‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة دور الدول المانحة في مساعدة اليمن صعوبات تعيق عملية التدخل والبناء الإيجابي من قبل المانحين

صعوبات تعيق عملية التدخل والبناء الإيجابي من قبل المانحين

صوت الأمل – حنين الوحش

في ظل التدخل الإيجابي من قبل الدول المانحة؛ للقيام بالمساعدة، ومحاولة التخفيف لتحسين الوضع القائم في البلاد، كانت هناك دائمًا اختلالات في وضع الخطط التنموية وتحديات تعيق العمل على أرض الواقع في ظل الانقسام الذي تعيشه اليمن؛ الأمر الذي أثر سلبًا على عملية الاستجابة خلال الأعوام الماضية، ويتطلب عمل حلول له في الفترات القادمة.

في تقرير  تابع لوزارة التخطيط والتعاون الدولي للعام 2021م، بعنوان “المساعدات الخارجية بين الإغاثة والتنمية” تبين أنَّ هناك فجوة تمويلية للوفاء بالاحتياجات الإنسانية للعام 2021م بمقدار 75%.

وقد اتجهت متطلبات تمويل خطط الاستجابة الإنسانية إلى التزايد بشكل عام خلال السنوات السبع الماضية، حيث ارتفعت من 1.6 مليار دولار عام 2015م إلى 4.19 مليار دولار عام 2019م وتراجعت إلى 3.85 مليار دولار عام 2021 م.

عدم التوصل إلى سلام

وأشارت الدراسة إلى أنَّ التحديات التي تواجه الدعم الإنساني والتنموي، هي عدم التوصل إلى سلام مستدام ينهي حالة الصراع، فباستمرار النزاع وعدم التوصل إلى سلام؛ توجهت الجهود والموارد من مرحلة  توفير المعونات الإنسانية إلى مرحلة إعادة الإعمار، إضافة إلى محدودية وقصور مصادر التمويل فقد انهار دعم المانحين من العام 2015م حتى الوقت الحالي، ومن التحديات لا ننسى الظروف الطبيعية والصعوبات الجغرافية المعيقة لجهود الإغاثة والتنمية، وغياب التنسيق الكافي والكفء بين المنظمات المختلفة.

كما بين التقرير أنَّ الصراع أثر بشكل سلبي على حجم الدعم المقدم من المانحين، فمنذ عام 2015 – 2019م قدم المانحون الدوليون حوالي 8.35 مليار دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن، وقد أثرت أزمة التمويل بشكل كبير على المدنيين اليمنيين، حيث انخفضت المساعدات الغذائية لـ تسعة ملايين شخص إلى النصف.

الصراع تحدٍ

وأوضح تقرير مكتب الشؤون الإنسانية “خطة الاستجابة الإنسانية 2020م”أنَّ هناك انهياراً في دعم المانحين لوكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة في يونيو 2020م بسبب الصعوبات العديدة المرتبطة باستمرار الصراع التي تواجه تقديم المساعدات، حيث تلقت وكالات الإغاثة 24% فقط من 3.4 مليار دولار التي تم طلبها من الدول المانحة.

هذا وقد أوضحت وزارة التخطيط والتعاون الدولي أنَّها ما برحت تعمل بشكل حثيث مع المجتمع الدولي والمانحين عمومًا على التحول والانتقال من مرحلة الإغاثة والعمل الإنساني إلى التعافي والتنمية وأنَّ سبع سنوات مضت من العمل الإنساني لم تؤدِّ التدخلات الإنسانية فيها إلى معالجة المشكلة الإنسانية.

ودعت الوزارة المانحين إلى توجيه الدعم لمشاريع حقيقية تخلق فرص عمل وتنعش الاقتصاد بالتنسيق مع الوزارة وعبر نافذتها.

هذا وقد أشار تحليل الأمم المتحدة المشترك لليمن في نوفمبر 2021م إلى أنَّ التقدم نحو خطة عام 2030م لا يزال متأخراً وأهداف التنمية المستدامة  تتعثر؛ بسبب الصراع المستمر وغياب القيادة الوطنية المنسقة والافتقار إلى التخطيط الاستراتيجي، ومع تقسيم السيطرة على البلاد بين الأطراف المتنافسة والمتصارعة تواجه الجهود الإنسانية والإنمائية وجهود السلام تحديات كبيرة.

خلل في نظام المساعدات

وفي دراسة تابعة لمركز صنعاء للدراسات الاستراجية للعام 2021م، بعنوان “على المعونات أن تنفع أكثر مما تضر” تحدثت عن التحديات التي تواجه العمل الإنساني في اليمن من قبل الدول المانحة، وأنَّ اليمن يعاني إحدى أسوأ الاستجابات الإنسانية في العالم، ويكمن الخلل أولًا في نظام المساعدات المقدمة وقيادته، داخل اليمن وخارجها وهذا يتعارض بشكل صارخ مع ميل مسؤولي المنظمات الإنسانية لإلقاء اللوم بشكل حصري على الأطراف المتحاربة في فشل الاستجابة.

وأضافت الدراسة أنَّ في اليمن تكمن جذور التحديات الأساسية في قضايا التنمية طويلة الأمد التي تفاقمت بسبب الصراع الحالي، فبعد اندلاع النزاع، توقفت مشاريع التنمية الدولية طويلة المدى وبدأت العمليات الإنسانية، لكن الهدف من الأخيرة هو أن تكون استجابات قصيرة الأجل لكارثة مفاجئة وواسعة النطاق، وإلى حد ما تستمر الحاجة إلى هذه المساعدات حتى يتحقق السلام، مع التنبيه إلى أنَّ المساعدات الإنسانية لا تحل المشاكل المنتظمة ولا ينبغي توقع تحقيقها لهذا الهدف.

مؤكدة على وجود اختلالات فيما يتعلق برؤية الأمم المتحدة؛ لأنَّ الاستجابة الإنسانية أدت إلى تطبيع استخدام البيانات غير المكتملة والمشوهة وغير السياقية؛ لتوجيه عملياتها، وهي معلومات أُعيد صياغتها أو استبعادها بسهولة وفقًا لصلاحيات القيادة العليا بالإضافة إلى ذلك إنَّ الأولويات الأمنية، وليس الأولويات الإنسانية، هي من سيطرت على أنشطة الاستجابة، مما سمح للأولويات الأمنية بتقويض الأولويات الإنسانية بدلًا من تمكينها  ومنع موظفي الإغاثة من النزول إلى الميدان؛ لجمع البيانات اللازمة، والحصول على تقييم دقيق لاحتياجات السكان والعمل بشكل مباشر أكثر مع المجتمعات المحلية، وتحسين القبول والسلامة والاستجابة المناسبة.

منح عشوائية وغير إنمائية

وحول التحديات التي عملت على تأخير التعافي في اليمن على الرغم من المنح المقدمة من قبل الدول المانحة تبين وزيرة الشرماني (وكيلة قطاع المشاريع بوزارة التخطيط والتعاون الدولي – عدن) لـ “صوت الأمل” أنَّ الدعم والتوجه الخاص والمقدم من قبل الدول المانحة كلها عبارة عن أنشطة وتدخلات عشوائية في مجال الإغاثة بعيدة كل البعد عن الاستدامة والمشاريع الإنمائية، وتتركز -فقط- على توفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية -خاصة- للنازحين داخلياً والأسر المتضررة من الصراع، وهذه كلها إسهامات بسيطة لا تساعد على إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي والتنموي الذي سيساهم في تعافي البلاد.

من جانب آخر أوضح زهير جعفر (مدير إدارة المنظمات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي – عدن) أنَّ هناك أسباباً وعوامل داخلية عملت على تأخير وتحجيم دور الدول المانحة للمساعدات والتعهدات المالية لليمن، ومن أهم  هذه العوامل هي الحالة الأمنية التي تمنع وصول المساعدات وتعرقل القيام بمشاريع إنمائية واستمرار بعض المُناكفات السياسية والحزبية، وعرقلة جهود التسوية السياسية من خلال عدم الالتزام بالقوانين والأنظمة والقرارات الصادرة من القيادة السياسية، وتشجيع أعمال الفوضى والتخريب والتدمير للبنى التحتية، ولمشاريع الخدمات الأساسية.

تكبيلٌ للمحاولات

يواجه اليمن الكثير من التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في حضرة الفساد الموجود، وانعدام الدور الرقابي والمحاسبي والذي يكاد أن يصبح مجمداً لا وجود له.

وفي الحديث عن التحديات التي تعيق تحسن الأوضاع في اليمن على الرغم من التمويلات المقدمة من قبل المانحين، كان هناك أسئلة كثيرة حول الأسباب التي تأخر عملية التنمية في اليمن رغم التدخل الخارجي والمساعدات التي تطرح.

تحديات أمنية

 وفي هذا الإطار يذكر عبد الوهاب الحدي (المحلل السياسي) أنَّ الدول المانحة لا تعمل في الجانب الاستثماري، ومن أكبر التحديات التي تواجهها في العمل باليمن هي التحديات الأمنية، وتتمثل في الخطورة التي تكتنف مهنة أو شخص العاملين في المنظمات الدولية،  والحد من تنقلاتهم بل تطورت إلى تعرض بعضهم إلى الاختطاف، وهذا كله يؤثر على الوضع العام للبلاد، وعلى تقديم المساعدة  فمن الناحية الاقتصادية تتمثل في انعدام الأمن الغذائي الذي أصبح يؤرق المواطن اليمني فالمساعدات شحيحة تتمثل في سلل غذائية  وليس في توفير مصدر دخل .


مضيفًا أنه من الناحية الاجتماعية، فهناك أكثر من ثلثي المواطنين يقعون تحت خط الفقر؛ بسبب سوء الإدارة في توزيع المنح المقدمة، وعدم الاهتمام بالجوانب الأخرى: مثل الجوانب الصحية والتعليمية وغيرها.

وفي كيفية عمل حلول ومعالجات يقول الحدي: “في المقام الأول يجب على الدول المانحة الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه اليمن، ومن جانب آخر يجب على جميع الأطراف المتصارعة خلق بيئة عمل آمنة للمنظمات الدولية والإنسانية والإغاثية، ولجهات تعمل وسيطاً بيننا وبين هذه الدول المانحة حتى يتسنى لها الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الحالات الأشد فقرًا والأكثر عرضة للخطر؛ بسبب أماكن تواجدهم، تفعيل دور الرقابة والمحاسبة ومحاربة الفساد الإداري والمالي في جميع أجهزة الدولة أو بين أجهزة المنظمات الدولية والإنسانية والذي أصبح حديث الحاضر”.

عدم تناسب الاحتياجات مع حجم الدعم

من جانب آخر يذكر محمد علي  (الناشط المجتمعي) أنَّ هناك العديد من التحديات ويأتي في مقدمتها الصراع  وما ترتب عليه من تدمير للبنية التحتية وشحة الموارد الاقتصادية وهجر الكوادر للبلاد وعدم تناسب الدعم المقدم من المانحين مع حجم الاحتياجات؛ لأنَّ الدعم المقدم  يركز على معالجة الأزمة الإنسانية في حين كان في السابق يركز على المشاريع التنموية، وعدم التزام بعض المانحين بما تعهدوا به وقلة الدعم المقدم؛ لذا لم يستفد اليمن كثيرًا من الدعم المقدم للمانحين  ولم تتمكن  الجهات الحكومية من استيعاب ذلك الدعم .



وعن المعالجات أوضح محمد  أنَّ المعالجات  تتمثل في عمل حلول لإنهاء الصراع وإعادة إعمار ما دمر، وتبني مشروع لإنعاش الاقتصاد اليمني، هذا غير أنَّ الدعم  لا يتناسب مع الأولويات والاحتياجات الحقيقية، ولا مع حجم التحديات الماثلة، كما أنَّ جل الدعم يذهب في نفقات تشغيلية للمنظمات الداعمة، مؤكدًا على ضرورة  تقييم العلاقة القائمة بين المانحين والجهات الحكومية ومعالجة كل الاختلالات القائمة سواء من جانب المانحين أو الجهات الحكومية .

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

الدورات التدريبية في مجال الطهي إلمام بثقافات مختلفة وفرص مهنية واسعة

صوت الأمل – علياء محمد لا يقتصر فن الطهي على الطبخ المتعارف عليه لدى الأفراد، بل يحمل بين …