة بالمولدات – التي تعد ثاني أكبر مصدر للطاقة؛ فنحو 10% من المنازل التي تستخدم الطاقة الشمسية، من أصل 55%، تعاني من نقص الطاقة مقارنة بـ10% من أصل 23.7% من الأسر التي تعتمد على المولدات.

ووسط الكثير من الدمار الذي لحق بالبنية التحتية الخاصة بالمجال الكهربائي، ظهرت الألواح الشمسية، كقصة نجاح مبهرة، وثورة صناعية اتجهت إليها العديد من المحافظات والمدن اليمنية، وشكلت لها تميزًا كبيرًا في ظروف مليئة بالكثير من البؤس.

أهمية الطاقة الشمسية في اليمن

تنعم اليمن بوفرة ضوء الشمس؛ إذ يبلغ متوسط سطوع الشمس نحو ثلاثة آلاف ساعة سنويًا؛ نظرا لموقعها وطبيعتها الجغرافية، وهذا ما يجعلها مركزا مثاليًا لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية، وتوفر مصدرًا نظيفًا ومستدامًا للكهرباء للكثير من الأرضي اليمنية، مما يجعل مستقبلها واعدًا بالكثير من النجاح والتطور.

وهناك توجه كبير نحو استخدام الطاقة الشمسية في اليمن، ولأسباب عديدة، منها: تقليل تكاليف الإنتاج في العديد من المصانع والمزارع، مما يجعلها مصدرًا متاحًا وبأسعار معقولة، إمكانية استخدامها كمصدر بديل للكهرباء، بل هي التي تساعد على توليدها، وتقوم بالعديد من المهام في الحياة، مثل تشغيل الأجهزة المنزلية والتجارية. وهي كذلك تعد طاقة آمنة ومستدامة؛ إذ تمتاز خلايا الألواح في الطاقة الشمسية بعمر افتراضي طويل، ومن ثم تقلل من استهلاك الوقود الأحفوري ذي الأسعار المرتفعة. وكذلك تمتاز الطاقة الشمسية بأنها سهلة التوسع والتطور مستقبلا، وهي طاقة نظيفة وخالية من التلويث والإزعاج.

 إن انقطاع الكهرباء في اليمن وتفاقم الأزمة جعلا من الطاقة الشمسية حلاً مستدامًا لا يعتمد على الوقود الأحفوري، وبالتالي فهي صديقة للبيئة، وباتت منقذًة للكثير من المشاريع، مما يضمن استغلالها بالشكل الأمثل في الكثير من المجالات، فهي تعد من الطاقات البديلة واسعة الانتشار، ولا غناء للمجتمع اليمني عنها. بالإضافة إلى توجه العالم نحو الاهتمام المتزايد بها على المستوى الدولي.

المشاريع

هناك الكثير من المشاريع التي تم تنفيذها لتعزيز دور الطاقة الشمسية في المجتمع المدني، كان أولها المشروع الذي قام به صندوق البنك الدولي تحت اسم “المشروع الطارئ لتوفير الكهرباء في اليمن” الذي أقيم بين عامي 2018 و2022، وهدف إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية؛ لتحسين إمكانية الحصول على الكهرباء في المناطق الريفية وأطراف المدن بشكل خاص، بالإضافة إلى تعزيز إمكانية الحصول على الطاقة الشمسية بأسعار ميسرة في اليمن.

وموَّل صندوق البنك الدولي، المتمثل بالمؤسسة الدولية للتنمية، حلولَ الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء في اليمن. وتولى مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع تنفيذ المشروع بالتعاون مع الجهات المحلية، ومن بينها مؤسسات التمويل الأصغر، ومورِّدو معدات الطاقة الشمسية، ومقدِّمو الخدمات الفنية.

وأشرك المشروع مؤسساتِ تمويل أصغر مؤهلة وخاضعة للوائح التنظيمية لمساعدة في إضافة منتجات الطاقة صغيرة الحجم إلى محافظها التمويلية. كما أنشأ نوافذَ تمويلِ حلول الطاقة الشمسية الصغيرة، عالية الجودة، وقدم دعمًا جزئيًا للمستفيدين كي يجعل هذه الأنظمة ميسرة للجميع.

كما قدم المشروع المساعدة الفنية، وساعد في بناء القدرات ضمن تدابير أخرى لتدعيم السوق؛ وذلك لجعل سوق الطاقة الشمسية في اليمن أكثر شمولاً واستدامة، بما في ذلك توفير التدريب الفني وبناء القدرات للشركات على طول سلسلة الإمداد بالطاقة الشمسية (المؤسسات المالية، وتجار التجزئة، وشركات تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، ومقدمي الخدمات الآخرين)، وتقديم المساعدة الفنية إلى القطاع المالي لوضع آليات للحد من المخاطر من أجل الإقراض التجاري لأغراض الطاقة الشمسية، وتحديد المعايير الفنية ونشرها.

مشروع إنشاء أكبر محطة تعمل بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في عدن

في ظل انقطاع للكهرباء وارتفاع أسعار الوقود وتهالك المحطات القديمة المخصصة لتوليد الكهرباء، ورغبةً في تغطية احتياجات المواطنين في عدن من الكهرباء، فقد أُنشئت “محطة عدن”، أكبر محطة تعمل بالطاقة النظيفة لإنتاج الكهرباء.

ففي العام 2022م، تم توقيع اتفاقية تنفيذ المشروع مع شركة (مصدر) الإماراتية، ليكون أول وأكبر مشروع إستراتيجي لتوليد الكهرباء عبر الطاقة النظيفة والمتجددة في اليمن. يتضمن المشروع إنشاء خطوط النقل ومحطات تحويلية لنقل الكهرباء المولّدة من المحطة وتوزيعها.

تبلغ قدرة المحطة 120 ميجاوات/ ساعة، وتستهدف خفض تكاليف توليد الكهرباء في النهار، وكذلك التقليل من الاحتياج للوقود الخاص بمحطات التوليد، كما تدعم خطط اليمن في الحفاظ على البيئة عبر التقليل من الانبعاثات الكربونية.

مشروع “استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن”

 في العام 2022م، تم التوقيع على اتفاقيات عدة لتنفيذ مشاريع استخدام الطاقة النظيفة والمتجددة، منها مشاريع الطاقة الشمسية في عدد من المحافظات اليمنية. حمل أحد هذه المشاريع اسم “استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن”، ونُفذ في خمس محافظات (تعز وحضرموت وأبين ولحج والساحل الغربي)، ضمن جهود تحقيق أقصى استفادة من المقدرات الداخلية والمصادر الطبيعية، في ظل أزمات هائلة تتعلق بقطاعات الكهرباء والمياه.

وبفضل العديد من المشاريع في الطاقة الشمسية، التي كانت هذه أبرزها، عادت اليمن لتنعم بالكثير من الإنجازات وتخطت الكثير من العراقيل، في المجالات الصحية والتعليمية بالذات، وكذا مجال المياه والصرف الصحي، وغيره.

وحسب تقرير لمشاريع الطاقة الشمسية للعام 2023م، لوحدة التدخلات المركزية التنموية الطارئة في وزارة المالية في صنعاء، فقد أنشئت 37 منظومة مركبة في ثماني محافظات يمنية، منها 23 منظومة في المجال الصحي، و6 منظومات في مجال المياه (الآبار)، وثمانٍ أخرى في عدد من المجالات الأخرى، بتكلفة تصل إلى 1.83 مليون دولار.

الجهود المبذولة لتعزيز استخدام الطاقة الشمسية في اليمن

هناك الكثير من الجهود المبذولة للنهوض بقطاع الطاقة النظيفة عامة، وبشكل خاص قطاع الطاقة الشمسية، من خلال تعزيز استخدام المعدات والأجهزة، وهذا ما صرح به أحد تجار الألواح الشمسية بقوله: “نسعى بكل جهدنا إلى توفير أجهزة وألواح تعمل بالطاقة الشمسية بأسعار أقل وبجودة عالية؛ حتى نسد الفجوة التي ظهرت منذ بداية الصراع وجعلت اليمن تعيش الظلام في كل المجالات”.

هذا، وتقوم عدد من المنظمات الدولية بتعزيز دور هذا القطاع من خلال اعتماده في مكاتبها، ومنها الأمم المتحدة الإنمائية التي اعتمدته في مكتبها في صنعاء بنسبة 100%؛ إذ بدأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2017 في بحثه عن الحلول المتوفرة لتوصيل المكتب القطري لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن بالطاقة الصديقة للبيئة، واستطاع في العام 2023م إمداد المقر الخاص بها في صنعاء بالطاقة الشمسية بالكامل.

وحسب موقع الأمم المتحدة الإنمائي فإن المشروع واجه العديد من الصعوبات، لكنه في النهاية حقق نجاحًا في إكماله والاستفادة منه. استغرق هذا المشروع وقتاً طويلاً للحصول على تصاريح وموافقات رسمية، بالإضافة إلى الكثير من الوقت لوصول المعدات إلى اليمن، مما أدى إلى تمديد الجدول الزمني للمشروع، الأمر الذي مثّل امتحانًا لصبر المهندسين المنفذين؛ فقد كان لا بد أن تمر شحنة المعدات بعدة مراحل شاقة، وأن تواجه توقيفات كثيرة قبل وصولها إلى وجهتها بسلام.

وعلى ذات السياق، اقتضى على الشركاء المحليين بناء قدراتهم وتعزيز مهاراتهم المرتبطة بتركيب معدات الطاقة الشمسية، واستوجب الأمر إعداد دورات تدريبية وتنفيذها عبر الإنترنت للمهندسين المختصين. تطلب هذا وقتًا طويلاً نسبيًا، لكنه كان إجراءً مهمًّا؛ كي يصبح جميع شركاء المشروع على اطّلاع على أحدث التقنيات، والتجهيز للتنفيذ.

وأوضح التقرير أنه لعدم استطاعة الشركاء والمهندسين من السفر الدائم، تم الاتصال والتوجيه من خلال الفيديو عبر الإنترنت والعمل مع المهندسين في صنعاء عن بُعد. ومع مرور الأيام، قام رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في كوبنهاجن بدعم المقر في المرحلة الأولى من المشروع في عام 2019، عن طريق توفير منظومة البطاريات مع أجهزتها المرافقة بقدرة تخزين 307 كيلووات من الطاقة. وعلى ذات السياق، قام الزملاء في كوبنهاجن في المساعدة بعملية شراء مختلف الأصناف اللازمة.

حقق هذا النظام جزئيًا احتياجات المكتب اليومية من الطاقة، بفضل قدرته على توليد الطاقة البالغة 100 كيلووات، وهو ما يكفي لتشغيل الأحمال المهمة.  

وبعد عدة تحديات ورحلة شاقة، منها انتشار جائحة كورونا في بداية 2020، توقف المشروع اضطرارًا لمدة ليست بالقصيرة، لكنه استُكمل فيما بعد، ووصلت الشحنة الأخيرة في أغسطس من العام 2023، وهي عبارة عن بنك البطاريات المكملة للمشروع. تم تركيبتها والإعلان في 10 سبتمبر 2023 عن اكتمال المشروع وتشغيل المكتب بالطاقة الشمسية بنسبة 100٪.

الفوائد من المشروع

حسب التقرير، هناك عدد من الفوائد التي يُتوقع الحصول عليها من بداية تنفيذ المشروع، ومنها:

  • “تُقدر الفائدة المالية للسنوات العشر الأولى من العمر التشغيلي للمشروع نحو ثلاثة ملايين دولار أمريكي، خلال خمس سنوات فقط سيتم تحقيق العائد الاستثماري كاملاً”.
  • يعزز المشروع سلامة المجتمع المحيط به من خلال توفير الإضاءة الدائمة خلال ساعات الليل، ومن خلال توفير أكثر من 36 ألف جالون من الديزل سنويًا، وسيسهم المشروع في تقليل أكثر من 150 طناً متريًّا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون”.

كما قد يشارك مشروع الطاقة الشمسية الجديد لمكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في صنعاء في تحقيق خمسة أهداف للتنمية المستدامة، رغم صعوبة الأوضاع وتعدد التحديات، وهي: “الحصول على طاقة نظيفة وبأسعار معقولة، الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، إقامة مدن ومجتمعات محلية مستدامة، الاستهلاك والإنتاج المستدام، الاهتمام بالعمل المناخي”.

الصعوبات والتحديات

حسب تقرير نشره البنك الدولي، فإن أبرز التحديات التي واجهت انتشار الطاقة الشمسية في اليمن عدم القدرة على تحمل تكلفة منتجاتها، مما يشكل عائقًا رئيسيًا أمام الأسر الأكثر احتياجًا، كما أن تدني جودة المنتجات وخدمة الدعم بعد البيع قد يهدد استدامة سوق الطاقة الشمسية، وكذلك انتقاء بعض الأفراد لأنظمة كهرباء أرخص وأقل جودة، وغالبًا هذا ما يجعلها تتعطل بعد أشهر معدودة. وبالرغم من وجود دوافع لشركات الكهرباء لتوريد أنظمة عالية الجودة وتركيبها، فإنها محدودة، وغالبا ما تكون هذه الشركات أيضًا قد اختارت المنتجات الأقل جودة من غيرها.

الحلول والمقترحات

القفزة السريعة في مجال الطاقة الشمسية، إلى جانب الطلب الكبير للحصول على الطاقة الكهربائية، دفعت بالتركيز نحو الكمية والتكلفة الأقل على حساب الجودة، لتصبح أمرًا ثانويًا.

 ومن المقترحات نشر المعرفة التقنية، والوعي بشكل عام، في مجال الطاقة النظيفة بأشكالها المتنوعة، والحرص على تجميع الأنظمة بدقة، واستخدام تصميمات متناسبة تكون فيها الأولوية للمكونات الأكثر جودة وبأقل التكاليف.

ونظرًا لعدم وجود معايير للجودة على المستوى الوطني، فإن خدمات الدعم بعد البيع والصيانة الدورية ليست شائعة، مما أدى إلى انهيار معظم الأنظمة بعد بضع سنوات فقط من التشغيل؛ لذلك يفضل الحصول على معايير للجودة من قبل الجهات المختصة وفرضها على التجار.

أخيرًا، تتمتع اليمن بإمكانيات كبيرة لاستخدام الطاقة الشمسية التي يمكن أن تسهم في حل مشكلة الكهرباء فيها، وتحقيق التنمية المستدامة. وتشكل الطاقة الشمسية أحد أشكال الطاقة النظيفة التي من الممكن أن تجعل اليمن بلدًا منافسًا في مجال الابتكار والريادة، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء في مجال الطاقة عن طريق الألواح الشمسية والموارد الطبيعية. مع ذلك، فإن هناك حاجة ماسة إلى بذل المزيد من الجهود لتعزيز استخدام الطاقة الشمسية في اليمن، من خلال التغلب على التحديات التي تواجهها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…