أطفال لم تهزمهم الإعاقة في اليمن
صوت الأمل – هبة محمد
في عالم مليء بالصراعات، تتعرض الأرواح البريئة للأذى والدمار الذي يترك آثارًا عميقة في حياتهم. وهذه هي قصة وسام، الطفل الصغير الذي لم يتجاوز سنوات الطفولة، ولكنه تعرض لمأساة غير متوقعة تغيرت على إثرها حياته إلى الأبد.
كانت محافظة إب في اليمن تعكس رونقها الجميل وسط استعداداتها للاحتفال بعيد الأضحى المبارك، تملأ شوارعها ألوان الفرح والحياة؛ إذ يعود الرجال والنساء والأطفال من صلاة العيد ويتبادلون التهاني والابتسامات الودية، ويقف الكبار مستمتعين بجمال المشهد؛ إذ يجوب الأطفال الصغار الشوارع بابتساماتهم المشرقة وصوت ضحكاتهم العفوية.
وسط تلك المجموعات الصغيرة من الأطفال يلفت انتباهك طفل في العاشرة من عمره يغني بكل رشاقة ونعومة مع أصدقائه، فجأة يهرول الطفل مسرعًا لالتقاط لعبة صغيرة مرمية على ناحية الشارع، فيمد يده الصغير لأخذها لم يعرف أنّها عبوة ناسفة ستدمر حياته التي لم يرَها بعد.
وبلمح البصر حدث انفجار غامض هزّ الأرض بقوة، لم يعرف الجميع مصدره، فيما كان الذعر ينتاب الجميع، رأى الجميع الطفل الذي كان يغني ويطير في الهواء ويرتفع صراخه، قد سقط على الأرض مغطى بالدماء. كانت لحظات مرعبة ومؤلمة بالنسبة للطفل وسام منور الذي دفع ثمنها إلى اليوم.
يحكي وسام تفاصيل حياته المؤلمة لصوت الأمل قائلًا: “نتيجة ذلك الانفجار قُطعت يدي ورجلي وأصبحت معاقًا لا أستطيع اللعب مع الأطفال مجددًا، تعرضت لإصابات خطيرة في جسدي، وواجهت تحديات كبيرة في حياتي اليومية، بل تغيرت حياتي بشكلٍ كامل”.
أصيب وسام بالألم الجسدي والنفسي العميق، وتحولت حياته البسيطة إلى صراعٍ مستمر مع الألم، ولكن على الرغم من كل ذلك، بقي وسام قويًا وصامدًا لم يسمح للإعاقة والألم بتحديد مصيره، بل قرر أن يستخدم تجربته الصعبة ليكون رمزًا للأمل والتحدي للآخرين، فبدأ يعمل على إعادة بناء حياته والتكيف مع الظروف الجديدة.
يقول وسام: “عاد لي الأمل من جديد بعد أن وقفت عائلتي بجانبي، وقمت بتركيب أطراف صناعية لساقي المبتورة، وواصلت دراستي والتحقتُ هذا العام بالجامعة تخصص أمن سيبراني، وأضطر كل سنة للسفر إلى محافظة عدن للحصول على أطراف صناعية جديدة”.
وأكد وسام على أهمية إقامة مراكز محلية لصيانة الأطراف الصناعية لتسهيل عمليات الاستبدال والصيانة، بدلًا من السفر الطويل والمرهق، وإلى جانب موهبته المتميزة في الغناء والعزف على العود، يطمح وسام إلى تحقيق التفوق الأكاديمي ودعم ضحايا الصراع، ويؤمن بقوة بأهمية الاهتمام بالمواهب الموجودة بين الأطفال ذوي الإعاقة، وضرورة تأهيلهم وتشجيعهم، ويحث الجميع بقوة على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقوع مأساة مماثلة في المستقبل.
وفي ختام حديثه، أكد وسام على أن الجهود الحقيقية لحماية الأطفال من النزاع المسلح وحل مشكلة الإعاقة في اليمن تبدأ بوقف الصراعات وبناء عملية السلام، إنه صوت صغير يسعى للتغيير نحو البناء والسلام، وذلك بعد أن تأثر بالصراع وأصيب بعبوة ناسفة؛ كل ذلك يذكرنا بأهمية السلام وحماية حقوق الأطفال في جميع أنحاء العالم، ويجب علينا أن نعمل جميعًا لضمان حياة آمنة وكريمة لهم؛ إذ يتمتعون بفرصة للنمو والتطور بدون خوف من الصراع والنزاعات المدمرة.
صوت الأمل في ظل النزاع؛ قصة قلم يمني يرسم الحياة
في مدينة تعز التي تعاني من النزاع المسلح المستمر، الذي راحت ضحيته مئات الأطفال، ومنهم من أصيبوا بصدمات نفسية نتيجة ظروف أشبه بالجحيم، هذا مروان يونس الذي يبلغ من العمر عشر سنوات، واحد من أولئك الأطفال المتضررين الذين عانوا من ويلات الصراع وتحملوا نتيجة ذلك بالرغم من صغر سنهم؛ عندما بدأت النزاعات في تعز تعرض منزله للدمار والخراب، وفقد مروان والديه أيضًا.
وانتقل للعيش في بيت جده، وكبر مروان إلى أن أصبح عمره 15سنة، وخلال تلك السنوات تعرض مروان للعديد من المخاطر والصعاب، لم يكن هناك إمكانية للحصول على التعليم بسبب إغلاق المدارس وتشتُّت الأوضاع الأمنية، كما تأثرت حالته الصحية والنفسية بسبب نقص الرعاية الطبية والإمدادات الطبية الأساسية.
بالرغم من كل التحديات، كان مروان طفلًا ذا إرادة قوية وإصرار لا يلين، بدلًا من الانكسار، قرر أن يستخدم موهبته في الرسم للتعبير عن مشاعره وتجاربه، كان يرسم صورًا لمشاهد الصراع والدمار، وكانت لوحاته تعكس الألم والأمل في آن واحد.
أصبحت أعمال مروان مصدر إلهام للكثيرين، فقرر أن يستخدم فنه لنشر الوعي والتوعية بالآثار النفسية للنزاعات على الأطفال والمجتمعات المتضررة، فبدأ يعقد ورش عمل فنية للأطفال الآخرين، يعلمهم كيفية التعبير عن أنفسهم من خلال الفن والإبداع.
تعاون مروان مع منظمات المساعدة المحلية والدولية، وبدأت توجه له الاهتمام والدعم لمشروعه الفني، قدمت له الفرصة لعرض أعماله في معارض وفعاليات محلية ودولية؛ إذ ألهمت الآلاف بقصته وقدرته على التغلب على الصعاب.
تحول مروان من طفل يافع تأثر بالنزاع إلى رمز للأمل والتغيير، وأسهمت أعماله الفنية في زيادة الوعي العالمي بالوضع الإنساني في اليمن، والحاجة الماسة إلى السلام والاستقرار، وتمكن مروان من تأثيره الإيجابي على الأطفال الآخرين الذين يعانون من آثار النزاعات، وقدم لهم الأمل والإلهام للنهوض بحياتهم والسعي نحو مستقبل أفضل.
قصة مروان تذكرنا بأنّ الإبداع والفن قادران على تغيير الواقع والتأثير على حياة الناس، وتعلمنا منه القوة الداخلية والإصرار والقدرة على تجاوز الصعاب، وتعكس قدرة الإنسان على التحول والتأثير الإيجابي حتى في أصعب الظروف.
96.2% من المشاركين في الاستطلاع يعتقدون أن الصراع تسبب في حرمان أطفال اليمن من حقوقهم الأساسية
صوت الأمل – يُمنى أحمد خلق الصراع المستمر في اليمن أزمة إنسانية كبرى قد تعد واحدة من أسوأ …