‫الرئيسية‬ تقارير وتحقيقات دعم المانحين الدوليين لليمن.. الاستجابة خلال الفترة ما بين 2015- 2022م

دعم المانحين الدوليين لليمن.. الاستجابة خلال الفترة ما بين 2015- 2022م

صوت الأمل – ياسمين عبد الحفيظ

لا يزال اليمن يعيش أسوء أزمة إنسانية حادة في ظل الصراع، وهو ما دعى إلى إطلاق الكثير من الدعوات لحشد الدعم لإنقاذ الوضع الإنساني المتدهور الذي يعصف بملايين الأفراد داخل البلاد، ما دفع كثيراً من الدول المانحة لليمن إلى تقديم مساعدات مالية كبيرة في محاولة منها لانتشال الكثير من ضحايا الفقر والجوع قبل فوات الآوان، -لا سيما- الفئات الأشد ضعفًا مثل النساء والأطفال والنازحين والمهمشين وحتى المهاجرين واللاجئين الذين قدموا من دول تعاني ويلات الصراعات.

موقع الأمم  المتحدة، كان قد ذكر في تقرير له أنَّ برنامج الأغذية العالمي اضطر إلى خفض حصص المساعدات إلى النصف بسبب نقص التمويل جراء ظهور الفيروس (كوفيد-19) في العديد من الدول المانحة لليمن، وهو ما يثبت  احتمالية خفضها مجددًا، في وقت يواجه الملايين من اليمنيين أسوء فترات تاريخيهم والذي تزامن مع  تحذيرات أممية  من تفاقم الوضع الإنساني إذا استمر النزاع في البلاد.

حجم الاحتياجات الإنسانية في اليمن خلال العام 2015_2022م

 وفقاً لتقرير الأمم المتحدة “نظم الإنذار المبكر بالمجاعات” الصادر في نوفمبر2016م فإنَّ 18.8 ملايين شخص بحاجة للحصول على المساعدات الإنسانية و14.8 ملايين فرد بحاجة إلى الرعاية الصحية الأساسية، و14.5 ملايين فرد بحاجة لتوفير المياه وخدمات الصرف الصحي،  وسبعة ملايين فرد أو أكثر بحاجة إلى مساعدات غذائية، و2.1 ملايين مشرد داخلي.

(الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش) في تصريح له نُشر في موقع الأمم المتحدة في العام 2021م: “الأطفال المتضورون جوعاً أكثر عرضة للإصابة بأمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا والدفتيريا والحصبة، كل 10 دقائق يموت طفل في اليمن بلا داع؛ بسبب مثل هذه الأمراض، كل يوم يتم قتل وتشويه أطفال يمنيين في الصراع، النزاع  يبتلع جيلاً كاملاً من اليمنيين، ويجب أن يتوقف”، مشيرًا إلى أنَّ الوضع الإنساني في اليمن أسوأ من أي وقت مضى، وأن تمويل جهود الإغاثة قد تراجع العام الماضي إذ حصلت المنظمات الإنسانية على 1.9 مليارات دولار أي نصف المبلغ المطلوب لعملياتها، وخمسين في المئة من إجمالي ما تلقته عام 2019م.

في الوقت ذاته حذر ديفيد غريسلي(منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن) في مؤتمر من العاصمة اليمنية صنعاء من أنَّ نحو 500 ألف طفل صغير قد يموتون من الجوع إذا لم يتلقوا العلاج، وأن اليمن عالقة في حلقة من البؤس منذ أن بدأ النزاع عام 2015م، وقال: “المجاعة تشق طريقها إلى اليمن، إذا لم نرفع مستوى عمليات الإغاثة بسرعة، فستبتلع جيلاً بأكمله، وسيكون السلام بلا معنى إذا أُزهقت الأرواح”.    

مضيفًا: “قمنا بتقديم وإرسال الكثير من الإمدادات والمواد الغذائية والأدوية إلى المنطقة، بل أيضًا مجموعة مواد الاستجابة السريعة التي توفر الضروريات الأساسية لهؤلاء النازحين”.

حجم المساعدات الخارجية لدعم الجانب الإنساني والإغاثي

في بيان  لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم 16 مارس2022 م خلال اجتماع التعهّد رفيع المستوى لعام 2022م للأزمة الإنسانية في اليمن أعلنت الولايات المتحدة عن تقديم ما يقرب من 585 مليون دولار من المساعدات الإنسانية  إلى الشعب اليمني، وتكون الولايات المتحدة بهذا التمويل قد قدمت ما يقرب من 4.5 مليارات دولار لليمنيين منذ أن بدأت الأزمة قبل أكثر من سبع سنوات، وحسب البيان فإنَّ هذه المساعدة تشمل أكثر من 561 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وأكثر من 23 مليون دولار من مكتب السكان واللاجئين والهجرة (PRM) التابع لوزارة الخارجية.

 وذكر البيان ذاته أنَّه من خلال هذا التمويل سيتمكّن شركاء الأمم المتحدة  في المجال الإنساني من الوصول إلى ما يقارب 17 مليون شخص، بما في ذلك اليمنيين النازحين داخلياً والمتضرّرين من النزاع، فضلاً عن اللاجئين وطالبي اللجوء من اليمن.

حسب موقع الاتحاد الأوربي أنَّ منذ 2015م بلغ الإسهام المالي الكلي للاتحاد الأوروبي في اليمن في المجالات الثلاثة قرابة المليار يورو، منها أنَّ المخصصات الأولية للاتحاد الأوروبي للعام 2021م بلغت 90 مليون يورو، أي أكثر من الضعف مقارنة بالعام 2020م، إذ أنَّ في عام 2020م خصص الاتحاد الأوروبي ما يقارب 120 مليون يورو بوصفها مساعدات إنسانية إلى اليمن مما يرفع  من دعم الاتحاد الأوروبي للتمويل الإنساني ليصل إلى 648.36 مليون يورو منذ بداية النزاع في اليمن عام 2015م.

كما ذكر الموقع أنَّ هذه المساعدات تذهب إلى مشاريع ينفذها شركاء الاتحاد الأوروبي (الأمم المتحدة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفروع الصليب الأحمر، والمنظمات الدولية غير الحكومية في مختلف أنحاء البلاد) وحسب الموقع فإنَّ تركيز الاتحاد الأوروبي على المساعدات الطارئة للسكان المتضررين من النزاع، ويشمل ذلك النازحين، والمتأثرين بشكل مباشر من العنف، بالإضافة إلى الدعم الأوسع نطاقًا في مجال التغذية (خاصة لمعالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد وبرامج الرعاية الصحية والأمن الغذائي) وقد بلغت مخصصات اليمن للفترة ما بين 2018-2020م تحت آلية التعاون التنموي 150 مليون يورو، وركز الاتحاد الأوروبي هذه المساعدات على توفير الخدمات الأساسية لتعزيز صمود المجتمعات المحلية معيشيًا في مواجهة الأزمة.

مضيفًا أنَّ أحد برامج الاتحاد الأوروبي تبلغ كلفته 70 مليون يورو والذي امتد خلال الفترة من 2016م إلى 2021م؛ لتعزيز الصمود المعيشي في الريف اليمني، ومن خلال هذا البرنامج دعم الاتحاد الأوروبي التماسك الاجتماعي عبر توظيف وتدريب وسطاء محليين، وفي 2019م كان الاتحاد الأوروبي قد أطلق  دعمًا لصمود معيشة المجتمعات المحلية بما يساوي 79 مليون يورو، تواصل هذه الحزمة الجديدة النجاح الذي حققه برنامج تعزيز الصمود المعيشي في الريف اليمني مع توسيع العمل إلى المناطق الحضرية، وهذا يعد أكبر إسهام من قبل الاتحاد الأوروبي نحو الرفاه الاقتصادي والاجتماعي.

حجم تعهدات المانحين لتمويل الاستجابة الإنسانية  خلال الفترة ما بين 2015 م-2022م

 وفقًا لتقرير في موقع  الأمم المتحدة في العام 2022م، تعهدت 36 جهة مانحة بتقديم ما يقرب من 1.3 مليار دولار أمريكي للاستجابة الإنسانية في اليمن، ومن بين أعلى التعهدات: الولايات المتحدة التي أعلنت تقديم 584.60 مليون دولار والمفوضية الأوروبية 173.03 مليون دولار وألمانيا 123.60 مليون دولار، وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد ناشد جميع المانحين خلال مؤتمر التعهدات من أجل اليمن “أن يساهموا بسخاء” لانتشال الملايين من الفقر والعوز والجوع والمرض. وستتضمن خطة الاستجابة الإنسانية برامج منسقة بشكل جيد للوصول إلى 17.3 مليون شخص بمساعدة قدرها 4.27 مليار دولار.

حسب تقرير نشره موقع الأمم المتحدة في مارس 2021م، أعلن  (وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن) التعهد بتقديم مساعدة مالية إضافية  لجهود الإغاثة في اليمن تقدر بنحو 191 مليون دولار، ليصل حجم هذه المساعدات المقدمة من بلاده خلال السنة المالية إلى أكثر من 350 مليون دولار -حسب قوله- وأضاف بلينكن أنَّ الولايات المتحدة قدمت أكثر من 3.4 مليار دولار للمساعدات الإنسانية في اليمن منذ بدء الأزمة قبل ست سنوات.

وذكر التقرير أنَّ عبد الله الربيعة (المشرف العام لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في السعودية) ذكر أنَّ  بلاده تعهدت بتقديم 430 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام2021 م، التي تُنفذ عبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني  المحلية والإقليمية، وكانت  دولة الإمارات العربية المتحدة تعهدت بتقديم 230 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في اليمن.

 وذكر التقرير أنَّ  ريم الهاشمي (وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي لدى الامارات)أوضحت أنَّ بلادها قدمت منذ عام 2015م مساعدات إلى اليمن قُدرت بأكثر من ستة مليارات دولار، ركزت على الإغاثة الغذائية والصحية وتوفير الماء، وفي عام 2020م، قدمت 122 طنًا من المواد والمستلزمات الطبية لدعم 120 ألفاً من العاملين الصحيين.

وجاء في تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في 17 نوفمبر 2021م أنَّه بالرغم من تعهد المانحين بتقديم المزيد من الموارد؛ لتعزيز الاستجابة الإنسانية في الاجتماع الجانبي رفيع المستوى بشأن اليمن، الذي عُقد على هامش الدورة السادسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر لنفس العام، تم تقديم 55% –فقط- من 3.85 مليار دولار أمريكي مطلوبة لعام 2021م بحلول نهاية أكتوبر، وتم حث المانحين على دفع ما تعهدوا به وتقديم تمويلات إضافية لتمكين شركاء العمل الإنساني من مواصلة مستوى الاستجابة الحالي حتى نهاية العام.

تحليل

في هذا الشأن يبين نبيل الشرعبي (الباحث والصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية) لـ صوت الأمل” أنَّ خطط الاستجابة الإنسانية في اليمن التي تتحدث عنها هيئات أممية، نستطيع القول بأنَّها فعليًا ليست أكثر من خطط الاستجابة الطارئة وبنسبة متواضعة؛ لأنَّها لا تتعامل مع الحاجة الإنسانية من خلال رؤية برامج عمل واقعية لجذور الحاجة؛ بما يؤدي إلى تقليص حدة هذه الحاجة.

ويشير الشرعبي إلى أنَّه بالمقارنة بين حجم المبالغ المالية التي تلقتها الهيئات الأممية العاملة في اليمن تحت مظلة خطط الاستجابة الإنسانية والمقدرة بأكثر من 30 مليار دولار، وما حققته هذه الهيئات واقعيًا، يتضح وجود فجوة كبيرة للغاية، مؤكدًا: “بهكذا مبلغ يمكن الحصول على معالجة مستدامة لحوالي 50 % من الآثار التي عززت من مستوى الحاجة الإنسانية”.

وحول الدور الذي تلعبه الدول المانحة في التخفيف من معاناة الأفراد في اليمن جراء الصراع يرى الشرعبي أنَّ ما قدمته وما تقدمه الدول المانحة من مساعدات ومنح لليمن لمواجهة آثار النزاع التي ألقت بظلالها على الحياة عامة، يتم هدر النسبة الكبيرة منه من قبل المخولين بالتصرف فيه، فرغم التدفق المستمر لمنح ومساعدات العالم الخارجي لليمن، فإنَّ الحاجة الإنسانية تتعاظم أكثر فأكثر، وتزداد التحذيرات من قادم أسود.

ويضيف الباحث نبيل الشرعبي أنَّ الدول فعليًا تهدف إلى تقليص الحاجة الإنسانية في اليمن، لكنَّ القائمين على المنح والمساعدات يفشلون في هذا التوجه، ولذلك تتنامى الحاجة الإنسانية كل عام أكثر، مما يبرهن على وجود فساد كبير يخالط أنشطة الهيئات الأممية العاملة في اليمن، والتي تتحفظ عن إصدار البيانات المالية السنوية فيما يخص أنشطتها في اليمن، وهذا مخالف لمعايير الشفافية والحوكمة المفروضة لعمل هذه الهيئات.

وعن حجم الاحتياجات الإنسانية في اليمن خلال فترة ما بين 2015م إلى 2022م، يذكر الشرعبي أنَّ  بالمقارنة بين حجم كارثية الصراع في اليمن، والوضع القائم للاحتياجات الإنسانية، يمكن القول بأنَّ هناك قوى تعمل على تنفيذ تجربة صناعة الجوع في اليمن، وهو ما يجعل الاحتياجات قائمة وفي تزايد، وفي المقابل الحديث عن عجز حيال معالجة مستدامة لهذه الاحتياجات.

مؤكدًا أنَّ تعهدات المانحين لم تكن بالهينة لو جرى توجيهها لمعالجات مستدامة. وتراجعت مستوياتها عامًا تلو الآخر يكشف عن تنامي فقدان الثقة بالهيئات التي تتدفق إليها المنح، وأنَّ غياب الشفافية في أنشطة الهيئات الأممية العاملة في اليمن، وعدم التزامها في تقديم تقارير وبيانات مالية سنوية حد من تنفيذ مانحيين لوعودهم وبمستويات متفاوتة، مشيرًا إلى أنَّه إذا لم يلمس المانح أثراً إيجابي لما يقدمه من دعم؛ فلن يستمر في تقديم دعم آخر، فهو يهدف إلى إحداث تحسن.

ويردف الشرعبي أنَّ أكثر الدول التي تقدم منحاً مالية بسخاء لليمن هي عدة دول خليجية، ومن الجانب الغربي أمريكا وبريطانيا واليابان وقليل من دول الاتحاد الأوروبي، وفيما يخص المنح المقدمة لتمويل الاستجابة الإنسانية، فإنَّ الهيئات الأممية العاملة في اليمن هي من تحدد مجالات الحاجة، أما المنح المقدمة عبر اتفاقيات مع طرف يمني ما، فإنَّ أكثر الجوانب التي تدفقت لها المنح هي التعليم، الصحة، الطاقة النظيفة، المياه والصرف الصحي.

موضحًا أنَّ تمويل الاحتياجات الإنسانية خلال الأعوام من 2016- 2022م، شهد تفاوتًا كبيرًا، وكل عام يتراجع التمويل أكثر جراء قلة أنشطة الهيئات الأممية العاملة في اليمن، وأنَّ الاحتياجات الإنسانية في اليمن تتعدد وتتسع بدءاً من فقر الغذاء ومرورًا بالصحة والتعليم والمياه النظيفة والسكن الآمن للنازحين، ولأنَّه من الصعب تحقيق كل هذه الاحتياجات، فإنَّه يتوجب التركيز على تحقيق الاستدامة في جوانب من هذه الاحتياجات، بدلًا عن الخطط الطارئة.

(س . م) أكاديمي اقتصاد -فضّل عدم ذكر اسمه-، عن  دعم المانحين الدوليين لليمن يؤكد بقوله: “إنَّ الدعم الذي تحصل عليه اليمن من المانحيين ليس بقليل وباستطاعته أن يلبي أغلب الاحتياجات الإنسانية والإغاثية في جميع مناطق البلاد لا سيما المناطق التي تعاني ويلات الصراع، لأنَّ الأغلب يذهب للعاملين في هذه المنظمات والفتات للمواطن، دعم سخي ومساعدات كبيرة ولكنَّها للأسف لا تفي بالغرض  لعدم وصولها للمستحقين، هذه خلاصة المساعدات التي هي باسم اليمن ولكن لا يعرف المواطن اليمني عنها شيئًا”.

مضيفًا أنَّ دعم المانحيين المخصص لإنقاذ اليمنيين من الأزمة التي تعيشها البلاد يحتاج إلى خطط ومراقبة من الجهات الداعمة نفسها، إلى جانب وضع خطط طارئة بشأنها والإشراف عليها.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

تراث الطهي اليمني يغزو العالم بمذاقه الفريد

صوت الأمل – هبة محمد  يُعدُّ المطبخ اليمني واحدًا من المطابخ العربية الرائعة والشهيرة…