‫الرئيسية‬ تقارير وتحقيقات الزواج المبكر خطر صحي يهدد حياة الأم والطفل

الزواج المبكر خطر صحي يهدد حياة الأم والطفل

صوت الأمل – علياء محمد

تعد قضية الزواج المبكر إحدى الظواهر الاجتماعية المنتشرة، والتي  ينجم عنها أضرارًا وآثارًا سلبية على كافة المستويات  الصحية، والنفسية والاجتماعية، ويقترن ارتفاع نسبة زواج القصَّر بارتفاع معدلات وفيات الأمهات الرضع، ويمكن أن يتسبب بأضرار بالغة في صحة الفتيات الإنجابية .

هذا وقد أوضحت عدد من التقارير الدولية احتمالية أن تكون المضاعفات المرتبطة بالحمل سبباً رئيساً لوفاة الأطفال والأمهات الحوامل اللاتي لم يتعدى أعمارهن العشرين عامًا .

  وبحسب تقرير للأمم المتحدة، توجد علاقة وثيقة بين عمر الأم ومعدل وفيات الأمهات، وأفاد تقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان  في العام 2019م أنَّ أكثر من 150 مليون فتاة يمكن أن يصبحن أطفالًا عرائس بحلول عام 2030م، إذا لم يتصرف العالم بشكل حاسم لإنهاء زواج الأطفال.

وأشار الصندوق في تقريره إلى أنَّ في المتوسط يتم تزويج عشرات الآلاف من الفتيات كل يوم، وفي ذلك  انتهاك لحقوقهن، بالإضافة إلى تعرضهن للعنف المحتمل، مما يهدد صحتهن وحياتهن، وتعد هيئة الأمم المتحدة للمرأة مكافحة زواج القاصرات أحد أهداف التنمية المستدامة .

ضحايا الزواج المبكر

  (عائشة وأسرار) ضحيتان من بيت واحد، عائشة الأخت الكبرى لأسرار، تكبرها بعامين تزوجت عائشة قبل أختها في عمر الخامسة عشرة، على ابن خالتها والذي يكبرها سنًا لتتبعها بعد سنتين أختها أسرار وتتزوج ابن خالتها.

 تعيش عائشة وأسرار في بيت واحد، ويتحملن مسؤوليته رغم صغر سنهن، تقول أسرار: “إلى الآن لم أرزق بطفل، ولكن أختي رزقت في السنة الأولى من زواجها، وعانت كثيرًا في ذلك، فقد تعرضت للكثير من التعب، وتعسرت ولادتها، وأنا الآن خائفة  من أن أعاني ما عانته أختي أثناء الحمل والولادة”.

في اليمن لا تنتهي مآسي وأحداث الزواج المبكر، وتتعدد القصص وتزداد الوفيات أثناء الولادة، وعن تجربتها  تقول أحلام الفقيه: “تزوجت في عمر صغير، وشاء القدر أن أحمل سريعًا، لم أكن أعلم أي شيء عن الحمل أو الولادة، وكانت والدتي ووالدة زوجي تقدمان لي الاستشارات، ولكن عندما أتى موعد الولادة،  لم أستطع التصرف؛ الأمر الذي تسبب أثناء الولادة باختناق طفلي ودخوله إلى  المستشفى”.

 الدراسة التي نفذتها (إدارة تنمية المرأة بقطاع السكان بوزارة الصحة) في العام 2013م، أوضحت أنَّ أكثر من 365 امرأة من كل 100 ألف ولادة حية تموت؛ جراء مضاعفات الحمل والولادة والنفاس، وأشارت الدراسة إلى أنّ 50% من وفيات الأمهات تقع ضمن الفتيات الأقل من سن عشرين.

مخاطر صحيّة تؤدي إلى الموت

 “يحرم زواج الأطفال الفتيات من طفولتهن ويهدد حياتهن وصحتهن”، جاء ذلك في تقرير أصدرته منظمة اليونيسف في العام 2020م.

وأشار التقرير إلى أنَّ الفتيات اللاتي تزوجن قبل بلوغهن سن الـ 18 عامًا  أكثر عرضة للعنف المنزلي، ويقل احتمال بقائهن في المدرسة، كما يعانين من مشاكل اقتصادية، وصحية أسوأ من أقرانهن غير المتزوجات، وتنتقل في النهاية إلى أطفالهن .

 وأوضح التقرير أنَّ الفتيات المراهقات يتعرضن للمضاعفات خلال فترة الحمل والولادة مما يؤثر تأثيراً كبيراً على سلامتهن البدنية والنفسية.

“هناك عدد من العوامل المؤثرة في الحمل والولادة لدى الفتيات القصر واللاتي تزوجن في أعمار صغيرة، وتزيد هذه العوامل من احتمالية وفاتهن ووفاة الجنين”، هذا ما أكدته الدكتورة نهلة غالب (أخصائية نساء وولادة).

 مضيفة أنَّ الحوامل الأصغر عمرًا  أكثر عرضة للمخاطر أثناء الولادة؛ بسبب عدم اكتمال النمــو  -خاصة- حجــم الحــوض، وغالبًا لا تتحمل أغلب الأجسام أعباء الحمل؛ بسبب تفاوت حجم الحوض ورأس الجنين، مضيفة أنَّ عدم المباعدة بين الولادات في عمر صغير؛ يسبب مضاعفات صحية كبيرة  قد تودي إلى الوفاة .

مشيرة إلى أنَّ الحوامل من القاصرات، أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام، والتشوهات العظمية في الحوض، وفقر الدم، والإجهاض والولادات المبكرة؛ بسبب عدم  تهيؤ الرحم لحدوث الحمل،  بالإضافة إلى زيادة الولادة بالعمليات القيصرية؛ نتيجة حدوث تعسر الولادة .

 وفي ذات السياق أكدت الدكتورة نهلة غالب أنَّ الطفل كذلك يتعرض لعدد من المضاعفات أبرزها: اختناق الجنين في بطن الأم،  قصـور فـي الأجهـزة التنفسية والهضمية، والإصابة بالإعاقات السمعية والبصرية؛    بسبب  الولادات المبكرة وعدم اكتمال النمو.

آثار نفسية للزواج المبكر

محمد حسن(أخصائي النفسي) يؤكد أنَّ هناك عدداً من الآثار النفسية التي من الممكن أن تصاب بها الأم القاصر أبرزها: الشعور بالحرمان العاطفي، والحرمان من عيش مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى حالة الخوف الكبيرة التي تصاب بها الفتاة؛ بسبب عدم معرفتها أي شيء عن العلاقة الزوجية؛ الأمر الذي قد يتسبب بالكثير من المشاكل الزوجية.

وأشار حسن إلى أنَّ الأم القاصر تتعرض للكثير من الضغوط النفسية؛  بسبب كثرة الالتزامات والمسؤوليات الأسرية؛ مما يجعلها عرضة للإصابة بعدد من الأمراض النفسية: أهمها  الاكتئاب، والهستيريا، والقلق .

تقول (ا.ل.ع) –فضّلت عدم ذكر اسمها-: “أصبت بمرض اكتئاب ما بعد الولادة؛ بسبب ما عانيته طيلة فترة الحمل من الألم والتعب؛ وبسبب تعسر الولادة،  وبعد ولادتي شعرت أنَّني غير قادرة على  تحمل كل تلك المسؤوليات، ولم أتقبل طفلي في البداية؛ اعتقادًا مني أنَّه السبب  في ما حصل لي، وأصبحت عنيفة جدًا، وبعدها اتخذت قرار العلاج  عند أخصائية نفسية ساعدتني  على الخروج من هذه الحالة التي تعرضت لها؛ بسبب الزواج المبكر وبسبب الولادة المبكر”.

الزواج المبكر قلة وعي في الأضرار الصحية  

ترى بشرى السيد(ناشطة حقوقية عاملة في رعاية المرأة والطفل)، أنَّ الزواج المبكر: ھو الزواج الذي یتم قبل عمر الثامنة عشرة، حيث تتسم هذه المرحلة العمرية بعدم النضج جسديًا، وعقليًا، ونفسيًا للفتيات والفتيان على حد سواء، و-خاصة- الفتاة؛ نتيجة عدم اكتمال النمو البيولوجي، والسوسيولوجي وعدم اكتمال الجهاز التناسلي للفتيات اللاتي تقل أعمارهن عن 18سنة؛ الأمر الذي يتسبب في مضاعفات خطيرة أثناء الحمل، فمن الممكن أن تصاب بالنزيف  وغيره من الآثار السلبية والتي تنقسم ما بين إعاقات جسدية  وتشوهات جنينية.

مضيفة أنَّ موضوع الزواج المبكر  في اليمن من المواضيع القديمة التي تحدث؛  بسبب العادات والتقاليد، فمتى ما  بلغت الفتاة  تتزوج، ولكن ما نراه في الوقت الحالي يختلف تمامًا عن السابق، -الآن- أصبحن الفتيات في المدن يرغبن في الزواج دون التفكير بما سيحل لهن تبعاً لهذا القرار.

موضحة أنَّ هناك قلة وعي في أوساط المجتمع بأضرار ومخاطر الزواج المبكر؛ الأمر الذي يزيد من انتشار الظاهرة في المجتمع، وتشدد بشرى السيد: “إننا بحاجة إلى توعية بناتنا، وإخبارهن عن أضرار وآثار الزواج المبكر، فكثير من الفتيات اللاتي تزوجن مبكرًا،  يجهلن أهم الآثار الصحية للزواج المبكر،  ولم يكنَّ متهيئات للعلاقة الجسدية مع الزوج، ولم تكن لديهن المعلومات الكافية المتعلقة بالعلاقة الجسدية، والصحة التناسلية”.

 معالجات

لا شيء يمكنه  أن يوقف الزواج المبكر ووفاة الفتيات الصغيرات في اليمن، غير القيام بالدعوة والمناصرة مع المعنيين من  مؤسسات إعلامية وهيئات دينية وصحية، وطبية والقيام بحملات تثقيفية في كافة المجتمعات، ونشر الوعي حول أضرار ومخاطر الزواج المبكر، والعمل مع المنظمات المعنية؛ للحد من انتشار ظاهرة الزواج المبكر، والعمل على سن التشريعات والقوانين، وتنفيذ العقوبات لكل من يشارك في تزويج القاصرين، بالإضافة إلى تعزيز الوضع المعيشي والاقتصادي للعائلات الأكثر فقرًا  من خلال المساعدات المالية .

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…