تحديات الشباب في ظل النظام القبلي باليمن
صوت الأمل – حنين الوحش
ما زالت الأنظمة القبلية في اليمن تعد المسيطرة على نمط حياة الكثير من المواطنين حتى وقتنا الحالي، فكل جيل جديد يولد وينشأ ويترعرع على هذه الأعراف والأنظمة, حتى باتت تصرفات الشباب وسلوكياتهم مملوكة للقبيلة, ولابد من التصرف وفقًا لهذا المبدأ.
يؤكِّد الكاتب والباحث منير طلال أن الشباب في القبيلة هم وقودها في النزاعات, ونادرًا ما تكون لهم الريادة في زعامة القبيلة، خصوصًا أن الوعي لدى الشباب يتدنَّى تدنيًا ملحوظًا، حتى أصبحوا مجرد أتباع لا يجادلون كبار القبيلة, ومن خرج منهم عن العُرف القبلي، جلب لنفسه العار والسخرية, وقد تنبذه القبيلة نهائيًّا.
مضيفًا: “أنه من النادر جدًا أن يتجرأ أيُّ شخص على الخروج عن الأعراف القبلية، حتى وإن كان معترضًا عليها، فالقبيلة في نظر أبنائها هي الحصن المتبقي لهم بعد غياب الدولة وأجهزتها الرسمية، وبهذا أصبح الشباب يتحلون بالولاء القبلي متناسيين الولاء الوطني.
وأشار إلى أن الأوضاع الأخيرة كانت أكبر مصيبة تواجه الشباب خصوصًا مع التدمير الحاصل للمؤسسات التنموية والتعليمية التي فرغت من محتواها، حتى أصبحت مهترئة لا تقدم رسالتها المناطة بها, كما أن البطالة تعدُّ من أهم المشكلات التي تواجههم في الوقت الراهن, فالشباب العاطل ليس أمامهم خيارات عمل.
وأكد لـ”صوت الأمل” ضرورة إيجاد مشروعات عملاقة تستوعب قدرات الشباب وطاقاتهم في مختلف المجالات, والعمل على تدريبهم وتأهيليهم لإنقاذهم من هذا الواقع الصعب.
تحديات الشباب مع النظام القبلي
تؤثر العادات القبلية في المجتمع ككل وعلى الشباب بوجه خاص في تحديد مساراتهم وانتماءاتهم وتكوين شخصياتهم, حيث تؤكد فوزية العماري (دكتورة علم الاجتماع) هذا فتقول: “تؤثر العادات والتقاليد والأنظمة القبلية على حياة الشباب تأثيرًا كبيرًا, فهي تصيغ هويتهم وتشكل شخصيتهم”.
وتضيف العماري لـ”صوت الأمل”: أن الشباب يتصرفون وفقًا للأطر والمحددات المجتمعية التي تحدد سلوكياتهم بالعادات التي اعتاد الناس على فعلها, وبالطريقة والنمط ذاته، وهذا التأثير يكون سلبيًّا عادة. مشيرة إلى أنه لابد من زيادة الوعي لديهم, وهذا لن يتأتى إلَّا إذا وضع أصحاب القرار ووزارة التعليم والأجهزة الإعلامية خططًا تسهم في عملية النهوض والتنمية والتخلص من الموروثات الثقافية السلبية.
مدى تقبل الشباب للأعراف القبلية
عبد الوهاب سيف (ابن الـ 25عامًا – إب) يقول: “إن النظام القبلي يحتكم إلى العادات والتقاليد والأعراف على عكس الدولة المدنية التي يحكمها النظام والقانون، وأن الغالبية من المواطنين يميلون إلى النظام القبلي، لسوء تحكم رجال السلطة القضائية في فصل النزاعات وتمديد فترة حل القضايا في المحاكم”.
ويضيف سيف: أن للأنظمة والتشريعات القبلية إيجابيات تتمثل في فرض القيم والتمسك بالعادات من مبدأ العيب والخوف من نظرة القبيلة وأحكامها، أما الجوانب السلبية فهي تؤثر تأثيرًا كبيرًا في تراجع التطور الثقافي والفكري. مؤكدًا، أنه لابد من بناء نظام وقانون قادر على إنصاف الجميع من دون انحياز.
أسماء طه 22) عامًا من تعز) تقول: “إن النظام القبلي يمكن أن يحكم ويحل محل القانون, ولكن عادة ما تكون أحكامه في إطار ضيق وبعيدة عن الأسس والقواعد، أما النظام المدني فواسع ودقيق ويحكم فئات المجتمع عمومًا، ويقام تحت إطار سلطة وأنظمة وتشريعات” .
“تؤثر الأنظمة القبلية في سلوكياتنا بوصفنا شباب عن طريق التحكم في أفكارنا، وطموحاتنا، وتحديد أهدافنا، وفرض العديد من القرارات وفقًا للعادات السائدة والمتبعة في القبيلة”. وذلك حسب وصفها.
كما شدَّدت أسماء على أهمية التعليم، خصوصًا أن الشباب هم الجيل الصاعد الذي سينهض بالبلاد؛ لذا من أساسيات تغير الفكر وتطويره التغذية عن طريق التعليم، والرفع من مستوى التوعية، وفرض نظام الدولة على الجميع ــ والقبائل على وجه الخصوص ــ للتخلص من الأنظمة القبلية البدائية.
ومن جانب أخر يرى محمد علي 25) عامًا من أبين) أن النظام القبلي والنظام المدني كليهما يكملان بعضهما, ففي الدولة المدنية هناك قانون يفرض على الجميع, ويجب الرجوع لهذا القانون والاحتكام إليه، وكذلك الحال في النظام القبلي فهناك أعراف وعادات يجب أن ينتسب إليها أصحاب القبيلة ويرجعون إليها.
ويضيف علي: أن النظام القبلي ــ من وجهة نظره ــ هو العون والحل الوحيد لحل الخصومات الحاصلة؛ لعدم قيام المحاكم بدورها الكامل؛ ولهذا يحتكم الناس إلى الأنظمة القبلية التي تعمل على إيجاد حلول لجميع الأطراف في ظل الدور الضعيف للدولة.
موضحًا، أن الشباب في النظام القبلي حاليًّا يمثلون الطاقة التي تحمي الأنظمة القبلية وتطبقها؛ ليصبحوا فيما بعد هم الحكام والمرجع لحل القضايا والخلافات، لذلك لابد من احتواء واستغلال الطاقات الشبابية وتعليمهم؛ ليعودوا بالنفع والعون لأنفسهم ولأصحاب عشيرتهم.
فيما تقول غصون أحمد 27) عامًا من تعز): “إن هناك فرقًا كبيرًا بين النظام القبلي والنظام المدني، فالنظام القبلي يعتمد على مشايخ القبيلة وحكمتهم في حل النزاعات بين الناس, وذلك لأن الحكم فيه يكون أسرع بعكس النظام المدني الذي تمتد فيه مدة القضية, وأحيانًا تغلق ولا يجدون لها حل، ولا أرى للنظام المدني أي فعالية ظاهرة بخاصة في ظل الأوضاع الحالية”.
وتؤكد أن الشباب تُفرض عليهم الأنظمة والعادات القديمة, حيث إن هناك الكثير من الفتيات اللاتي لم يستطعن الالتحاق بالمدارس أو إكمال تعليمهن، كذلك ظاهرة الزواج المبكر لدى القبائل وكثير من العادات التي تقيد حرية الفتاة وتعطي الرجال كامل الحق والحرية حتى على مستوى إبداء الرأي.
مشيرة إلى أنه لن يُتخلَّى عن هذه العادات إلا بنشر الوعي، وتغير الفكر السلبي خصوصًا فيما يخص المرأة في القبيلة، والشباب عمومًا الذين قد ينحرمون من حقهم في التعليم وممارسة الحياة بطريقة طبيعية يحلم بها كل شاب.
81% من المواطنين يؤكدون: تأثير النظام القبلي على الحياة السياسية في اليمن قوياً ومؤثراً
أكد ما يقارب 60% من المواطنين اليمنيين، أن تأثير النظام القبلي على الحياة العامة في البلد …