‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة فن العمارة في اليمن “سَطْل”، فيلم يؤرخ الفن المعماري لصنعاء القديمة ويفوز بجائزة التراث

“سَطْل”، فيلم يؤرخ الفن المعماري لصنعاء القديمة ويفوز بجائزة التراث

صوت الأمل – حنان حسين

فاز فيلم “سَطْل” اليمني بجائزة مسابقة الأفلام القصيرة “حكاية أثر” التي نظمتها هيئة التراث السعودية بالتعاون مع المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي. الفيلم من تصوير وإخراج ومونتاج ثلاثة شباب يمنيين هم: علي السنيدار، عادل الحيمي، مروان المارش.

وتعني كلمة “سطل” الدلو، المصنوع من مادة البلاستيك المرن، الذي يوضع فيه مواد البناء، كالجص والأسمنت والطين والماء وغيرها، وفي الغالب يرمز السطل لمهنة البناء والمعاناة التي يتحملها البناؤون.

يتحدث عادل الحيمي أن سبب اختيارهم اسم “سطل” لفيلمهم هو أن يكون رمزًا للمشاعر المتبادلة والمترابطة بين الحاج عبدالله وصنعاء القديمة. ويؤكد قائلاً: “كتبنا (سطل) وليس (السطل)؛ لأنه ليس السطل الوحيد الذي عمل به في صنعاء القديمة، وهناك العديد من السطول التي استخدمها الحاج عبد الله خلال مسيرته العملية الممتدة على مدى عقود، بينما لم تنتهِ المسيرة بينه وبين صنعاء القديمة. لقد بقيَ السطل كما هو، وعليه آثار من الجص، فهو الأداة التي تحمل بقايا ذكريات كل المنازل التي عمل فيها”.

يروي الفيلم قصة الحاج عبد الله أحمد دويلة، المسنِّ ذي الـ78 عامًا، الذي يعمل في ترميم مدينة صنعاء القديمة منذ ستة عقود من الزمن، متحدثًا طيلة الفيلم عن مدينة صنعاء بشكل حميمي وجذاب، وعن علاقتهما ببعض وكيف أنهما يعرفان عن بعضهما الكثير.

يذكر عادل الحيمي –أحد أعضاء فريق صناعة الفيلم- أن الدافع وراء تصويره هو الحاج عبد الله نفسه؛ حيث لاحظوا شغفه عند العمل في ترميم المباني والعمائر في مدينة صنعاء القديمة. وفي حديثه عن الفيلم وماهي القصة الموضوعة، قال الحيمي: “يحكي الفيلم قصة الحاج عبد الله 78 عامًا، ومسيرته الحافلة والطويلة في مجاله العملي لأكثر من 60 عامًا، وهي ترميم وتزيين مباني صنعاء القديمة التاريخية بمادة الجبس (الجص)”.

وأضاف المخرج قائلا: “رغبنا في الفيلم إبراز علاقة الود والغرام بين طرفين فقط، هما الحاج عبد الله وصنعاء القديمة، وهما الشخصيتان الوحيدتان فيه، حيث تعمدنا عدم تصوير أي شخصيه أخرى عداهما. وقد شبهنا مدينة صنعاء القديمة بالفتاة العذراء التي لم يمسسها أحد سوى الحاج عبد الله الذي بدوره يعتني بها ويرممها ويزينها، ويحرص على الجلوس بقربها والاهتمام بها. وهي في المقابل تبادله العناية والاهتمام، فهي من تؤويه وتقدم له الطعام والشراب وتتزين له ببساتينها وهوائها النقي”.

وأضاف: “العلاقة بينهما تمتد لأكثر من ستة عقود سردناها بمقدمة تبين المعاناة والكفاح لكلا الشخصيتين، ثم بعد ذلك التأمل والتخطيط مع حوار خاص بين الطرفين، ثم الانتقال إلى الجد والمثابرة والتفاني في العمل، ونختم بعد ذلك بالإنجاز والنجاح والفرحة والفخر في النهاية”.

وأكد الحيمي أنهم ركزوا على تصوير المشاهد واللقطات القريبة للحاج عبد الله؛ لتلامس نفسية المشاهد وتصل إلى عمق مشاعره، يقول الحيمي: “أحببننا من خلال الفيلم أن نلامس إحساس المشاهد، فعملنا على إبراز كامل الحواس الخمس في مشاهد مقصودة وموزعة في كل مراحل الفيلم، ومن خلاله يجد المشاهد علاقة ود وانسجام بين الطرفين، وهي الحاسة السادسة المتبادلة بين صنعاء القديمة والحاج عبد الله”.

وعن الصعوبات التي واجهتهم أثناء التصوير ذكر الحيمي أن أبرزها تمثل في سفر الحاج عبد الله، وعدم القدرة على معرفة مكانه لأيام، وأوضح الموقف قائلا: “بعد أن انتهينا من تجهيزات تصوير الفيلم، كنا نعتقد أننا نستطيع إيجاد الحاج عبد الله في مكانه المعهود، في سوق العمال، لكننا مع الأسف لم نجده، ولم يكن معنا رقم هاتفه، وكان دكانه مغلقًا، ثم عرفنا أنه قد سافر”.

وأكمل: “حاولنا إيجاده بكل الوسائل، وطرقنا أبوابًا كثيرة للبحث عن أقاربه أو أحد معارفه في القرية، إلى أن وصلنا خبر عن أحد أقاربه، لكنه للأسف كان مسافرًا هو الآخر، وهنا كانت المشكلة. استمرينا بالبحث حتى عثرنا على مجموعة أرقام، كانت على الأرجح تخص أقاربه، فأرسلت لهم رسالة واحدة أبين لهم أني أحتاج للحاج عبدالله في عمل ومن يجده له مكافأة. وعندها لم يتبقَ إلا أسبوع واحد لإرسال الفيلم، ولم نكن قد بدأنا بعمل شيء. بدأ الوقت يداهمنا، وعقارب الساعات تمضي ونحن في انتظار رد، والحمد لله أتى الرد وأتى الحاج عبد الله”.

هناك الكثير من الصعوبات الأخرى التي واجهتهم أثناء التصوير، ومنها عدم إيجاد معلق صوتي في مدة زمنية قصيرة، مما اضطرهم إلى التعليق الصوتي والتعديل عليه عن طريق الذكاء الاصطناعي. مدينة صنعاء القديمة، المبنية على طراز معماري مميز وجوهري من مادتي اللبن والياجور (الطوب المحروق)، هي مدينة مأهولة بالسكان منذ 2500 عام. وهي إحدى البلدان المُسجلة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وواحدة من أقدم الحضارات التاريخية المدهشة بعمق تراثها وجمالها المعماري.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

82% يرون أن انتشار طابع العمارة الحديث من أكبر المشكلات التي تواجه الحفاظ على الطابع التقليدي للعمارة اليمنية

صوت الأمل – يُمنى احمد عرفت اليمن منذ زمن بعيد بجمال عمارتها وتفرد مبانيها بطابع خاص ومميز…