‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة ظاهرة الزواج المبكر في اليمن الزواج المبكر في الأرياف اليمنية حرمان من التعليم وتسويغ لثقافة التمييز

الزواج المبكر في الأرياف اليمنية حرمان من التعليم وتسويغ لثقافة التمييز

صوت الأمل – علياء محمد

تعد ظاهرة الزواج المبكر من الظواهر السلبية المنتشرة في المجتمع اليمني، إذ تؤيد بعض الأعراف، والقيم المجتمعية فكرة الزواج المبكر، وتحصر المرأة في حدود دورها الإنجابي، وتحمل مسؤولية المنزل والأسرة.

ولـم يحـظ -حتى الآن- موضـوع الحد من الزواج المبكـر بالاهتمام الـذي يسـتحقه في الأرياف اليمنية –بحسب مواطنين-،  فهو يقع في المنطقة المحظورة، في مجتمع يقدس قوامة الرجل على المرأة، وسلطة الأب المطلقــة علــى الأسرة.

 ووفقًا للموجز الصادر عن “مؤسسة فتيات لا زوجات”  الذي نُشر في أغسطس 2020م  بعنوان (تزويج الأطفال في السياقات الإنسانية)  فإنَّ في اليمن أكثر من 65% من الفتيات يتزوجن قبل سن الثامنة عشرة، مقارنة بـ 50% قبل النزاع.

أشارت دراسة صادرة عن مركز التدريب والدراسات السكانية -في العام 2008م- إلى أنَّ الأسر الميسورة ذات الملكية الزراعية تفضل تزويج أبنائها وبناتها في سن مبكر، فھي تدفع مھرًا قليلًا نسبيًا عند تزويج أبنائها الذكور، وفي المقابل تحصل على أيدي عاملة إضافية من أجل العمل خارج المنزل “الحقول” وداخله.

وبينت الدراسة العلاقة التي تربط الزواج المبكر والفقر، موضحة أنَّ للتقليل من تكاليف مراسم الأعراس؛ تسعى الأسر الفقيرة إلى تزويج عدد من أبنائها في يوم واحد أو مشاركة العرس مع بعض الأقارب أو أھل القرية في يوم واحد (العرس الجماعي)؛ وذلك توفيرًا لنفقات العرس؛ وتفاديًا للتكاليف الباهظة على الفرد الواحد.

العادات والتقاليد سببًا في الزواج المبكر

في محافظة المحويت يتم تزويج الفتيات في عمر مبكر، حيث تعدُّ العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية أبرز أسباب الزواج المبكر،  وتفضل الكثير من الأسر الزواج  بين أفراد العائلة، والذين تربطهم صلة قرابة من الدرجات الثانية والثالثة، ومن أسبابها أيضاً تلك الموروثات المجتمعية الخاصة بالتكاثر، وزيادة عدد أبناء العائلة أو العشيرة، حيث لا يُعطى للفتاة أيّ فرصة للتفكير أو اختيار شريك حياتها.

يقول (ع.ع.ا) –فضّل عدم ذكر اسمه-: “أُجبرت أنا وإخواني الثلاثة على الزواج من بنات أعمامنا في عمر مبكر، وكان ذلك بحجة الحفاظ على إرث العائلة وألا يتقاسمه الخارجون عن العائلة أو الغرباء”.

مضيفًا “رغم رفضنا لذلك وعدم قبولنا لبعضنا البعض، لم نستطع إقناع أهلنا بذلك، فقد اتفق الأعمام والجد الأكبر على حتمية الزواج”.

الزواج المبكر يحرم الفتاة من التعليم

حياة الرحبي(الناشطة الحقوقية) تؤكد أنَّ الزواج المبكر منتشر وبشكل كبير في الأرياف؛ بسبب تدني المستوى الاقتصادي والمعيشي لعدد من الأسر، وازدياد معدلات البطالة، وتبرز هذه الظاهرة في الأسر التي تزداد فيها أعدد الأفراد.

مضيفة أنَّ ظاهرة الزواج المبكر في الأرياف أثرت على التعليم،  فكثير من الفتيات تُحرم من التعليم؛  بسبب ما يعانيه  المجتمع اليمني من قيود ثقافية مختلفة، ومن هذه القيود: عدم ذهاب المرأة المتزوجة إلى المدرسة، واختلاطها بمن لم يتزوجن .

وترى الرحبي أنَّ الزواج المبكر يعدُّ انتهاكاً صارخاً –حد وصفها- بحق الطفولة والمرأة، فحرمان الفتاة من التعليم وتزويجها مبكراً،  وحرمانها من الوصول إلى صنع القرار؛ أدى إلى تقليص تواجد المرأة بالمجتمع في مكانها الذي يجب أن تكون فيه.

وأشارت حياة (الناشطة الحقوقية) إلى أنَّ ظاهرة الزواج المبكر قلصت دور المرأة، وأدت إلى انتشار الجهل، فعندما يكون الأب والأم صغاراً في العمر، ولا يجيدون تحمل مسؤولية الزواج؛ ينشأ جيل غير متعلم، فيستمر توارث هذه الظواهر بشكل كبير –خصوصًا- في المجتمعات الريفية التي تحكمها القبيلة والعادات والأعراف.

 (أ.ح.م) إحدى الفتيات اللاتي تزوجن في عمر مبكر-طلبت عدم ذكر اسمها-، قائلة: ” تفاجأت في يوم -عند عودتي من المدرسة- بخطبتي على ابن عمي في عمر الثالثة عشرة، استمرت الخطوبة  لسنتين، وتزوجت في عمر الخامسة عشرة”.

مضيفة “تزوجت وأنا لا أفقه شيئاً في الزواج، إلى أن حملت بطفلي  الأول  بعد سنة من زواجي،  وزادت المسؤوليات عليَّ  وتحملت الكثير ولكني لم أرضخ للواقع الذي فُرض علي، واستطعت بإرادتي أن أكمل دراستي، وطفلي في أحضاني، ولكنَّ هناك فتيات غيري لم يستطعن تحقيق حلمهن في إكمال تعليمهن الأساسي”.

الزواج المبكر للفتيات تسويغ لثقافة التمييز

أكدت دراسة صادرة عن المركز العام للدراسات والبحوث -صادرة في العام  2002 /2003م- أنَّ ظاهرة الزواج المبكر تمثل أحد أهم مظاهر انتهاك حقوق الإنسان ذكرًا كان أو أنثى، ومـع ذلك فإنَّ دوافع الأسرة لتزويج أبنائها تختلف في حالة الذكور عنها في الإناث.

وأشارات الدراسة إلى أنَّ الزواج المبكر انتهاك لحق المرأة في أخذ رأیھا عند الزواج، وبحسب المسح الميداني للدراسة، ففي العديد من حالات الزواج المبكر لوحظ عدم أخذ رأي الفتـاة فـي قـرار زواجها، فالقرار الأول والأخير في زواجها هو للوالدين وبالأخص الأب.

وفي ذات السياق أوضحت الدراسة السيولوجية لآراء عينة من الشباب، والتي حملت عنوان: (زواج القاصرات في المجتمع اليمني: الأسباب والآثار)،  الصادرة في مارس 2021م -للباحثة أمل صالح سعد راجح- أنَّ الزواج المبكر ينقسم  إلى ثلاثة أقسام من حيث السن: زواج مبكر جدًّا يكون في سن (8_14) سنة، وزواج مبكر يكون في سن  (15_17) سنة، وزواج مبكر في سن قانوني (18)سنة.

التوعية والتثقيف حلول للقضاء على الزواج المبكر

ميمونة محمد (أخصائية اجتماعية) توضح أنَّ القضاء على الزواج المبكر يبدأ من خلال  التوعية والتثقيف بأضرار الزواج المبكر، عن طريق وضع سياسات  توعوية تهدف إلى خلق وعي لدى الأفراد في المجتمع. وتضيف محمد أنَّه يجب أن يتم المطالبة بتعدیل القوانين الخاصة بتحديد عمر الزواج، والاتفاق على إيجاد نص یحدد سن الزواج، مؤكدة أنَّ التعليم الإجباري إلى أن يكتمل نمو الفتاة بيولوجيًا أمرٌ هام؛ للحد من انتشار ظاهرة الزواج المبكر.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

الفتيات اليمنيات أكثر عرضة لخطر الزواج المبكر من الفتيان

صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجرته (وحدة المعلومات واستطلاع الرأي) …