‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النظام القبلي في اليمن التمييز الطبقي والعنصري في النظام القبلي.. فئات تحاصرها الأعراف

التمييز الطبقي والعنصري في النظام القبلي.. فئات تحاصرها الأعراف

في اليمن تتجذر ثقافة التهميش والتمييز ضد فئات معينة من المجتمع نتيجة الأعراف القبلية التي انتجت عدة طبقات اجتماعية متفاوتة في المراتب والحقوق والواجبات.

من هذه الفوارق الطبقية التي اوجدتها القبلية في اليمن الطبقات الاجتماعية التي تصنف المواطنون الى عدة طبقات منها القبيلي، السيد، المزين، الأخدام وغيرها.

يصف الشيخ أحمد المهدي (خطيب جامع) ان هذه الفوارق الطبقية تتنافى مع فطرة الخلق المتساوية لجميع البشر، حيث تعاني الكثير من الفئات المجتمعية من التمييز العنصري والطبقي، مؤكدا ان تعاليم الإسلام تؤكد على ضرورة تحقيق مبدأ العدل والمساواة بين البشر، بل وحارب كل أشكال التمييز الاجتماعي والعنصري، وجاء بالحلول اللازمة لطمسها.

يقول الدكتور عبد الله الدرسي- استاذ الدراسات الإسلامية بجامعة أرحب لـ “صوت الأمل” إن الدين الإسلامي عالج مشكلة العنصرية والتهميش بأحسن الطرق، واتخذ خطوات ممتازة لنصرة هذه الفئات المهمشة والمستضعفة في المجتمع، وقد تميز على ديانات اَخرى كاليهودية والنصرانية، التي لم تول هذا الموضوع اهتماماً كبيراً، ومن هذه المعالجات أنه حرص على مصلحة هذه الفئات كثيراً، فقد أوجب لهم الزكاة والصدقة كمصدر قوة تغنيهم عن السؤال والحاجة كما أعفاهم من الحج الذي يعتبر ركناً من أركان الإسلام.

يوافقه في الرأي الدكتور محمد الماخذي، أستاذ فقه المعاملات بجامعة صنعاء، حيث يقول: ” لقد كان الدين الإسلامي واضحاً وصريحاً في مسألة التمييز، فلم يفرق بين أبيض ولا أسود ولا غني ولا فقير إلا بالتقوى، وقد نصر الإسلام المستضعفين وأمر بنصرتهم” مدلِّلا على ذلك بحديث للرسول “إنما تنصرون بضعفاء كم”.

الطبقات الاجتماعية في القانون

تعكس الأدوار السياسية اليمنية تهميشاً كبيراً لهذه الفئات، حيث لا نجد لهم ممثلاً في أي منها، ولا حتى في البرلمان، وتكرس بعض السياسات الرسمية الفروق الطبقية بالرغم من ان احد اهداف الثورة اليمنية هو إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.

يفترض في المجتمع ألَّا يكون هناك فئات مهمشة او فوارق طبقية “مواطنون من الدرجة الثانية” فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات، وفقا للدستور الذي يعتبر عقداً اجتماعياً ما بين الدولة والمجتمع.. وتنص المادة 24 من الدستور اليمني على أنه” تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع الموطنين، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وتصدر القوانين لتحقيق ذلك “. ويعني تكافؤ الفرص عدم التمييز السلبي، بل إتاحة حقوق أكثر للفئات الأضعف، وبما يتناسب مع وضعهم، وذلك لتحقيق مبدأ العدل والمساواة بين الجميع. ولكن مع الأسف، لم يتم إنشاء نصوص قانونية لمعالجة التهميش او التمييز في المجتمع اليمني، وظل هذا الدستور مجرد حبر على ورق!

وبرغم كل ما يحدث للفئات المهمشة مثل “المزاينة والأخدام” من انتهاكات حقوقية، في ظل غياب القوانين اليمنية التي تحمي هذه الفئة الضعيفة. يقول عبد الرحمن الزبيب، قانوني “إن هناك تجربة إيجابية للجنوب اليمني فيما يخص الفئات المهمشة اجتماعيا، حيث وجدت قوانين ملزمة، وتم تطبيقها، منها فرض العقوبات والغرامات المالية على أي شخص يستخدم التعنيف اللفظي ضد هذه الفئات، وقد كانت تمنح الأولية بشكل مطلق لأي شخص ينتمي للفئات المهمشة، لذا وُجدت فئة كبيرة منهم من المتعلمين والمثقفين والدكاترة.

يؤكد لــ “صوت الأمل” أن هذا التمييز الإيجابي الذي حدث مزَّق التهميش الطبقي والقبلي تماماً في تلك الفترة، ولكن بعد تشكيل لجنة لمواءمة التشريعات بين الجنوب والشمال، تم إلغاء المنظومة القانونية الجنوبية بشكل كامل، واعتماد المنظومة القانونية الشمالية التي لم تول الفئات المهمشة اهتماماً يذكر.

في محافظة صنعاء وتحديدا المناطق المحيطة بأمانة العاصمة مازالت العديد والتقاليد التي تُفرض على فئات معينة ظاهرة على السطح.. يقول فايز عبد السلام الفقيه: هناك تمييز وتهميش وتفريق واضح يمارس في القرى والارياف فبعض الاسر التي تعمل في مهن معينة (مزاينة) يعملون في خدمة اسر أخرى من المشائخ والاعيان وتتوارث هذه الاسر خدمة الآخرين من الإباء الى الأبناء وخاصة في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والعزاء والاجتماعات القبلية وحتى في فلاحة الأرض وأحيانا تكون هذه الخدمات مقابل اجر زهيد او حتى بدون مقابل.

 وتبقى هذه الاسر المهمشة في خدمة الاسر المشائخية حتى ولو كانت حالتهم المادية ميسورة ولديهم أموالهم الخاصة الا ان النظرة إليهم تبقى قاصرة ولا يتم معاملتهم مثل باقي الاسر الأخرى، وليس لهم الحق في الرفض إذا تم استدعائهم من قبل الشيخ تحت أي ظروف.

بدرجة بكالوريوس:

أ.علوان (50 عام) من مناطق طوق صنعاء حاصل على درجة الليسانس في الشريعة والقانون ولكنه لم يستطع مغادرة قريته فبقي فيها وامتهن نفس عمل ابيه (ذبح المواشي) المنحدر من اسرة مهمشة قبلياً (مزاينة) ولكنه كان متكلما بارعا ومثقفاً مما جعل الناس يرتضون به خطيباً لجامع القرية.

يقول علوان انه بالرغم من هذا كله فمازالت نظرة الناس اليه والى اسرته نظرة قاصرة وهو ما يزال في نظرهم سليل تلك الاسرة المهمشة ولا يحق له ان يخرج عن ذلك النطاق، ويجب عليه وعلى اسرته وابنائه (بما في ذلك النساء) ان يقوموا بواجبهم “المتوارث” في خدمة اسرة الشيخ في المناسبات ومتى ما تم استدعائهم.

الحلول

يقول المحامي رأفت الصلوي إن التهميش المجتمعي الناتج عن تراكم التهميش والأقصاء خلال أعوام طويلة ماضية، لا يمكن معالجته إلا بتمييز إيجابي منصف لفئة عانت من الظلم والجور سنوات طويلة، وكذا إعادة تأهيلهم نفسياً وعلمياً، بحيث ترفع من مستوى هذه الفئات، لتصبح موازية لبقية المواطنين، وتتمتع وفقا للدستور بالمواطنة المتساوية مع كل الأطراف، لإزالة التهميش السابق، فإهمال هذه الفئات أكثر، قد يؤدي إلى نتائج سلبية لا تُحمد عقباها.

فيما يرى المستشار القانوني عبد الرحمن الزبيب أنه إذا لم تتم معالجة هذا المشكلة قانونياً واجتماعياً، فإننا سنكون على موعد مع ألغام بشرية ستدمر المستقبل.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً

أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …