الغربة والشباب بين الحُلم والضرورة: رفع مستوى الدخل- التعليم- البحث عن الأمان.. أبرز الدوافع لمغادرة الوطن
صوت الأمل – رجاء مكرد
تتعدد الأسباب والحل واحد.
بين الحُلم والضرورة تقفُ احتياجات الكثيرين وآمالهم على عتبة السفر إلى الخارج؛ ففي الحُلم بالعيش بأمان واستقرار وتلقي الخدمات الطبية المناسبة يكون غرض الشاب اليمني من السفر، ومن الإرادة في تحسين مستوى الدخل أو تلقي التعليم الأفضل تكون أبرز الأسباب الداعية إلى الاغتراب.
ومن أكبر الدوافع التي جعلت الشباب اليمني يسافر إلى الخارج هو تضرر البنية التحتية للتعليم، إذ أن الصراع المستمر في اليمن الذي تسبب في خراب المراكز التعليمية كالمدارس والجامعات، وعرقلة التعليم لفترات طويلة.
ووفقًا لقطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي، يشير آخر تقرير صادر في فبراير 2021 م إلى أن قطاع التعليم في اليمن لا يزال يعاني من معوقات وتحديات، منها ضعف جودة التعليم ومخرجاته، وأن 20% من إجمالي الأطفال ممن هم في سن الدراسة غير ملتحقين بالتعليم، وأن نسبة الأمية –لا سيما بين النساء- تشكل 60%.
وفي آخر تقرير نشره البنك الدولي للعام 2021م أوضح حجم الأضرار التي طالت التعليم حتى بداية 2020م؛ إذ إن 35% من المنشآت التعليمية تضررت بصورة جزئية أو كلية، وتحولت العديد من المنشآت التعليمية إلى مراكز إيواء للنازحين، ونزوح جزء من الكادر التعليمي أو تحولهم إلى قطاعات أخرى جراء الصراع، الأمر الذي فاقم التسرب من التعليم خاصة الفتيات.
الشاب (إسماعيل الأغبري) يقول إن السفر إلى الخارج للدراسة أو للعمل هو حلمهُ وحلم الكثيرين في عمره، وأكبر دافع للسفر هو التمتع بالاستقرار في الخارج بعيدًا عن الصراع، وأن الشاب اليمني أصبح مسؤولًا عن أسرته بتوفير مستلزماتها، وأن فرص العمل في اليمن قليلة. كما أن انقطاع راتب الوظائف الحكومية أضعف الحركة الاقتصادية، مؤكدًا أن الشاب اليمني يحلم بالسفر لتغيير حياته بشكل كامل.
وتؤكد (سُمية العبسي) أن ارتباط الغربة بالطموح المادي قد يكون لأرباب الأسر ممن لديهم أسر يقومون على إعالتها، لكن هم الشباب الشاغل هو ألا يمر العمر وهم لم يستكملوا دراستهم أو يحققوا طموحهم العلمي.
الغربة والطموح المادي
(سيف أمين) -شاب يقف في طوابير الراغبين بالسفر أمام وزارة المغتربين- يقول إن العمل في الخارج مع اختلاف سعر العملات سيحقق الطموح المادي لكثيرين، لكن من يود الاغتراب عليه تحمل تبعات الغربة ومشقاتها، أولها تحمل البُعد عن الأهل والأصدقاء، وآخرها الإجراءات التي قد تتخذها بعض البلدان بشأن الأجانب، والتي قد تخلق فرقاً في المردود المادي الذي يريده المغترب، فتمر السنوات ولم يحصل تحسن في دخله، وعلى العكس من ذلك ربما تحملهُ خسائر جمة.
تصل نسبة السكان اليمنيين الذين يعانون من محدودية الوصول إلى سبل كسب العيش المستدامة 50%، وفقًا لقطاع الدراسات بوزارة التخطيط والتعاون الدولي.
الصحة دافع
ذكر التقرير الذي أصدرته وزارة التخطيط والتعاون الدولي في فبراير 2020م، وحصلت “صوت الأمل” على نسخة منه، أن 51 % فقط من المرافق الصحية تعمل بكامل طاقتها، وأن 35% منها تعمل بصورة جزئية، فيما 14% متوقفة كليًا.
وأوضح التقرير أن أكثر من نصف السكان يفتقرون إلى فرص الحصول على الرعاية الصحية، وأن الخدمات الصحية تتسم بالضعف الشديد والتباين الواسع في تقديم الخدمات الصحية من منطقة لأخرى. وفي التقرير ذاته، جاءت اليمن في مراكز متأخرة عن المستوى الإقليمي من حيث عدد الأطباء وعدد الأَسرّة وعدد العاملين في القطاع الصحي مقارنة بعدد السكان، كما أن مؤشر الإنفاق على الصحة يبلغ 4% فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
ولهذه الأسباب، يعد الحصول على خدمات صحية مناسبة من أهم دوافع الشباب للسفر خارج البلاد، حيث تسرد (أم سماح) -مواطنة- قصة معاناتها مع مرض في الأمعاء لسنوات وتقول إنها انتظرت طويلاً أن تتحسن الأوضاع وتسافر لإجراء العملية في الخارج، كونها تلقت توجيهًا من أغلب الأطباء بالسفر لأن مرضها يستدعي ذلك، موضحة أن مرضها ضاعف معاناتها، بالإضافة إلى تكاليف مرضها هناك تكاليف سفرها ومعيشتها في الدولة التي ستذهب إليها للعلاج.
الغربة اختيار رغم الصعوبات
يحلم الكثير من الشباب بالهجرة والعمل خارج البلاد، وفي سبيل ذلك تواجههم صعوبات كثيرة أولها ارتفاع قيمة تذكرة السفر، وصعوبة استخراج جوازات مع اختلاف تكاليف قطعها، ربما تصل إلى مئات الدولارات -تقريبًا 300 دولار-، وتظل في ارتفاع وهبوط، كما أن اللغة تشكل عائقًا بالنسبة لنا كشباب، وفقًا لـ(أحمد) و(إسماعيل) الواقفين صفوف طالبي الاغتراب عند وزارة المغتربين.
من جانبها تؤكد (سُعاد الذبحاني) أن البيئة في اليمن مناسبة للعمل والعيش متى توفر الاستقرار وتوقف الصراع؛ فالشعور بالاستقرار ميزة مهمة ومشجعة على الإبداع، ويكفي أن يكون لدى الشاب موهبة أو عمل بسيط وسيتمكن من العيش وتوفير مستلزماته الحياتية.
(أفراح عبداللطيف) -مدير عام الإعلام بوزارة شؤون المغتربين- أفادت أن سفر الشباب يكون من أجل العمل والتعليم في الغالب، وأن نسبة سفر الشباب من أجل التعليم لا يتجاوز 5%، ولأجل العلاج %10 ، أما %85فلأجل العمل تقريبًا.
وعن المعاناة التي يلاقيها المغتربون الشباب في الخارج فتقول إنها كثيرة، ابتداء من السفر عبر المنفذ البري الوحيد (الوديعة)، وانتهاءً بما يلاقيه من معاناة نتيجة المعاملة التي يواجهها في بلدان الاغتراب والحصول على الاقامة النظامية وما يترتب على ذلك من نفقات مالية وغيرها.
أما عن الحلول التي يمكنها معالجة قضايا المغتربين فقد أوضحت (عبد اللطيف) أن الوزارة بدأت منذ شهور بتأسيس قاعدة بيانات المغتربين بشكل عام -بما فيهم الشباب-، وتقول إن ذلك سيسهم في معرفة الكثير من أحوالهم وقضاياهم ودراستهم والعمل على التخفيف منها، سواء في الداخل أو الخارج.
وأشارت إلى أن الوزارة تُشرف على كافة الأنشطة التعليمية والثقافية لكل المغتربين وعمل التسهيلات اللازمة لهم. أما المغتربون العائدون؛ فقد اتفقت الوزارة مع العديد من الجهات على فتح مجال التأهيل والتدريب وإدخالهم سوق العمل المحلي في الوطن، وإيجاد فرص عمل لهم، والتسهيل لهم لإقامة محلات تجارية، أو إلحاقهم بالعمل في العديد من القطاعات مثل الزراعة والثروة البحرية والمشاريع الاستثمارية الصغيرة وغيرها من المجالات الاقتصادية والتجارية.
في استطلاع رأي: 73% يؤكدون: الأوضاع الراهنة ساهمت في انتشار البطالة باليمن
أظهرت نتائج استطلاع الرأي العام التي نُفذت من قبل وحدة المعلومات والاستطلاع ا…