الصراع في اليمن يُغيّب عمل مراكز رعاية الأطفال
صوت الأمل – علياء محمد
تعدُّ اليمن واحدة من البلدان الأكثر تضرُّرًا من الأزمات الإنسانية في العالم، فقد خلّف الصراع القائم فيها منذ العام 2015م آثارًا مدمرة طالت عددًا من القطاعات الحيوية في البلاد.
كغيرها من المنشآت والمراكز المتضررة في البلد تأثرت مراكز رعاية الأطفال ودُورهم بالنزاعات، وتوقفت خدمات بعضها توقفًا كليًّا وجزئيًّا، وتعرض بعض منها للتدمير والإغلاق، الأمر الذي أثّر على قدرتها في تقديم الرعاية والحماية للأطفال.
ذكرت منظمة اليونيسيف في البيان الصحفي الصادر في العام 2023م أنّ ثماني سنوات قاسية من الصراع في اليمن دمرت حياة ملايين الأطفال، وأدت إلى احتياج 11 مليون طفل إلى المساعدات الإنسانية.
وأشارت إلى أنّ غياب العمل العاجل سيُعرض ملايين الأطفال إلى مخاطر الإصابة بسوء التغذية.
أمثلة بارزة
جمعية رعاية الصم وتأهيلهم في عدن أحد الأمثلة البارزة على المراكز التي تضررت جراء الصراع نتيجة الاشتباكات المستمرة؛ إذ تعرضت الجمعية للتدمير الذي أدّى إلى إغلاقها، وعدم قدرتها على تقديم الرعاية اللازمة للأطفال الصم، وضعاف السمع، وزارعي القوقعة.
تقول أشجان حسن منسقة شؤون جمعية رعاية الصم وتأهيلهم، في عدن، ومترجمة لغة الإشارة: “نستهدف في الجمعية الأطفال من عمر ثلاث سنوات من فئات الإناث والذكور، ونوفر لهم فرصًا تعليمية من المراحل الابتدائية إلى أن يكملوا دراستهم الجامعية، ونوفر لهم فرصًا تدريبية وورشًا مهنية في مجالات الخياطة والنجارة”.
وتفيد في حديثها أنّ مبنى الجمعية تعرض للضرر والتخريب أثناء الصراع؛ نظرًا لوجوده في منطقة قريبة من المواجهات العسكرية، واستُخدِام ثكنة عسكرية، ولكن بدعم الهلال الأحمر أُعيد ترميمه وتأهيله من جديد للعمل.
لم تكن جمعية رعاية الصم وتأهيلهم المركز الوحيد الذي طاله التدمير، فقد تضررت مراكز رعاية الأطفال اليمنية في العديد من المحافظات الأخرى أيضًا، مثل محافظات صنعاء، وتعز، والحديدة، وحضرموت، الأمر الذي زاد من معاناة الأطفال.
وفي السياق ذاته تقول أشجان: “لا شك أن توقف مراكز رعاية الأطفال في اليمن بسبب الصراع يشكل تحديًّا جديًّا، ويعزز الأزمة الإنسانية في البلاد”.
وتتابع القول: “ما زالت كثير من المراكز وعامليها وموظفيها تواجه صعوبات وتحديات تقف عائقًا أمام مسؤوليتها تجاه الأطفال”.
مؤكدة على أن هناك مراكز تلاقي صعوبة في الوصول إلى المواقع وتوفير الرعاية الصحية والتغذية الكافية للأطفال، بالإضافة إلى عدم القدرة على توفير بيئة آمنة ومحمية بسبب النزاع المستمر، وتدهور البنية التحتية، ونقص التمويل اللازم، الأمر الذي تسبب بضرر للأطفال المعتمدين على هذه المراكز للحصول على الدعم والخدمات الأساسية.
وتشدد على أهمية عمل المجتمع الدولي بوتيرة عالية للإسهام في إعادة بناء هذه المراكز وتعزيزها، لضمان تلقي الأطفال الرعاية والحماية التي يستحقونها.
مراكز الرعاية الاجتماعية
ومن جانبها ترى حنان صالح البدوي، مديرة إدارة المرأة والطفل في مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، في محافظة لحج، أنّ الصراع تسبب في تدهور الوضع الإنساني بشكل كارثي، وتعرضت فئات كثيرة من المجتمع لعدد من التحديات والصعوبات في الحصول على الخدمات، وكان للأطفال نصيب من هذه التحديات.
مضيفة: “قدمتْ عددٌ من مراكز رعاية الأطفال الرعايةَ والحمايةَ للأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة، أو يعانون من العنف والإهمال والتشرد، وتعدُّ المراكز الموجودة في اليمن نقطة بارزة في توفير الرعاية والحماية للأطفال، وتلعب دورًا حيويًّا في توفير الرعاية الصحية والتعليم والاستشارة النفسية، إلى جانب حماية الأطفال من العنف”.
وتشير البدوي في حديثها إلى ما تعرضت له دُور الرعاية الاجتماعية، وتستطرد بالقول: “أسهم الصراع في التأثير على الخدمات التي تقدمها الشؤون الاجتماعية، وافتقرت مراكز الرعاية الاجتماعية في لحج إلى أهم مقومات عملها، وشكل غيابها فجوة كبيرة في تعديل سلوكيات الأطفال في المجتمع”.
مضيفة: “انهارت البُنى التحتية للعديد من القطاعات، ومنها القطاع الأمني والاجتماعي، الأمر الذي عرّض كثيرًا من الأطفال لعدد من الانتهاكات”.
وتتابع: “تمَّ حجز الأطفال المرتكبين للجنح مع البالغين؛ نتيجة عدم توفر الأماكن الخاصة بالأحداث، وضعف القضاء والنيابات الخاصة بهم، كما عانت النساء اللواتي أنهينَ مُدّة السجن من نظرة المجتمع القاسية، ورفض المجتمع القبول بها، الأمر الذي أثّر عليها وعلى أطفالها”.
حلول ومعالجات
“الاعتراف بأهمية دعم مراكز رعاية الأطفال وحمايتها، وإعطاء قضايا الأطفال الأولوية في المعالجة أولى خطوات تحسين وضع الأطفال في اليمن”.
مشدداً على أهمية تعاون الجهود وتضافرها لعمل خطط ومشاريع تسهم في توفير التمويل المالي، والموارد الضرورية لتأهيل المراكز التي تعرضت للتدمير والإغلاق، وإعادة بنائها وترميمها.
مضيفًا: “على الجهات الرسمية والمنظمات غير الحكومية والمجتمع الدولي أن تقدم الدعم والحماية اللازمة للأطفال المحرومين من الرعاية والمعرضين للعنف، من خلال توفير برامج دعم نفسية واجتماعية للأطفال الذين تأثروا نفسيًّا جراء الصراع”. مؤكداً على أهمية تقديم التدريب والدعم الفني للموظفين في المراكز؛ لضمان تقديم الرعاية الصحية والنفسية اللازمة للأطفال المتضررين من الصراع.
96.2% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الصراع تسبب في حرمان أطفال اليمن من حقوقهم الأساسية
صوت الأمل – يُمنى أحمد خلق الصراع المستمر في اليمن أزمة إنسانية كبرى قد تعد واحدة من أسوأ …