‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النقل في اليمن جهود مجتمعية وإسهامات المنظمات في تحسين ودعم قطاع النقل

جهود مجتمعية وإسهامات المنظمات في تحسين ودعم قطاع النقل

صوت الأمل – حنين الوحش

لم ينجُ قطاع النقل، كغيره من القطاعات الأخرى، من الضرر الذي تسبب فيه الصراع في اليمن، حتى أنه عانى من ضغط شديد في استعادة حركة النقل -سواء الدولية أو المحلية- داخل المحافظات نفسها إثر النزاع الذي أدى إلى إغلاق الطرق وتدميرها واتخاذ حلول وبدائل مليئة بالمخاطر والعقبات.

وقد كان للمنظمات الدولية والمحلية دور بارز وإسهامات ملحوظة في استعادة نشاط النقل البري والبحري والجوي. ورغم التحديات قدمت العديد من المشاريع والإصلاحات في تحسين عملية النقل وإعادة تأهيله.

تحديات ومساهمات دولية

في إطار الإسهامات التي قدمتها المنظمات الدولية في سبيل خدمة قطاع النقل في اليمن، تم تقديم مشروع الغذاء مقابل إعادة تأهيل الأصول المجتمعية Food for assist- (FFA) – التابع لمنظمة (care) العالمية بتمويل من منظمة الأغذية العالمية WFP)) لعدة محافظات منها (تعز، وإب، وعدن، ومأرب) وغيرها من المحافظات في مختلف الجمهورية اليمنية.

وحول التحديات يوضح مصدر عامل في منظمة كير -لم يشأ ذكر اسمه- “أن بعض المناطق التي كانت مقترحة للتدخل فيها تقع في مناطق قريبة من خطوط التماس، وبالتالي قد يتضرر العمال المنفذون وهناك خطر على سلامتهم وسلامة أرواحهم. إضافة إلى أن المنظمة المانحة والمنظمة المنفذة لا تتكفل بأي تعويضات لأي عمال قد يصيبهم أي مكروه أو ضرر أو مخاطر أثناء العمل”.

وأضاف المصدر “أنه من ضمن الصعوبات محاولةُ بعض القادة المجتمعيين لبعض المناطق عند تحليل الاحتياج للإدلاء بمعلومات ليست دقيقة وحقيقية تماما من أجل جذب المنظمة وإقناعها بالتدخل في المنطقة وعدم توفر موارد في بعض القرى المستهدفة مثل مناقِف أحجار (المقطوعات الصخرية الملتصقة بالجبال) والنيس والكري والعمالة الماهرة، رغم أن الطريق تمثل احتياجًا لهذه الموارد”.

وفي ذات الموضوع أكد “أن ما يزيد من التحديات أن أهالي بعض المناطق يقترحون التنفيذ بمواصفات جودة أكبر وأعلى وقياسية وأكبر من المخطط له، أو تسجيل بعض عمال غير مطابقين للمعايير -مثلا سنهم أكبر من 50 أو أقل من 18 عامًا، أو لديهم أمراض أو مخاطر- وبالتالي تقل الإنتاجية والإنجاز، ويتم التجاوز عن طريق استبدالهم بعمال آخرين وفقا للمعايير المطلوبة لتحقيق الهدف والإنجاز المطلوب. ومن التحديات تأخر تسليم المستحقات بسبب أحداث أوكرانيا مما أدى إلى تخفيض فترة المشروع من قبل الداعم من 6 أشهر إلى 4 أشهر ونقل بقية الدعم للتدخل الطارئ والاستجابة الطارئة في أوكرانيا، مما سبب في تذمر بعض العمال بسبب تأخر صرف المستحقات المخصصة لهم”.

المعالجات

وفي الحديث عن المعالجات التي يعملون بها، قال المصدر التابع للمنظمة: “هو قيام مختصي الأمن والسلامة في المنظمة بالنزول الميداني لتقييم الوضع الأمني للمنطقة وإمكانية التدخل فيها ورفع تقرير بذلك، وتقييم مسؤولي الأمن والسلامة بالمنظمة أنها خطرة ثم استبعادها واستهداف مناطق أخرى آمنة، وتجنب العمل في المناطق الخطرة أو المحتمل حدوث أي ضرر للعاملين فيها، مثل تساقط صخور أو غيرها من المخاطر”.

ويضيف: “تم الاستعانة ببعض القرى المجاورة لتوفير الأحجار والنيس والعمالة الماهرة وشق طرق جديد للمناقف، وتفعيل المساهمات المجتمعية للقادة المجتمعيين للمنطقة والتجار وأصحاب المال والنفوذ لتوفير مساهمات بمواد أو بتنازلات عن مناقف لصالح مرور الطريق”.

ويتابع: “من ضمن المعالجات أننا عملنا على توقيع عقود مع العمال تلزمهم بالالتزام بتعاليم الأمن والسلامة وارتداء أدواتهما. وتنص على أن المنظمة غير مسؤولة عن أي أضرار تحدث لأحد العاملين ولن تتكفل بأي تعويض. وكذلك نُفذت دورات تدريبية للعمال على الأمن والسلامة والطرق الصحيحة لأداء الأعمال وتنفيذ المهام ، وتم صرف أدوات أمن وسلامة لكل العمال”.

مضيفاً أن هناك معالجات كثيرة تم اتباعها، منها: الاستعانة والتنسيق المسبق مع السلطة المحلية للمنطقة، جمع القادة المجتمعيين للمنطقة وعمل مقابلات وجلسات نقاشات بؤرية مع أهالي المنطقة للتأكد من تلك المعلومات ومن أجل تحديد الاحتياج الأكثر أولوية للمنطقة، الاطلاع على الدراسات والإحصائيات السابقة الموجودة، مثل الخطة التنموية لكل قرية الذي أشرف على إعدادها الصندوق الاجتماعي بالتنسيق والتعاون مع مجلس القرية أو منطقة مستهدفة أو خطة التعافي التي أعدها الصندوق الاجتماعية.

ويتابع: “تم تفعيل المساهمة المجتمعية وتمت المساهمة بمواد -مثل أسمنت وأحجار- وتنازلات عن مواقع للعمل فيها واستخراج الأحجار منها لصالح الطريق. وتم تفعيل دور المساهمة المجتمعية مؤقتا وقام القادة المجتمعيون في المنطقة بتوفير مبالغ مالية من صندوق تعاون القرية أو من حساباتهم الشخصية لصالح العمال، وأيضا توفير الطعام لهم. وتعرقل بعض العمال في استلام مستحقاتهم؛ لأن صرف المستحقات يتم عن طريق بطائق إلكترونية ممغنطة بالنظام البيومتري فكان الجهاز لا يقبل التعرف على بعض البطائق لأسباب فنية، وتم الرفع للداعم بالإشكاليات ومعالجتها من قبل المانح”.

خدمات مجتمعية

في سياق استعراض الإسهامات والخدمات التي قُدمت في جانب تحسين قطاع النقل يقول المصدر: “تم تسهيل الوصول الخدمي للسيارات والناقلات والتنقل بين المديريات، وأيضا في الشرايين الرئيسة للمدينة التي تعتبر بمثابة منافذ رسمية للدخول والخروج من محافظة تعز في الوضع الحالي وفي ظل توقف المنافذ التي كانت رسمية وأصبحت الآن مناطق صراع وخطوط تماس”.

وفي إطار الدعم المقدم يقول المصدر إن هناك دعمًا من قبل منظمة الأغذية العالمية  (WFP) التي كانت هي المنظمة المانحة بشراكة وتنفيذ منظمة كير العالمية، وتم توفير مساهمات مجتمعية للمنطقة عن طريق القادة المجتمعيين للمناطق المستهدفة من رجال الخير والتُجار.

 خطط مستقبلية

في جانب الخطط المستقبلية التي ستسهم في التحسين والتخفيف من المعاناة، أكد المصدر التابع لمنظمة كير على أن مشروع “الغذاء مقابل إعادة تأهيل الأصول المجتمعية” يتم تنفيذه كل سنة ويستهدف مناطق مختلفة منذ العام 2020 حتى الآن وسيستمر تنفيذه في السنوات القادمة.

موضحًا أن هناك خططًا مشتركة بين عدة جهات ومنظمات مانحة وسلطات محلية للتدخل بشكل متكامل ومنظم؛ منعًا للازدواجية في التدخل لنفس المنطقة، ولضمان استهداف مناطق أكثر عددًا واحتياجا؛ ففي كل مديرية تم استهداف عدة قرى ومناطق حسب الاحتياج، منها مشاريع طرق، مياه، ومنها ترميم مدارس، وغير ذلك من الأصول؛ لكن أبرزها وأكثرها كانت مشاريع الطرق.

تقارير دولية

 قدمت المنظمات العاملة في اليمن تقارير عن البرامج والمشاريع التي قدمت في الأعوام السابقة وحتى الآن، ومن ضمنها البرامج الخاصة بقطاع النقل. وفي تقرير للبرنامج السعودي لإعادة الإعمار، عملت مبادرات عدة في مختلف المحافظات اليمنية على تخفيف المعاناة عن اليمنيين حسب القدرات المتاحة. وتتمثل هذه المساعدات في إعادة تأهيل مطار الغيضة في المهرة وتزويد المطار بالنظام الملاحي، وتوفير نظام اتصالات لبرج المراقبة الجوي، وإعادة تأهيل ميناء نشطون وتزويده بأجهزة ملاحة بحرية، وإعادة تأهيل منفذ شَحِن، وإعادة تأهيل الطرق الداخلية بمدينة الغيضة.

 وأوضح التقرير أن عدة مشاريع أخرى قدمت في سقطرى وعدن مثل إعادة تأهيل الطرق الداخلية بحديبو وإنشاء مبنى إدارة ميناء سقطرى والتدخل العاجل لإعادة تشغيل مطار عدن الدولي، وكذلك إعادة تأهيل طريق التسعين وساحل أبين وشاهيناز وطريق كالتكس وتأهيل مطار عدن وتنفيذ الطريق البحري والتقاطعات المرتبطة به.

وفي السياق ذاته، عمل البرنامج على تنفيذ منظومات إنارة الطرقات بالطاقة الشمسية وتطوير ورفع كفاءة أنظمة الملاحة والاتصالات في مطار عدن الدولي، إضافة إلى تنفيذ مشاريع في صعدة وإعادة تأهيل طريق العبر وتوسعته، ومطار مأرب الدولي ومشروع تنفيذ طريق تعز والمخا المتمثل في إعادة تأهيل طريق هيجة العبد الرابط بين محافظتي تعز وعدن.

وهدفت البرامج المقدمة من البرنامج السعودي إلى إعادة إعمار اليمن وتأهيل الجوانب المتعلقة بقطاع النقل، وفـي تحريـك عجلـة التنميـة ورفد الاقتصاد اليمنـي، ورفــع مســتوى وكفــاءة الخدمـات المقدمـة وخدمـات الشـحن والشـركات العاملـة في القطاع، وكذلك المساهمة في تحسين البنية التحتية لقطاع النقل الجوي والمساهمة في تحسين الخدمات الأساسية، والمساهمة في تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، والمساهمة في زيادة حركة نقل الركاب وشحن البضائع، والمساهمة في إنعاش الحركة الاقتصادية، وخلق فرص العمل الرئيسـية والمرافــق المحيطــة بهــا.

جهود مجتمعية

كان للمبادرات المجتمعية دور بارز في الإسهام في التخفيف من معاناة المواطنين والوقوف إلى جانب قطاع النقل، منها مبادرة “إسناد” المجتمعية التي عملت على شق وتسوية وتوسيع قرية الخفاقر في منطقة قراضة مديرية صبر الموادم في محافظة تعز.

وبحسب حديث أحمد الحساني (منسق المشاريع الخاصة بالمبادرة) حول الصعوبات التي واجهوها أثناء القيام بالمشروع، فقد تأطرت التحديات في الآتي: عدم توفر الميزانية الكافية التي تغطي تنفيذ المشروع بالشكل المطلوب، عدم الإلمام بكافة الاحتياجات التفصيلية، ظهور احتياجات إضافية أثناء التنفيذ، اختلاف أنماط شخصيات القادة المجتمعيين للمنطقة وطلبهم لبعض مواد غير متضمنة في الميزانية وطلبهم لتبديل بعض بنود في الميزانية بطلبهم توفير مواد أخرى، عدم توفر بطائق إثبات الهوية لبعض العمال، اعتراض بعض ملاك الأراضي على العمل أمام منازلهم بحجة أن منازلهم قد تتأثر أو عدم قبول البعض المساهمة بجزء من أراضيهم لصالح مرور الطريق.

ولمعالجة الصعوبات التي تعرقل العمل يقول المحسني: “عملنا على تفعيل أدوار المساهمة المجتمعية والسلطات المحلية من خلال جمع مساهمات عن طريق القادة المجتمعيين للمنطقة والوجهاء والأعيان. وكانت المساهمات بأدوات وعمال وأموال ومن خلال توفير المواد الإضافية التي يحتاجوها أثناء التنفيذ، كذلك عن طريق تحديد الاحتياجات والرفع بها إلى المنظمة المانحة وغيرها من الحلول التي عملت على التخفيف من الصعوبات واستكمال إنجاز المشروع”.

وحول الإسهامات والخدمات التي قدمت في جانب تحسين قطاع النقل، أفاد الحساني أن المشروع ساهم في تسهيل الوصول الخدمي إلى المواطنين وجلب احتياجاتهم من مواد غذائية أو صحية وتسهيل تنقل الموظفين والطلاب وتوفير الوقت والتكلفة، وكذلك بذل جهد أقل، وتوفير طريق سيارات تربط عددًا من القرى.

وعن الدعم المقدم قال الحساني: “إن الداعم الأول والخطوة الأولى لتنفيذ المشروع كانت من منظمة “شباب بلا حدود” بتوفير منحة قدرها 1500$، أما بالنسبة للداعم الثانوي الذي بذل جهودًا جبارة فهم القادة المجتمعيون للمنطقة والمركز المجتمعي في المنطقة الذين بدورهم قاموا بتوفير مبالغ أكبر من قيمة المنحة بكثير، وحل النزاعات وعمل وساطات مجتمعية لإرضاء المعترضين على التنازل عن جزء من أراضيهم لصالح الطريق، وأيضا قدموا مساهمات بمواد وعمالة يد وإشراف وغير ذلك. مضيفا أن السلطة المحلية -ممثلة بمدير عام مديرية صبر، وكذا أمين عام المجلس المحلي وبعض منتسبي إدارة الأمن والمشايخ- كان لهم دور في مساهمات مالية وفنية ووساطات وحل نزاعات وإرضاء للأطراف المعترضة.

وفي سياق الخطط المستقبلية التي ساهمت في تحسين قطاع النقل أشار الحساني إلى وجود خطط سابقة تم إعدادها، أبرزها خطة الصندوق الاجتماعي التي تسمى بـ”خطة التعافي” لمحافظة تعز. ولكل مديرية على حدة خطةُ تعافٍ منفصلة تشمل كل المجالات، أبرزها الطرق والإسكان والصحة والتنمية والسلام وجميع المجالات التنموية التي تعتبر مرجعية ودليلًا لأي جهة تفكر التدخل في المنطقة. إضافة إلى الخطط التي اقترحها أهالي المنطقة والمناطق المجاورة لطرق يجب التدخل بها، مؤكدًا أن هناك بعض الخطط البسيطة والمتواضعة لمقترحات تدخلات في مجال الطرقات للمناطق الأكثر احتياجًا وكثافةً سكانية ممن تتوفر فيها الموارد. في هذا الوضع المزري الذي فرض علينا ونجم عنه أضرار في مختلف الجوانب والمجالات، كانت الجهود التي قدمت من قبل المنظمات والمجتمع نفسه تمثل بصيص أمل ونجاة للفئات المتضررة والأكثر تضررا.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

63.6% من المشاركين في الاستطلاع قيَّموا خدمات قطاع النقل في اليمن بالضعيفة

صوت الأمل – يُمنى أحمد يعد النقل أحد العوامل الحيوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي …