‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة عمالة الأطفال في اليمن الإهمال وعدم التمويل يعرض بعض مراكز رعاية وتأهيل الأطفال العاملين للتوقيف

الإهمال وعدم التمويل يعرض بعض مراكز رعاية وتأهيل الأطفال العاملين للتوقيف

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

لا تكاد تخلو أسرة من الأسر اليمنية من المُعيل (الطفل)، فقلة فرص العمل للوالدين، انقطاع صرف الرواتب للموظفين منهم، فقدانهم لمصادر رزقهم وتسريحهم بسبب الإفلاس؛ تبعًا لتداعيات الصراع القائم منذ سنوات، أو فقدناهم لمعيلهم؛ أجبر مئات الأطفال في هذه الأسر  على الانخراط  في سوق العمل، ولا يهم إذا كان هذا العمل مناسبًا لهم أم لا، الأهم أن يجد فرصة للعمل، وينقذ أسرته من الجوع والفقر والضياع.

يذكر تقرير صادر لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، نشر في موقع المنظمة في العاشر من يونيو  2022م، أنَّ عمالة الأطفال تعرُّف «بأنَّها العمل غير المناسب لعمر الطفل، أو بشكل أكثر تحديدًا، العمل الذي يؤثر على تعليم الطفل، أو من المحتمل أن يضر بصحته، أو سلامته، أو أخلاقه”.

“الأطفال العاملين في اليمن”، هذه العبارة لم تعد جديدة على واقع البلاد وأحداثه؛ فالأوضاع  التي يمر بها الملايين من اليمنيين أجبرت جميع أفراد الأسر على التوجه لكسب المال الكافي؛ لمواجهة الأوضاع المعيشية التي تمر بها الأسرة، مشاهد الأطفال العاملين في الشوارع والمتجولين في الأحياء والأزقة والأسواق وفي المزارع، ونقل البضائع والمواد في الأرياف، يعكس مدى الوضع القاسي الذي وصل إليه أطفال اليمن.

معاناة أسرية

سعاد مهدي -أم لخمسة أبناء: 3 منهم ذكور وفتاة- تعيش مع زوجها حالة من المشاكل الأسرية؛ بسبب عدم توفيره احتياجاتها هي وأبنائها، تزوج من امرأة أخرى وترك سعاد مع أبنائها تواجه حياة صعبة في ظل ظروف معيشية لا ترحم. يترواح عمر أبنائها الأربعة ما بين10  إلى 18 عامًا، ثلاثة منهم يتجهون للعمل صباحًا ويعودون إلى المنزل مساءً، بحسب ما قالته سعاد.

وتقول أيضًا: “عانيت كثيرًا بسبب إهمال زوجي. كان أطفالي في عمر الرُضع، خرجت للعمل من أجل سد احتياجاتهم، عملت في بيع البخور مع إحدى نساء حارتي مقابل أجر بسيط، وبعدها انتقلت للعمل في بيع المخلل، وبعت لخياطات ملابس، اشتغلت في أكثر من عمل، وكان إخوتي ووالدي يقدمون لي المساعدة في توفير بعض المواد الغذائية، وعندما كبر أطفالي تغيرت الأمور وأصبحوا يذهبون للبحث عن عمل كل صباح، ومن هُنا بدأت عمالة الأطفال».

حسب حديث سعاد يغادر أبناؤها الثلاثة (علي، نبيل، أيمن) المنزل صباحًا إلى سوق بيع القات في المدينة، وهناك يعملون في أي عمل يجدونه، من مساعدة بائعي القات مثل توصيله إلى زبائنهم في المحلات والمنازل والمطاعم وغيرها، مقابل أجر يومي لا يتجاوز ألف وخمسمائة ريال.

الظاهرة  ومراكز الرعاية والتأهيل 

في هذا الصدد تصرح رئيسة إحدى المؤسسات التي تعمل في مجال حماية الطفولة -فضلت عدم ذكر اسمها-  أنَّ الطفولة  في اليمن تمر بأسوء فتراتها على الإطلاق في كل مناطق اليمن، ولم تخص  منطقة دون أخرى، تحدثت أنَّ الطفولة في تراجع، وعمالة الأطفال في ازدياد، دور مراكز تأهيل الأطفال متوقفة، إذ أنَّ اللوائح التنظيمية لها وآلية العمل بها وأنشطتها مجمدة، حالة يرثى لها وحالة هي الأسوء على مستوى البلاد، كما أنَّ الأطفال في اليمن أصبحوا خطاً أحمر، الحديث عنهم قد يؤدي إلى كثير من الإشكاليات، وتقديم برامج الحماية للأطفال ممنوعة بحجة فهم غير صحيح  لمفهوم الحماية للأطفال.

من جانبه يقول مصدر مسؤول في  منظمة سياج لحماية الطفولة حول مراكز رعاية وتأهيل الأطفال العاملين: “هذه المراكز ليست بحالة جيدة، حيث تعرضت لقدر كبير من الإهمال وعدم التمويل، والعجز الشديد في الإمكانات؛ الأمر الذي تسبب في تعليق أنشطة الكثير منها، وتوقفها مثل: مركز رعاية الأحداث في تعز، وغيرها من المراكز بين متوقفة وأخرى تمارس أنشطتها في الحد الأدنى كما هو في أغلبية مراكز التأهيل باليمن”.

مضيفًا أنَّ المشكلة ليست في اللوائح والنظم الداخلية للمراكز، وإنما في انعدام التمويل بالإضافة إلى أهم عوامل ارتفاع معدلات أسوأ أشكال عمالة الأطفال في اليمن، واتساع واستمرار الصراع، والنزوح وزيادة معدلات الفقر وانهيار مؤسسات الدولة كالأمن والقضاء والتعليم وعجز أو توقف منظمات المجتمع المدني ذات الصلة بحماية ورعاية الأطفال عن القيام بواجبها.

أحمد الوجيه (المدير التنفيذي لمنظمة يمن الطفل والشباب)، يقول: “لدى المنظمة برنامج  في إطار (برنامج الحماية) تقوم من خلاله بمتابعة حالات كثيرة من عمالة الأطفال، وهناك دورات تدريبية وأنشطة نفذت في جانب الحماية: كالجانب التوعوي للأسر، وآخر لأرباب العمل في كيفية التعامل مع هذه الظاهرة، وكانت المنظمة تعمل على إتاحة فرص عمل لأولياء الأمور أو الأشخاص العائلين لهؤلاء الأطفال؛ حتى يتجنب الأطفال العمالة”.

وفي ما يخص اللوائح في مراكز رعاية وتأهيل الأطفال العاملين يقول الوجيه لـ «صوت الأمل: “بالنسبة للوائح هناك جهات حكومية تنفذ هذه اللوائح في مقدمتها مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل أو وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهناك مركز للطفولة الآمنة يقوم بمتابعة حالة عمالة الأطفال، ومعالجتها والتواصل مع الشركات والمؤسسات ورجال المال والأعمال للحد من هذه الظاهرة”.

في الظروف الطبيعية التي كانت تعيشها البلاد، وكانت تطبق كثيراً من الوائح، فكانت هناك متابعة من الجهات المعنية في اليمن سواءً من قبل مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، أو المنظمات الحقوقية، ومن جانب وزارة التربية والتعليم كذلك عمالة الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، والعمل على الحد من قضايا التسرب من التعليم، والتي تنتج عنها ظاهرة عمالة الأطفال، وفقًا لـ أحمد الوجيه (المدير التنفيذي لمنظمة يمن الطفل والشباب).

يقول الوجيه: “بالنسبة للبرامج هناك برامج في مركز الطفولة الآمنة التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وبالنسبة للأنشطة في منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية، فإنَّها بسيطة مقارنة بحجم الظاهرة، وليست بالشكل الكافي والمطلوب».

من الناحية القانونية يشير أحمد إلى أنَّ الجميع يعرف أنَّ قانون الطفل اليمني يحظر عمل الأطفال -دون سن الرابعة عشرة- كما يحظر تشغيل الطفل في الأعمال الصناعية قبل بلوغه سن الخامسة عشر، هناك قانون عمل أيضًا في اليمن لم يحظر العمل بشكل نهائي، ولكن ربما حدد الساعات لعمل الطفل وهي تتضمن سبع ساعات.

ويرى الوجيه أنَّ هناك الكثير من اللوائح -سواء كانت قوانين أو اتفاقيات دولية أو لوائح تصدر عن المكاتب المعنية-، لكن للأسف في الظروف الأخيرة وغير الطبيعية أصبحت هذه اللوائح لا جدوى منها، لأنَّ ما تواجهه الحالة الاقتصادية للأسرة، وقضايا التفكك الأسري هذه كلها قضايا نتجت عنها ظاهرة عمالة الأطفال.

يختم الوجيه  في حديثه لـ”صوت الأمل” بأنَّ ظاهرة عمالة الأطفال عالمية، وأنَّ اليمن -كونه جزءاً من هذا العالم- قد أخذ النصيب الأوفر، خاصة مع النزاع الحاصل في البلاد. وأنَّه من خلال موضوع عمالة الأطفال فإنَّ مكافحة هذه الظاهرة هي مسؤولية مجتمعية دولية إقليمية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

29% يرون أن الحل لظاهرة عمالة الأطفال هي فرض عقوبات على أهاليهم ومستأجريهم للعمل

صوت الأمل – يُمنى أحمد أجرت صحيفة “صوت الأمل”، في النصف الأول من شهر أغسطس للع…