‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة النازحين في اليمن نازحة تتسوّل لتكفي أبنائها، وابنتها تفقد عينها من أجل وجبة غذاء

نازحة تتسوّل لتكفي أبنائها، وابنتها تفقد عينها من أجل وجبة غذاء

صوت الأمل – نهى ناصر

“تهرول “نعمة” في شارع “الكفتيريات”، الممتد من وسط حي خور مكسر إلى ساحل أبين بمدينة عدن، ذهابًا وإيابًا، وتستوقف سائقي السيارات والمارّة في الشارع، طالبةً منهم المساعدة لإعالة أطفالها الستة، الذين نزحت بهم من تعز إلى عدن جراء الصراع. “نعمة” ليست الوحيدة، التي تمتهن التسول في هذا الشارع، فهناك عشرات النسوة يقمن بهذا العمل إلى جانبها، جميعهن من فئات المهمّشين أجبرهن الصراع في 2017م على النزوح من مناطقهم في محافظة تعز، ليستقر بهن في عدن.

بابتسامة ممزوجة بالحزن، تحكي “نعمة” لـ”صوت الامل” رحلة كفاحها اليومية للحصول على ما يجود به الناس لها ولرفيقاتها من مال وطعام لأطفالهن، وتقول: “ نحن فقراء، أجبرتنا الحرب على ترك منازلنا في تعز، والرحيل إلى هنا بحثًا عن الأمان ولقمة العيش”.

وتضيف: “ هذا هو حالنا، الذي تراه أمامك، نحن أُسر فقيرة مهمّشة لا حيلة لنا إلَّا مدّ أيادينا لطلب المساعدة من المارة لنعيش”.

“نعمة” تتوسّط مجموعة من رفيقاتها، وجميعهن يرمقن الشارع لعلّ هناك عابر بسيارة فارهة يجود لهن بمال أو طعام، الأمر الذي يفعله بعض زوّار ساحل أبين، ممّن يقومون بتوزيع مواد غذائية أو حفنة من المال.

“أنغام” تفقد عينها

تتغيب “أنغام”، البالغة من العمر 16 ربيعًا، عن الحضور اليومي إلى شارع “الكفتيريات”، وصار مجيئها مع النسوة إلى هذا المكان نادرًا جدًّا، وذلك بعد أن فقدت إحدى عينيها بسبب اعتداء تعرّضت له من أحد مالكي المحال التجارية، منذُ أشهر، أثناء طلبها الطعام منه .

تَطْلق والدة أنغام زفرات الهواء تحسرًا على ابنتها، وتقول: “ كُنا في هذا الشارع كعادتنا نبحث عن رزقنا، وأرسلنا أنغام إلى أحد المحال لطلب بعض الأكل، فقام مالك المحل بطرد أنغام، وضربها بعصا خشبية على وجهها، وأفقدها عينها اليمنى”.

وتضيف أم أنغام:  “كنا نجري في هذا الشارع كالمجانين لطلب المساعدة، لكن دون جدوى، ورفض مالك المحل إسعاف أنغام، وتعذر علينا علاجها أو أخذها إلى المشفى؛ لأننا لا نملك المال، فتوجّهنا بأنغام إلى قسم الشرطة للشكوى، والذي بدوره حضر إلى المكان، ولكن دون فائدة”.

تتحدّث أمّ أنغام، وهي تذرف الدموع: “ فقدت ابنتي عينها، وصارت حالتها تتضاعف، الألم يرافقها دومًا بسبب الضربة التي أصابت رأسها وعينها، وقضت على شبكية العين، بحسب التشخيص الطبي”.

وتضيف: “حاولنا الضغط على الجاني، على أمل أن يتحمّل نفقات علاج عين أنغام، فقام مؤخرًا بأخذها إلى مركز عيون متخصص، ولكن رد طبيب العيون جاء صادمًا، عندما أخبرنا بأننا تأخرنا في الكشف عن الحالة وعلاج أنغام، وإن العين انتهت بسبب التأخر في علاجها”.

تختم أم أنغام حديثها بعبارة “ قد فسح الله بنا”، تعبيرًا  منها عمّا تتعرّض له فئة المهمّشين من ظلم، وتقول “هذا حالنا طوال اليوم، ونحن نبحث عن لقمة عيش في تعز، أو في عدن، فنحن لسنا مُلاك أراضي، ولا محال تجارية، وليس معنا وظائف، حياتنا كلها، منذ أن نُولد إلى أن نموت، في الشوارع والأحياء، نبحث عن بقايا الطعام والملابس، لسد حاجتنا وحاجة أطفالنا”.

أكواخ على جبل “شمسان”

على جبل “شمسان”، وفي ستة أكواخ لا تقي من الحر ولا من الأمطار، يسكن 58 نازحًا من المهمّشين الفارّين من الصراع في تعز إلى عدن.

وتقول زهرة (45 عامًا): “ نسكن في أكواخ تفتقر إلى الخدمات كالماء والكهرباء والمجاري”.

وتضيف زهرة: “ الماء لا يصل إلينا، فنذهب لنقل الماء كل يوم، من مناطق مختلفة مثل  القلوعة  والمعلا، على ظهر الحمير، ونتعرّض لمتاعب كثيرة في البحث عن الماء”.

وقالت زهراء: “ ننتظر من المنظّمات أو الجهات المعنية في عدن النظر إلى حالنا، وعمل حلول”. يجمعن النسوة على مطلب وحيد، وهو توفير الماء وإعاشة شهرية ترفع عن كاهلن ولو قليلًا عبئ متاعب التسوّل وخطر البحث عن الماء والغذاء في الشوارع.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…