‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد في اليمن التغير المناخي.. تأثيرات بين السلب والإيجاب على الحياة البحرية

التغير المناخي.. تأثيرات بين السلب والإيجاب على الحياة البحرية

صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ

تحرص المواطنة سماح إسماعيل -(33 عاما) وهي من سكان مديرية الحالي في محافظة الحديدة- أن تحضر وجبة “المقلى” على مائدة الغداء التي تعتبر إحدى أهم الوجبات الشعبية في المدينة، ويعد السمك من مكوناتها الأساسية.

تقول سماح: “أنتظر فصل الربيع بفارغ الصبر؛ لأن أنواعًا كثيرة من الأسماك ترخص أسعارها في هذا الفصل، وفي هذا التوقيت يكثر أصوات الباعة المتجولين في الأحياء الشعبية، في حين تختفي بعضها في الفصول التي يرتفع فيها سعر الأسماك”.

يرجع صيادون متجولون انخفاض سعر الأسماك في الربيع إلى خروج أنواع كثيرة من الأسماك للبحث عن غذاء أو من أجل التكاثر، وهو الوقت الذي يسعد به كثير من الأفراد العاملين في مهنة الصيد؛ فهو موسم ينشط به عملهم ويتوسع رزقهم، على عكس بعض المواسم التي يرتفع فيه سعر الأسماك مثل فصل الشتاء الذي تنخفض فيه درجة الحرارة إلى مستويات مختلفة ما يدفع الأسماك إلى البحث عن تيارات المياه الدافئة؛ ففي هذا الموسم يحرص الصيادون على عدم الصيد في أوقات مبكرة حين تكون المياه باردة.

تقول سماح إسماعيل: “قبل أيام، شهدت المدينة رياحًا قوية استمرت لساعات، أكثر الفئات المتضررة من هذه الرياح هم الأشخاص العاملون في مهنة الصيد؛ حيث عزف الكثير منهم عن  الذهاب إلى البحر خوفًا على حياتهم، حينها وجدت صعوبة في الحصول على الأسماك التي أفضِّل أكلها”.

وتضيف: “أخبرني جاري الصياد سالم أحمد أن الكثير من الصيادين خافوا على قواربهم بسبب الرياح القوية التي شهدتها المدينة، لا سيما بعد سقوط مبنى قديم مكون من ثلاثة طوابق  بجانب الساحل بفعل هذه الرياح وأسفر عن مقتل ثلاثة مواطنين كانوا بجانب المبنى”.

تتعدد التغيرات المناخية ومعها تختلف تأثيراتها على البيئة بين السلب والإيجاب، وتعد البيئة البحرية من المجالات التي تلقى نصيبا وافرا من هذه التأثيرات سواء على الحياة البحرية بشكل عام أو على الثروة السمكية بشكل خاص.

عبد الحكيم محمد سعيد -مدير عام مركز دراسات وتلوث البيئة البحرية، هيئة علوم البحار- يقول إن تلك التأثيرات المناخية على البيئة البحرية ستختلف حدتها من منطقة إلى أخرى، سواء على مستوى البحار أو المحيطات بناء على الظروف البيئية المختلفة.

ويضيف: “لكي نحدد  السلبيات أو الإيجابيات لتأثير التغير المناخي على الثروة السمكية  لا بد من عمل دراسة بيئية لتتبع تلك التغيرات التي يمكن أن تحدث من المراقبة البيئية أولاً، ثم عمليات المسح المختلفة وأخذ القراءات اللازمة لخصائص مياه البحر، وكذا تحليل العينات السمكية المختلفة”.

التأثيرات الإيجابية

من جهته يتحدث عبد الناصر عويض كلشات (رئيس الهيئة العامة للمصائد السمكية في محافظة المهرة) لـ”صوت الأمل” عن التأثيرات الإيجابية للتغيرات المناخية على الثروة السمكية ويقول: “نلاحظ وجود أنواع من الأسماك لم تكن موجودة بكثرة في المهرة؛ نتيجة التغير الذي حدث في البيئة البحرية، فقد دخلت كميات كبيرة من الأتربة إلى داخل البحر نتيجة تدفق السيول الكبيرة ووصلت إلى أعماقه”.

التأثيرات السلبية

وعن التأثيرات السلبية لتغيرات المناخية يقول كلشات إنها تكمن في ارتفاع دراجات الحرارة أو انخفاضها بشكل كبير، وهو ما يؤثر على حياة الكائنات الحية داخل البحر، ويضيف: “مثلا، خلال فصل الشتاء تزداد درجات البرودة وهو ما يؤدي إلى نفوق أنواع كثيرة من الأسماك. ومنذ ثلاث سنوات نرصد نفوق عدد كبير من أسماك الجمبري”.

ويضيف كلشات: “أيضا من التغيرات السلبية شدة الموجات البحرية التي تؤدي إلى توقف  الصيادين، وهذه تؤثر بصورة مباشرة على حياتهم، فيتأثر دخل الفرد. وكذا توقف تجارة الأسماك أثناء العواصف والأمطار الشديدة والأعاصير التي تضرب المحافظة، وتعرض البنية التحتية لمراكز الإنزال وغرق القوارب وانهيار الساحات التي يتم فيها تداول الأسماك، وفقدان الصيادين لمعداتهم وممتلكاتهم الخاصة”.

فيما يقول أحمد عبد الله (رئيس جمعية صيادي الحسي السمكية بميفع بمحافظة حضرموت) إن من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الثروة السمكية نفوق الأسماك والأحياء البحرية بفعل التقلبات المناخية، وانتشار الظواهر الطبيعية، إلى جانب اختلالات في درجات الحرارة في البحار والمحيطات وتغير جودتها مما يؤثر على الأحياء البحرية المختلفة.

الحلول والمعالجات

يشير كلشات إلى أهم الحلول والمقترحات لمواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية على الثروة السمكية، ومنها: تفعيل نظام الإنذار المبكر، وإنشاء وتفعيل محطات أرصاد بحرية، بالإضافة إلى حملات توعوية وورش خاصة بالصيادين حول مواسم الاصطياد والتعامل الحذر مع الأعاصير.

وفي معرض رده عن الحلول والمقترحات لمواجهة هذه التغيرات، يرى رئيس جمعية صيادي الحسي بحضرموت أنه من الصعب السيطرة على العوامل الطبيعية؛ لذا يكمن الحل في التقليل من هذه الأضرار، وذلك من خلال عمل مراكز مراقبة التغيرات المناخية في خليج عدن والبحر العربي، وعمل دراسات مناخية.

وحول التغير المناخي على البحار، يقول نائل سعيد أحمد السروري (مستشار الهيئة العامة للمصائد السمكية خليج عدن): “من المتعارف عليه أن البحار تمتص الحرارة الزائدة والطاقة من الانبعاثات الحرارية المحصورة في نظام الأرض، واتضح من خلال دراسة موثقة أن البحار والمحيطات تمتص 90% من الحرارة  الناتجة عن ارتفاع الانبعاثات”.                                                                         

ويضيف: “تؤدي هذه التغيرات الحرارية الزائدة إلى تأثيرات متعاقبة غير مسبوقة بما في ذلك ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر وموجات الحر البحرية التي تعمل على تحمض البحار”.                                                                             

 ويتابع: “يترتب عليه إحداث تأثير دائم على التنوع البيولوجي البحري وعلى حياة المجتمعات الساحلية. وحسب إفادة الأمم المتحدة، فإن 680 مليون شخص يعيشون في المناطق الساحلية المنخفضة، وما يقارب 3,3 مليار يعتمدون على الأسماك للحصول على البروتين، وحوالي 60 مليون يعملون في مصائد الأسماك وقطاع تربية الأسماك المائية في جميع أنحاء العالم”.                                                        

تأثيرات أخرى

لم تقتصر آثار التغير المناخي في اليمن على الأسماك والثروة البحرية الأخرى، بل تمتد تأثيراتها المختلفة إلى مجالات وقطاعات أخرى ومنها القطاع الزراعي والثروة الحيوانية؛ حيث يواجه العديد من التحديات التي تسببت في تراجع إنتاج هذه المجال الهام الذي يساهم في تأمين الغذاء للمواطنين.

وعن التغيرات المناخية الإيجابية يرى ناصر أن أهم نتائج التغير المناخي في السنوات الأخيرة التي يجب أن يستوعبها الناس في اليمن الوفرة في مياه الأمطار واعتدال الأجواء في مناطق كثيرة، مما يعني أن بإمكان الناس في أغلب مناطق اليمن زراعة الحبوب والخضروات والفواكه، وستعالج الكثير من المشاكل التي خلفها الجفاف في مناطق كثيرة من البلاد.

ويضيف في حديثه أن الطاقة الشمسية قد لعبت دورًا مهمًا في توفير الوقت والجهد لدى كثير من المزارعين، لا سيما مع أزمة المشتقات النفطية التي ساهمت في تراجع الإنتاج الزراعي في بعض المناطق؛ نظراً لعجز المزارعين عن توفيرها وتشغيل مضخات الري.

تلقي التغيرات المناخية آثارها المختلفة على كثير من القطاعات الهامة في البلاد ما يدعو إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة، وإيجاد الحلول الممكنة للحد أو التخفيف من الآثار السلبية، واستغلال الآثار الإيجابية بما يخدم القطاعات نفسها الذي سيعود على مستقبل البلاد الاقتصادي.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

84.2% يعتقدون أن التغيرات المناخية ستؤثر سلبًا على الحياة في اليمن

صوت الأمل – يمنى أحمد التغير المناخي هو التغير طويل الأمد في درجات الحرارة وأنماط الطقس في…