‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة مكافحة الاتجار بالبشر في اليمن تدهور الاقتصاد المحلي يعزز الاستغلال البشري في اليمن

تدهور الاقتصاد المحلي يعزز الاستغلال البشري في اليمن

صوت الأمل – حنين الوحش

تتزايد نسب المتاجرة البشرية كلما زادت معدلات الفقر في البلدان؛ لأنها عادة ما تعد بيئة مهيئة وحاضنة للابتزاز والاستغلال الذي يعزز هذه التجارة وسط فوضى وقصور في اللوائح والقوانين الخاصة بالاتجار بالبشر،  وفي ظل تعاظم دور المافيات المحلية والدولية في اليمن التي تشهد صراعات يجعل منها وجبة دسمة لاستقطاب المزيد من الضحايا ودفعهم للمتاجرة بأنفسهم مقابل المال والحصول على مصدر دخل يعيلهم  بإشراف من تنظيمات وأنظمة توجههم .

دراسات محلية

وفي تقرير صدر في العام 2022م، خاص بـ غسل الأموال عن أخطـر نتائج الصــراع للكاتب وحيد  الفودعي لخص حجم الفساد الناتج عن الأنشطة غير المشروعة ومنها الاتجار البشري جاء في الملخص الخاص بها  أنَّ الصراع الدائــر في البلاد ومــا نتــج عنه مــن انقســام في الســلطات والسياسـات  والموارد  أدى إلى اختـلال في منظومـة مكافحـة غسـل الأموال مـا كان متوفـراً ومتاحـاً مـن منظومـة قانونيـة وتشريعية -خاصـة- بغسـل الأموال تديرهـا مؤسسـات رسـمية متماسـكة.

مؤكدًا بأنَّ تعـدد أطـراف الصراع وسعت من حجم الفساد، وسهلت العمليات غير المشروعة  وخلـقت منافـذ خاصـة في إطـار غير شرعي وغير قانوني وفتحت خطـوطاً داخلية وخارجيـة ماليـة ومصرفية وتجارية تنتهـي عنـد المافيا التي تنشط في بيئـة مليئة بالنزاعات  والصـراعـات، والتـي تعد مرتعاً خصباً لنمـو تجارتهـا مما أظهر العديـد مـن الآثـار والنتائج الاجتماعية الناتجـة عـن غسـل الأمـوال منهـا انتشـار الفساد والجرائم الاجتماعيـة مثـل انتشار العصابات، غسـل الأمـوال يزيـد الأعباء على المواطنين ويفاقم الأوضـاع الإنسانية ويسهم في استدامة الصراع وإطالة أمده؛ نتيجـة تغذيته مـن الأمـوال المغسـولة والعوائـد المتحصلـة منهـا كـمـا يـؤدي إلى ضعـف مسـتوى الخدمات المقدمـة للمواطنين وتزايـد حـدة مشكلة الفقـر وتدني مستويات المعيشة لمعظـم أبناء المجتمع .

ولخصت المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر في العام 2012م، الآثار الاقتصادية الناجمة عن الاتجار البشري فيما يلي: للاتجار بالبشر تأثير مدمر على سوق العمل فهو يساهم في فقدان الطاقة البشرية بطريقة يتعذر عليها استردادها فيما بعد، وظهور عادات اقتصادية غير سلمية، أهمها إشاعة المعاملات المشبوهة والاستثمارات سريعة الربحية قصيرة الأجل والسعي إلى التأثير على المسؤولين وشيوع سلوك التهريب الضريبي بما في ذلك غسيل الأموال والاتجار بالبشر وزيادة الأعباء التي تتحملها الدولة في توفير الرعاية الطبية والاجتماعية للأشخاص ضحايا الاتجار بالبشر.

آثار اقتصادية

 الخبير الاقتصادي (ع.ق) –فضل عدم ذكر اسمه- لدواعي أمنية يقول: “تترك نشاطات الاتجار بالبشر آثاراً مدمرة على اقتصاديات الدول لهذه الأنشطة فالدول التي تقوم بعملية المتاجرة بالبشر تحرم من جزء من قوى العمل الفاعلة لديها، هذه القوى تمثل طاقة إنتاجية كبيرة كان بالإمكان أن تساهم في زيادة مستوى النشاط الاقتصادي لديها ومن ثم الناتج المحلي”.

مؤكدًا أنَّه إذا ما تم توظيف ضحايا الاتجار بالبشر من النساء والشباب في أنشطة إنتاجية أخرى، سترتفع معدلات القوى العاملة والإنتاج وبالتالي معدل الاقتصاد –خصوصًا- وأنَّ هذه الممارسات تؤدي إلى فقدان الضحايا القدرة على الإنتاج وكسب العيش مستقبلاً في حالة تجارة الأعضاء وفي حالة إجبار الأطفال على الأعمال الشاقة لفترات طويلة من الزمن والذي  قد يتسبب في حرمانهم من التعليم وبالتالي ينتشر الفقر والأمية وهذا الأمر الذي يعمل على عرقلة العملية التنموية في البلاد.

مضيفًا  أنَّ الآثار الاقتصادية هي أحد الجوانب السلبية التي يترتب على جرائم الاتجار بالبشر، وذلك من خلال الأموال الناتجة عن هذه الأنشطة الإجرامية، التي تسبب الكثير من المخاطر والأضرار على القطاع المالي والمصرفي، وبخاصة على أسعار صرف العملات والتهرب الضريبي، وتؤدي الأرباح الطائلة غير المشروعة المتحصلة من جرائم الاتجار بالبشر والتي يجري عادة غسلها وتبيضها فى دول وأنشطة أخرى إلى حرمان الدول المحول منها من إمكانية الاستفادة من هذه الأموال فى تحريك عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيها في الوقت الذي لا يتم دفع ضرائب عن هذه الأموال الأمر الذى قد يؤدي إلى حرمان خزانة الدولة من الموارد المالية الإضافية التى كان من الممكن توظيفها لتمويل الإنفاق العام والاستثماري.

ويفيد (ع.ق) أنَّ هناك ازدياد في تغلغل شبكات جرائم الاتجار بالبشر في المواقع الاقتصادية الأكثر تأثيراً في الدولة حتى أنَّهم يدخلون في رسم سياسات وأعمال اقتصادية غير سليمة من أهمها تشجيع المعاملات المالية المشبوهة، وإقامة استثمارات تمتاز بسرعة الربح وقصيرة الأجل والمدة مما يضر بالاقتصاد، وتستخدم في ذلك الرشوة والفساد بأنواعه لإغراء كبار المسؤولين فيصبحون جزءًا من هذا الكيان بسبب تقاطع المصالح المشتركة.

وفي ذات السياق يوضح (ع.ق) أنَّه نتيجة لتجاهل الجهات المسؤولة ينتشر الفساد في البلاد ويضعف أداء الحكومات وتضيع مصالح المواطنين العاديين وبهذا المنوال يتم العمل على زعزعة التنمية الاقتصادية والعبث في قدرات النظام الاقتصادي للدولة، مما يؤثر على استقرار الأوضاع الاقتصادية وزيادة الأعباء التي تتحملها الدولة اقتصاديًا إضافة إلى تدمير هيكل العمالة وهيكل الدخل وتمويل الأنشطة غير المشروعة.

 اقتصاديات الدول أعباء وتضخم مالي

صرح(و.ت) (ضابط وباحث أكاديمي في العلوم الاقتصادية) أنَّ المتاجرة البشرية بمختلف أنواعها تؤدي إلى فشل السياسات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتكون عرضة لظهور تضخم وتدهور سعر الصرف وعجز في ميزان المدفوعات إضافة إلى أنَّ أنشطة الاتجار لا تخضع للضرائب والرسوم الحكومية مما يتسبب في فقدان الخزينة العامة للدولة مبالغ كبيرة ويخلق ذلك خللاً كبيراً في اقتصاد الدولة مما يصعب معه التحكم والسيطرة على ذلك النشاط.

وفي الإطار ذاته يضيف (و.ت) أنَّ الاتجار أيضاً قد يتسبب في زيادة الأعباء المالية على الدول نتيجة عمليات مكافحة ومعالجة الآثار السلبية لضحايا الاتجار وتنقية وتطهير المجتمعات من التأثيرات السلبية لهذه الظاهرة على الأسرة والمجتمعات بصفة عامة، حتى أنَّها تتسبب فى عجز ميزان المدفوعات بالنسبة للدول المصدرة لخدمات الاتجار، وذلك بسبب سداد التزامات العصابات  تجاه عملائهم بالخارج  ويظهر هذا التأثير أيضاً من خلال اعتماد أسر المهاجرين وضحايا الاتجار على التحويلات النقدية، الأمر الذى يدفعهم إلى البقاء دون عمل حيث يعتمدون على هذه التحويلات فى معيشتهم ومن ثم يزداد الطلب الاستهلاكي وتنخفض إنتاجية القوى العاملة مما يؤدى إلى معاناة الدولة من العجز الدائم فى ميزان المدفوعات كما أنَّ هذه التحويلات تساهم بصورة أو بأخرى فى اختلالات اقتصادية.

اقتصاد خفي


 المقصود بالاقتصاد الخفي كما أوضحه نبيل محمد دكتور(دكتور الاقتصاد) أنَّ الاتجار البشري هي نشاطات غير  مشروعة على مستوى الاقتصاد الرسمي وأنَّها علاقة متبادلة بين بلد المقصد من خلال قياس الناتج المحلي الإجمالي، ونسبة الضحايا المتاجر بهم من منطقة إلى أخرى،  وعادة ما يتم جذب البلدان الغنية ضحاياها من البلدان الفقيرة وهذا بدوره  يسهم في انتشار جرائم الاتجار بالبشر ويؤدي إلى الإضرار بعملية التنمية الشاملة بالدولة، واندثار الكفاءات والخبرات بما يعزز دوائر الفقر والأمية التعليمية والمهنية وتوطين وانتشار بعض الأمراض المعدية والتعرض للإرهاب والتهريب والجرائم المتعلقة بالمخدرات والقتل والاغتصاب والبطالة.


مضيفًا، أنَّه رغم جهود الدولة في التصدي لمثل هذه الجرائم فإنَّه ما زال هناك ارتفاع ملحوظ في معدلات التضخم وتشويه هيكل الأسعار فى السوق المحلية الذي يؤدي إلى تشويه هيكل العمالة من خلال استنزاف الموارد البشرية وارتفاع معدلات البطالة حتى أنَّ هناك علاقة وثيقة بين غسيل الأموال ووجود الاقتصاد غير الرسمي؛ لأنَّ عمليات غسيل الأموال تكون بمثابة الجسر الذى تعبر عليه تلك الأموال لتشويه هيكل الاقتصاد القومي في البلاد ووجود صلة بين عائدات جريمة الاتجار بالبشر وغسيل الأموال أو تنظيفها.

لا إجراءات صارمة

(و.أ) (باحث في العلوم الأمنية) يقول: “وسط ما عايشته اليمن في الفترة الأخيرة، ومع انتشار النزاعات والفوضى مع عدم وجود قوانين صارمة تعاقب المجرمين الذين يتاجرون بأنفسهم وبغيرهم اتخذ أفراد العصابات هذا النوع من الجرائم كمهنه لاستقطاب الضحايا مقابل المال بالاتفاق، ومع الأسف هذا ساري على معظم أنواع التجارة البشرية وبتزايد مستمر استغلالاً للظروف الأمنية والتشتت القائم في البلاد”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع .. (37.7%) أغلب ضحايا الاتجار بالبشر من الأطفال!

صوت الأمل – يُمنى أحمد أوضحت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه مركز يمن انفورميشن سنتر للبحوث و…