‫الرئيسية‬ الأعداد السابقة دور الدول المانحة في مساعدة اليمن دعم المانحين التنموي لليمن ينتظر الاستقرار

دعم المانحين التنموي لليمن ينتظر الاستقرار

صوت الأمل – عبد الجليل السلمي

 ساهمت مجموعة المانحين “أصدقاء اليمن: دول مجلس التعاون الخليجي، والمؤسسات الدولية والإقليمية، والدول الثنائية الصديقة” خلال السنوات العشر الماضية في تقديم الدعم لتنمية اليمن التي أصبحت استحقاقاتها أكبر من مواردها المحدودة.

بلغت تعهدات المانحين في مؤتمري الرياض ونيويورك في عام 2012م حوالي 10.9 مليارات دولار خلال الفترة سبتمبر 2012م – ديسمبر 2014م وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي.

تعهدات تنموية

ومثلت التعهدات أحد الاستحقاقات الناتجة عن توافق الفرقاء في إطار المبادرة الخليجية لتمويل أولويات ومشاريع البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية 2012 – 2014م.

وأوضح تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي، حول مستوى تنفيذ المشروعات الممولة بقروض ومساعدات خارجية – مايو 2016- أنَّ التعهدات جاءت من ثلاث كتل رئيسة مثلت حصة دول مجلس التعاون الخليجي 5,650 مليار دولار، أي  حوالي 57% من إجمالي التعهدات.

فيما بلغت تعهدات المؤسسات المالية الإقليمية والدولية 2,886 مليار وبنسبة 25% من إجمالي التعهدات، وبلغت تعهدات الدول الصديقة 2,369 مليار دولار وبنسبة 18% من إجمالي التعهدات المقدمة لليمن.

 سحب اليمن من التعهدات

وبحسب التقرير فإنَّه إلى جانب تعهدات المانحين، حصلت اليمن في بداية 2012م، على منحة نفطية من السعودية بقيمة 2.2 مليار دولار، ليبلغ إجمالي ما سحبه اليمن من دعم المانحين حوالي 7.1 مليار دولار خلال الفترة 2012 – 2014م.

ووفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي، قطاع المشروعات 2016م، بلغ إجمالي تدفقات دعم المانحين إلى اليمن مع المنتجات النفطية والوديعة السعودية في البنك المركزي حوالي 7.1 مليارات دولار.

وبلغ متوسط سحب اليمن من تعهدات المانحين خلال نفس الفترة بلغ 2.37 مليار دولار سنوياً، مما ساهم بصورة ملموسة في دعم الاستقرار الاقتصادي الكلي خلال المرحلة 2012 – 2014م.

مصادر في وزارة التخطيط تؤكد أنَّ دعم المانحين خلال الفترة تميز بأنَّه دعم تنموي لتمويل مشاريع تنموية في إطار البرنامج المرحلي للاستقرار والتنمية في مجال البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية: الإنتاجية والخدمية.

وتشير بيانات وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى أنَّ معظم دعم المانحين كان على شكل منح بنسبة 75% من إجمالي التعهدات بينما شكلت القروض الخارجية حوالي 25% من إجمالي التعهدات.

وبحسب تقرير وزارة التخطيط، فقد تم تخصيص حوالي 92% من إجمالي التعهدات فيما تم التوقيع على 73% من تلك التعهدات لمشاريع محددة غير أنَّ المسحوب فعلاً لم يتجاوز 47% من إجمالي التعهدات.

نصيب الفرد  

لعب دعم المانحين دوراً هاماً في تمويل الاقتصاد اليمني خلال المرحلة الانتقالية 2012م – 2014م مقارنة بدول أخرى، وبلغ نصيب الفرد اليمني من صافي المساعدات التنموية الرسمية بلغ 44 دولاراً، ويظل منخفضاً مقارنة بدول مشابهة للاقتصاد اليمني.

وحالت تطورات الأحداث في عام 2014م وما بعدها دون الاستيعاب الكامل لتلك التعهدات –خاصة- بعد تعليق معظم المانحين للتعهدات، فيما اتجه دعم المانحين نحو مواجهة الأزمة الإنسانية والإغاثية التي تفاقمت على نحو غير مسبوق.

أكدت نشرة “إحصاءات مالية الحكومة” -الصادرة عن وزارة المالية للعام 2015م- أنَّ إجمالي المنح والقروض الخارجية المقدمة للموازنة العامة بلغ حوالي 4.8 مليارات دولار معظمها في منح، وشكلت 14.4% من إجمالي الإيرادات العامة للدولة خلال الفترة 2012 – 2014م.

وأوضحت أنَّ تعليق دعم المانحين ساهم بجانب عوامل أخرى في انخفاض الإيرادات العامة للدولة بحوالي 45% عام 2015م، مما أجبر الموازنة العامة على وقف معظم بنود النفقات بما فيها تعليق مشاريع البرنامج الاستثماري العام.

كما تسبب تعليق دعم المانحين في تعليق صرف الإعانات النقدية للفقراء، وتقليص نفقات تشغيل مرافق الخدمات الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والصحة والمياه، زيادة عجز ميزان المدفوعات، وتآكل الاحتياطيات الخارجية من النقد الأجنبي، وتدهور قيمة العملة الوطنية مما ساهم في زيادة التضخم وتفاقم مستويات الفقر.

وأشارت بيانات وزارة المالية إلى أنَّ السحب من المنح والقروض الخارجية تراجع من 2.158 مليون دولار عام 2014م إلى 109 مليون دولار عام 2015م، أي بحوالي 95.0 %.

ولفتت إلى أنَّ الموازنة أصبحت غير قادرة على دفع مستحقات المقاولين والموردين عن أعمال سابقة، تقدر بحوالي 350 مليار ريال، إضافة إلى عدم قدرتها على توفير المساهمة الحكومية في المشاريع الممولة من المانحين.

وفي ظل محدودية الموارد المحلية وتعليق دعم المانحين لمشاريع التنمية، فقد تم تعليق نفقات الموازنة العامة على الجوانب الرأسمالية والاستثمارية كلياً منذ نهاية 2015م، مما أثر سلباً على دور الموازنة العامة في توفير فرص العمل والتخفيف من الفقر.

وأكد تقرير الجهاز التنفيذي لتسريع استيعاب تعهدات المانحين 2014-2015م أنَّ إجراءات وقف السحب من المنح والقروض الخارجية المقدّمة إلى اليمن ترك آثاراً كارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

ولفت إلى أنَّ التحديات السياسية والأمنية التي يشهدها اليمن أثّرت على مجمل النشاطات الاقتصادية والاجتماعية، وعمل المؤسسات المختلفة بما فيها الجهاز التنفيذي.

وقدرت وزارة التخطيط والتعاون الدولي تكلفة الفرصة الضائعة في دعم المانحين لمشاريع البرنامج الاستثماري العام 270.7 مليار ريال عام 2015م، أي ما يعادل 1.26 مليار دولار.

تعميق التحديات

وقال عبد المجيد البطلي (خبير التخطيط والسياسات التنموية بوحدة السياسات في وزارة التخطيط والتعاون الدولي) لـ”صوت الأمل”: “إنَّ مناعة (قدرة تحمل) المواطن اليمني ضد الأزمات الاقتصادية تضعف أكثر كل يوم”.

وأكد الخبير الاقتصادي عبد المجيد البطلي أنَّ العام الجاري 2022م هو الأكثر صعوبة على معيشة اليمنيين؛ بسبب تداعيات الصراع وما تلاها مؤخراً من فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

وأوضح أنَّ الصراع وما رافقه من شحة في دعم المانحين لمشاريع التنمية، قد أدى إلى تعميق التحديات التنموية وتفشي الفقر وتفاقم الأوضاع المعيشية للسكان وتقليص فرص الوصول للخدمات الاجتماعية الأساسية.

وأشار البطلي إلى أنَّ تجارب الدول الأخرى المتأثرة بالنزاعات بما فيها ليبيريا وسيراليون وأفغانستان، تظهر أنَّ الدعم المقدم من المانحين يمكن أن يساعد بصورة فعالة في تقوية الاستقرار وتعزيز فرص السلام والتنمية.

واستطرد بالقول: “نلاحظ بشكل متزايد أنَّ حشد الموارد المالية للفئات المتضررة يمكن أن يساعد ليس –فقط- في حفظ حياتهم ولكن أيضًا في كسر حلقة الفقر الممتدة عبر الأجيال وتحقيق فوائد إيجابية للاقتصاد والمجتمع”.

وضرب مثلاً مفاده أنَّ في الدول المستفيدة من المساعدات في العالم بلغ متوسط نصيب الفرد فيها من تدفق المساعدات السنوية 25 دولاراً للفرد للسنة خلال الفترة ما بين 1970-2007م.

وتابع: “وهذا أدى إلى انخفاض مستوى الفقر بحوالي 6.5%، وزيادة متوسط سنوات التعليم بنسبة 0.4% سنة، وخفض معدل وفيات الأطفال بـ 7 لكل 1000 ولادة حية، ورفع معدل النمو الاقتصادي بحوالي 0.5%”.

 وأضاف: “وفي هذا السياق، فإنَّ الظروف التي يمر بها اليمن في الوقت الراهن تؤكد بأنَّ الأثر الكامن لمواصلة دعم المانحين لليمن وزيادة هذا الدعم يعد محدداً حاسماً للتخفيف من المعاناة المعيشية وتعزيز فرص تحقيق السلام والتنمية”.

وقال عبد المجيد البطلي: “لقد اتجه اهتمام المانحين الغربيين نحو أوكرانيا مع تراجع الاهتمام بالحالة اليمنية، ومن حيث المبدأ، فإنَّ الركون إلى المساعدات ينتج مجتمعاً خاملاً متكلاً على الإعانات”.

ويرى البطلي أنَّه يتوجب على اليمنيين استغلال الهدنة الراهنة وتمديدها لمواصلة مشاورات تحييد الاقتصاد كونه أولوية قصوى والابتعاد عن استخدام الاقتصاد كسلاح في الصراع، والتوصل لتسوية سياسية جادة وعاجلة ومستدامة والتركيز على التحول من الدعم الإنساني إلى دعم سبل العيش والدعم التنموي.

الرجاء تسجيل الدخول للتعليق.

‫شاهد أيضًا‬

استطلاع .. (94.4%) المنح والمساعدات الدولية لا تصل بشكل كامل إلى المستفيدين

صوت الأمل – يُمنى أحمد كشفت نتائج استطلاع إلكتروني أجراه يمن إنفورميشن سنتر في بداية يونيو…