‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المعلمون في اليمن معلمو اليمن: جهود متواصلة واستجابات ضعيفة لمتطلباتهم

معلمو اليمن: جهود متواصلة واستجابات ضعيفة لمتطلباتهم

صوت الأمل – علياء محمد

      تعد البيئة التعليمية المناسبة من أهم عوامل نجاح العملية التعليمية، والتي تؤثر بدورها تأثيرا إيجابيا على مخرجات التعليم. ويعد المعلم الركن الأساسي لاستمرار العملية التعليمية.

    وفي بيئة تعليمية فعالة يصبح المعلم أكثر تكيفا والتزاما في تقديم الرسالة التي وجد لتحقيقها، وهناك العديد من العوامل التي تساهم في إيجاد بيئة تعليمية مناسبة تلبي احتياجات المعلم والطالب.

واقع البيئة التعليمية في اليمن

       لم تكن البيئة التعليمية في اليمن قبل الصراع بتلك الجودة، وكان قطاع التعليم يعاني العديد من التحديات، وأدى الصراع في اليمن إلى تدهور كبير في البنية التحتية لقطاع التعليم وانعكست تأثيراته على المعلم والطالب في آن واحد.

     ذكرت الدراسة الميدانية والتي حملت عنوان (تأثير النزاع على الوصول للتعليم في اليمن)، الصادرة عن منظمة مواطنة لحقوق الإنسان في العام 2021: “أن النزاع في اليمن تسبب بانهيار شــبه كامــل لمنظومــة التعليــم العــام فــي اليمــن”.

    وأشارت الدراسة إلى خروج 2500 مدرسـة عن العمل بشكل كامل، وإغلاق 27 % مـن المـدارس فـي جميـع أنحـاء البلاد، بالإضافة إلى تضرر 66 % مـن المـدارس واستخدام 7% مـن المـدارس مراكز إيواء للنازحين.

     هذا وقد حرم 51 % من المعلمين من رواتبهم وشكل انقطاع الراتب أحد التحديات الأكثر صعوبة، والتي أثرت على عمل المعلم ودوره في تعزيز العملية التعليمي.

     ووفقا للتقرير الصادر عن منظمة اليونيسف في العام 2021 والذي حمل عنوان (نظرة عامة عن الاحتياجات الإنسانية في اليمن)، أن أكثر من 523.000 طفل نازح يعاني من صعوبة الحصول على التعليم، بسبب عدم توفر مساحة كافية في الفصول الدراسية الحالية.

     ترى نسيم محمد (معلمة) أن البيئة التعليمية في المدارس الحكومية تفتقر للكثير من العوامل التي تضمن استمرار العملية التعليمية.

    مضيفة: “في سنوات ما قبل الصراع كنا نعمل جاهدين لإيجاد بيئة تعليمية مناسبة للطالب وللمعلم، بعد الصراع اختلفت أشياء كثيرة ورجعنا للوراء وأصبحت مدارسنا بحاجة إلى التأهيل من جديد، فالكثير من المدارس تعرضت للهدم وأصبحت غير صالحة لاستقبال الطلاب والبعض منها أصبحت متهالكة، وأصبحنا عاجزين عن تقديم شيء جديد، وأصبح همنا الوحيد فقط ضمان إكمال المسيرة التعليمية في وضع غير آمن”.

    يوافقها الرأي أحمد قاسم (معلم في إحدى المدارس الحكومية) يقول: “تسبب الصراع القائم في البلاد منذ ثماني سنوات بتدمير العديد من المدارس وأجبر الكثير من الطلاب والمعلمين على ترك مدارسهم، وأصبحت البنية التحتية للقطاع التعليمي بشكل عام ضعيفة ومتهالكة الأمر الذي دفع الكثير من الطلاب إلى التسرب من المدرسة”.

     موكدا على افتقار المدارس في عموم اليمن إلى المواد الأساسية والضرورية لتوفير مستوى تعليمي عالٍ، وأصبح المعلم يحمل على عاتقه الكثير من المسؤوليات داخل المدرسة وخارجها.

     وأشار أحمد إلى أن المعلم يواجه تحديا كبيرا أثناء القيام بمهنته بسبب اكتظاظ الطلاب، والذي يصل عددهم في الفصل الواحد إلى أربعين طالب؛ الأمر الذي يؤثر على أداء المدرس ويؤثر كذلك على فهم واستيعاب الطالب.

  الوسائل التعليمية والأنشطة المدرسية

     يشكو الكثير من الطلاب والأسر من غياب الوسائل والأنشطة المدرسية، وأكد الكثير من الطلاب أنهم أصبحوا يشعرون بالملل أثناء تلقيهم الحصص، بسبب عملية التدريس الروتينية التي يستخدمها المعلمون أثناء الشرح، بالإضافة إلى قلة الأنشطة الترفيهية التي يحتاجها الطالب لإطلاق مواهبه الخاصة.

    وحول هذا الموضوع تقول ميمونة قائد (أخصائية اجتماعية): “نستطيع القول إن الوسائل والأنشطة المدرسية مغيبة تماما في أكثر المدارس، وذلك بسبب نقص الإمكانيات المادية وتأثر قطاع التعليم بالصراع، الأمر الذي حول المدرسة من بيئة محفزة للإبداع إلى بيئة مملة”.

     مضيفة: “قبل الصراع كانت المدارس تقوم باختيار الوسائل التعليمية المختلفة لمساعدة الطالب على الفهم وكان الكثير من المعلمين يقومون بالعديد من الأنشطة التعليمية والترفيهية المختلفة، ولكن بسبب الصراع أصبح المعلم في تحدٍ كبير مع الوقت وأصبح غير قادر على القيام بالأنشطة المدرسية في بيئة لا تستطيع توفير أبسط حق من حقوقه وهو الراتب”.

     وأشارت ميمونة في حديثها إلى غياب الدعم من الجهات المختصة في تمويل الأنشطة المدرسية بسبب الوضع الراهن، وتركيز أغلب الجهات ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية إلى دعم مشاريع  دفع رواتب المعلمين المنقطعة وتوفير الغذاء والحقائب والمستلزمات المدرسية للطلاب الفقراء والنازحين.

     مشددة على أهمية توفير الوسائل والأنشطة التعليمية لمساعدة المعلم في تأدية عمله بالشكل المطلوب ولإخراج الطالب من الحالة التي وصل إليها بسبب تأثرها بالأوضاع الحالية بالبلاد.

    ومن جانبها أكدت هناء عثمان (إحدى المعلمات) على أهمية توفير الوسائل والأنشطة التعليمية لمساعدة الطلاب على الفهم وإشباع حاجته التعليمية، بالإضافة إلى زيادة مشاركة الطالب وتبسيط المعلومات وترسيخها في ذهنه.

    مضيفة: “تبسط الوسائل التعليمية للمعلم طريقة عرض المادة وتوفر الوقت والجهد لعرضها أكثر من مرة وترفع مستوى المعلم وقدراته”.

الكتاب المدرسي

   تعاني الكثير من المدارس من عدم قدرتها على توفير الكتب الدراسية ويشكو الطلاب وأسرهم من عدم قدرة أبنائهم على فهم واستيعاب الدروس والمذاكرة بدون وجود كتب مدرسية.

    وبدورها أكدت ندى سالم (إحدى المسؤولات على توزيع الكتب المدرسية بإحدى المدارس الحكومية) على عجز المدارس عن توفير الكتب المدرسية جراء الأوضاع الراهنة. مشيرة إلى أنهم يقومون بطلب الكتب من الطلاب لتوزيعها في بداية السنة الدراسية الجديدة للطلاب.

    مضيفة: “لا أخفيكم بأنه يتم توزيع كتب متهالكة للطلاب، وقد يحصل كل طالبين على كتاب واحد، والبعض ممن هم ميسوري الحال يقومون بشراء الكتب من الأسواق، الأمر الذي أعاق العملية التعليمية وأدى إلى تدني مستوى الطلاب وأثر على المعلمين وعلى عملهم”.

    وعن أهمية توفير الكتاب المدرسي، أشارت ندى سالم إلى أن الكتاب هو الوسيلة التي يستطيع من خلالها المعلم وضع خطة دراسية مناسبة لمستوى الطالب.

   مضيفة: “يساهم الكتاب المدرسي بإيصال المعلومات للطالب بشكل فعال، وهو المرجع الرئيسي الذي يستطيع الطالب العودة إليه لاسترجاع دروسه، وإتمام الواجبات المطلوبة منهم”.

 الاستجابة لمتطلبات المعلمين

   تحدث محمد الحاج (مدير مدرسة في صنعاء) عن غياب دور وزارة التربية والتعليم في الاستجابة لمتطلبات المعلمين لإكمال العملية التعليمية جراء النزاع.

   مضيفا: “أصبحت الوزارة عاجزة عن توفير المستلزمات الأساسية والضرورية للمدارس، وأصبحنا نحن كذلك عاجزين عن تنفيذ متطلبات المعلم وتوفير ما يساعده في أداء مهامه كما ينبغي لها أن تقدم”.

    وأشار إلى أن الأسر تحملت أعباء دراسة أبنائها بعد أن كان التعليم مجانيا، أصبحت الأسر تتكبد رسوم دراسة أبنائها التي فرضت عليهم لمساعدة المعلمين الذين انقطعت رواتبهم على مواصلة العمل”.     مؤكدا على ضرورة عمل خطة عمل استراتيجية لتطوير العملية التعليمية في اليمن والقيام بعملية دعم لإعادة تأهيل المدارس في عموم المحافظات وإعادة المدارس المتوقفة عن العمل. وشدد الحاج على أهمية تأهيل وتدريب المعلمين وتزويدهم بوسائل تعليمية حديثة مواكبة للتطور التكنولوجي في العصر الحديث.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

98% يعتقدون أن الظروف السيئة التي يعيشها المعلمون الآن ستؤثر بشكل سلبي على السلوكيات العامة للمجتمع

صوت الأمل – يُمنى أحمد التعليم هو الطريق الأمثل لقيام مجتمع سوي يتمتع أفراده بالحرية والمس…