أطفال اليمن.. مسلوبون من طفولتهم في واقع يجبر على العمل
صوت الأمل – أفراح أحمد
تعد ظاهرة عمالة الأطفال إحدى أخطر الظواهر السلبية المنتشرة على نطاق واسع في المجتمع اليمني، لدرجة أنَّها أصبحت أمرًا عاديًا، ومن المسلمات إقحام هؤلاء الأطفال منذ سن مبكرة في سوق العمل واستغلالهم بأي شكل من الأشكال بما يحرمهم من طفولتهم.
وقد أصبحت “عمالة الأطفال” جزءاً من حياة اليمنيين، بحيث لا يخلو شارع ولا حارة ولا زقاق من نماذج حية لهذه الظاهرة؛ فالأخوان (حسام ووسام) يقومان ببيع علب المياه المعدنية يوميًا على قارعة الطريق في شارع جيزان بمدينة الحديدة، منذ الصباح الباكر وحتى حلول المساء، تحت درجات حرارة شديدة تصل إلى 39 درجة مئوية.
الصراع يضخم ظاهرة عمالة الأطفال
توسعت هذه الظاهرة بشكل كبير وملفت في السنوات الأخيرة -لا سيما- مع اندلاع النزاع في اليمن الذي أدى إلى تدني الحالة المعيشة لدى معظم الأسر، وانقطاع المرتبات، وارتفاع الأسعار، فضلًا عن انهيار العملة المحلية؛ ليجد الأطفال أنفسهم مضطرين للبحث عما يعينهم للحصول على لقمة العيش، تاركين دراستهم مقابل الالتحاق بأعمال شتى تفوق قدراتهم البدنية والجسمانية.
يذكر حسام -15 عامًا- أنَّ والده كان يعمل مدرسًا، وكان وضعهم المادي متوسطاً، ولكن بعد انقطاع المرتبات ساءت ظروفهم، فاتجه والده لبيع الثلج من بعد الظهر وحتى المساء فيما عدا أيام العطل والإجازات، وذلك لأنَّ والده يؤدي وظيفته في الصباح أداء للواجب وخشية من أن يتم رفع اسمه لوزارة التربية والتعليم بأنَّه من المنقطعين عن التدريس.
ويضيف حسام أنَّه بالرغم من ما كان يحصل عليه والده من بيع الثلج لم يكن يكفيهم، فاضطر للعمل هو وأخوه (وسام) الذي يصغره بعامين، في بيع عبوات المياه المعدنية.
مجبرون على ترك الدراسة
لقد ترك الشقيقان (حسام ووسام) دراستهما منذ أكثر من ثلاث سنوات؛ فحسام تسرب من التعليم وهو لا يزال في الصف السادس الابتدائي، بينما أخوه (وسام) في الصف الرابع، ليتجها سويًا للعمل، ويحصلان منه على صافي ربح يومي من 3- 4 آلاف ريال يمني مقابل 10 ساعات عمل يقضونها تحت حرارة الشمس اللافحة.
وفي هذا السياق كشف تقرير صادر عن منظمة اليونيسف في يوليو 2021م، والذي حمل عنوان “عندما يتعرقل التعليم” عن أنَّ 8.1 مليون طفل بحاجة إلى دعم تعليمي طارئ، وأنَّ هناك من يزيد عن مليوني طفل خارج المدارس في اليمن.
عندما يضيق الوطن بالطفولة
معاناة جعلت الأطفال يتجرعون همومًا أكبر من أعمارهم، يقضون أيامًا شاقة ومضنية، بعضهم يجوبون الشوارع ويفترشون الأرصفة، يبحثون عمن يبيعون لهم قناني المياه أو المناديل، والبعض الآخر يمارسون أعمالًا شاقة؛ لعلهم يخرجون بعدها بمردود يسد رمق جوعهم ويكف حاجة أسرهم في وطن يضيق بالطفولة يومًا بعد يوم.
رضوان عبد الخالق -12 عامًا- يعمل في ورشة للحام في أحد شوارع الحديدة منذ عامين، لقاء راتب شهري بقيمة 40 ألف ريال، ويقوم بأعمال لا يطيقها أحد في عمره.
يقول رضوان أنَّه بعد وفاة والده أصبح هو المعيل لأمه ولإخوانه الأصغر منه، وأنه اعتاد مند طفولته على العمل في الشوارع والمحلات، حتى استقر في عمله هذا منذ سنتين.
وتشير إحصائية لمنظمة العمل الدولية في العام 2021م إلى أنّ 1.4 مليون طفل يعملون في اليمن محرومين من أبسط حقوقهم، أي أنّ نحو 34.3% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و17 عامًا يعملون في اليمن، مع توسع الظاهرة خلال فترة الصراع بنسب قد تتجاوز أربعة أضعاف عما كانت عليه قبل النزاع.
المجتمع وعمالة الأطفال
ترى أماني الهيج (المرشدة النفسية) أنَّ ظاهرة عمالة الأطفال من الظواهر السلبية التي لا ينعكس تأثيرها على الطفل –فقط- بل تؤثر سلبًا على المجتمع بأكمله، فإقحام الأطفال في العمل في سن مبكرة يؤثر على سلوكياتهم وأخلاقهم وعلى تطورهم الجسدي والمعرفي؛ جراء تعرضهم للمخاطر في أعمال تفوق قدراتهم وتسلبهم طفولتهم.
وتفسر الهيج ذلك بقولها: “إنَّ صحة الطفل الجسدية والجسمانية تتأثر بسبب بيئة العمل؛ نتيجة الجروح والكسور والكدمات والسقوط من مناطق مرتفعة والتعرض للمخاطر مع الناس الذين يصطدم بهم في بيئة العمل مما قد يكسبه سلوكيات منحرفة ويعلمه ألفاظاً غير أخلاقية، فضلًا عن طمس قدراتهم الإبداعية وقتل مواهبهم وغيرها من المخاطر الأخرى”.
29% يرون أن الحل لظاهرة عمالة الأطفال هي فرض عقوبات على أهاليهم ومستأجريهم للعمل
صوت الأمل – يُمنى أحمد أجرت صحيفة “صوت الأمل”، في النصف الأول من شهر أغسطس للع…