‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة الطاقة النظيفة في اليمن الطاقة النظيفة كرافد للتنمية الريفية في اليمن

الطاقة النظيفة كرافد للتنمية الريفية في اليمن

صوت الأمل – هبة محمد

يعدُّ وجود الطاقة النظيفة والاستدامة البيئية أمرًا حيويًّا وضروريًّا في الريف اليماني، خاصة في المناطق الزراعية. وبالرغم من تلك الأهمية فإنّ وجودها في تلك المناطق في اليمن ما زال ضئيلًا ومحدودًا، حسب مختصّين في الشأن الزراعي، وفي هذا التقرير نهدف إلى معرفة دور الطاقة النظيفة في تحقيق تنمية مستدامة في الريف اليماني وتحسين أوضاع المزارعين.

دور الطاقة النظيفة في تحسين حياة المزارعين

تعدُّ الطاقة النظيفة من الجوانب الحيوية والمهمة في تحقيق تنمية مستدامة وتحسين جودة الحياة في المجتمعات، ولا يختلف الحال في المناطق الريفية، وخاصة في اليمن؛ إذ تلعب الزراعة دورًا أساسيًّا في الاقتصاد المحلي وفي تحسين حياة المزارعين، ويأتي دور الطاقة النظيفة في تحسين حياة المزارعين في اليمن من خلال جوانب كثيرة، تقول عائشة غانم، وهي من أسرة مزارعة في مديرية السياني محافظة إب: “استخدام الطاقة النظيفة في المناطق الريفية يعدُّ بديلًا ناجحًا للوقود التقليدي، وعند توفر نظام طاقة نظيفة في المزارع، وخاصة في تشغيل المضخات الأرتوازية وأنظمة الري، يمكن تحقيق مزايا عديدة، وخاصة في ظل ارتفاع أسعار الوقود وندرته”.

وتواصل: “وتعدّ الطاقة النظيفة بديلًا مستدامًا؛ لأنّها لا تستهلك وقودًا تقليديًا، بل تستمد طاقتها من مصادر متجددة مثل الشمس، كما في حالة الأنظمة الشمسية، بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام السدود ومصادر المياه لتوليد الكهرباء وتشغيل المحركات، ممّا يخلق فرصًا للاستفادة من الطاقة النظيفة في المزارع”.

 وتؤكد على الفوائد التي ستتخفف على المزارعين الخسائر المالية بانتشار الطاقة المتجددة في الأرياف قائلة: “فحينما تتوفر وسائل الطاقة النظيفة في الأرياف اليمانية، فإنّ المزارعين لن يتكبدوا خسائر مالية كبيرة في تشغيل المضخات والإضاءة، وتخزين المواد الغذائية في ثلاجات مركزية، وبالتالي ستقل الخسائر المالية على المزارعين، وستسهم في تعزيز استدامة أعمالهم”.

وتواصل: “بجانب الفوائد المالية، توفر الطاقة النظيفة بيئة نظيفة وجميلة في الريف؛ إذ تقلل من مخلفات الزيوت، وتحافظ على البيئة، وبفضل انتشار الإضاءة والإنارة في المزارع، يمكن تلاشي سرقات المنتجات الزراعية ليلًا، ممّا يحمي المزارعين ويحافظ على محاصيلهم”.

وتطمح عائشة أن يكون لدى المزارعين في منطقتها منظومات طاقة متجددة؛ لكون أغلب المزارعين ما زالوا يستخدمون المضخات بالمشتقات النفطية في ري المزروعات والإنارة؛ بسبب عدم الوعي المجتمعي بأهمية الطاقة المتجددة.

فيما يقول المهندس أحمد الشركسي، مدير مكتب الزراعة في السياني محافظة إب: “في الآونة الأخيرة بدأ المزارعون يلجؤون لاستخدام المنظومات الشمسية في ري الأراضي الزراعية، في معظم المناطق الريفية، ولكنها تتعرض لأعطال كثيرة؛ بسبب الاستخدام العشوائي، دون التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية أو مع المزارعين أنفسهم، وبالرغم من انتشارها بين المزارعين فإنّها بنسب قليلة جدًا؛ بسبب الإمكانيات الشحيحة لدى المزارعين”.

وعن مدى وجود المنظومات الشمسية في السياني يقول: “بالنسبة لاستخدام منظومة الطاقة الشمسية في مديرية السياني يكاد يكون منعدمًا، هناك بعض مشاريع الطاقة الشمسية في بعض العزل، وبالنسبة للمزارعين لا توجد، وإن وُجدت فهي بعدد أصابع اليد لا أكثر”.

ويرى أنّ استخدام الطاقة النظيفة في المناطق الريفية ليس مقتصرًا على الطاقة الشمسية فحسب، بل يمكن أيضًا استخدام التكنولوجيا الأخرى، مثل الرياح والماء لتوليد الكهرباء وتلبية احتياجات المزارعين.

الطاقة المتجدّدة والوعي المجتمعي

فيما تقول خيرية الدماسي، مدير إدارة تنمية المرأة الريفية في يريم: “أسهم الوعي المجتمعي والفردي بأهمية الطاقة النظيفة وانتشارها في المناطق الريفية، وخاصة فيما يتعلق بالاستخدام الزراعي؛ لكون استخدام المضخات التي كانت تعمل بالديزل مكلفًا. فباستخدام الطاقة النظيفة مثل الألواح الشمسية يساعد في التخفيف أو حتى القضاء تمامًا على تكاليف الوقود التقليدية مثل الديزل، وهذا يسهم في تحسين الجدوى الاقتصادية للمزارعين، ويخفض تكاليف التشغيل”.

وأوضحت أنّ بعض المنظمات والجهات الحكومية تقوم بتنفيذ برامج تدريبية وتوعوية للمزارعين حول أهمية الطاقة النظيفة وفوائدها وكيفية تنفيذها في المزارع، وتشمل هذه البرامج التوعية بالتقنيات الشمسية واستخدام المضخات الشمسية وأنظمة الري، وأنّ أغلب المشاريع في قطاع الطاقة النظيفة ما هي إلَّا مبادرات فردية أو شخصية من المزارعين أنفسهم، في حين تختفي هذه المبادرات في مناطق زراعية واسعة وتوجد بصورة نادرة جدًّا.

التحديات التي تواجه استخدام الطاقة النظيفة في الأرياف

تواجه الأرياف اليمانية تحديات مختلفة تعوق استخدام الطاقة النظيفة بصورة فعالة ومستدامة. وإنّ فهم هذه التحديات والعمل على تجاوزها يعدُّ خطوة حاسمة نحو تعزيز التنمية المستدامة في المناطق الريفية، وتحقيق الاستدامة البيئية.

تقول الدماسي: “يعاني العديد من المزارعين من نقص رأس المال اللازم لتمويل مشاريع الطاقة النظيفة، وقد يكون من الصعب على المزارعين تحمُّل تكاليف شراء الأجهزة والتكنولوجيا اللازمة وتركيبها للاستفادة من الطاقة النظيفة، وأيضًا تكاليف أنظمة الطاقة النظيفة وتثبيتها وصيانتها مرتفعة بالمقارنة مع حجم الدخل الذي يحققه المزارعون في الوضع الحالي، وقد يتعذر على المزارعين تحمُّل هذه التكاليف الإضافية، كل ذلك يؤدي إلى الإحجام في اتخاذ الخطوات اللازمة للاستفادة من الطاقة البديلة”.

وأشار مدير مكتب الزراعة في مديرية حبيش محافظة إب، محمد حليقة، أنّ قلة الوعي والمعرفة حول فوائد الطاقة المتجددة وكيفية استخدامها يشكل عائقًا أمام توسع استخدام الطاقة البديلة لدى المزارعين، وقد يحتاج المزارعون إلى المزيد من التوعية والتدريب لفهم الفوائد الاقتصادية والبيئية للاستثمار في الطاقة النظيفة.

وأضاف: “يفتقر المزارعون في المناطق الريفية إلى الدعم والتمويل اللازمين لتنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة، وقد يكون من الصعب الحصول على التمويل البنكي التقليدي لهذه المشاريع، وهناك نقص في البرامج الحكومية المخصصة لدعم الزراعة النظيفة في المناطق الريفية، وكُنَّا نتلقى قبل الصراع بعض التمويل اللازم من قبل مؤسسات الطاقة النظيفة بدفع نصف التكلفة للمزارعين في شراء منظومات طاقة شمسية، على أن يدفع المزارع النصف الثاني، لكن هذا التمويل تلاشى واختفى تمامًا في الوضع الحالي”.

الحلول والتوصيات

وعلى الرغم من أنّ بعض المناطق الريفية تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة الموسمية، التي تعتمد على الأمطار، فإنّ استخدام الطاقة النظيفة لا يزال له أهميته الكبيرة في تعزيز الاستدامة، وتحسين الظروف المعيشية للمزارعين. هنا يطرح المهندس حليقة بعض المقترحات لتعزيز الطاقة البديلة في الأرياف قائلًا: “للتغلب على التحديات التي تواجه استخدام الطاقة النظيفة في المناطق الريفية، هناك حاجة إلى تعزيز الثقة لدى المزارعين لاستخدامها؛ من خلال توفير الدعم والتمويل المناسب لهم، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع المؤسسات على توفير الطاقة النظيفة للأرياف، وخلق تنافسية بينها، بالإضافة إلى توفير طرق سداد ميسرة لفواتير الطاقة”.

وترى خيريّة أنّه يمكن توفير برامج تمويل ميسرة أو منح للمزارعين للحصول على المنظومات الشمسية بتكاليف منخفضة، وقد يتضمن ذلك الحصول على قروض ميسرة أو دعمًا حكوميًّا؛ لتخفيض تكلفة الاستثمار، وأيضًا تنظيم برامج تدريبية للكوادر البشرية من العزل والقرى في المجالات المتعلقة بتركيب المضخات الشمسية وصيانتها، وهذا سيعزز القدرات المحلية، ويوفر فرص عمل محلية في صيانة المنظومات الشمسية وتشغيلها.

فيما أشار المهندس حمود الرصاص، مدير مكتب الزراعة في محافظة إب، إلى تنفيذ عدد من المشاريع الخاصة بالطاقة المتجددة في المناطق الريفية، منها موافقة الوحدة المركزية للتمويل الزراعي على تنفيذ مشروع الطاقة المتجددة في مديرية القفر؛ إذ سيتم توزيع 68 منظومة شمسية للمزارعين، ويأتي هذا المشروع بالإشراف والدراسة من مكتب الزراعة في المحافظة، وبالتعاون مع الوحدة المركزية للتمويل الزراعي.   

أخيرًا، يمكن القول إنّ الطاقة النظيفة تلعب دورًا مهمًّا في تخفيف الأعباء المالية على المزارعين، والحفاظ على البيئة الريفية، ومن خلال تعزيز استخدام الطاقة النظيفة وتوفير الدعم المناسب، يمكننا تحقيق تنمية مستدامة ورفاهية في المجتمعات الريفية.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

91.9% من المشاركين في الاستطلاع يرون أن من المهم بدء الاعتماد على الطاقة النظيفة لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد الطاقة النظيفة شكل من أشكال الطاقة المستدامة التي تُولّد من مصادر ط…