‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة تراث الطهي ودوره في التماسك الإجتماعي في اليمن الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة

الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة

صوت الأمل – علياء محمد

لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين ثناياه تراث أمة وثقافة شعب، وفيه الكثير من الأساسيات والمفاهيم التي يتم التعرف عليها عن طريق الدورات التدريبية العملية الخاصة به؛ فبالإضافة إلى التدريب النظري يتعلم المتدربون المشاركون في هذه الدورات تقنيات الطهي المختلفة وكيفية تقديم الأطباق وتنسيقها بشكل احترافي.
تعد الدورات التدريبية فرصة للإلمام بثقافات مختلفة، بالإضافة إلى تعلم مهنة جديدة يستثمرها المهتمون بالمجال في سوق العمل. وتؤكد نرمين محمد -مدربة طهي- على أهمية هذه الدورات لإجادة فن الطهي اليمني؛ حيث تساعد هواة الطهي على البدء بشكل صحيح ومهني، وإكساب المتدربين مهارات أكبر حول مختلف أنواع المأكولات اليمنية الشعبية، وكذلك المأكولات الأخرى، من خلال تعلم تقنيات جديدة يحققون بها نتائج مبهرة في مجال الطهي.
تقول نرمين: “تعزز الدورات التدريبية والشهادات التي يحصل عليها المشاركون في التدريبات فرصةَ الحصول على وظائف في طهي المأكولات وتأسيس مشاريعهم الخاصة في مجال الطهي، بالإضافة إلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم”.
معايير التدريب ومهاراته

تقول المدربة لولوة غالب: “هناك معايير يجب أن يتقنها المدربون، خاصة عن تراث الطهي اليمني؛ لتلبية البقاء والنجاح في سوق العمل، إذ يجب أن تتضمن أول مراحل التدريب أساسيات السلامة المهنية والتعرف على المواد والأدوات”. مشيرة إلى أن فن الطهي ومجالاته من المجالات الجديدة التي يستفيد منها المتدربون فرصًا للعمل، ويأخذونها كوظيفة أو كفكرة مشروع من الممكن أن يبدؤوا فيها شق طرقهم إلى سوق العمل.
وتؤكد في حديثها على ضرورة أن يواكب الطهي اليمني التنوعَ الحاصلَ في العالم بشكل عام في مجالات فنون الطهي، ويجب أن يكون المتدرب نفسه الساعي الأول إلى تطوير مهاراته؛ نظرا لوجود أسواق واحتياجات متغيرة تتطلب أصنافًا وطرقًا جديدة.
تطرقت لولوة إلى عدد من المهارات الأساسية في الدورات التدريبية الخاصة بفن الطهي. من أهمها طرق تحضير الأطباق الرئيسة، وتقنيات التقطيع والتقديم والتنسيق، بالإضافة إلى السلامة الغذائية.
في سياق متصل أشارت عفاف محمد، إحدى المتدربات في دورات تدريبية خاصة بالطهي، إلى أنها –كمتدربة- دائمًا ما تطرح معايير محددة عند اختيارها لدورات تدريبية تشارك فيها؛ حيث تقول: “يجب أن يكون مستوى المدرب في الطهي اليمني، على وجه الخصوص، على قدر عالٍ من التميُّز، وأن يتضمن محتواه عددًا من المهارات الأساسية المتوارثة عبر الأجيال”.
وأوضحت أن جزءًا كبيرًا من الاستفادة من الدورات التدريبية يقع عاتقها على المشارك نفسه، من خلال التركيز على المهارات التي يتدرب عليها، بالإضافة إلى المشاركة في التطبيقات العملية والتفاعل مع المدرب وتطبيق كل ما تعلمه في المنزل.

دور منظمات المجتمع المدني
تلعب منظمات المجتمع المدني دورًا هامًا في دعم مشاريع الطهي من خلال توفير المواد والتدريب والاستشارة والتوعية عن طريق ورش وندوات ومشاريع خاصة بالتمكين الاقتصادي وسبل العيش. وقد حرص مركز السعيد للتنمية في الحوطة لحج على تدريب وتأهيل المرأة في عدة مجالات، منها قسم التدبير المنزلي (المطبخ)، من خلال إقامة الدورات التدريبية في هذا المجال.
تقول فاطمة شكري -مسؤولة في مركز السعيد-: “تضمنت الدورات التدريبية تدريب المشاركات لمدة شهرين متتاليين على كيفية إعداد المعجنات والحلويات، ومنها تلك الموروثة من الطهي اليمني، وطرق تغليفها وتسويقها. كما أننا حرصنا في المركز على تقديم خدمة تدريبية متميزة وبأحدث المعدات، وطاقم تدريبي ذي كفاءة مهنية عالية؛ لدعم المرأة لتصبح قادرة على تحمل الأعباء المعيشة والاقتصادية الصعبة. وهناك حوالي 90 امرأة قد تخرجت من هذه الدورات”.
وأضافت: “نفذنا دورات تدريبية خلال الإجازة الصيفية للأمهات اللواتي لم يستطعن الالتحاق بالدورات التدريبية بسبب انشغالهن بأطفالهن خلال العام الدراسي، وللنساء العاملات وطالبات المدارس. وتم قبول النساء من جميع الشرائح دون استثناء، وجعل الأولوية للمطلقات والأرامل والنازحات والأشد فقراً”. مشيرة في حديثها إلى أن مركز السعيد من المراكز الفعالة داخل مديريات محافظة لحج، وبدوره أسهم في انخراط المرأة في سوق العمل من خلال مشاريع إنتاجية مدرة للدخل.

بدأت المدربة لولوة غالب مهنة التدريب في العام 2014، ودربت ما يقارب من أكثر من سبعة آلاف متدرب ومتدربة، انطلقوا إلى سوق العمل كأصحاب مشاريع وعاملين. تمتلك لولوة الآن شركة في مجال الاستشارات والتدريبات في مجال فنون الطهي، وأيضا في مجالات تسويق المنتجات الغذائية التي تلبي احتياجات السوق عن طريق تحويل المنتجات الزراعية إلى منتجات غذائية نستطيع من خلالها زيادة فرص العمل، وتنمي الاقتصاد في الوقت ذاته.
تقول لولوة: “بدأت مسيرتي التدريبية في تدريب المشاريع الخاصة للأفراد في كيانات مؤسسية، والآن أدرب الكيانات المؤسسية. نفذت عددًا من التدريبات بإشراف وتمويل عدد من المنظمات”.
وأضافت: “نفذنا دورات تدريبية في حضرموت والشحر، وعددٍ من المديريات، في قطاع الأسماك واللحوم. وتضمنت الدورات أساسيات التقطيع وطهي الوجبات الرئيسة. ولمسنا الأثر الرائع من هذه الدورات”.
شددت لولوة على أهمية التزام التدريبات الممولة من المنظمات على أساسيات السلامة المهنية ومعايير النظافة، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات حول إدارة المشروع وتحسين جودة الطعام.

تدريبات عن بُعد
قد يكون التدرَّب على فنون الطهي عبر الإنترنت من الأمور التي يصعب تحقيقها؛ نظرًا لضعف جودة الإنترنت في اليمن، ولعدم فَهْمِ بعض التقنيات الخاصة بالبرامج عبر الإنترنت.
تقول أمل سلامة -مدربة طهي-: “قدمت دورات تدريبية عبر الإنترنت، وعن طريق برامج الاتصال المباشر. بدأت في نشر إعلانات التدريب لكن لم أجد قبولًا من الفتيات على الالتحاق بالدورة، بالرغم من رسوم التدريب الرمزية. فالكثير من الأشخاص ليس لديهم المعرفة الكاملة بتقنيات التدريب عن طريق البرامج المباشرة؛ الأمر الذي يحول بينهم وبين المشاركة في دورات عبر الإنترنت خاصة بالطهي”.
وتتابع القول: “التدريب عن طريق الإنترنت ليس بالأمر السهل، فهناك العديد من الأدوات التي يجب أن يوفرها المدرب للتدريب أهمها اتصال قوي ومستقر بالإنترنت؛ لتحميل مقاطع الفيديو وتقديم الدروس بجودة عالية، بالإضافة إلى توفير المواد الأدوات والمكونات الغذائية لممارسة التدريب وتجربة الوصفات وهذا مكلف نوعا ما”.
صعوبات وتحديات
تؤكد أمل سلامة على قلة الاهتمام بالدورات التدريبية الخاصة بفن الطهي في المجتمع اليمني بسبب عدد من الصعوبات، أبرزها الصعوبات المالية كتوفير الإمكانيات والمواد اللازمة لإقامة الدورات التدريبية؛ فهناك موادَ غير موجودة في السوق.
وتضيف: “شحة الدعم والاهتمام بمجال الطهي في اليمن تؤدي إلى نقص فرص التدريب بسبب عدم توفر المدربين ذوي الخبرة في هذا المجال، بالإضافة إلى قلة المنصات التي تسمح للمدربين بتطوير مهاراتهم وخبراتهم”.
وترى أمل أن الدورات الخاصة بفن الطهي في اليمن محدودة، وتفتقد إلى الكثير من المعلومات والأفكار، وتوضح قائلة: “تدربت على أرض الواقع، وواجهت صعوبة في عدم التعمق في التدريبات التي كانت سطحية نوعًا ما، الأمر الذي جعلنا نتجه إلى الاعتماد على وسائل أخرى مساعدة، كاليوتيوب وزيارة مواقع خاصة بالطبخ”.
وتضيف: “تعرفت على أسرار عديدة وأفكار جديدة. وفي المقابل هناك أسرار في الطهي اليمني لا يحصل عليها الطاهي إلا من خلال المعرفة المتوارثة، ثم الدراسة والتدريب، وبعد ذلك الممارسة العملية”، مؤكدة على أهمية تقييم مهارات المشاركين لتحديد احتياجاتهم من التدريب.
وحول مدة التدريبات تقول أمل: “تختلف مدة التدريبات حسب نوع الدورة ومحتواها، فهناك دورات تدريبية قصيرة، وأخرى طويلة تمتد فترتها لأسابيع”.

معالجات وحلول
تشير نرمين محمد إلى عدد من الحلول والمعالجات لرفع كفاءة ومستوى التدريب الخاص بفن الطهي اليمني، أبرزها استخدام الواقع الافتراضي للتدريب واعتماد آلية التدريب العملي؛ حيث يمكن للمتدربين تطبيق المهارات في بيئة عمل حقيقية وتحت إشراف مدربين محترفين.
وتضيف: “من الضروري إعداد دليل إرشادي يحتوي على عدد من المعلومات اللازمة والمطلوبة والأساسية في مجال الطهي، مثل إجراءات السلامة وتقنيات الطهي اليمني، ومبادئ التغذية والتصنيع الغذائي، بالإضافة إلى تحفيز المشاركين على تحسين أدائهم وابتكار وصفات جديدة”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

43% يعتقدون أن تنوع المطبخ اليمني أسهم بشكل مباشر في تعزيز التماسك المجتمعي اليمني

صوت الأمل – يُمنى أحمد تلعب الأطعمة الشعبية دورًا هامًا في تعزيز الهوية الثقافية للشعوب؛ ف…