‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد في اليمن خطط مكافحة الجراد الصحراوي في اليمن.. دراسات وأبحاث في انتظار التطبيق العملي

خطط مكافحة الجراد الصحراوي في اليمن.. دراسات وأبحاث في انتظار التطبيق العملي

صوت الأمل – حنين الوحش

يضاعف تغير المناخ من دمار الأساس البيئي والاجتماعي والاقتصادي للحياة عامة، ويؤثر على القطاع الزراعي ويتأثر به على حد سواء؛ فالتغيرات الحاصلة في الدورة الهيدرولوجية تؤدي إلى انخفاض في إمدادات المياه العذبة والإنتاج الزراعي، ويعمل الارتفاع المتوقع في مستوى سطح البحر على إغراق وتآكل مساحات شاسعة من التجمعات الساحلية، مما يتسبب بخسائر كبيرة في الأراضي الزراعية ومساحات الرعي والسبل المعيشية والإنتاج الزراعي وإنتاج الأغذية في البلدان النامية والمناطق الريفية.

في اتجاه آخر، يواجه اليمن خطر انتشار الجراد على نطاق واسع مما قد يؤدي إلى تكاثر جيل آخر، لا سيما أن اليمن تقع على الخط الأمامي للجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى؛ حيث يوجد بها ثلاث مواسم تكاثرية ولا يوجد استجابة فعالة لرصد ومكافحة هذا الانتشار بحسب مشروع استجابة الجراد الصحراوي في اليمن.

التغير المناخي والزراعة

بالحديث عن آثار التغير المناخي على الزراعة في اليمن، يقول عبد الإله السلفي -مدير عام التخطيط بوزارة الزراعة، عدن-: “اليمن معرضة بدرجة كبيرة لتأثيرات التغير المناخي الذي يهدد بقوة بانعدام الأمن الغذائي الحاد، ويكثف تكون أسراب الجراد، مما يخلق أزمة داخل الأزمة”.

مضيفا أن التغير المناخي تسبب في حدوث أقوى التغيرات في درجة حرارة المياه في المحيط الهندي منذ 60 عامًا. هذا، وتخلق البحار الأكثر دفئًا أمطارًا أكثر شدة، وأعاصيرَ أقوى وأكثر تواترا، مما يوفر ظروفًا مثالية ليفرخ الجراد ويتكاثر وينتشر على نطاق واسع، وهذا يؤدي ذلك إلى القضاء على المحاصيل الزراعية.

وحول التوقعات يقول السلفي: “من المتوقع أن يتسبب غزو الجراد في إتلاف المحاصيل والمراعي بشكل كبير، مما يؤدي إلى خسائر فادحة للمنتجين الزراعيين وتفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن. وتشمل الآثار المباشرة لانتشار أسراب الجراد تدمير المحاصيل الدائمة والأراضي الزراعية والأعلاف، وهذا ينتج عنه خسائر في المحاصيل والحيوانات، وتقليل الدخول، وزيادة الأعباء المالية على المزارعين وأصحاب الماشية، وزيادة المخاوف بشأن الأمن الغذائي.

انعكاسات وآثار اقتصادية

حول الانعكاسات والآثار الاقتصادية التي يتسبب بها التغير المناخي يقول السلفي: “اليمن هي إحدى المناطق الرئيسة لتكاثر الجراد الصحراوي؛ حيث تتكاثر الأسراب في عدة مواقع على مدار العام، ثم تنتشر في جميع أنحاء البلاد والمنطقة. واعتبارًا من منتصف مارس 2020، تأثرت 23 دولة -من اليمن إلى باكستان إلى تنزانيا- مع خطر حالات تفشي جديدة في منطقة الساحل في يونيو ويوليو، وربما في شمال إفريقيا بحلول أكتوبر”.

 وفي إطار الآثار غير المباشرة يؤكد السلفي أن “غزو الجراد سبب ندرة المنتجات الزراعية والحيوانية الرئيسة محليًا وهذا ينتج عن أزمة تؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات وإلى حالات نقص كبير فيها، مما يضر بالاقتصاد المحلي في المناطق المتأثرة بذلك”.

ويتابع السلفي: “بحسب تقرير مشروع الاستجابة للجراد الصحراوي في اليمن (DALOs) للموسم الزراعي لعام 2020، تقدر الأضرار والخسائر المتوقعة بنحو 222 مليون دولار أمريكي، بما في ذلك 14 مليون دولار أمريكي من خسائر الإنتاج في المحاصيل الغذائية الأساسية، و108 مليون دولار أمريكي من خسائر الإنتاج في الحيوانات، و100 مليون دولار أمريكي من الأضرار التي لحقت بالأصول من الثروة الحيوانية”.

مضيفا: “لم تظهر التأثيرات على الأمن الغذائي على نطاق واسع حتى الآن، إلا في محافظات لحج وأبين ومأرب والحديدة؛ حيث تأثرت محاصيل معظم المزارعين ووقعت حالات النقص مؤخرًا في الكوسا والفلفل الأخضر والطماطم جزئيًا، إلى جانب هجمات الجراد في مناطق من محافظتي لحج والحديدة”. 

أرقام وإحصائيات

وبحسب ما قال السلفي على أساس الدراسات والأبحاث الذي قدمت هناك إمكانية بأن يضم السرب الصغير (1 كم2) حوالي 80 مليون جرادة، ويمكن أن يستهلك في يوم واحد نفس كمية الطعام التي يتناولها 35,000 شخص؛ لذلك من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة الجراد في أقرب وقت ممكن في اليمن، لتقليل النمو المتسارع المستمر في الأسراب الذي يؤثر على المنطقة بتوسع أكبر بما في ذلك أفريقيا وآسيا.

تقارير عامة

في دراسة صادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي بعنوان “التغيرات المناخية وأثرها على الزراعة والأمن الغذائي في اليمن” أوضحت أن الأراضـي المتصـحرة في اليمن سجلت حوالي 405 ألف كم مربع وبنسـبة بلغت نحو 71.6% من إجمالي المسـاحة الكلية أما المسـاحة المهددة بالتصــحر فتشكل نســبة 15,9% من إجمالي المســاحة الكلية في اليمن. وتتمثل الأســباب الرئيســــة للتصــــحر في اليمن الرعي الجائر والاحتطاب المفرط، خاصــــة في ظل أزمة الوقود وصــــعوبة الحصــــول على الغاز المنزلي للاستهلاك، بالإضافة إلى سوء استغلال الأراضي الزراعية وأهمها استنزاف المياه الجوفية.

وأضافت الدراسة أن التغيرات المناخية وزيادة ندرة المياه، والفيضـانات والعواصـف أثرت على التنمية الزراعية الريفية وتسـببت في تدمير الموارد الزراعية التي تمثل نســــــبة 80% من إنتاج الغذاء، وتمثل نســــــبة الســــــكان الريفيين 74% من إجمالي عدد الســــــكان مما يزيد من معدلات الفقر والوفيات بســبب ســوء التغذية التي تعد من أعلى المعدلات في المنطقة العربية والعالم. وتبرز الآثار الســلبية بشــكل أســاســي على الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء والمهمشين والمعاقين والمسنين والمصابين بالأمراض النفسية.

وبالنسبة للضرر الذي يصيب الأراضي الزراعية بسبب الجراد أوضحت الدراسة تضــــرر 4,609 هكتارات من الأراضي الزراعية بسبب الجراد، ومن المتوقع أن يتسبب في خسائر زراعية تقدر بحوالي 222 مليون دولار أمريكي؛ إذ يتسـبب الجراد في تدمير الغطاء النباتي وزيادة حدة التصـحر وأكل المحاصـيل الزراعية الخاصـة بالمزارعين التي تعد مصدرًا رئيسًا لعيشهم مما سيؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في اليمن، لا سيما في المناطق الجافة والساحلية.

وقال برنامج الأغذية العالمي في فبراير 2020 إن الفشل في الاستجابة في الوقت المناسب لإيقاف الجراد سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستجابة الإنسانية على المدى الطويل وقد تصل إلى مليار دولار أمريكي وأكثر، من حيث تكاليف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه مما لو كان المجتمع الدولي قد تصرف بصورة عاجلة للغاية خلال طاعون الجراد في 2003-2005.

  وأضاف تقرير البرنامج أن أنظمة الإنذار المبكر قد نبهت البلدان والمجتمع الدولي في بداية انتشار الجراد لكن الاستجابة كانت بطيئة، فغزت أسراب الجراد الصحراوي إحدى عشرة دولة في غرب أفريقيا، مما أدى إلى تعطيل الإنتاج الزراعي بشدة في العديد من المناطق التي كانت تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي. وقد ارتفعت التكاليف بشكل ملحوظ من مليون دولار إلى 100 مليون دولار في أول 14 شهرًا. وقد بلغت تكلفة إنهاء الطاعون في 2003-2005 مبلغ 450 مليون دولار، مما تسبب في خسارة قدرها 2.5 مليار دولار نتيجة تلف المحاصيل.

مقترحات عامة وتوصيات

وحول التوصيات يقترح السلفي أن يكون هناك استعداد مبكر لمسح المناطق التي يوجد فيها الجراد الذي لا يزال في طوره الأول، ومكافحته قبل أن يستعد للطيران إلى المحاصيل الزراعية، وكذلك توفير الإمكانيات اللازمة لفرق المسح، وتنبيه النحالين الموجودين في مناطق تكاثر الجراد قبل عملية المكافحة وإجبارهم على الانتقال إلى مناطق لا يوجد فيها الجراد بالتنسيق مع السلطة المحلية والأمن.

ومن جانبه، قال المهندس أحمد عبد الملك “إن ظاهرة التغير المناخي أصبحت واقعاً مفروضاً يتطلب التكيف معه ومواكبة وقائعه باتخاذ حزمة من التدابير والإجراءات المدروسة  المتمثلة في الإحاطة المنتظمة بالدراسات والتقارير الصادرة عن التغيرات المناخية المعدة من الخبراء المحليين والدوليين والمنظمات ذات العلاقة، وإعداد السياسات والإستراتيجيات والبحوث المحلية عن تأثير التغيرات المناخية على القطاع الزراعي والسمكي وعلى مواعيد المواسم الزراعية والاصطياد في المناطق المختلفة، بالتنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) ومركز بحوث التنمية القطري الذي أشار في إحدى الدراسات إلى تأخر مواعيد المواسم الزراعية في الجزيرة العربية شهراً شمسيا كاملا.

مؤكدًا على أهمية تعزيز دور البحوث الزراعية في استنباط الأصناف الزراعية المحسنة والقادرة على التكيف مع التغيرات المناخية، وكذا تحسين سلالات الماشية والدواجن، وتشجيع الزراعة الحديثة (المحمية/ المائية) المؤهلة لاستدامة النشاط الزراعي في البيئات المختلفة، وتشجيع استزراع الأسماك وتفعيل إسهاماتها في توفير الأمن الغذائي، إضافة إلى تشجيع الزراعة المنزلية وعلى وجه الخصوص (أكوا بونيك) القائمة على تربية الأسماك وزراعة الخضروات والفاكهة في أحواش (باحات) وأسطح المنازل، ونشر التوعية والإرشاد في صفوف المزارعين والصيادين والمجتمع بشكل عام حول المتغيرات المناخية وأساليب التكيف ومواكبة تأثيراتها على الحياة المعيشية والاقتصاد الوطني.

وشدَّد عبد الملك على ضرورة العمل على تأسيس وتطوير البنية التحتية لإدارة المخاطر والتقلبات المناخية وملائمتها، والعمل مع المجتمع الدولي والمنظمات ذات الصلة من أجل تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للتغيرات المناخية، ومن أهمها تنفيذ مقررات مؤتمر قمة الأرض الذي عقد في ريو ديجانيرو سنة 1992، والمؤتمر الدولي حول البيئة والإنسان الذي عقد في استوكهولم سنة 1972، واتفاق كيوتو الذي وقعت عليه 195 دولة في اليابان عام 1997، والخطوة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ومؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية بإندونيسيا سنة 2007.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

84.2% يعتقدون أن التغيرات المناخية ستؤثر سلبًا على الحياة في اليمن

صوت الأمل – يمنى أحمد التغير المناخي هو التغير طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس في…