‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النظام القبلي في اليمن دراسات حديثة عن دور القبيلة في اليمن وتأثيرها في الوضع الراهن

دراسات حديثة عن دور القبيلة في اليمن وتأثيرها في الوضع الراهن

صوت الأمل – علياء محمد

      تعدُّ القبيلة إحدى المكونات الاجتماعية والسياسية المهمة في المجتمعات العربية عامة واليمن خاصَّة،  وقد أدَّت القبيلة اليمنية دورًا بارزًا في الأحداث التاريخية طوال التاريخ السياسي لليمن، وباتت  قطبًا مهمًا ولاعبًا رئيسًا في مراحل تكوين الدولة .

      وبينت الدراسة التي أعدها الدكتور عبد الكريم قاسم بعنوان) نظــرة تحليليـة لواقـــع المُسـاءلة  المجتمعية) الصادرة في العام  2019م، عن مؤسسة رنين، أن القبيلة اليمنية تقوم  على مجموعة من القواعد التي تكون عقدًا اجتماعيًّا بين أفرادها وزعماء القبيلة (الشيوخ), وينظم هذا العقد أو العرف القبلي الشؤون العامة,  ويحمي المصالح ويقدم الحماية والدعم الاقتصادي لأفراد القبيلة.

     وأشارت الدراسة إلى أن  عددًا من الباحثين اتجهوا إلى أن البنية القبلية تتعارض مع خصائص المجتمع المدني؛ لأن القبيلة تعتمد على رابطة النسب والقرابة، مع وجود تشابه بينما في بعض الوظائف، بينما يعتقد بعضهم الآخر أن القبيلة مثل أي تنظيم، يقوم على أساس ثقافي وسلوكي وأمني واقتصادي، تنشأ فيه التحالفات الداخلية والخارجية بناء على مصالح و حقوق ثقافية وإنسانية و اقتصادية واجتماعية.

مكونات القبائل اليمنية وتمركزها

    في دراسة أخرى بعنوان: (حرب اليمن وآفاق السلام) صادرة عام  2018م، بينت أن القبائل اليمنية تتكون من وحدات متجانسة ثقافيًّا في سماتها العامة، وهناك فوارق في خصوصيات قبلية ومناطقية عديدة فيما بينها، حتى في إطار المنطقة أو الجهة الواحدة, وأن لها  صفة عامة مشتركة وهي: ” أداء المهام نفسها ” .

       كما نصت الدراسة على أن عدد القبائل  في اليمن  قدر بنحو 200 قبيلة، يتركز 167 في شمال اليمن وما يقارب 141 قبيلة تتوزع في المناطق الجبلية، و 27 تقع في المناطق الساحلية، وفي الجنوب  يقدر عدد القبائل بـ25  قبيلة،  هذه القبائل تأثرت بالوضع الراهن وتلاشى بعض منها في المناطق الوسطى وعدد من مناطق الساحل وتهامة والمحافظات الجنوبية,  بينما تمركز في المرتفعات الشمالية الغربية.

ضبط اجتماعي

أوضح محمود البكاري) دكتور العلوم السياسية (  أن النظام القبلي في اليمن هو جزء من التركيبة الاجتماعية للمجتمع اليمني ، وأن القبيلة ــ بحد ذاتهاــ بنية اجتماعية لا تزال قائمة ولها إيجابيات تتمثل في أن المجتمع له عاداته وأعرافه وتقاليده الاجتماعية التي ارتضاها لنفسه, والتي ترقى إلى مستوى التشريع العُرفي أو غير المكتوب.

وأضاف لـ”صوت الأمل” فقال: إن النظام القبلي يُعد أساس عملية الضبط الاجتماع ؛ لحماية حقوق ومصالح أفراد المجتمع, عن طريق وسائل الردع غير الرسمية التي تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بخاصة في فترات عدم الاستقرار السياسي، وتكون عملية الصُلح من خلال أنظمة وقواعد اجتماعية، وتقديم الوساطات لفض النزاعات والمحافظة على مقاليد  الحكم.

واتفق الدكتور عبد الكريم قاسم مع الدكتور محمود، في أهمية الدور الذي يؤديه النظام القبلي في حل النزاعات، وتوفير الأمن والحماية عبر القادة المحليين وشيوخ القبائل، حيث إنه من الممكن أن تتولى مهمة توفير الاستقرار، والحماية والدعم الاقتصادي لأفرادها.

 وذكر الدكتور قاسم أن هناك  دراسة ميدانية أوضحت أن  %65 من النازحين يعتمدون على الشيوخ في القضايا ومشكلات النزاع التي تتعلق بسلامتهم، وأن المنظمات غير الحكومية العاملة في المساعدات الإنسانية تسعى بدورها في بعض المناطق إلى الحصول على موافقة الشيوخ قبل العمل في  المجتمعات المحلية .      

 تحديات التعدد القبلي في إدارة السلطة

     أوضح الدكتور عبدالكريم قاسم في دراسته أن أبرز التحديات التي تواجه السلم الاجتماعي، والاستقرار السياسي في اليمن تتمثل في  هيمنة أطراف من القبيلة على قيادة مؤسسات الدولة ، وممارسة السلطة بالاستناد الى العصبية القبلية  والمناطقية.

   ويرى أن تغيب الدولة في كثير من المناطق اليمنية، وتوقف المحاكم بسبب الصراع القائم والاتجاه إلى الاحتكام بالعرف القبلي الذي تعدُّ  أحكامه أحكامًا مؤقتة لا توجد فيها ضمانات  ولا أوراق رسمية ولا جهة ضبط، تسبب في خلق فوضى عارمة من الفساد وغياب المواطنة المتساوية، ونشأت النزاعات والانقسامات، وظهرت زعامات قبلية بلباس الدولة تقوم على الغلبة والاستحواذ .

 من جانبه يرى عبد الإله الحكمي  (دكتوراه في العلاقات الدولية والدبلوماسية والتعاون الدولي) أن هناك عددًا  من القبائل اليمنية مازالت تمتهن الإنسانية  وتتوارث استرقاق البشر كعبيد، وترى في نفسها مفخرة من دون بقية المجتمع؛ مما تسبب في بروز  مظاهر التعصب والنعرات القبلية ، و المناطقية ، والجهل والانقياد  إلى الأفكار القديمة من الأسلاف والأعراف المخالفة للشرع والقانون ، وأصبحت القبيلة بهذه التصرفات حجرة عثرة أمام تحقيق الاستقرار والسلام.

     وأكد أن الحفاظ على رمز القبيلة والنسب أمر مطلوب,  ولكن بعيدًا عن  العصبية والأفكار التي تدعو  للنعرات والاستقواء بالكثرة والقوة والغلبة. 

الدولة المدنية حل للنزاع

      يؤكد  البكاري أن ما تقوم به بعض القبائل اليمنية من تصرفات سلبية،  تقوم على النزعة العصبية والولاء للأشخاص وليس للدولة، و بعض الممارسات التعسفية للأفراد التي تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان, و تقف ضد مشروع بناء الدولة وفرض سيادة القانون على الجميع.

مبينًا أهمية دور الدولة المدنية التي تقوم على فكرة العمل على نظام المؤسسات والمواطنة المتساوية وإعلاء سيادة القانون  القائمة على منظومة من التشريعات الدستورية والقانونية.

     من جانبه أوضح  الحكمي  أنه  لا يمكن للقبيلة أن تحل محل الدولة بتاتًا، أو أن تكون هي البديل الأمثل؛ لأن الفرق شاسع, فالدولة المدنية تمنح الجميع الأمن والاستقرار وتمنع كل ما يفسد حياة الفرد والمجتمع وتسعى لما فيه رفاه الشعب, وتعمل على إيجاد حياة كريمة، أما القبيلة فتدور حول نفسها في حلقة مغلقة وستكون عرضة للانتفاضات والثورات؛ لأنها لم ولن تتخلى عن موروثاتها و تقاليدها التي  قد لا يرضاها المجتمع.

       مؤكدًا أن هناك  قبائل أرست أركان الدولة وحافظت على النظام فيها عن طريق دورها في الحماية والحفاظ على مكتسبات الوطن؛  كونها عصية أو متأصل فيها الوعي فطرةً من خلال المتابعة لمجريات الأحداث  والاطلاع والعلم بواقع ما يدور حولها وما ستؤول إليه الأمور في حال الخذلان.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً

أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …