‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة وسائل التواصل الاجتماعي في اليمن وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في رفع اقتصاد الأسر المنتجة باليمن

وسائل التواصل الاجتماعي تسهم في رفع اقتصاد الأسر المنتجة باليمن

صوت الأمل – ياسمين عبدالحفيظ

الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها كثير من الأسر في اليمن بفعل الصراع أجبرت العديد من الأفراد، لا سيّما الذين فقدوا مصادر دخلهم وانقطعت رواتبهم، إلى فتح مشاريع خاصة بهم، مثل بيع المأكولات الشعبية والمنتجات، والأدوات المختلفة للنساء، وغيرها من مصادر الدخل التي تعينهم على مواجهة غلاء المعيشة، وتحسّن وضعهم المادي، في قت شهدت أسعار متطلبات الحياة من مأكل وملبس ارتفاعًا غير مسبوق.

في الأعوام الأخيرة مُلِئَت صفحات التواصل الاجتماعي بالعديد من المشاريع الأسرية، وبمجالات مختلفة، منها الوجبات اليمنية والعربية، والملابس، والعطور والبخور، وأغلفة الجوالات، والحقائب اليدوية، وبعض المأكولات، والحلويات، والإكسسوارات، وغيرها؛ وذلك بهدف الترويج لها من خلال هذه المنصات، التي تعدُّ مساحة لاستقطاب المواطنين لشراء منتجاتهم، واستطاع أصحاب هذه المشاريع أن يلفتوا انتباه عدد كبير من المواطنين لشراء منتجاتهم.

كثير من أصحاب هذه المشاريع وغيرها يؤكدون أنّ لولا وسائل التواصل الاجتماعي لا سيَّما الفيسبوك والواتساب، لما استطاعوا الاستمرار بعملهم، ولم تجد منتجاتهم أيَّ إقبال. فمن خلالها استطاعوا بسهولة ودون تكلفة النشر والترويج لمخرجات مشاريعهم التي أسهمت وسائل التواصل في رفع الطلب عليها.

قالت أمُّ جواد صاحبة مشروع (ملكة المعجنات) في محافظة الحديدة: “لولا وسائل التواصل الاجتماعي لن نبيع جزءاً بسيطًا من الوجبات التي نقوم بتجهيزها”.

تعمل أم جواد من منزلها في تجهيز الوجبات المختلفة من أكلات شعبية وحلويات؛ لتغطية العديد من الحفلات والمناسبات، منذ سنوات كثيرة، وتُرجع سببَ شهرتها إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التي ساعدتها في الوصول إلى كثير من المواطنين، الذين يُقبلون على شراء أطباقها الشهية، التي تتفنن في صناعتها، كما شهد لها زبائنها.

وتضيف في حديثها: “عندما انقطع الأنترنت عن المدينة توقف عملي، ولم يكن هناك أي طلب للوجبات التي كنت أجهزها، كذلك تعطّلَ جوالي ولم أستطع الدخول لوسائل التواصل الاجتماعي لمدة أربعة أيام، حينها انخفض الإقبال على شراء الوجبات إلى10 %”.

وتتابع: “أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في رفع دخلي؛ نظرًا لزيادة الطلب على الوجبات، فبمجرد أن أنشر صورًا للوجبات التي أعمل على تجهيزها، يتواصل بي كثير من الأشخاص يريدون شراء كثير منها”.

موضحة: “عندما بدأ عملي لم يكن هناك واتساب، فكنت أروّج لمنتجاتي من خلال الرسائل القصيرة للأشخاص المضافة أرقامهم في تلفوني، ولم أنجح في الحصول على زبائن، فقط حصلت على عدد قليل لا يشجع في استمرار عملي، فاضطررتُ إلى توزيع كروت لمشروعي في الحفلات التي تقام في المدارس، ولكن دون فائدة. وعندما ظهر تطبيق الوتساب، أصبحت أنشر صورًا في الحالات والمجموعات والمحادثات فتحسن دخلي كثيرًا”.

أهمية الترويج للمنتجات والمشاريع الصغيرة

لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مهمًّا في الترويج للمنتجات والمشاريع الصغيرة، فكثير منها توسعت واشتهرت وزاد دخلها بشكل ملحوظ، بعدما استخدم أصحابها منصات التواصل المختلفة لعرض منتجاتهم وتسويقها.

أتت منصات التواصل الاجتماعي في وقتٍ وجدَ الأفراد والأسر من أصحاب المشاريع الصغيرة صعوبة في الحصول على مساحة في الوسائل الإعلامية؛ للإعلان والترويج لأنشطتهم ومنتجاتها المختلفة، وأيضًا عدم قدرتهم على دفع مبالغ مقابل الترويج لها.

فكانت هذه الوسائل مجالًا مناسبًا وغير مكلفٍ للتسويق والإعلان لمنتجاتهم، ويتطلب منهم تحميل تطبيقات هذه الوسائل، وإنشاء حسابات خاصة بهم، وتوسيع علاقتهم مع الآخرين، ونشر صور مشاريعهم ومنتجاتهم بسهولة، دون دفع أي مقابل.

تقول خديجة معلم (من مديرية باجل، التابعة إداريًّا لمحافظة الحديدة، وتعمل في مجال فن الريزن): “فن الريزن هو تشكيل مادة كيميائية سائلة تسمى الريزن، بعد خلطها بأصباغ مختلفة الألوان، تُشكّل منها أعمال فنية متعددة الأشكال والأغراض، مثل الإكسسوارات وأغلفة الجوالات والميداليات، والأحرف، وتعليقات السيارات، وغيرها، وهو فن من الفنون اليدوية”.

جاءت فكرة مشروع خديجة من اليوتيوب؛ حين صادفت مقطع فيديو يتناول أعمال الريزن بشكل عام، حينها قررت البحث في عالم هذا الفن، وعندما وجدت أدوات يمكن من خلالها العمل في هذا المجال وموجودة في الأسواق اليمنية، كان ذلك دافعًا قويًا لفتح مشروعها الذي أطلقت عليه اسم (خديجة معلم فن الريزن).

يتمثل عمل خديجة في تزيين أغلفة الجوالات، وطباعة صور على الغلاف، وتصميم ميداليات وأحرف باسم ودون اسم، وغيرها.

وتذكر خديجة أنّ مواقع التواصل الاجتماعي أسهمت في توسع عملها، فأكثر الطلب لمنتجاتها يأتي عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.

موضحة: “في بداية الأمر كنت أعرض بعضًا من أعمالي على أصحاب المكاتب؛ فبعضهم كان يشتريها مني، وبعضهم الآخر كان يسوقها لي. حين بدأت أستخدمُ الوتساب، قمتُ بنشر نماذج من أعمالي، وكذلك أنشأت صفحة على الفيسبوك، وتحسَّن عملي كثيرًا”.

مؤكدة: “وجدتُ تفاعلًا كبيرًا من قبل المضافين في صفحتي، ووصلتني طلبات كثيرة، وتوسع عملي أكثر، وزاد الإقبال على منتجاتي”.

من جهتها تقول أم كنان (مسوقة مستحضرات تجميل وأدوات نسائية): “إنّها من خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) تستفسر فيه حول عبارة مكتوبة على حقائب النساء – لقت رواجًا لبضاعتها، وتواصل بها عددٌ من النساء يُرِدنَ الشراء منها”.

دورها في رفع اقتصاد الأسر المنتجة

حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في رفع اقتصاد الأسر المنتجة، يقول أحمد حسن الطيار (خبير الاتصال الاقتصادي): “إنّ مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورًا إيجابيًّا كبيرًا في عملية التسويق لمنتجات الأسر المنتجة، وبالتالي يمكن القول أنّها أسهمت في رفع مستوى المبيعات لهذه المنتجات، التي انعكست إيجابًا على إنتاجيتها والاستمرارية في نشاطها ونموها”.

وتابع في حديثه لصحيفة صوت الأمل: “كل ذلك بالتوازي مع الهدف العام لشبكات التواصل الاجتماعي، التي تأسست من منظور تسويقي، وبالتالي نستطيع تكييف النظرة بأنّ وسائل التواصل بمختلف شبكاتها عززت التسويق لمنتجات الأسر المنتجة”.

وأضاف: “في بلادنا لعبت عدة عوامل اقتصادية وسياسية وأيضًا خارجية في تراجع مستوى دخل الأسر اليمنية، وأدت بها للفقر والعوز، وبالمفهوم الاقتصادي تراجع مستوى دخل الأسر نتيجة تأثيرات الصراع، أهمها انقطاع الرواتب، وهذا دون شك حفض دخل الأسر لمستوى كبير جدًّا”.

 واوصل حديثه لصحيفة صوت الأمل: “عملت الأسر اليمنية على التكيف مع واقعها الصعب، وبالتالي ظهرت أنشطة ربات العمل من المنازل، والمنتجات المنزلية، والمشاريع متناهية الصغر، والرياديات في الأعمال؛ كل ذلك في إطار محدود وبدعم الأسر نفسها؛ أي تتحمّل الأسر تكاليف النشاط واستمرارية العمل من مدّخراتها”.

مؤكدًا: “كان اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي لتسويق المنتجات عاملًا مشجّعًا ومحفزًا للنشاط، وأعطى ثمارًا في المبيعات، والوصول إلى المستهلكين بطرق سهلة”.

ويقول الطيار: “إنّ وسائل التواصل الاجتماعي، وبقوتها التسويقية، لم تؤثر على التشجيع الإنتاجي الأسري؛ من منتجات عينية مادية أو منتجات في الخدمات، فحسب، بل عملت على خلق علاقات مع قطاعات النقل والتمويل والشبكات المالية”.

وأكمل حديثه: “وبالتالي كان المنتج الأسري قادرًا على الوصول للمستهلكين في المدينة أو خارجها بسهولة؛ لأنّ فريق النقل السريع أو طرق التوصيل الأخرى ساعد في إيصالها للمستهلك بسرعة، مع أمكانية السداد عبر المحافظ المالية، دون أي عراقيل تذكر”.

واستطرد الطيار: “أنّ قيمة وسائل التواصل ووظيفتها ارتبطت بالتسويق، وبالتالي الجانب الإعلاني، الذي يمثل نسبة من المنتج، ووصوله للمستهلكين تعادل 30% استحوذت عليها وسائل التواصل الاجتماعي، التي تتمتع بالوصول للمستهدفين بتقنية متقدمة”.

 وأضاف: “أنّ مخاطبة المستهلك نفسه في كل الأوقات، وبعدة أشكال وفنون، وبوسائل متعددة، وأبرزها الفيس بوك ومنصة إكس وإنستغرام وجوجل والإيميلات وغيرها، قد أسهم في رفع اقتصاد الأسر المنتجة”.

موضحًا: “ولقياس دور وسائل الاتصال في رفع اقتصاد الدول، علينا تتبع أرقام الإنفاق الإعلاني على وسائل التواصل من قبل الشركات العالمية؛ لنجد أنّ تلك المنصات هي ذراعها لتسويق منتجاتها”.

وقال في ختام حديثه: “لقد مكنت وسائل التواصل الاجتماعي السلعَ المنتجة في أي مكان في العالم من الوصول إلى المستهدفين لها، سواء أكانت منتجات أم خدمات، وهذا حقّق أرباحًا من أنشطة إنتاجية صناعية وخدمية ذات استثمارات كبيرة”.

 الصعوبات

وعن التحديات التي تواجه الأسر المنتجة وأصحاب المشاريع الصغيرة أثناء الترويج لمنتجاتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقول إيمان ثابت (تعمل في تسويق منتجات البخور والعطور): “بطء الأنترنت يشكل عائقًا كبيرًا أمام كثير من الذين يعتمدون على بعض منصات التواصل للإعلان عن منتجاتهم، خاصة أنّ بعض المناطق يعاني سكانها من تردي خدمة الأنترنت”.

وتضيف: “إلى جانب ذلك، تواجهنا صعوبةُ توفير الأجهزة الإلكترونية، مثل الكمبيوتر والتلفونات الحديثة، التي نستطيع من خلالها نشر منتجاتنا بسهولة، وغلاء هذه الأجهزة شكّل عائقًا كبيرًا أمام تسويق أعمالنا ومشاريعنا، خاصة عندما نكون في بداية العمل”.

فيما تقول عائشة سعيد (خياطة ملابس نسائية): “إنّ الأمية الرقمية تعدُّ تحديًّا كبيرًا أمام كثير من الأفراد، لا سيَّما غير المتعلمين؛ إذ يواجهون صعوبة في استخدام تطبيقات التواصل”.

وتضيف: “تعاني النساء خصوصًا من هذه المشكلة، لا سيّما أنّ العادات والتقاليد في بعض الأسر تمنع كثيرًا منهنّ من استخدام الجوالات أو التطبيقات، مثل الفيسبوك والوتساب، فتجد صعوبة في الترويج لمشاريعها ومنتجاتها”.

يتفق كثير من أصحاب المشاريع الصغيرة وأفراد الأسر المنتجة أنّ هناك حلولًا يمكن العمل بها؛ لتجنب مواجهة أي تحديات تواجه استخدامهم لمنصات التواصل الاجتماعي، ومنها تحسين جودة الأنترنت من قبل الدولة، وإقامة الورش والبرامج التي من شأنها القضاء على الأمية الرقمية في البلاد، ودعم الأفراد والأسر المنتجة بالأجهزة التي تمكنهم من التسويق لمنتجاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.

حول الأسر المنتجة ووسائل التواصل، يقول محمد قحطان (أستاذ الاقتصاد بجامعة تعز): “إنّ للتوعية بوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي دورًا مهمًّا للدفع بأنشطة اقتصاديات الأسر المنتجة، وبالوقت نفسه نقل الخبرات وتعزيز التعاون والعمل الجماعي في هذا النوع من الأنشطة الاقتصادية”.

مؤكدًا أنّ ذلك يسهم في التسريع بعجلة التنمية المستدامة والمتوازنة، والخروج من دائرة الفقر والتخلف التي تكبل القدرات البشرية، وتهمش الإمكانيات المتاحة للمجتمع، وتبقيه مقيّدًا بعيدًا عن التطور الذي يشهده عصرنا الحالي، ومحرومًا من المشاركة الفعَّالة، وبالتالي بقاؤه بعيدًا عن الأدوار المنتجة والحياة الكريمة، وخارج إطار الاستمتاع بما أبدعه الإنسان من التطور في مختلف مجالات الحياة الإنسانية، ومادًّا يديه للتسول، والعيش تحت تهديد الفقر والمجاعة.

ويضيف: “تواجه اليمن ظروف الصراع المستمر من نحو تسع سنوات، وآثاره المدمرة للاقتصاد الوطني؛ إذ توقفت عجلة الاستثمار، وتدهورت حياة المواطنين بصورة حادّة، تصفها المنظمات الدولية بأنّها أسوأ حالة إنسانية على مستوى العالم”.

مؤكدًا: “ومن أبرز آثار الصراع والتدهور الاقتصادي تفاقم معدلات البطالة والفقر بصورة عالية جدًّا تقدر بأكثر من 80 %. ويشير ذلك إلى انعدام فرص العمل الجديدة، ومعاناة أكثر من 80 % من سكان اليمن من الفقر. وحسب المنظمات الأممية أنّ أكثر من تسعة ملايين يمني في الوقت الحاضر بحاجة لمساعدات إنسانية، وفي حالة تراجع هذه المساعدات، فإنّ هذا الحجم الكبير من السكان سيعاني من المجاعة في السنوات القادمة”.

ويتابع: “وبناء على ما سبق، تأتي أهمية دعم الأسر المنتجة، وتعزيز التوسع والانتشار لهذا النشاط الاقتصادي المهم، فهو أفضل الوسائل الناجعة لمواجهة البطالة والفقر، والتخفيف من مخاطر المجاعة، التي تهدد حياة نسبة كبيرة من الأسر اليمنية في الوقت الحالي”.

موضّحًا أنّ اهتمام الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وتوجيه جميع أشكال الدعم الإنساني المقدم لليمن؛ للنشاط الاقتصادي المتمثل بتعزيز نشاط الأسر المنتجة وتوسيعها من شأنه إحياء أنشطة التنمية المجتمعية، وبالأخص التنمية الريفية، وتعزيز دورها في النشاط الاقتصادي والاجتماعي في اليمن.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

98.1% من المشاركين يرون أن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورًا كبيرًا في تمكين الشباب اليمني

صوت الأمل – يُمنى الزبيري تشغل مواقع التواصل الاجتماعي اليوم جزءًا كبيرًا من حياتنا اليومي…