‫الرئيسية‬ الاقتصادية خديجة الحبابي: عزيمة تحدَّت الإعاقة

خديجة الحبابي: عزيمة تحدَّت الإعاقة

صوت الأمل – رجاء مكرد

“استهلت خديجة قصة نجاحها التي تحدت بها إعاقتها بهذه الكلمات “كانت حياتي طبيعية، عشتُ مثل أي شخص عادي الوالد والوالدة – الله يرحمهما ويجعل مثواهما  الجنة- أعطياني كامل الحرية والثقة بالنفس والشجاعة للاختلاط مع الآخرين كما سمحا لي بالحوار مع كل من كنت أقابلهم أو أعيش معهم، وقد غرسا في نفوس إخواني الأولاد والبنات حب خديجة، وتقدير ظروفها الصحية، وعدم القسوة عليها”.

خديجة علي عمر الحبابي، من مواليد مدينة حبابة عام 1986م، استطاعت التغلب على إعاقتها الحركية، حتى أصبحت نموذجًا يُحتذى، كونها بذلت مجهوداً جباراً منذُ طفولتها، وتمكنت من مواصلة تعليمها، ونجحت وتفوقت.  

وبفضل مثابرتها، أصبحت خديجة عضواً في الاتحاد الوطني للمعاقين، وطالبة دكتوراه بجامعة صنعاء، وعلى الرغم من أنها واجهت تحديات كثيرة بسبب إعاقتها، إلَّا أنها استطاعت تجاوز ذلك، ففي مرحلة الابتدائي مثلًا، أجرت الحبابي  4 عمليات جراحية في رجلها اليمنى، وبقيت 6 أشهر تذاكر دروسها وهي على السرير، لا تستطيع الحركة بسبب رجلها المجبسة.


وبعد أن أنهت الحبابي تعليمها الابتدائي وانتقلت إلى المرحلة الأساسية، واجهتها صعوبة أُخرى، تمثلت بانتقال أخيها الأكبر حسين للعمل في صنعاء؛  ولم تجد بعد ذهابه من  يأخذها إلى المدرسة، الأمر الذي دفع والدها لشراء كرسي متحرك يُساعدها في الذهاب إلى المدرسة بمفردها.. أما في مرحلة الثانوية العامة، فقد شعر والدا خديجة بالألم؛ لعدم قدرتهاعلى الاعتماد على نفسها دائمًا في الذهاب للثانويَّة،  فبدآ  بالتفكير في العلاج الطبيعي كحل يمكن أن يُساعدها، وفي إجازة ما بين الصفين ثاني ثانوي وثالث ثانوي، دخلت خديجة مع أختها الأكبر منها سنًا صنعاء، وأخذت جلسات وتمرين علاج طبيعي، وبعد ما يقارب الشهر بدأت خديجة باستخدام جهاز مساعد للرجل اليمني، بالإضافة إلى  مشّاية.
وبعد الانتهاء من العلاج الطبيعي، عادت خديجة إلى بلادها “الحبابة” وكانت في تلك الفترة تتدرب على الجهاز والمشاية خلف منزل أسرتها، ترافقها زوجات إخوانها في التدريب، ثم التحقت بالمرحلة الأخيرة من الثانويَّة العامة واختارت القسم العلمي.
وبعد نيلها  شهادة الثانوية العامة، عملت الحبابي مدرّسة،  وقامت بتدريس مادة الرياضيات، واللغة الإنجليزية في مدينة حبابة. وكان خوفها يكمن في صعوبة الكتابة على السبورة أثناء استخدامها للمشاية، لكن مع الإصرار تمكنت خديجة من تجاوز هذه العقبة.


وفي عام 2007م، حصلت خديجة على شهادة البكالوريوس من جامعة صنعاء قسم علم الاجتماع- شعبة الخدمة الاجتماعية، ثم درست الكمبيوتر، وعملت مدربة في مجال التنمية البشرية،  في مدرسة الريادة التي استقالت منها عام 2010م، لتبدأ عملها الحكومي في الخدمة الاجتماعية؛ لقرب هذا التخصص من معاناة ذوي الإعاقة، وقد استمرت في هذا العمل مدة ثلاثة أعوام، كانت تعمل صباحًا في القطاع الحكومي، ومساءً في القطاع  الخاص.
وفي عام 2012_2013م، شرعت خديجة بدراسة تمهيدي الماجستير، وكانت  تواجهها في هذه المرحلة العديد من الصعوبات،  ارتبط أغلبها في استخدامها للمواصلات العامة؛ ولكنها واستطاعت تجاوز ذلك عندما اشترت سيارة. ولم تكتفِ خديجة بدارسة تمهيدي الماجستير، بل واصلت تعليمها باللغة الإنجليزية، وحصلت على شهادة التوفل عام 2015 من معهد يالي، كما حصلت على شهادة الماجستير من جامعة صنعاء عام 2017،  بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، بعد مناقشتها لرسالة الماجستير.

تقول خديجة: “بعد مناقشتي لرسالة الماجستير بأسبوعين، بدأت بالمتابعة للالتحاق ببرنامج الدكتوراه خارج اليمن، وقمت  بمراسلة الجامعات البريطانية والألمانية؛ بهدف الحصول على منحة تمكنني من الالتحاق ببرامج الدكتوراه خارج اليمن.
وتضيف خديجة: “وفي تلك الفترة واجهت الصعوبات الحقيقية؛ ويبدو أن طموحي وتأهيلي لم يكونا كافيين لدى هذه الجامعات، مرَّ عام كامل وأنا أتابع وأراسل الجامعات خارج اليمن،  وذلك بعد أن قمت بتجهيز كل متطلبات برنامج الدكتوراه من جواز السفر، وشهادات معمدة من التعليم العالي والخارجية، بالإضافة إلى المقالة الشخصية، والسيرة الذاتية بالعربي والإنجليزي، والمذكرات التي حصلت عليها من الوزرات، والمنظمات الدولية، على أمل الحصول على  منحة الدكتوراه”.
وبحسب وصف الحبابي: “حصلت لي صدمة بسبب رفض المنظمات الدوليَّة توفير منحة الدكتوراه لي، كنت أتوقع أنه عندما تتقدم طالبة من ذوي الإعاقة للدارسة خارج اليمن، فإنه يمكن أن تكون نموذجا تسارع المنظمات لدعمه، وتشجيعه، ولكني  لم أحصل إلَّا على الرفض المتكرر من جميع المنظمات التي قدمت لها”.
 ومن هذه المعاناة تولدت لدى خديجة فكرة تأليف كتاب يحكي المعاناة التي واجهتها أثناء متابعتها المضنية للحصول على شهادة الدكتوراه من خارج اليمن وجاء الكتاب بعنوان “واقع الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن بين المنظمات المحلية والدولية”.
أما عن طموح خديجة الحبابي مستقبلًا، فهي ترغب  بالحصول على درجة الدكتوراه، ثم السفر والحصول على منحة أبحاث ما بعد الدكتوراه، كما تتمنى أن  تؤسس مركز أبحاث ودراسات خاص بذوي الإعاقة، وتطمح إلى أن تلحق بهذا المركز البحثي، مركزا طبيا متخصصا في مجال الإعاقة، يعمل على التشخيص واكتشاف الإعاقات منذ وقت مبكر ويقوم بعلاجها وتوفير جميع الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وخاصة الأسر الفقيرة.
تختتم الحبابي حديثها بالقول: “الشيء الجميل في حياتي، هو أنني والحمد لله لم أتوقف عن التعلم ؛ وسبب نجاحي بعد توفيق اللّه تعالى هو أسرتي ثم الإصرار والاستمرار”.

‫شاهد أيضًا‬

تنوع تراث الطهي.. عامل اقتصادي مهمّ وتراث حضاري ينبغي الحفاظ عليه

صوت الأمل – (حنان حسين – أحمد باجعيم)  يتميز التراث الحضاري العريق للمطبخ اليمن…