‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة فن العمارة في اليمن نصف مباني صنعاء القديمة بحاجة إلى تدخل عاجل لإنقاذها

نصف مباني صنعاء القديمة بحاجة إلى تدخل عاجل لإنقاذها

صوت الأمل – (هبة محمد – أفراح بورجي)

تعدّ العمارة اليمنية تراثًا ثقافيًّا غنيًّا يعكس تاريخ وهوية الشعب اليمني، إلَّا أنّها تواجه اليوم مجموعة من التحديات والعقبات التي تهدد استمراريتها وحفاظها على تراثها الثقافي، ويتعرض هذا الفن المعماري العريق إلى تأثيرات سلبية نتيجة الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهدها اليمن، تتطلب تلك التأثيرات تعزيز الثقافة المعمارية في اليمن.

الفن المعماري أمام تحديات كبيرة

 تواجه العمارة اليمنية اليوم مجموعة من المشاكل والصعوبات، التي تهدد استمرارية هذا الفن التراثي القيّم، وتتباين تلك التحديات من حيث الطبيعة والأثر، الذي تتركه على هذا الفن التقليدي العريق.

يقول المهندس المعماري عبد القادر التميمي: “تعاني العمارة اليمنية من تأثيرات الصراع والنزاعات المسلحة، إذ تعرضت العديد من المعالم المعمارية والمواقع التاريخية للتدمير والخسائر الجسيمة، وتعدّ هذه الصراعات أحد العوامل الرئيسية في تهديد العمارة اليمنية التقليدية، وإلحاق الضرر بها، ويهدد تراث هذا البلد برمته”.

ويواصل: “إلى ذلك، يعاني الفنُّ المعماري اليمني من نقص التمويل والموارد اللازمة للحفاظ على المباني التاريخية، وإجراء أعمال الصيانة والترميم، وتشكل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والاضطرابات السياسية عقبة أمام توفير التمويل اللازم للمشاريع المهمّة للحفاظ على العمارة اليمنية، وتعزز تدهور العمارة التقليدية”.

ويحذّر من أنّ الفن المعماري اليمني يشهد تهديدًا ناجمًا عن التغيرات الحضرية، والتوسع العمراني غير المنظم، ويتم تجاهل العمارة التقليدية والتراثية في العديد من المدن اليمنية؛ نتيجة البناء غير المنظم، وعدم احترام الأصول المعمارية التقليدية. هذا يؤدي إلى فقدان التراث المعماري الفريد، وتشويه الطابع الثقافي، وكذلك من نقص الوعي والتثقيف بشأن أهمية الحفاظ على التراث المعماري. ويعدُّ توعية الجمهور والشباب حول القيمة الثقافية والتاريخية للعمارة اليمنية أمرًا حاسمًا؛ لضمان استدامة هذا الفن التراثي.

ويرى أنّ الصراع وتدهور الوضع الاقتصادي في اليمن أدّى إلى فقدان العديد من الخبرات والمهارات في مجال العمارة؛ إذ تسبب ذلك في تهجير الكثير من الأشخاص المَهَرة والمتخصصين في مجال العمارة، بما في ذلك المهندسين المعماريين ذوي الخبرة، وهذا يؤثر بشكل كبير على القدرة على تنفيذ مشاريع معمارية ذات جودة عالية وفقًا للمعايير المهنية، فالخبرة والمهارات العملية هي أساس تطوير الفن المعماري، وتحقيق التصاميم المبتكرة والمستدامة.

فوضى عمرانية

الأستاذ الدكتور محمد علي العروسي، أستاذ العمارة والسياحة بجامعة صنعاء، قال: “لا شكَّ أنّ أنماط العمارة الحديثة قد فرضت حضورًا قويًّا، وانتشرت بصورة كبيرة جدًّا في اليمن، خصوصًا في المدن الرئيسية؛ إذ إنّ هذا النوع من الفن المعماري الغريب قد ارتبط بالتطورات التكنولوجية في مجال البناء والتشييد على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، الأمر الذي نراه يهدد الموروث الثقافي والحضاري لهذا الفن في بلادنا، ويمثل فوضى عمرانية على هوية البناء اليمني العريق”.

وأضاف العروسي: “إنّ هذا النوع من العمارة الدخيلة وتوسعه بشكل كبير وواسع جاء نتيجة لمجموعة من العوامل، من أهمها: ارتفاع معدل النمو السكاني في بلادنا، وزيادة معدلات الهجرة من الريف إلى المدن، بالإضافة إلى الزيادة في حجم الإنفاق على أعمال البناء الحديث بنسبة كبيرة من الاستثمارات، وتوظيف رؤوس الأموال لإنشاء بناءات بأساليب مستحدثة؛ ظنًّا من أصحابه أنهم يتجهون نحو التطور وتأسيس بنية تحتية قوية”.

وأكد العروسي بأنّ الأنماط الدخيلة على الفن المعماري اليمني ستؤدي إلى الإخلال بالنمط التقليدي لهذا الفنّ، وتُسهم في طمس هويته المتميزة وطابعه الفريد.

تقول المهندسة المعمارية (شذى الصامت): “تفتقر الكثير من الأحياء والتجمعات السكانية في بلادنا إلى البناء وفق أساسات وتخطيط سليم؛ إذ إنّ ضعف الإمكانيات جعل معظم المواطنين يتجهون للبناء بصورة عشوائية وغير آمنة، ولم يعد لديهم ما يجعلهم يهتمون بالأنماط التقليدية لفن العمارة اليمني، سواء من ناحية التصميم أو التشكيل أو الزخرفة، وما إلى ذلك من المظاهر الأخرى، التي يتّسم بها الفن المعماري اليمني الأصيل”.

وأضافت الصامت: “لا نحمّل المواطن مسؤولية البناء بهذه الطريقة العشوائية، التي تفتقد إلى الطابع التقليدي، وإلى أدنى مقومات السلامة؛ فهذا بالأساس عائد إلى ضعف إمكانياتهم، بالإضافة إلى عدم وعيهم بالأهمية الثقافية والحضارية والتاريخية للفن المعماري اليمني، إذ إنّه من المتعارف عليه بأنّ الفن المعماري يعدُّ تعبيرًا يتناول تصميمًا وتشكيلًا للمباني والمنشئات، في حين هو في الأساس مصطلح أعمق، يغوص في تاريخ الحضارة، ويشكل المرآة التي تعكس ملامح العصور، التي سكنت منطقة معينة، وأنّ عدم الوعي بأهميته قد يهدد باندثاره مستقبلًا”.

وواصلت الصامت، قائلة: “وعليه، فإنّ التشوه الذي يصيب ملامح تشكّل فنّ العمارة يصيب أيضًا هوية الساكنين فيها، (فمن لا ماضي له لا حاضر له، ومن لا حاضر له لا مستقبل له)، وبذلك يجب التمسك والحفاظ على الهوية والطابع الفني المعماري اليمني الأصيل”.

اندثار الهوية

يقول الدكتور عارف الصباحي (أستاذ الهندسة المعمارية في جامعة إب): “تواجه العمارة اليمنية حاليًا الكثير من التحديات، التي تأثرت بسببها العمارة اليمنية، منها تدهور الكثير من المباني القديمة لعدم وجود برامج الصيانة، وأيضًا عدم وجود سياسات واضحة وفعلية لتنمية المناطق السكنية في المدن القديمة، وتردي أوضاع الحياة المعيشية والاجتماعية في المدن التاريخية القديمة؛ بسبب النزوح المستمر من العائلات الغنية والمتوسطة، وأيضًا تراجع أعداد حرفيّي البناء التقليديين”.

فيما يوافقه الرأي الناشط الإعلامي مأمون العثماني قائلًا: ” هناك تحديات جمّة تواجه الفن المعماري اليمني، منها الثقافة المعمارية القادمة من خارج حدود اليمن؛ من حيث التصاميم والأشكال، وإنشاء مدن سكنية بطرق حديثة تختفي فيها المعالم المعمارية القديمة، وقد وضعت اليونسكو مدينة صنعاء القديمة في قائمة الخطر بإخراجها من قائمة التراث العالمي؛ بسبب التغييرات العشوائية التي تسيء إلى تراثها المعماري القديم، هذا كان له أثر مباشر في فنّنا المعماري، وعدم اتّباع التصاميم الهندسية أثناء الإنشاء، واللجوء إلى التخطيط العشوائي”.

من جهتها أكدت المهندسة المعمارية (شذى الصامت): أنّ شحة المتجهين لفنّ المعمار اليمني تمثل أبرز المشاكل التي تؤدي إلى محو هذا الفن العريق؛ إذ يقل الاهتمام بعناصره ومفرداته شيئًا فشيئًا.

وأشارت الصامت إلى مجموعة من الأضرار التي قد يخلفها ضعف الاهتمام والوعي بهذا الجانب، قائلة: “إنّ ضعف الوعي بخصوصية الفن المعماري اليمني وأهميته ستُلحق مجموعة من الأضرار، أبرزها اندثار الهوية اليمنية المتشكلة في واجهات المباني، واستخدام مواد مكلفة لتنفيذ النمط المعماري الحديث، والتسبب في التلوث البيئي، وكذلك التلوث البصري لمنطقة ما بسبب اختلاف أنماط البناء، وبالتالي يؤثر سلبًا على الشكل الحضري لهذه المنطقة”.

العمالة المَهَرة

يعدُّ فنُّ العمارة فنًّا يتوارثه الأجيال جيلًا بعد جيل، ولكن في ظل ظروف العصر الراهنة بدأ الاهتمام بهذا الجانب يقلُّ بشكل كبير وواسع.

مدير مكتب الثقافة في محافظة حضرموت، الأستاذ ماهر بن صالح يقول: “يمثل تقلص العمالة المَهَرة أحد أهم المخاطر التي يواجهها فنُّ العمارة في اليمن؛ ففي مدينة شبام حضرموت كانت إحدى الأزمات أنّ القوى العاملة لتنفيذ عمليات ترميم المدينة قد تقلصت  إلى حد كبير؛ إذ أدّت الحرب الأهلية منذ منتصف العام 2015م إلى هجرة الشباب بحثًا عن الأفضل، الأمر الذي جعل مباني شبام معرضة للخطر، بعد أن كانت المدينة مأهولة بشريحة من العاملين في صناعة الطوب (اللَّبِن) وإعادة طلاء المباني بالطين، وإنّ فقداننا للعُمال المَهَرة من الأسلاف، وعدم اكتراث الجيل الحاضر من العمال بنمط البناء، الذي كان يبني بها أجدادهم وآباؤهم، زاد من حدّة الكارثة التي يتعرض لها التراث المعماري في شبام”.

وأضاف ابن صالح: “بالإضافة إلى الأوضاع المعيشية للسكان، وما خلفته الصراعات المسلحة في البلاد، فإنّ هناك مجموعة من العوامل أسهمت في تقلص العمال الماهرين في أساليب البناء التقليدية، من أبرزها: ضعف اهتمام مناهج التعليم العالي في كليات الهندسة المعمارية في إبراز خصائص الفن المعماري اليمني، وعدم وجود برامج تأهيلية وتدريبية للعاملين في هذا المجال، والاتجاه إلى العمارة الحديثة بدلًا عن العمارة التقليدية في تشييد المباني، وعدم وجود كوادر علمية تُسهم في تأهيل الشباب في هذا الجانب”.

من جهته قال الدكتور محمد العروسي: “يتجه غالبية البنّائين والمزخرفين التقليديين في اليمن إلى ممارسة مهن أخرى؛ بسبب قلة الطلب لهم، والاستعانة بدلًا عنهم بعمال ومعلمين العمارة الحديثة، وهذا يشكّل أحد الأسباب التي تهدد باندثار الفنون المعمارية اليمنية”.

فيما أشار المهندس أحمد الشركسي إلى ارتفاع التكلفة للخامات التي تدخل في فن العمارة اليمنية، وندرة العمالة المَهَرة في الفن المعماري اليمني، وظهور المباني الحديثة السريعة المسلحة والجاهزة بأسعار أقل تكلفة، وذكر أيضًا أنّ الكثير من شباب الريف والمناطق القروية يغادرون بحثًا عن فرص عمل وحياة أفضل في المدن، وهذا يؤدي إلى ترك المنازل والمباني التراثية دون صيانة واهتمام، ممّا يزيد من اندثار التقاليد المعمارية.

إهمال واندثار التقاليد في العمارة اليمنية

لم تقتصر التحديات التي تواجه فنّ العمارة اليمني عند حدود عدم تشييد المباني والمنشآت بما ينسجم مع خصائص هذا الفن، وعدم الوعي والاهتمام به وتقلص العمالة، بل تخطت هذه الحدود لتضم مخاطر تهدد المدن التاريخية في اليمن، التي تعدّ المتحف الحي والشاهد الباقي على هذا الفن العريق.

تعدُّ المدن التاريخية الثلاث: (صنعاء القديمة، شبام حضرموت، وزبيد) من المدن التاريخية التي أدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، ولكن هذه المدن وغيرها، أصبحت مهددة بالخطر جراء مجموعة من العوامل والمشكلات التي تواجهها.

صنعاء القديمة هي الأخرى معرضة للخطر، فبحسب أحد التقارير الإخبارية المنشورة في موقع الأرشيف اليمني، فقد تمَّ رصد أكثر من ثلاثين مبنًى مخالفًا، في أحياء الأبهر، والدار الجديد، وحارة معاذ، وحارة سبأ، وحي الفليحي، والزمر، وبستان الطاووس؛ إذ إنّ بعض المباني شُيدت بالإسمنت والحديد، وبعض المباني مستحدثة فوق البناء القديم، وبعض الأبنية هُدمت بشكل كامل وأُعيد إعمارها بطراز جديد، وشُيدت طوابق إضافية في أبنية أخرى، وصل أحدها إلى إحدى عشر طابقًا.

وأشار التقرير إلى أنّ صنعاء القديمة تعرضت لاستهداف مروع قامت به طائرات التحالف العربي بقيادة السعودية، إذ استهدفت مباني المدينة القديمة بثلاث غارات جوية.

ومن التحديات التي تواجه التراث المعماري التقليدي تحديات الإهمال والاندثار للتقاليد المعمارية الأصيلة، يقول المهندس عقيل نصاري (نائب رئيس هيئة المدن التاريخية بصنعاء): “تعرضت العديد من المباني التقليدية والتراثية في صنعاء القديمة للإهمال والتآكل، وهذا بسبب انعدام الصيانة الدورية من قبل ملاك المباني القديمة؛ بسبب ضعف الحالة الاقتصادية لدى سكان المناطق التاريخية؛ فقبل الصراع القائم في اليمن كان الأهالي يقومون بالصيانة الدورية لتلك المباني، التي تعود لآلاف السنين خلال شهر رمضان المبارك استعدادًا لاستقبال العيد”.

ويواصل: “أيضًا من ضمن الصعوبات التي تواجه المدن والمباني التراثية في صنعاء القديمة وغيرها من المدن هي أنّ معظم المباني الواسعة خاصةٌ وتابعة للورثة، فتجد الورثة غير متفاهمين على صيانة المنزل وترميمه والحفاظ عليه من الاندثار، وأيضًا كون المباني التراثية من الطين والحجر، فتسبب الصراع في حدوث اهتزازات شديدة أثرت على المباني بتشققات وشروخ، ولم تخضع للصيانة من قبل الملاك، بالإضافة إلى التغييرات المناخية التي شهدتها البلاد في المدّة الأخيرة، التي أثرت بشكل مباشر على عدد من المباني التاريخية”. 

هذا قاسم العديني الذي يبلغ من العمر 80 عامًا، من مواليد مدينة العدين القديمة في محافظة إب، يخرج كل صباح من منزله القديم وسط حارة العدين القديمة كما يطلق عليها الأهالي، ليستقر أمام الجامع الكبير في حارته، وهو يتأمل لتلك المباني القديمة من حوله، التي أصابها الدمار وتآكل معظمها؛ نتيجة التغييرات المناخية، وعدم الترميم والصيانة.

يقول قاسم: “من هذه الأبواب القديمة مرَّ أجدادنا، وعلى هذه المباني المتهالكة كانوا يعيشون، وأنا أراها أمامي كل يوم تندثر وتضعف، وكأنّي أرى أنّ تاريخنا وهويتنا يختفي بعدها، فهذه المباني القديمة التي فيها تفاصيل عريقة من العمارة اليمنية التقليدية تحتاج إلى لفتة من قبل كل الساكنين في المنطقة، والجهات المختصة للحفاظ عليها من الدمار وترميمها وصيانتها”.

ويشير أنّ هناك جهلًا كبيرًا من قبل الحكومة والأجيال الحالية بأهمية التراث المعماري القديم في تمثيل هوية الشعب اليمني وتاريخه، وضرورة إيقاف التدخلات المعمارية، التي تهدم هذه المباني القديمة، وتضع مباني حديثة تغيب عنها كلُّ التفاصيل المعمارية اليمنية، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على التراث المعماري اليمني الأصيل.

إحصائيات

تعرضت العديد من المباني التاريخية القديمة لأضرار كارثية؛ ومنها لأضرار متوسطة وخفيفة، ومنها ما تعرضت للدمار والسقوط نتيجة عوامل مختلفة، يقول المهندس عقيل نصاري (نائب رئيس هيئة المدن التاريخية في صنعاء) لـ (صوت ألأمل): “في آخر إحصائية قامت بها الهيئة العامة للمدن التاريخية كان هناك 5000 مبنى معماري متضرر في صنعاء القديمة؛ أي حوالي 50% من المباني، منها 114 مبنى كانت آيلة للسقوط، وسقطت منها ما يقارب من 8_10 مباني معمارية قديمة خلال الأعوام 2019م -2021م-2023م، وهناك 500 من المباني كانت في حالة خطيرة وآيلة للسقوط”.

وأشار نصاري إلى أنّ هناك أيضًا 1200 من المباني تحمل أضرارًا متوسطة، وباقي العدد أضرارها متفاوتة، مثل تشققات في جدران المباني وتسريبات للمياه، وفي مدينة ثلا التاريخية هناك 50 مبنًى متضررًا، و15 مبنًى معرّضًا للسقوط في أي لحظة، وأيضًا هناك مدينة صعدة القديمة، التي تعرضت لعدد من الصراعات، أصبح فيها عدد من المباني التاريخية مدمّرة.

وعن المشاريع والجهود التي قامت بها الهيئة العامة للمدن التاريخية يقول: “وجّهنا نداء استغاثة في العام 2015م  للاتحاد الأوروبي عبر اليونسكو، فتمت الاستجابة في العام 2018م، فنفذت عددًا من المشاريع التنموية في الصيانة والترميم استهدفت (صنعاء، وزبيد، وشبام حضرموت)، وفي صنعاء استهدف المشروع 300 مبنى تمت صيانتها وترميمها، وكذلك قدمت  شركات هائل سعيد بتمويل الهيئة لتنفيذ مشروعين؛ الأول تمَّ تنفيذه السنة الماضية بحوالي 100 مليون ريال لـ 57 مبنًى، وهناك 35 مبنًى سيتم صيانتها خلال مرحلة ثانية، وإجمالي المباني التي رممت في صنعاء 450 مبنًى معماريًّا قديمًا”. 

معالجات للتخفيف

تتفاقم التحديات والصعوبات التي تواجه الفن المعماري اليمني مع تزايد الأوضاع الأمنية والاقتصادية والثقافية سوءًا، في ظل اندثار للفن المعماري اليمني الأصيل، الذي جاء من آلاف السنين؛ ليعبّر عن عراقة الشعب اليمني وأصالته، ومن هنا يدق ناقوس الخطر من أجل وضع الحلول والمعالجات لمواجهة تلك التحديات.

يقول المهندس المعماري عبد القادر التميمي: “يجب وضع جهود لتعزيز التعليم المعماري، وتوفير الفرص التدريبية والتطوير المهني للمهندسين المعماريين الشباب، وكذلك استعادة وجذب المهندسين المعماريين ذوي الخبرة الذين يعودون بعد مدّة النزوح أو الهجرة، ويجب أيضًا تشجيع التعاون والتبادل المعرفي بين المهندسين المعماريين المحليين والدوليين؛ لتعزيز التجارب والمعرفة في مجال العمارة”.

ويشير إلى ضرورة توفير الفرص المناسبة للمهندسين المعماريين، وتعزيز الخبرات والمهارات المهنية، ويمكن تعزيز قدرة القطاع المعماري اليمني على التعامل مع التحديات الحالية والمستقبلية، وتحقيق التطور والازدهار في هذا المجال، ويؤكد أنه من الضروري توفير التمويل والدعم المالي من خلال تخصيص موارد مالية كافية للحفاظ على المباني التاريخية وترميمها، عن طريق إنشاء صناديق خاصة لدعم وتمويل مشاريع الحفاظ على العمارة اليمنية، وكذلك السعي للحصول على التمويل من الجهات الحكومية والمنظمات الدولية.

فيما يشدد المهندس عقيل نصاري على ضرورة الصيانة الدورية للمباني التاريخية من قبل ملاكها، حتى لو كانت بالطرق البدائية، قبل أن تتزايد الأضرار وتصل إلى مرحلة الانهيارات، ويشير أنّ هناك اتّكالية من قبل الملاك على الدولة والجهات الفنية بالرغم أنّها أملاك خاصة بهم، ويجب أن يكون هناك تعاون مشترك بين مكاتب الأشغال والأوقاف والجهات الحكومية لحماية التراث العالمي في كل المدن التاريخية في اليمن.

ويرى الدكتور عارف الصباحي ضرورة تشجيع التواصل والحوار بين المهندسين المعماريين والمجتمع المحلي، بالإضافة إلى مشاركة المجتمع في اتخاذ القرارات الضرورية الخاصة بالتراث المعماري، ويجب أيضًا تعزيز الرقابة في مجال الهندسة المعمارية التقليدية، وتصعيدها على التلفزيون اليمني، وترويج قيمته وأهميته للجمهور المحلي والعالمي، ووضع سياسات وقوانين لحماية العمارة اليمنية، من خلال وضع آليات للمراقبة والتفتيش؛ لمنع التدمير غير المشروع للمباني التاريخية، وتعزيز قوانين الحفاظ على الهوية المعمارية.

وأشار الصباحي أنّ من ضمن التوصيات لمواجهة تحديات العمارة اليمنية، رفعَ الوعي لدى الشباب؛ من خلال المناهج الدراسية، والندوات التثقيفية، والإعلانات بأهمية الحفاظ على العمارة اليمنية، وتطويرها، ورصد جوائز تشجيعية لأفضل التصاميم المعمارية، التي تحيي مفردات   وعناصر العمارة اليمنية التقليدية، وتضمين المناهج الدراسية في المدارس والكليات بالموروث المعماري اليمني، وأهمية المحافظة عليه كموروث ثقافي.

فيما الناشط الإعلامي مأمون العثماني يقول: “للتغلب على هذه التحديات، يجب على الحكومة والمجتمع المدني والمؤسسات المعنية بالثقافة والتراث العمل معًا للحماية والحفاظ على التقاليد المعمارية الأصيلة في اليمن، وتعزيز الوعي والتثقيف حول قيمة التراث المعماري، يجب أيضًا تنظيم الجهود لتوثيق ودراسة المباني التقليدية، وتعزيز التعاون مع المجتمعات المحلية في الحفاظ على التراث المعماري”.

في حين يقول المهندس أحمد الشركسي: ” من واجب الدولة الحفاظ على العمالة الفنية اليمنية، وفتح معاهد لتدريبهم وتشجيعهم، وتوفير المواد اللازمة للبناء المعماري التقليدي بأسعار مناسبة، وإقامة بعض المشاريع المعمارية التي تساعد على جذب المهتمين بالفن المعماري اليمني، وإصدار تشريعات تعزز الحفاظ على الهوية المعمارية عند إقامة المشاريع السياحية؛ كالفنادق، والمنشآت، وصالة المطارات، والموانئ والمرافئ السياحية”. يجب أن ندرك أنّ الفن المعماري اليمني يواجه تحديات وعقبات كبيرة، تهدد استمراريته وتطوره، لكن على الرغم من ذلك، فإنّ الحفاظ على التراث المعماري وتعزيز الثقافة المعمارية في اليمن يعدُّ أمرًا ضروريًّا للحفاظ على هوية الشعب اليمني، وترويض تاريخه العريق.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

82% يرون أن انتشار طابع العمارة الحديث من أكبر المشكلات التي تواجه الحفاظ على الطابع التقليدي للعمارة اليمنية

صوت الأمل – يُمنى احمد عرفت اليمن منذ زمن بعيد بجمال عمارتها وتفرد مبانيها بطابع خاص ومميز…