‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة المعلمون في اليمن مدرسة الشعب عكاد وعودتها لإكمال العملية التعليمية

مدرسة الشعب عكاد وعودتها لإكمال العملية التعليمية

صوت الأمل – أفراح بورجي

      “كانت مجرد أطلال خاوية على عروشها، ولا أحد يستطيع الاقتراب منها”. بهذه الكلمات بدأ الأستاذ (أحمد البركاني) مدير مدرسة “الشعب عكاد” حديثه واصفا الحالة التي كانت عليها المدرسة بعد أن تم تحويلها لثكنة عسكرية في العام 2015م، جراء الحرب الدائرة بين أطراف النزاع في اليمن.

    تعتبر مدرسة “الشعب عكاد” إحدى المدارس الحكومية في منطقة جبل حبشي بمحافظة تعز، والتي تم إنشاؤها في عام 2008، لتدريس الطلاب والطالبات من مديريتي جبل حبشي والمعافر.

    يقول الأستاذ (أحمد البركاني): كانت المدرسة تضم أكثر من 750 طالبا وطالبة من المديريتين، إلا أنه في نهاية العام 2015م، تم الاستيلاء على المدرسة، وتم تحويلها لثكنة عسكرية، حيث تم تخزين كمية كبيرة من الألغام، وزرع الألغام في محيط المدرسة، الأمر الذي دفع بالكثير من أولياء الأمور لنقل أبنائهم وبناتهم للدراسة في مدارس أخرى.

    يضيف البركاني قائلا: “لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل ازداد سوءا عما قبل، حيث حدث انفجار في مبنى المدرسة تسبب في تهدم 6 فصول من 12 فصلا فيها”.

     وأوضح البركاني أن المدرسة ظلت مهجورة لفترة طويلة، وذلك لأن الكثير من الألغام كانت لاتزال تحت الركام، ما سبب مشكلة كبيرة للمنظمات الدولية، وحال دون موافقة كثير منهم في إعادة ترميم المدرسة وبناء الفصول المهدمة.

     وبحسب التقرير الصادر عن منظمة اليونيسيف في يوليو 2021م، الذي حمل عنوان: (عندما يتعرقل التعليم)، أن حصيلة الاعتداءات 465  اعتداءً ضد المرافق التعليمية وأنها استخدمت لأغراض عسكرية في اليمن، وذلك خلال الفترة ما بين 26 مارس 2015 و28 فبراير 2021م.

حلم العودة مجددا

     ويقول مدير مدرسة (الشعب عكاد)، الأستاذ أحمد البركاني: “في أكتوبر الماضي تواصلنا مع مسؤولين في مشروع “مسام” لتطهير المدرسة من الألغام، وتلقينا منهم تجاوبا سريعا، حيث عمل المشروع خلال فترة ثلاثة أشهر، وتم استخراج 63 لغمًا وعبوة ناسفة وقذائف غير منفجرة، وانتشال كافة الركام، وتهيئة المدرسة لأي أعمال إنشائية”.

     ويواصل البركاني: “وفي ال(19) من مارس 2023م، تم تدشين افتتاح مدرسة (الشعب عكاد) وعادت إلى الحياة من جديد، إلا أن قلة قليلة من الطلاب عادوا إلى الدراسة بنسبة لا تتجاوز 40% من الطلاب، وهم المنتمون إليها سابقا”.

    وأضاف البركاني قائلا: “الوضع الحالي للمدرسة لازال بحاجة إلى إعادة ترميم وإعمار للفصول المهدمة؛ إذ لم تتلقَ المدرسة أي شيء من هذا القبيل، سوى ما قام به المجلس النرويجي للاجئين، والذي قام بترميم الحمامات وتوصيل شبكة المياه، وعمل ألعاب ترفيهية، وتوزيع أدوات قرطاسية وأدوات نظافة وتعقيم للطلاب، وعمل سبورات للمدرسة، بالإضافة إلى التعاقد مع أربعة مدرسين (3 مدرسات ومدرس واحد) لمدة سبعة أشهر فقط”.

رغم الصعاب والتحديات أكملوا العملية التعليمية

    تقول الأستاذة هناء الفران (إحدى معلمات مدرسة هائل سعيد أنعم): “في كل عام دراسي نقول لم نكمل، فقد تعبنا بسبب الوضع الذي طرأ علينا ولكن تعتصر قلوبنا وجعا على الطلاب، فهم لا ذنب لهم فيما يحدث”.

      وأردفت قائلة: “بالنسبة لي، المدرسة بعيدة عن منزلنا واحتاج مواصلات ولكن إدارة المدرسة تحاول معنا لتجد حلولًا وتقلل الصعوبات التي نواجهها كمعلمين؛ لذلك نداوم ثلاثة أيام فقط، ونقوم بالتحضير لأجل الحصص، ونحاول أن نقتصد بالمواصلات لأجل إكمال العملية التعليمية”.

    وأكملت قائلة: “ننسى التعب وكل الجهد عندما نرى الطلاب يتحصلون على أعلى الدرجات عندما نسابق على مستوى المدارس ونحصل على الفوز، وفي الأول والأخير نحتسب الأجر عند الله”.

      وأضافت الأستاذة هناء: “هناك حلول من أجل إكمال العملية التعليمية، ومن تلك الحلول التي لجأت إليها كثير من المدرسات والمدرسين، أننا نداوم بمدارس خاصة ونستلم راتبًا، بمعنى أقوم بالتدريس في مدرسة خاصة، ثلاثة أيام وفي الحكومية ثلاثة أيام، وهناك يوم مشترك حصتان في الحكومية وأذهب إلى المدرسة الخاصة لأكمل ثلاث حصص، صحيح تعب وإرهاق، ولكن من أجل المسيرة التعليمية لابد من الصبر”.

الصبر مفتاح الفرج

     هكذا بدأت أول حديثها الأستاذة سميرة حسن (إحدى المعلمات في مدرسة 7 يوليو في الحديدة): “لابد من الصبر حتى نستمر في التعليم ونربي الأجيال القادمة، أصبح الوضع الراهن سيئ بسبب انقطاع الرواتب وسوء المعيشة، ولكن هذا لا يعتبر حاجزًا أمامنا لأن نقوم بتعليم أبنائنا الطلاب، كونهم أمانة في رقابنا، لابد من إكمال العملية التعليمية، رغم أنف الظروف، صحيح نتعب ونحن نجاهد بدون عائد ولكن نصبر والله سيجازينا بالخير”.

    أ. عبدالله العامري، مدرسا لمادة الفيزياء في إحدى المدارس الحكومية في الحديدة منذ 1997م، يقول: “كنا نعيش حياة مستقرة، ولكن بعد انقطاع الرواتب أصبح وضعنا المعيشي سيئًا للغاية، ولم أعد أستطيع توفير أبسط الاحتياجات الأساسية لأسرتي”.

     وأضاف العامري: “منذ انقطاع الرواتب في بداية العام 2016، وجدت نفسي حائرا بين ترك العمل في التدريس، والبحث عن عمل أستطيع من خلاله إعالة أسرتي، ولكن بعد تفكير طويل قررت أن أبقى في مهنتي في التدريس، حفاظا على سير العملية التعليمية وبناء جيل متعلم، فمن سيكون لهؤلاء إن نحن المعلمين تركناهم لقدرهم المجهول الذي لن تكون نهايته إلا الأمية والجهل”.

   وواصل العامري: “حينها قمت ببيع ذهب زوجتي، وأنشأت بسطة أبيع فيها الشيبس والمخلوطة وبعض الحلويات المغلفة، في وقت العصر إلى بعد صلاة العشاء، حيث أنني في الصباح أذهب للدوام في المدرسة التي أعمل فيها”.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

98% يعتقدون أن الظروف السيئة التي يعيشها المعلمون الآن ستؤثر بشكل سلبي على السلوكيات العامة للمجتمع

صوت الأمل – يُمنى أحمد التعليم هو الطريق الأمثل لقيام مجتمع سوي يتمتع أفراده بالحرية والمس…