‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة تعليم الفتيات في اليمن وضع تعليم الفتاة اليمنية ومعالجات للتحسين يقدمها مختصون

وضع تعليم الفتاة اليمنية ومعالجات للتحسين يقدمها مختصون

صوت الأمل – هبة محمد

منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف)، في بياناتها الصحفية على موقعها الرسمي، أفادت أنَّ الحصول على التعليم يعد أكبر التحديات التي يواجهها أطفال اليمن، خصوصاً الإناث؛ فنصف عدد البنات في سن الدراسة لا يذهبن للمدارس.

ووفقاً لتقرير منظمة اليونيسيف 2016م في ما يخص وضع التعليم في اليمن، فإنَّه يصل معدل الأمية في اليمن إلى 48%، وقد يتجاوز ذلك في الأعوام القادمة، وستكون النتائج كارثية، ويوضح التقرير أنَّ الفتاة تمثل معظم هذه النسبة. ويذكر أنَّ اليمن تعاني من أمية مفرطة في القراءة والكتابة ستتوسع أكثر في ظل أوضاع الصراع المستمرة.

إحصائيات

يذكر تقرير صادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية لعام 2017 أنَّ نسبة الإناث في المرحلة الأساسية بلغت %42 مقابل %16 في المرحلة الثانوية. وأوضحت الإحصائيات، أيضًا، أنَّ هناك فجوات واضحة بين نسبة التحاق الفتيات بمراحل التعليم، مقارنة بالذكور؛ إذ يبلغ التحاق الذكور 78% بينما تمثل الإناث69 %، وفي التعليم الأساسي بلغت نسبة الإناث 42.7% مقابل 57.3% من الذكور.

وأشار التقرير أيضًا إلى أنَّ نسبة تسرب الفتيات تجاوز الـ 70% في الفئة العمرية من 5-14 وتجاوز الـ20 % في الفئة العمرية من 15-24.

 ويوضح كتاب “مؤشرات التعليم في الجمهورية اليمنية للعام 2012/2013م”، الصادر عن  الجهاز المركزي للإحصاء، أنَّ نسبة الطالبات في اليمن لا تتجاوز 37% من إجمالي عدد الملتحقين بالتعليم.

فيما أشارت الوثيقة الوطنية لتشجيع تعليم البنات الصادرة عام 2005م إلى أنَّ84.4 % من الذكور الذين تبلغ أعمارهم عشر سنوات فما فوق في المناطق الحضرية و68.9% في القرى متعلمون، وتبلغ نسبة الإناث المتعلمات 59.9% في المناطق الحضرية و24% في القرى.

وتشير التقديرات التي نشرتها المنظمة الدولية للهجرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على موقعها الرسمي، إلى أنَّ أكثر من 2900مدرسة في اليمن قد تعرضت للدمار أو الضرر أو الاستخدام لأغراض غير تعليمية، مما أثر ذلك على تعليم حوالي 1.5 مليون فتى وفتاة في سن الدراسة.

ويؤكد تقرير أخير لمنظمة اليونيسف  للعام 2018م و2019م أنَّ عشرات الآلاف من اليمنيات، اللواتي كن في الأصل ملتحقات بالمدارس، قد حرمن من حقهن في التعليم بسبب عجز أسرهن عن توفير أبسط احتياجاتهن المتمثلة في وجبة الإفطار، وعدم قدرتهم على توفير المستلزمات المدرسية.

هند الذيب (معلمة منذ سنوات في مدرسة للفتيات بأحد أحياء إب) تبين لـ”صوت الأمل” أنَّ وضع مدارس تعليم الفتيات تدهور كثيرًا في جميع الجوانب التعليمية؛ بسبب ظروف الصراع وانقطاع الرواتب، مضيفة أنَّ معظم الفتيات اللواتي يدرسن في المرحلة الأساسية تركن التعليم؛ بسبب الظروف الاقتصادية، وعدم قدرة الآباء –خاصة الذين يمتلكون أكثر من ابنة- على دفع رسوم الدراسة ومصاريفها؛ بسبب انقطاع رواتبهم، والفتيات عادة ما يحتجن إلى مصاريف أكثر  من أجل تعليمهن.

وأوضحت الذيب أنَّ هناك المئات من الطالبات اللاتي يمتلكن طموحات وإمكانيات عقلية غير عادية لمواصلة تعليمهن، إلا أنهن يتركن المدرسة بكل قسوة –حد وصفها- من قبل أولياء الأمور؛ بسبب ظروف كثيرة، وتموت تلك الطموحات مع انقطاع تعليمهن. معللةً أنَّ سبب انخفاض نسبة انخراط الفتيات في التعليم عدة عوامل اجتماعية وثقافية، منها: الزواج المبكر خاصة في المناطق الريفية الذي يعيق استمرار الفتيات في مدارسهن، تراجع الآباء عن إرسال بناتهم إلى مدارس مختلطة، قلة توفر مدارس خاصة بالفتيات في عدة مناطق في البلاد، رفض الآباء ذهاب بناتهم إلى مدارس بعيدة عن منازلهن بسبب الخوف من سوء الوضع الأمني.

استثناء الفتيات

تؤكد خولة محمد (معلمة في أحد أرياف محافظة إب) على أنه بالرغم من وجود الشغف الكبير للتعليم لدى الفتيات أكثر من الأولاد، فإنَّ هناك صعوبات تواجه ذلك الشغف، أهمها أنها امرأة؛ إذ يفضل الآباء تعليم أولادهم الذكور إلى نهاية المرحلة الجامعية، بينما تحرم الفتاة من مواصلة تعليمها؛ نتيجة الزواج في سن مبكر قد يتراوح بين (15-19 سنة)، في نظرهم هذا هو السن المناسب للزواج، وهذا يعد في نظر خولة من أهم المعوقات التي تواجه الفتاة أمام مواصلة تعليمها الثانوي والجامعي، قائلة: “فأنا اليوم أتفاجأ أنَّ معظم طالباتي في الصف السابع من المرحلة الإعدادية سيُتزوجن بعد أشهر”، وعندما سألت إحداهن عن السبب الذي جعل والدها يوافق على زواجها في هذا العمر؛ نظرت إلي والحزن في وجهها، قائلة: “إنَّ والدي يخاف علي  كوني بنت، ويقول لي البنت ليس لها  إلا الزوج” .

وتختم خولة حديثها أنه بهذه النظرة التقليدية للمرأة من قبل بعض الآباء، ينتهي دور المرأة في المجتمع وتستثنى -كونها بنتًا- من مواصلة تعليمها.

انهيار التعليم

في العام 2019م، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، في تقرير لها بشأن وضع التعليم في اليمن، أنَّ نحو 500 ألف طفل يمني انقطعوا عن الدراسة منذ تصاعد الصراع أخيراً، ليُضافوا إلى مليوني طفل يمني أصبحوا خارج المنظومة التعليمية منذ بدء الصراع في البلاد عام 2015م.

وذكرت اليونيسف أنَّ المنظومة التعليمية في اليمن تأثرت بشكل كبير بسبب عوامل عدة، منها التوقف عن صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية منذ أكثر من سنة؛ ما جعل تعليم قرابة 4.5 ملايين طالب على المحك.

كفاح فتاة كفيفة في مشوارها التعليمي

الشابة الكفيفة سمية أحمد ناصر (من مواليد محافظة إب مديرية الضهار 2005م، حصلت على المركز الثامن في أوائل الجمهورية للثانوية العامة، القسم الأدبي، للعام 2022م) تروي قصة كفاحها مع الإعاقة البصرية من أجل مواصلة تعليمها، تتحدث لـ”صوت الأمل” قائلة: “لم أكن كفيفة في الماضي وإنما كف بصري وأنا في الصف الخامس الابتدائي، قبل ذلك التحقت بمدرسة 22مايو للصف الأول، وكان نظري كاملاً لا أعاني من أي مشكلة بصرية نهائياً حتى الصف الرابع، ثم بدأت معاناتي؛ فقد فقدت بصري جزئيًا. ومع ذلك اجتهدت كثيراً وحصلت على الترتيب الخامس آنذاك”. تواصل سمية حديثها والدمع يملأ عينيها: “كنت أعاني في ذلك الوقت من صعوبة في تعلم مادة الرياضيات بشكل كبير جداً، وكان جميع المعلمين لا يعرفون أني كفيفة ولا أستطيع أن أكتب على الدفاتر ولا أستطيع القراءة من مكان بعيد؛ حتى أنَّ معلمة الرياضيات كانت تعاقبني يومياً وتوجه سؤالها المعتاد، لماذا أنت يا سمية متفوقة في جميع المواد ما عدا الرياضيات؟”،  وتقول سمية: “لا تعلم المعلمة أني لم أكن أرى شيئاً من السبورة، أكملت الصف الرابع وانتقلت للصف الخامس ومن هنا بدأت المعاناة الحقيقة، في هذا المرحلة انقطع بصري كليًا لم أعد أرى شيئًا وجميع معلمي المدرسة لا يدركون أني أصبحت كفيفة بشكل كلي”، وتضيف سمية والكلمات تحتبس بداخلها من الألم: “كانوا يعاملوني معاملة الإنسان المبصر حتى أثر ذلك على مستواي الدراسي،  وتحولت من طالبة مجتهدة إلى طالبة مهملة. ليس بيدي، كل شيء بيد الله؛ فقد كف بصري ولا أحد يعرف ذلك”.

وذكرت لنا سمية موقفاً لها ما زال عالقاً في ذاكرتها إلى الآن مع معلمة اللغة العربية التي طلبت منها القراءة لدرس ما أكثر من مرة، وكانت سمية في كل مرة تبرر أنَّها مريضة حتى صرخت المعلمة في وجهها وانهارت سمية بالبكاء، تدخلت إحدى زميلاتها وأخبرت المعلمة أنَّ سمية لم تعد ترى سوى الظلام وأنَّها كفيفة. وتشير سمية إلى أنَّها لم تكن تحب مادة الرياضيات؛ بسبب أنها كفيفة ولا ترى شئياً وتعتمد على السمع فقط، سمية لم تكن آنذاك قد التحقت بجمعية الأمان للكفيفات  -حد قولها-؛ بسبب عدم الوعي الأسري بحالتها فغرقت في اليأس وتقول: “كنت أفكر طوال الليل كيف أرد على معلمة الرياضيات إذا طلبت مني أن أقف أمام السبورة لحل مسألة ما، ليس لأني مهملة بل لأنني أصبحت كفيفة، الحمد لله فقد رضيت كل الرضا بقدر الله” وتشير سمية إلى أنَّها في  اختبارات النصف الثاني من الصف الخامس لم تستطيع أن ترى ورقة الامتحان نهائيًا وانهارت بالبكاء على الورقة، تقول: “أستطيع أن أجيب لكن لا أستطيع أن أقرأ، وأكملت الصف الخامس والحمد لله كانت تلك أصعب مرحلة دراسية مررت بها وانتقلت إلى الصفوف اللاحقة، واستمرت معاناتي مع الرياضيات ولم يكن يدرك الجميع أني كفيفة، وقررت أن أخبر والدتي بأني سأترك الدراسة لكني تراجعت؛ خوفاً على مشاعرها فواصلت دراستي إلى الصف التاسع، وكنت آنذاك أقوم بتوزيع دفاتري إلى زميلاتي لمساعدتي في كتابة الدروس”.

وتضيف سمية: “بعد ذلك انتقلت إلى جمعية دار الأمان للكفيفات والتحقت بالسكن الداخلي للجمعية، ومن هنا بدأت قصة نجاحي؛ فقد زرعت فيني جمعية الأمان الأمل من جديد وأعطوني المنهج المسموع  ففرحت كثيراً، وكأنه عاد إلي بصري مجدداً، اعتمدت على نفسي في المذاكرة ولم أعد أخفي دموعي خوفاً من تدني مستواي الدراسي، حتى أني نافست المبصرين وحصلت على الترتيب الثالث في الصف التاسع، وفي مادة الرياضيات حصلت على 48/50 ودخلت مرحلة الثانوية”.

 وتردف سمية في حديثها: “في المرحلة الثانوية تعقدت نوعاً ما من مادة الفيزياء وطلبت والدتي من الدار تعليمي طريقة برايل، فتعلمت طريقة برايل حتى دخلت الصف الثالث الثانوي القسم الأدبي فشعرت بالحرية والاستقلال؛ لم أعد مقيدة بالمنهج المسموع وأجهزة السمع، من هنا بدأت أعظم ما حققته في حياتي وهو ختم كتاب الله، كان هدفي ختم كتاب الله؛ حتى يوفقني الله في بقية حياتي، وبعد شهر من ختمي لحفظ كتاب الله أتت اختبارات نصف العام وحصلت على الترتيب الأول في القسم الأدبي، واستعددت بعد ذلك للاختبارات النهائية وكنت أذاكر حتى طلوع الفجر، وأكملت الاختبارات بعد بفترة وجيزة، وبينما كنت في حلقة التحفيظ للقران الكريم أتفاجأ من أحدهم أني حصلت على المركز الثامن على مستوى أوائل الجمهورية. أصبت وقتها بالدهشة لأني لم أتخيل ذلك؛ كي لا أخذل. والدتي هي من كانت الداعم الأول لي، ورسالتي للمجتمع أنَّ الإعاقة ليست مانعاً أو حجة لمواصلة التعليم،  بل هي حافزٌ للنجاح، ولا يجب أن ينظر المجتمع للمعاق نظرة شفقة بل نظرة تساو مع الأشخاص الأصحاء، وتوفير مستلزمات المعاقين كي يشعروا بالحرية والاستقلال”.

وتقول خولة (معلمة في إحدى المدارس الريفية في محافظة إب): “أن الصراعات المستمرة في البلاد التي أدت إلى انقطاع الرواتب وفقر المعيشة لدى الأسر مما يدفع الآباء إلى إخراج بناتهم من المدرسة بسبب عدم القدرة على دفع تكاليف رسوم المدرسة خصوصا أن التعليم في المدارس الحكومية أصبح مشابها للمدارس الخاصة في طلب الرسوم .

أسباب قلة مدارس تعليم الفتيات والحلول المناسبة

زواج الفتيات القاصرات هو أحد الأسباب المهمة التي تمنع الفتيات من مواصلة تعليمهن  هذا ما أكدته لنا نجلاء محمد (مديرة مشروع المساحة الآمنة في مديرية العدين) وتشير نجلاء أن  معظم الفتيات يجبرن على الزواج المبكر قبل بلوغهن سن 18  عاماً؛  بسبب الفقر والعادات والتقاليد الاجتماعية؛ وهذا ما يضاعف المسؤولية الكاملة على دور المعلمات في المدارس الريفية  بتوعية وتثقيف الأسر بأهمية تعليم الفتيات.

في حين  تقول “منيرة أحمد (طالبة في المرحلة الإعدادية في مدارس صلاح الدين في عزلة بيوت العدين بمحافظة إب) أنَّ الكثير من الآباء يمنعون بناتهم من التعليم؛ لعدم وجود مدارس خاصة بالفتيات؛ انصياعاً للعادات والتقاليد المجتمعية وخوفاً من الاختلاط بالذكور، وقلة وجود معلمات في المدارس.

في أبريل 2013م، نشر البنك الدولي على موقعه الرسمي: “في عامي 2010 – 2011م، لم يكن عدد المعلمات في مدارس التعليم الأساسي والثانوي الحكومية يتجاوز 28% من إجمالي عدد المدرسين، وتقدر وزارة التعليم العدد المطلوب؛ لتقليص النقص الحاد الذي تعانيه المناطق الريفية في المعلمات بنحو 4500 معلمة”.

شورى محمد (موجهة الأنشطة في مكتب التربية والتعليم) تقول لـ”صوت الأمل” أنَّه من ضمن الحلول المناسبة لتطوير عملية تعليم الفتيات في اليمن تعاون المنظمات الإنسانية في دعم  غالبية الأسر الفقيرة بصورة مستمرة، ودعم مشاريع التغذية المدرسية؛ مما يساعد في زيادة التحاق الفتاه بالتعليم، وأن يشارك المجتمع المحلي، وجميع مؤسساته في التوعية والتثقيف الأسري، وفي دعم تعليم الفتيات وتوفير مستلزمات الدراسة، وأن يقوم المجتمع في بناء مدارس خاصة بالفتيات في أكثر المناطق والعزل، والمديريات اليمنية؛ لكي تستطيع الفتاة أن تتعلم.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع.. 90%: يوجد تمييز نوعي في نيل فرص التعليم باليمن

صوت الأمل – يُمنى أحمد توصلت نتائج استبيان إلكتروني نفذته وحدة المعلومات واستطلاع الرأي في…