‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الطاقة النظيفة في اليمن شابٌّ مبدع يحوّل الطاقة المستدامة إلى واقع ملهم

شابٌّ مبدع يحوّل الطاقة المستدامة إلى واقع ملهم

صوت الأمل – هبة محمد

في عالم يعاني من الانعكاسات السلبية لتغير المناخ ونضوب مصادر الطاقة التقليدية، تبرز قصص الشباب اليمانيين الذين يحولون الصعوبات إلى فرص للتغيير الإيجابي، وهذه هي قصة شاب ملهم يعمل بجد ليصنع فرقًا في عالمنا، إذ يتحوّل حلمه بالطاقة المستدامة إلى واقع مشرق ينير حياة الكثيرين.

 قصة الشاب يحيى عبد الله يحيى الوزير، مدير إدارة البحوث والتطوير والذكاء الصناعي، في المؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة، صنعاء.

بذور الإبداع

 شاب شغوف بالهندسة والابتكار، يعيش في مجتمع مليء بالتحديات، اجتمعت حوله أسوأ الظروف، يتميز هذا الشاب بروحه الباحثة ورغبته القوية في تحقيق التغيير، فبدأ يهتم بالطاقة المتجددة ورؤى الابتكار في هذا المجال منذ طفولته، يقول يحيى: “منذ طفولتي وأنا أحلم دائمًا بأن أصبح مهندسًا نافعًا وفعّالًا في خدمة البشرية في مجال الطاقة الكهربائية، لقد وضعت هذا الحلم كهدف لي، وعملت بجد واجتهاد في دراستي رغم كل الصعاب التي واجهتني، بما في ذلك الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي كانت تعترض طريق تحقيق حلمي”.

بفضل عزيمته الصلبة وتفانيه في العمل، حقّق هذا الطفل المتفوق المركز الأول في جميع المستويات الدراسية، وعندما انتهى من المرحلة الثانوية، قرر الانضمام إلى قسم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، كان يؤمن بأنّ الهندسة هي المفتاح لتحقيق أحلامه في مجال الطاقة، فبدأ رحلته الجامعية بالتفوق والاجتهاد، ولاحظته أعين الأساتذة والزملاء.

نور الابتكار

أكمل الشاب يحيى مُدّة دراسته الجامعية؛ مشروع تخرجه كان عبارة عن دراسةٍ وتصميمٍ ومحاكاةٍ لمحرك غازيّ نفّاث مصغر، وكانت نتائجه مذهلة، وبعد تخرجه انضمَّ إلى المؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة المتجددة التابعة لوزارة الكهرباء والطاقة، وهناك واجه العديد من التحديات في هذا المجال، فالموارد كانت محدودة، والتمويل كان ضئيلًا، ولكنه لم يستسلم؛ استخدم كلَّ ما في وسعه لتجاوز العقبات وتحقيق رؤيته.

يقول يحيى: “بعد أن التحقت بالمؤسسة العامة للصناعات الكهربائية والطاقة، قمت بالإدارة والمشاركة في أكثر من 14 مشروعًا في المؤسسة، وهنا جاءت فكرة تصنيع توربينات الرياح، التي تعدُّ مهمة جدًّا اقتصاديًّا وبيئيًّا؛ إذ إنّها ستعمل على تخفيف معاناة المواطنين، والتقليل من تكاليف الاستيراد، وتوفير العملة الأجنبية، وأيضًا ستقلل من الاحتباس الحراري وغيرها”.

 وقد قدّم الفكرة إلى مسؤولِهِ المباشر، ونجح في إقناعه بأهميتها وفوائدها المتعددة، وبدأ الفريق في إعداد الدراسات والتصاميم وسارع بالتنفيذ، فعمل الشاب الطموح بجد واجتهاد مع فريقه المكون من مهندسين آخرين، وقاموا بإعداد الدراسات والتصاميم لتوربين رياح أفقي بقدرة تصل إلى 17-5 كيلو وات، وعلى الرغم من قلة الدعم والإمكانيات والموارد والمعدات، وشحة التمويل، وبعد جهود مضنية وتجارب متعددة، تمكّنوا من تصنيع جميع مكونات التوربين بنجاح.

لا يمكن عدّ هذا الإنجاز مجرد حقيقة عادية، فقد استغلوا الموارد المتاحة، وحولوا الأشياء التالفة إلى أشياء قابلة للاستخدام. وهذا الشاب وفريقه استخدموا المواد التالفة في صناعة المكونات اللازمة للتوربينات، فقاموا بإعادة التدوير واستخدام الموارد المتاحة بذكاء واقتصادية.

تصنيع التوربينات في ظروف قاسية

بمواجهة ظروف قاهرة وموارد محدودة، استطاع المهندس يحيى وفريقه أن يقفوا بوجه التحديات، ويجدوا حلولًا بديلة لتصنيع التوربينات، بدلًا من الاستسلام للموارد المحدودة والتقنيات القديمة، قاموا بتحويل العقبات إلى فرص للإبداع والتطوير.

يقول المهندس يحيى: “أثناء رحلة تصنيع التوربينات، واجهت العديد من التحديات التي أرغمتني على اختبار حدود قدراتي والتغلب على الصعاب، أحد هذه التحديات كانت تعرضي لإصابات بالغة، منها إصابتي بجرح عميق في رأسي وكسر يدي، ومع ذلك، لم أستسلم واستمريت في العمل، رغم صحتي المتدهورة بسبب الإرهاق والعمل المتواصل”.

ويواصل: “بالإضافة إلى ذلك، واجهتُ تحديًّا آخر، يتمثل في قلة الوعي بين الموظفين في الجهات المعنية بأهمية الطاقة المتجددة ومردودها الإيجابي، كما واجهت تحديات أخرى، مثل قلة الثقة بعقل المهندسين اليمانيين، وشح المواد والمعدات المتاحة، وعدم توفر بعضها، وقلة التمويل، وقلة الخبرة في هذا المجال”.

في ظل الظروف الصعبة التي تواجه الشباب اليماني، استطاع يحيى وفريقه التغلب على العقبات والقيود المفروضة عليهم، بدلًا من الاستسلام للظروف القاسية، استخدموا الموارد المتاحة بذكاء وابتكار لتحقيق أهدافهم.

فرغم عدم توفر مواد مثل ألياف الكربون والماكينات الحديثة، استخدموا مواد متوفرة محليًا ومكائن قديمة لإنتاج شفرات التوربين والمحرك المغناطيسي، وعملوا بجدٍّ للحصول على الأداة المثلى، وضمان الجودة المطلوبة.

ساعات العمل الطويلة التي قضاها يحيى وفريقه، المتمثلة بمتوسط عشرين ساعة، تعكس التفاني والعزيمة التي يمتلكونها، فقد عملوا لمدة أربعة أشهر تقريبًا دون توقف، مستغلين كل دقيقة وثانية لتنفيذ التجهيزات والتصاميم والتصنيع.

بفضل التصميم المتقن ومراقبة الجودة المستمرة، استطاعوا تحسين أداء التوربينات وضمان تناسق الأجزاء، كما قاموا بتحسين الأداء وتطوير تقنيات جديدة لتحقيق أقصى استفادة من المحرك المغناطيسي.

يقول المهندس يحيى: “ومن خلال تجربتي، أودُّ أن أقدم بعض النصائح للمهندسين الطموحين الذين يواجهون التحديات المشابهة، عليكم أن تعقدوا العزيمة والإرادة داخلكم، وتثقوا بأنفسكم وقدراتكم، واختيار شركاء لديهم ثقة وعزيمة وإرادة قوية يساعدونكم على تحقيق النجاح، وتذكروا أنّه لا يوجد شيء مستحيل، وأنّ القراءة المستمرة ومتابعة المؤتمرات والندوات تسهم في تطويركم المهني”.

 ويتابع: “استغلوا الموارد المتاحة بذكاء وحولوا الشيء العديم الفائدة إلى شيء له فائدة، وكما ينبغي عليكم تعلم استخدام البرامج الهندسية، وتوسيع شبكة علاقاتكم المهنية، ولا تنسوا أبدًا الصبر وعدم الاستسلام للتحديات، فهي جزءٌ لا يتجزأ من رحلة النجاح في صناعة التوربينات والطاقة”.

طموحات مستقبلية

“أنا أطمح بشدة لاكتساب المزيد من التعليم والخبرة في مجال الطاقة المتجددة، أرغب في توسيع معرفتي وفهمي لأساليب التصميم المتقدمة والتطبيقات العملية لمصادر الطاقة المتجددة، وأريد أن أطور مساري المهني في هذا المجال، بجانب تطبيق كل ما أتعلمه وأكتسبه من العلم على أرض الواقع”.

ويؤكد يحيى رغبته في مشاركة المعرفة التي اكتسبها، والتي سوف يكتسبها مستقبلًا مع الآخرين، الذين يرغبون في التخصص في مجال الطاقة المتجددة، ويهدف أيضًا إلى تزويدهم بالموارد والمعلومات التي يحتاجونها، ورفع مستوى تعليمهم ومهاراتهم العلمية والعملية.

ويشير أنّ اهتمامه الكبير بمجال الطاقة المتجددة ينبع من رغبته في التخصص والتميز في هذا المجال المهم، ويرغب في التعمق في المعرفة وإتقان المهارات اللازمة لتطوير حلول مستدامة وفعالة من حيث الطاقة، ويجزم بقوة أنّ الطاقة المتجددة هي مفتاحنا للحفاظ على البيئة. يحيى، بفضل الجهود المستمرة والعمل الشاق، تحقّق حلمه في توليد الطاقة الكهربائية من توربينات الرياح، ونجح يحيى وفريقه في تطوير توربينات رياح فعّالة وذات جودة عالية، ممّا يُسهم في تلبية احتياجات الطاقة المستدامة ويقلل الانبعاثات الضارة، لكن يحيى كغيره من الشباب اليماني ممّن يبحثون عن الدعم لتبني مشاريعهم حتى تلقى رواجًا محليًّا ودوليًّا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…