‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة ظاهرة الزواج المبكر في اليمن الزواج المبكر يحرم الفتيات من مواصلة التعليم

الزواج المبكر يحرم الفتيات من مواصلة التعليم

صوت الأمل – أفراح أحمد

في الوقت الذي يهتم فيه العالم بدور المرأة كنواة تربوية وفكرية وثقافية للمجتمع، يظل بعض أبناء اليمن حبيسي الجهل العتيق بهذا الدور، الذي تقيّده الأعراف والتقاليد، فيما تكتفي نخبة المجتمع تجاهه بالصمت الرهيب، وهو ما سوّى مكانة المرأة بالحضيض، وجعلها مجرد متاع، وحُرمت من أدنى حقوقها التي كفلها الدستور اليمني.

قاصرات يحرمن من التعليم بسبب الزواج

“سمية سليمان”، ذات ال٢١ عامًا، واحدة ممن تجرعن مرارة هذه العادات، حيث تعيش سمية في إحدى القرى النائية التابعة لمديرية “المراوعة” بمحافظة الحديدة، وقد حُرمت من التعليم تلبية لرغبة والدها، لينتهي بها المطاف بالزواج وهي في ال١٣ من عُمرها.

تقول (سمية): “كنت أحلم أن أصبح أستاذة، كي أعلِّم بنات القرية القراءة والكتابة، لكن والدي لم يسمح لي بمواصلة الدراسة، بحُجة مساعدة أمي في الأعمال المنزلية، لأني أكبر أخواتي، وانقطعت عن التعليم قبل أن أصل للصف الرابع الابتدائي، وفي النهاية زوجوني بعد ذلك بثلاثة أعوام”.

أختها (بسمة) بنت ال١٤ ربيعًا، هي الأخرى حُرمت من التعليم، ولم تلتحق بالمدرسة على الإطلاق، ولكن هذه المرة كان عذر الأسرة الاختلاط. فهل سيكون مآل (بسمة) كما حدث مع أختها سمية، أم أن مصيرها سيختلف كاختلاف عذر الحرمان من التعليم؟

فتاة الريف الأكثر حرمانًا من التعليم

لا تقتصر ظاهرة حرمان الفتاة من التعليم على الريف اليمني بعيدًا عن مثيلتها في المدينة؛ فهذه الأخرى ليست بمنأى عمّا تعانيه الريفية من تحطيم لكينونتها وإنسانيتها، إلا أنها أقلّ ضررًا منها بمعدلات نسبية بسيطة، ففي المدن ثمة مؤشرات حضرية لدى بعض الأسر لدفع بناتهم إلى التعليم، وإن منعوهن من حقوق وأساسيات أخرى، لكن فتاة الريف هي الشريحة الأكثر حرمانًا من غيرها.

تشير تقارير وزارة التربية والتعليم للعام ٢٠١٥- ٢٠١٦م إلى أن عدد الفتيات غير الملتحقات بالتعليم، ضمن الفئة العمرية ٦-١٧ عامًا، وهي الفئة التي تمثل مرحلتي التعليم الأساسي والثانوي، يتجاوز المليون فتاة، أي بنسبة ٣٢.٠٦٪ من هذه الفئة العُمرية.

وعند المقارنة بين حجم الملتحقين بالتعليم الأساسي والثانوي من الذكور والإناث، نجد أن نسبة الذكور تفوق نسبة الإناث في كلا المرحلتين؛ حيث تصل نسبة الذكور في مرحلة التعليم الأساسي إلى ٥٥.٣٪، وبالنسبة لمرحلة التعليم الثانوي تصل نسبة الذكور إلى ٥٩.٦٪، وهذا يدلّ على زيادة نسبة التسرّب في المرحلة الثانوية بالنسبة للإناث. وتعبر هذه النسبة عن واقع يرثى له لتعليم الفتاة في بلادنا، وتمثل مؤشرًا خطيرًا يستدعي العمل الدؤوب والبحث عن مشكلات ومعوّقات عدم التحاق الفتاة بالتعليم.

لكن إذا ما قارنّا هذه الإحصائيات بالواقع؛ فإنها تفقد دقّتها، لأسباب تعود إلى أن أغلب فتيات الأسر في اليمن –خصوصًا المناطق الريفية- لا يلتحقن بالتعليم مطلقًا، وهذا يعني تعذّر الحصول على أرقام حقيقية. إضافة إلى ذلك، الفترة الزمنية بين العام ٢٠١٦ و٢٠٢٠، وما مرت به اليمن خلال النزاع المستمر، التي أثرت على مقوّمات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها، أسهمت جميعها في تسرّب الكثير من الطلاب والطالبات من التعليم أو حرمانهم المطلق منه.

يسرى محمد ابنة ال١٥ ربيعًا، عاشت طفولة قاسية؛ حيث فقدت والدها وهي في سن صغيرة، ولم تستطع والدتها أن تتكفل برعاية أطفالها بعد وفاة زوجها؛ لتنتقل مع أطفالها للعيش في منزل أخيها، ثم ما لبثت أن التحقت بزوجها بعد ثلاث سنوات؛ لتصبح فتياتها الصغيرات تحت رعاية خالهن.

تقول يسرى إنها لم تكمل دراستها إلا إلى الصف الثامن، حتى أختيها (بشرى، وسلوى) اللتين يكبرنها بسنوات، لم يكملن دراستهما، فبشرى توقفت عن الدراسة وهي في الصف الأول الثانوي، وسلوى في الصف التاسع.

عاشت (يسرى) وأختيها، فترة هي الأسوأ في حياتهن، فبعد أن ذقن مرارة الفقد واليتم في آن واحد، وما أن بدأن بالبزوغ قليلًا حتى أصر خالهن على تزويجهن قسرًا في سن مبكرة، بعد أن حرمهن من التعليم منذ أن انتقلن للعيش معه.

يسرى وكثير من الفتيات لم يكملن تعليمهن بسبب الزواج المبكر الذي أودى بهن إلى جحيم الزواج، وأكثرهن يتعرضن للحرمان والتعذيب من قبل الزوج.

وتضيف (يسرى): “ما جعلني أترك الدراسة هو زواجي مبكرًا، وكان زوجي يمنعني من إكمال دراستي بحجة أن الدراسة ستجعلني أقوم بإهماله والمنزل؛ فتركت الدراسة وكلي حسرة”.

في تقرير صادر عن منظمة (اليونسيف) في يوليو ٢٠٢١م، والذي حمل عنوان “عندما يتعرقل التعليم في اليمن”، يبين أن 72.5% من الفتيات في اليمن يتزوجن في سن مبكرة (دون سن 18)، حيث يكاد يكون مستحيلا على الفتاة التي تتزوج مبكرا مواصلة تعليمها.

على الرغم من أن الدستور اليمني كفل حق التعليم لجميع المواطنين ذكورًا وإناثًا كما ورد في المادة (54)، وشدد على أن يكون التعليم في المرحلة الأساسية بشكل إلزامي للجميع، وبرغم صدور القانون العام للتربية والتعليم رقم 45 لسنة 1992 الذي يساوي فيه حقوق الجنسين في الانتفاع بالفرص التعليمية التي تتيحها المؤسسات التربوية والتعليمية، وضمان حق الفتاة في الحصول على التعليم على قدم المساواة مع الفتى بما يتّفق مع ميولها وقدراتها، على الرغم من ذلك كله فإن تعليم الإناث في اليمن هو أمر ثانوي، تكابده الغالبية العظمى من الفتيات؛ إذ إن تعليمهن من الأمور التي لا تجدي نفعًا عند الكثير من الأسر، لأن نهاية الفتاة -حسب رؤيتهم- محصورة ما بين الزواج أو الأعمال المنزلية.

وفي هذا السياق تقول الأستاذة نجاة عبد الودود (مديرة مدرسة إخوان ثابت) في مديرية اللحية – محافظة الحديدة: “إن تسرب الفتيات من التعليم يكون بسبب الزواج المبكر، وغيرها من الأمور الأخرى المرتبطة بالعادات والتقاليد”. وتضيف عبد الودود أن بعد المدرسة عن مكان سكن الفتيات، يعد سببًا ثانويًا لتسربهن من التعليم، حيث إن كثيرًا من الفتيات يقطنون في مناطق بعيدة، إضافة إلى اختلاط تعليم الإناث مع الذكور قد أدى إلى امتناع أهاليهن من مواصلة فتياتهم التعليم؛ خوفًا عليهن وخشية أن يجلبن لهم العار على حد وصفها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

الفتيات اليمنيات أكثر عرضة لخطر الزواج المبكر من الفتيان

صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجرته (وحدة المعلومات واستطلاع الرأي) …